45-
عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أنها سألت أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني امرأة أطيل ذيلي، وأمشي في المكان القذر.
قالت أم سلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يطهره ما بعده»
هذا الحديث يتقوى بشاهد من حديث امرأة من بني عبد الأشهل قالت: سألت النبي فقلت: إن بيني وبين المسجد طريقا قذرة.
الحديث
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ إنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي تُرِيدُ أَنَّهَا كَانَتْ تُطِيلُ ثَوْبَهَا الَّذِي تَلْبَسُهُ لِيَسْتُرَ قَدَمَيْهَا فِي مَشْيِهَا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ نِسَاؤُهُمْ يَلْبَسْنَ الْخِفَافَ فَكُنَّ يُطِلْنَ الذَّيْلَ لِلسَّتْرِ وَرَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ لِذَلِكَ الْمَعْنَى.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا أَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ تُرِيدُ أَنَّهَا لَا يُمْكِنُهَا تَرْكُ الْمَشْيِ فِيهِ لِأَنَّ الْمُتَصَرِّفَ الْمَاشِيَ يَمْشِي عَلَى مَوْضِعٍ قَذِرٍ وَغَيْرِ قَذِرٍ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا يَخْلُو فِي الْأَغْلَبِ مِنْ هَذَا وَتَرْكُ الْمَشْيِ فِي مِثْلِ هَذَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ جُمْلَةً وَالْمَرْأَةُ تَحْتَاجُ مِنْ إرْخَاءِ ذَيْلِهَا وَسَتْرِ قَدَمَيْهَا فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ إِلَى مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ أَفْتَتْهَا بِالْحَدِيثِ وَأَخْبَرَتْهَا بِمَا عِنْدَهَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْعِلْمِ لِيَجْتَمِعَ لِأُمِّ وَلَدِ إبْرَاهِيمَ مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ وَنَقْلُ الْحَدِيثِ الْمُوجِبِ لَهُ وَهَذَا لِمَا رَأَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ حِفْظِهَا وَضَبْطِهَا وَأَنَّهَا مِمَّنْ تَصْلُحُ لِنَقْلِ الْعِلْمِ وَفَهْمِهِ وَهَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمَ الْعَالِمِ إِذَا سَأَلَهُ مَنْ يَفْهَمُ وَيَصْلُحُ لِلتَّعْلِيمِ عَنْ مَسْأَلَةٍ بَيَّنَهَا لَهُ وَذَكَرَ أَدِلَّتَهَا وَفُرُوعَهَا مَا أَمْكَنَهُ وَبِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ وَيَصْلُحُ لَهُ وَإِذَا سَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا يَصْلُحُ لِنَقْلِهِ أَجَابَهُ بِحُكْمِ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْهُ خَاصَّةً وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَتَفْسِيرِ الْمَوْضِعِ الْقَذِرِ الَّذِي يُطَهِّرُ الذَّيْلَ مَا بَعْدَهُ فَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَوْضِعِ الْيَابِسِ الَّذِي لَا يَعْلَقُ بِالثَّوْبِ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَعْنَى مَا رُوِيَ فِي الْمَرْأَةِ مِنْ جَرِّ ذَيْلِهَا أَنَّ الدِّرْع يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ أَنَّهَا تَسْحَبُ ذَيْلَهَا عَلَى الْأَرْضِ نَدِيَّةً نَجِسَةً وَقَدْ رُخِّصَ لَهَا أَنْ تُرْخِيَهُ وَهِيَ تَجُرُّهُ بَعْدَ تِلْكَ الْأَرْضِ عَلَى أَرْضٍ طَاهِرَةٍ فَذَلِكَ لَهُ طَهُورٌ قَالَ الدَّاوُدِيُّ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَرَوَوْهُ فِي الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ فَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ فِي الْقَشْبِ الْيَابِسِ فَإِنَّ الْقَشْبَ الْيَابِسَ لَا يُنْجِسُ الثَّوْبَ مُجَاوَرَتُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَطْهِيرِهِ فَكَذَلِكَ إِذَا مَرَّ الثَّوْبُ عَلَى أَرْضٍ يَابِسَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَطْهِيرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِمُرُورِهِ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضْيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَمَّا مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ النَّجَاسَةَ الَّتِي فِي الطُّرُقَات لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهَا مَعَ التَّصَرُّفِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِلنَّاسِ فَخُفِّفَ أَمْرُهَا إِذَا خَفِيَ عَيْنُهَا فَإِذَا مَرَّ الذَّيْلُ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ ثُمَّ مَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ أَخْفَى عَيْنَ النَّجَاسَةِ فَأَسْقَطَ عَنْ اللَّابِسِ حُكْمَ التَّطْهِيرِ وَلَوْ لَمْ يَمُرَّ عَلَى مَوْضِعٍ يُطَهِّرُهُ بِإِخْفَاءِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ لَظَهَرَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَلَوَجَبَ تَطْهِيرُهَا وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَا لَمْ تَظْهَرْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَإِنْ جَوَّزْنَا وُجُودَ نَجَاسَةٍ خَفِيَتْ عَيْنُهَا بِهِ وَهَذِهِ بِمَنْزِلَةِ الطُّرُقَاتِ مِنْ الطِّينِ وَالْمِيَاهِ الَّتِي لَا تَخْلُو مِنْ الْعَذِرَةِ وَالْأَبْوَالِ وَأَرْوَاثِ الدَّوَابِّ فَإِذَا غَلَبَ عَلَيْهَا الطِّينُ وَأَخْفَى عَيْنَهَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُ الثَّوْبِ مِنْهَا فَكَانَ ذَلِكَ تَطْهِيرًا لَهَا وَلَوْ ظَهَرَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ فَإِنْ رَأَتْهَا لَمْ يُطَهِّرْهُ إِلَّا الْغُسْلُ وَإِنَّمَا مَعْنَى يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ أَنَّهَا لَمْ تَعْلَمْ بِالنَّجَاسَةِ وَإِنَّمَا تَخَافُ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهَا قَدْ أَصَابَ مَا لَا تَخْلُو الطُّرُقَاتُ مِنْهُ فَقِيلَ لَهَا أَنَّ خَفَاءَ عَيْنِ النَّجَاسَةِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّوْبِ مِنْ الطِّينِ وَالتُّرَابِ يَمْنَعُك مِنْ مُشَاهَدَةِ الْعَيْنِ وَتَحَقُّقِ وُصُولِهَا إلَيْهَا فَيَسْقُطُ عَنْك فَرْضُ تَطْهِيرِ ثَوْبِك وَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَطْهِيرِهِ وَلَوْ مَرَّ رَجُلٌ بِطِينٍ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَطَارَتْ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلِمَ بِهَا ثُمَّ تَطَايَرَ عَلَيْهَا طِينٌ وَأَخْفَى عَيْنَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ غَسْلِهَا وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ غَسْلُهَا إِذَا لَمْ يَرَ عَيْنَهَا فِي ثَوْبِهِ وَلَا عَلِمَ بِوُصُولِهَا إِلَيْهِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ سُؤَالَ الْمَرْأَةِ إنَّمَا كَانَ عَلَى مَا يُتَوَقَّعُ مِنْ النَّجَاسَاتِ لِمَشْيِهَا فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ وَلَا تَعْلَمُ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِثَوْبِهَا مِنْهُ نَجَاسَةٌ أَمْ لَا وَلَمْ تَسْأَلْ عَنْ مَشْيِهَا عَلَى نَجَاسَةٍ مَعْلُومَةٍ مُشَاهَدَةٍ بِتَيَقُّنِ تَعَلُّقِهَا بِذَيْلِهَا وَإِنَّ تِلْكَ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ
عن مالك، أنه رأى ربيعة بن أبي عبد الرحمن «يقلس، مرارا وهو في المسجد، فلا ينصرف، ولا يتوضأ، حتى يصلي»
عن نافع، أن عبد الله بن عمر «حنط ابنا لسعيد بن زيد وحمله ثم دخل المسجد، فصلى ولم يتوضأ»
عن عبد الله بن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أكل كتف شاة، ثم صلى، ولم يتوضأ»
عن بشير بن يسار، مولى بني حارثة، عن سويد بن النعمان، أنه أخبره أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، عام خيبر.<br> حتى إذا كانوا بالصهباء وهي من أد...
عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير، أنه «تعشى مع عمر بن الخطاب ثم صلى ولم يتوضأ»
عن أبان بن عثمان، أن عثمان بن عفان «أكل خبزا ولحما، ثم مضمض، وغسل يديه، ومسح بهما وجهه، ثم صلى ولم يتوضأ»
عن يحيى بن سعيد، أنه سأل عبد الله بن عامر بن ربيعة عن الرجل يتوضأ للصلاة، ثم يصيب طعاما قد مسته النار، أيتوضأ؟ قال: «رأيت أبي يفعل ذلك ولا يتوضأ»
عن أبي نعيم وهب بن كيسان، أنه سمع جابر بن عبد الله الأنصاري، يقول: رأيت أبا بكر الصديق، «أكل لحما.<br> ثم صلى ولم يتوضأ»
عن محمد بن المنكدر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، «دعي لطعام، فقرب إليه خبز ولحم، فأكل منه، ثم توضأ وصلى، ثم أتي بفضل ذلك الطعام، فأكل منه ثم صلى و...