336- عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان «إذا خرج حاجا أو معتمرا قصر الصلاة بذي الحليفة»
إسناده صحيح
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا خَصَّ سَفَرَهُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِأَنَّهُمَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي سَفَرِهِ ذَلِكَبِذِي الْحُلَيفَةِ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا قَدْرُ السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُوَالثَّانِي قَدْرُ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَشْرَعُ فِي الْقَصْرِ مِنْهَا فَأَمَّا قَدْرُ السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى الْحَجِّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَقَلِّ مَقَادِيرِ سَفَرِ الْقَصْرِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍأَنَّ أَقَلَّ سَفَرِ الْقَصْرِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَرُوِيَ عَنْهُ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِأَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ قَوْلَهُ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَسِيرَةُ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَاحِدٌ وَأَنَّ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ فِي الْغَالِبِ هُوَ مَا يُسَارُ فِيهِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَرْكَ التَّحْدِيدِ بِالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ اللَّفْظَ إِلَى لَفْظٍ هُوَ بَيِّنٌ مِنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَتُقْصَرُ فِي أَرْبَعِينَ مِيلًا وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ الْقَصْرُ فِي خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِمَنْ قَصَرَ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ قَصَرَ فِي أَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ أَعَادَ أَبَدًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي أَقَلَّ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ دَاوُدُ إِنْ سَافَرَ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قَصَرَ الصَّلَاةَ فِي قَصِيرِ السَّفَرِ وَطَوِيلِهِ وَدَلِيلُنَا عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ " فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ هَذَا الْحُكْمُ لِهَذَا الْمِقْدَارِ وَجَعَلَهُ سَفَرًا وَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ الْخُرُوجَ إِلَى الْمَوْضِعِ الْقَرِيبِ دُونَ ذِي مَحْرَمٍ فَإِذَا جَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَدًّا لِلسَّفَرِ وَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ هَذَا الْحُكْمُ وَيُحَدَّدُ مِنْهُ قِيَاسًا فَنَقُولُ إنَّهُ سَفَرٌ لَا تَخْرُجُ فِيهِ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَجَازَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حُكْمُ الْقَصْرِ أَصْلُهُ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَدَلِيلُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي الْمِيلِ وَالْمِيلَيْنِ أَنَّ هَذِهِ مَسَافَةٌ لَا تَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ بِقَطْعِهَا غَالِبًا فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حُكْمُ الْقَصْرِ كَالْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَالسُّوقِ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مُرَاعَاةِ الْمَسَافَةِ فِي الْبَرِّ فَإِنَّ حُكْمَ الْبَحْرِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْبَرِّ فَإِنْ كَانَ السَّفَرُ فِي بِرٍّ وَبَحْرٍ فَقَالَ ابْنُالْمَاجِشُونِ إِنْ كَانَ فِي أَقْصَاهُ بِاتِّصَالِ الْبَرِّ مَعَ الْبَحْرِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ قَصَرَ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَرِّ مَسَافَةُ قَصْرٍ وَكَانَ الْمَرْكَبُ لَا يَبْرَحُ إِلَّا بِالرِّيحِ فَلَا يَقْصُرُ فِي الْبَرِّ حَتَّى يَرْكَبَ فِي الْبَحْرِ وَيَبْرُزَ عَنْ الْمَرْسَى وَإِنْ كَانَ يَجْرِي بِالرِّيحِ وَغَيْرِهَا فَلْيَقْصُرْ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ بِالْبِرِّ فَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِالْمَاجِشُونِ أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى مَسِيرَةِ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَحُكْمُهُ الْقَصْرُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا بِتَغَيُّرِ عَزْمِهِ وَهَذَا مُتَيَقَّنٌ لِلسَّفَرِ عَازِمٌ عَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُهُ الْقَصْرَ انْتِظَارُ الرِّيحِ كَمَا لَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ فِي الْبَحْرِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ حَتَّى يُمْكِنَهُ الْعَزْمُ عَلَى اتِّصَالِ السَّيْرِ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا قَصَرَ الصَّلَاةَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ
عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، أنه «ركب إلى ريم، فقصر الصلاة في مسيره ذلك»، قال مالك: «وذلك نحو من أربعة برد»
عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر «ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيره ذلك»، قال مالك: «وبين ذات النصب والمدينة أربعة برد»
عن نافع، عن ابن عمر أنه كان «يسافر إلى خيبر فيقصر الصلاة»
عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر كان «يقصر الصلاة في مسيره اليوم التام»
عن نافع، أنه كان «يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة»
عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر كان يقول: «أصلي صلاة المسافر، ما لم أجمع مكثا وإن حبسني ذلك اثنتي عشرة ليلة»
عن نافع أن ابن عمر «أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة، إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته»
عن عطاء الخراساني أنه سمع سعيد بن المسيب قال: «من أجمع إقامة أربع ليال وهو مسافر، أتم الصلاة» قال مالك: «وذلك أحب ما سمعت إلي»
عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين، ثم يقول: «يا أهل مكة أتموا صلاتكم، فإنا قوم سفر»(1) 405- عن زيد بن أسلم...