حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

ما يقال عند التشهد - موطأ الإمام مالك

موطأ الإمام مالك | كتاب الصلاة باب التشهد في الصلاة (حديث رقم: 203 )


203- عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتشهد فيقول: " بسم الله، التحيات لله، الصلوات لله، الزاكيات لله، السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، شهدت أن لا إله إلا الله، شهدت أن محمدا رسول الله، يقول هذا في الركعتين الأوليين.
ويدعو، إذا قضى تشهده، بما بدا له.
فإذا جلس في آخر صلاته، تشهد كذلك أيضا، إلا أنه يقدم التشهد، ثم يدعو بما بدا له.
فإذا قضى تشهده، وأراد أن يسلم، قال: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم " عن يمينه، ثم يرد على الإمام.
فإن سلم عليه أحد عن يساره، رد عليه

أخرجه مالك في الموطأ


إسناده صحيح

شرح حديث (ما يقال عند التشهد)

المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)

( ش ) : قَوْلُهُ فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ التَّشَهُّدِ عِنْدَ مَالِكٍ الْبَسْمَلَةُ فِي أَوَّلِ التَّشَهُّدِ لِأَنَّنَا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ السُّنَّةَ تَشَهُّدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ ذَلِكَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْ الْعَجْزِ فَلَمْ يَسْتَفْتِحْ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ يَقُولُ هَذَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ثُمَّ يَدْعُو إِذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ بَيَانٌ أَنَّ التَّشَهُّدَ عِنْدَهُ قَبْلَ الدُّعَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ نَقُولُ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَذَكَرَ التَّشَهُّدَ حَتَّى بَلَغَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو بِهِ.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَدْعُو إِذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ بِمَا بَدَا لَهُ يُرِيدُ مِنْ أُمُورِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ مَا لَمْ يَمْنَعْ الدُّعَاءُ بِهِ وَلَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا بِغَيْرِ الْقُرْآنِ وَيَدْعُو عَلَى الظَّالِمِ وَيَدْعُو لِلْمَظْلُومِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَدْعُو بِغَيْرِ الْقُرْآنِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ يَدْعُو لِرِجَالٍ فَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اُشْدُدْ وَطْأَتَك عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ كَسِنِي يُوسُفَ ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَهَلْ يَدْعُو فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مَوْضِعٌ لِلدُّعَاءِ وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَدْعُوَ بَعْدَهُ وَجْهُ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ آخِرَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَمَّا كَانَ مُشْبِهًا لِأَوَّلِهِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمُنْتَهَى الْعِبَادَةِ وَلَمْ يُشْرَعْ لِيَسْتَدْرِكَ فِيهِ مَا فَاتَ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعًا لِلدُّعَاءِ كَأَوَّلِهِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ آخِرُ تَشَهُّدٍ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يُمْنَعْ فِيهِ الدُّعَاءُ أَصْلُ ذَلِكَ التَّشَهُّدُ الثَّانِي.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَإِذَا جَلَسَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ تَشَهَّدَ كَذَلِكَ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ يُقَدِّمُ التَّشَهُّدَ بَيَانَ أَنَّ التَّشَهُّدَيْنِ عِنْدَهُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَفْظٍ وَاحِدٍ مُتَقَدِّمَيْنِ عَلَى الدُّعَاءِ مِنْ مَوْضِعِهِمَا وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِ التَّشَهُّدِ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الصَّلَاةِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ هُوَ وَاجِبٌ فِي الْجِلْسَتَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ وَاجِبٌ فِي الْجِلْسَةِ الْأُخْرَى دُونَ الْأُولَى وَرَوَاهُ أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ وَدَلِيلُنَا عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّهُ ذِكْرٌ لَا يُجْهَرُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ بِوَجْهٍ فَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا كَالتَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَإِذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ وَأَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ قَالَ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ يُرِيدُ أَنَّهُ يُعِيدُ مِنْ آخِرِ التَّشَهُّدِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ السَّلَامِ وَهُوَ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَعَلَى الْمُصَلِّي وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ثُمَّ يَصِلُ بِذَلِكَ سَلَامَهُ مِنْ الصَّلَاةِ لِيُدْخِلَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءُ بَعْدَهُ فِي حُكْمِهِ وَيَكُونُ آخِرُ التَّشَهُّدِ الْمَسْنُونِ مُتَّصِلًا بِسَلَامِهِ وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اسْتَحَبَّ لِلْمَأْمُومِ إِذَا سَلَّمَ إمَامُهُ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَيُسَلِّمُ بِإِثْرِ سَلَامِ إمَامِهِ وَلَا يَثْبُتُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَتَشَهَّدَ فَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ عَنْ يَسَارِهِ رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا بَيَانُ حُكْمِ الْمَأْمُومِ فِي السَّلَامِ وَفِي هَذَا سَبْعُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا أَنَّ السَّلَامَ وَاجِبٌ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْ الصَّلَاةِ بِغَيْرِهِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَتَحَلَّلُ مِنْهَا بِكُلِّ فِعْلٍ وَقَوْلٍ يُنَافِيهَا وَيَقْصِدُ بِهِ إِلَى الْخُرُوجِ عَنْهَا وَالِانْفِصَالِ مِنْهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إِذَا أَحْدَثَ فِي التَّشَهُّدِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَنَّ صَلَاتَهُ قَدْ صَحَّتْ وَكَمُلَتْ وَهُوَ يَقْرُبُ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ أَنَّهُ سَلَّمَ وَأَفْعَالُهُ عَلَى الْوُجُوبِ وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَصِفَةُ التَّسْلِيمِ فِي الصَّلَاةِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِالتَّعْرِيفِ فَإِنْ نُكِّرَ وَنُوِّنَ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ يُجْزِئُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَاَلَّذِي رَأَيْت لَهُ إنَّمَا حَكَاهُ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ مَا رُوِيَ عَنْ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا وَضَعَ اللَّهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا رَفَعَ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَنْ يَمِينِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ عَنْ يَسَارِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ الَّذِي لَمْ يُرْوَ عَنْهُ خِلَافُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَالْفَرْضُ مِنْ السَّلَامِ وَاحِدٌ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الْفَرْضُ اثْنَتَانِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا نُطْقٌ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ مِنْهُ وَاحِدًا كَالتَّكْبِيرِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ أَحْوَالَ الْمُصَلِّينَ فِي ذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ مَأْمُومٌ وَغَيْرُ مَأْمُومٍ فَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْمُومِ وَهُوَ الْإِمَامُ أَوْ الْفَذُّ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً يَخْرُجُ بِهَا عَنْ صَلَاتِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ وَرَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ يُسَلِّمُ الْفَذُّ تَسْلِيمَةً عَنْ يَسَارِهِ وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ مَالِكٌ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ إِنَّ كُلَّ مُسَلِّمٍ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ تَسْلِيمَةً عَنْ يَمِينِهِ وَتَسْلِيمَةً عَنْ يَسَارِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُشِيرُ بِالْأُولَى عَنْ يَمِينِهِ وَبِالثَّانِيَةِ عَنْ يَسَارِهِ وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ بِالتَّسْلِيمَةِ الَّتِي فِي جِهَتِهِ عَنْ يَمِينِهِ كَانَ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحَادِيثُ فِي أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً وَهِيَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ تسليمتين لَمْ يُخْرِجْ الْبُخَارِيُّ مِنْهَا شَيْئًا وَأَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ وَهُوَ إخْبَارٌ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي إفْرَادَ السَّلَامِ الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ فِي حُكْمِ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى حُكْمِ الرَّدِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا يَخْرُجُ بِهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَالثَّانِيَةُ يَرُدُّ بِهَا عَلَى الْإِمَامِ وَأَصْلُ ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَإِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَهَذَا حُكْمُ الْمُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ فَيُسَلِّمُ أَوَّلًا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَوَجْهُ التَّعَلُّقِ بِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم شُرِعَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَيُسَلِّمَ أَوَّلًا عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ يَرُدَّ هُوَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ سَلَّمُوا هَذَا فِيمَنْ عَنْ يَسَارِهِ قِسْنَا عَلَيْهِ الْإِمَامَ لِأَنَّهُ مُسَلِّمٌ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ فَكَانَ حُكْمُهُ الرَّدَّ عَلَيْهِ كَالْمَأْمُومِينَ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَعَلَى هَذَا يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ تَسْلِيمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَنْ يَمِينِهِ يَتَحَلَّلُ بِهَا مِنْ صَلَاتِهِ وَأُخْرَى يَرُدُّ بِهَا عَلَى إمَامِهِ وَهَلْ يَرُدُّ بِتِلْكَ الثَّانِيَةِ عَلَى مَنْ كَانَ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ يُسَلِّمُ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ تَسْلِيمَةً ثَالِثَةً قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ ذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ فَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ.
يَجُزْ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرُدَّ عَلَى اثْنَيْنِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِتَسْلِيمَةٍ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ يُفْرِدُ الْمَأْمُومِينَ بِتَسْلِيمَةٍ ثَالِثَةٍ فَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الْمَأْمُومِينَ غَيْرُ حُكْمِ الْإِمَامِ وَقَدْ يَنْفَرِدُ الْإِمَامُ عَنْهُمْ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُفْرِدَهُمْ بِسَلَامٍ يَرُدُّ بِهِ عَلَيْهِمْ كَالْإِمَامِ لَمَّا كَانَ لَهُ حُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِ الْخُرُوجِ عَنْ الصَّلَاةِ أُفْرِدَ بِرَدِّ السَّلَامِ عَلَيْهِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ بِأَيِّ سَلَامِ الرَّدِّ يَبْدَأُ الْمَأْمُومُ فَرَوَى أَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى أَنْ يَبْدَأَ بِالرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَحَكَى عَنْهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رِوَايَةً ثَالِثَةً وَهُوَ التَّخْيِيرُ فِي ذَلِكَ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْإِمَامَ بَدَأَ بِالسَّلَامِ فَكَانَ أَنْ يَبْدَأَ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ أَوْلَى.
‏ ‏( فَرْعٌ ) وَمَنْ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَسَلَّمَ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ قَالَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الرَّدِّ الِاتِّصَالَ بِالسَّلَامِ فَإِذَا بَطَلَ ذَلِكَ بَطَلَ حُكْمُهُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ حُكْمَ الْإِمَامِ بَاقٍ فَلَزِمَهُ مِنْهُ مَا يَلْزَمُ لَوْ بَقِيَتْ صَلَاتُهُ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَيَجْهَرُالْمَأْمُومُ بِأَوَّلِ السَّلَامِ وَهُوَ الَّذِي يَرُدُّ بِهِ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ فَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُخْفِيَهُ لِئَلَّا يُقْتَدَى بِهِ فِيهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ السَّلَامَ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي الرَّدَّ عَلَيْهِ فِيهِ فَلِذَلِكَ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْجَهْرِ بِهِ وَالسَّلَامُ الثَّانِي هُوَ رَدٌّ فَلَا يَسْتَدْعِي بِهِ رَدًّا فَلِذَلِكَ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْإِسْرَارِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا تَعْيِينُ مَوَاضِعِ الْإِشَارَةِ بِالسَّلَامِ فَذَلِكَ عَلَى قَدْرِ أَحْكَامِ الْمُصَلِّينَ فَأَمَّا الْإِمَامُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يُسَلِّمُ وَاحِدَةً قُبَالَةَ وَجْهِهِ وَيَتَيَامَنُ بِهَا قَلِيلًا وَهَذَا حُكْمُ الْفَذِّ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ عَنْ مَالِكٍ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا يُشِيرُ بِهَا عَنْ يَمِينِهِ وَالثَّانِيَةُ يُشِيرُ بِهَا عَنْ يَسَارِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ كُنْت أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُسَلِّمُ الْأُولَى وَيَتَيَامَنُ بِهَا قَلِيلًا وَلَمْ يَذْكُرُوا قُبَالَةَ وَجْهِهِ وَيَقْصِدُ بِهَا الْإِمَامَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامَهُ وَيُسَلِّمُ الَّتِي يَرُدُّ بِهَا عَلَى الْمَأْمُومِ وَيُشِيرُ بِهَا عَنْ يَسَارِهِ ‏


حديث بسم الله التحيات لله الصلوات لله الزاكيات لله السلام على النبي ورحمة الله وبركاته

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏نَافِعٍ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ‏ ‏كَانَ يَتَشَهَّدُ ‏ ‏فَيَقُولُ ‏ ‏بِسْمِ اللَّهِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ شَهِدْتُ أَنَّ ‏ ‏مُحَمَّدًا ‏ ‏رَسُولُ اللَّهِ يَقُولُ هَذَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَيَدْعُو إِذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ بِمَا بَدَا لَهُ فَإِذَا جَلَسَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ تَشَهَّدَ كَذَلِكَ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ يُقَدِّمُ التَّشَهُّدَ ثُمَّ يَدْعُو بِمَا بَدَا لَهُ فَإِذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ وَأَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ قَالَ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ عَنْ يَسَارِهِ رَدَّ عَلَيْهِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث موطأ الإمام مالك

إذا تشهدت التحيات الطيبات الصلوات الزاكيات لله أشه...

عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها كانت تقول، إذا تشهدت: «التحيات الطيبات، الصلوات الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن...

أن عائشة زوج النبي ﷺ كانت تقول إذا تشهدت

عن القاسم بن محمد، أنه أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، كانت تقول إذا تشهدت: «التحيات الطيبات، الصلوات الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا ال...

رجل دخل مع الإمام في الصلاة وقد سبقه الإمام بركعة

عن مالك، أنه سأل ابن شهاب، ونافعا مولى ابن عمر عن رجل دخل مع الإمام في الصلاة، وقد سبقه الإمام بركعة، أيتشهد معه في الركعتين والأربع، وإن كان ذلك له و...

الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام فإنما ناصيته بيد...

عن أبي هريرة، أنه قال: «الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام، فإنما ناصيته بيد شيطان»

انصرف من ركعتين فقيل له أنه أقصر الصلاة فعاد وصلى...

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم...

صلى صلاة العصر فسلم في ركعتين فقال له أقصرت الصلاة

عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد أنه قال: سمعت أبا هريرة يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر، فسلم في ركعتين.<br> فقام ذو اليدين فقال: أقص...

ركع ركعتين من إحدى صلاتي النهار فسلم من اثنتين

عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع ركعتين من إحدى صلاتي النهار: الظهر أو العصر.<br> فسلم من اثنتين.<br> ف...

إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أرب...

عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا؟ فليصلي ركعة.<br> وليسجد سجدتين وهو جالس، ق...

إذا شك أحدكم في صلاته فليتوخ الذي يظن أنه نسي من ص...

و حدثني عن مالك عن عمر بن محمد بن زيد عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا شك أحدكم في صلاته فليتوخ الذي يظن أنه نسي من صلاته فليصله ث...