533- عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعى النجاشي للناس في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم وكبر أربع تكبيرات»
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَعَى النَّجَاشِيَّ لِلنَّاسِ يُرِيدُ أَخْبَرَهُمْ بِمَوْتِهِ , وَقَدْ أَخْبَرَ بِقَتْلِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَهَذَا النَّعْيُ غَيْرُ مَحْظُورٍ فَأَمَّا النَّعْيُ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ الصِّيَاحُ وَالضَّجِيجُ فَإِنَّهُ مَحْظُورٌ وَلِذَلِكَ كَرِهَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ تُدَارَ بِالْجَنَائِزِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ ; لِأَنَّهُ مِنْ النَّعْيِ قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ الْإِنْذَارُ بِالْجَنَائِزِ مِنْ النَّعْيِ وَالنَّعْيُ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ.
.
( فَصْلٌ ) فَأَمَّا النَّجَاشِيِّ فَمَلِكُ الْحَبَشَةِ وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ وَكَانَ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَخَذَ الْإِيمَانَ بِهِ عَمَّنْ هَاجَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَمَنَعَ عَنْهُمْ وَآوَاهُمْ وَأَسَرَّ إيمَانَهُ لِمُخَالَفَةِ جَمِيعِ الْحَبَشَةِ لَهُ فَلَمَّا مَاتَ نَعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَهَذَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ إذْ لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ لِمَنْ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ مَوْضِعٌ مُعَيَّنٌ عِنْدَهُمْ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ وَفِي ذَلِكَ بَابَانِ : أَحَدُهُمَا - فِي صِفَةِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَتَمْيِيزِهِ مِنْ غَيْرِهِ , وَالثَّانِي - فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ ( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَتَمْيِيزِهِ مِنْ غَيْرِهِ ) اعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَازِمَةٌ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَوَانِعُ نُبَيِّنُهَا بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَلَاتِهِ عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فَقَالَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِنَا إنَّهَا وَاجِبَةٌ , وَقَالَ أَصْبَغُ هِيَ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَخًا لَكُمْ قَدْ مَاتَ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ وَغَيْرِهِ , وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ هَذَا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ يُفْعَلُ مُفْرَدًا لِغَيْرِ إصْلَاحِ صَلَاةٍ فَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا أَصْلُ ذَلِكَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ.
(مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَهِيَ فَرْضٌ مِنْ فَرَوْضِ الْكِفَايَةِ ; لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُ الصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّهُ إِذَا صَلَّى بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ فَقَدْ أُدِّيَ فَرْضُ الصَّلَاةِ وَسَقَطَ وُجُوبُهُ عَنْ سَائِرِهِمْ.
(مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ عَامٌّ وَخَاصٌّ فَأَمَّا الْعَامُّ فَلِمَعْنًى فِي الْمَيِّتِ وَيَكُونُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ فَضِيلَةٌ فِي الْمَيِّتِ وَنَقِيصَةٌ فَأَمَّا الْفَضِيلَةُ فَإِنَّهَا الشَّهَادَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُسْقِطُ فَرْضَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةَ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُغَسَّلُ وَلَكِنْ لَا يُعَرَّى مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ , وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا يَقُولُهُ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ , وَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مَعْنًى يَمْنَعُ فَرْضَ الْغُسْلِ فَمَنْعُ فَرْضِ الصَّلَاةِ كَعَدَمِ الِاسْتِهْلَالِ فِي السَّقْطِ.
(مَسْأَلَةٌ ) , وَأَمَّا النَّقْصُ فَالْكُفْرُ وَعَدَمُ الِاسْتِهْلَالِ فِي السَّقْطِ فَأَمَّا الْكُفْرُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ , وَأَمَّا الِاسْتِهْلَالُ فَإِنَّ بِهِ تُعْرَفُ الْحَيَاةُ , وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ حَيَّاتُهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا مُسْتَوْعَبًا فِي الْفَرَائِضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
(مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ عَلَى هَيْئَتِهِ فَإِنْ كَانَ مُقَطَّعًا فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِنَّ أَكْثَرَ الْبَدَنِ يُغْسَلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ مُجْتَمِعًا كَانَ أَوْ مُقَطَّعًا , وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ مُجْتَمِعًا صُلِّيَ عَلَيْهِ , وَإِنْ كَانَ مُقَطَّعًا لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ تَقْطِيعَهُ لَا يُبْطِلُ حُرْمَتَهُ وَلَا يُسْقِطُ حُكْمَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ , وَوَجْهُ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ تَقْطِيعَهُ مَنَعَ غُسْلَهُ , وَإِذَا مُنِعَ غُسْلُهُ يَبْطَلُ حُكْمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَالشَّهِيدِ , وَلِأَنَّ فِي غُسْلِهِ انْتِهَاكَ الْحُرْمَةِ وَمُتَابَعَةً لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّمْثِيلِ.
( فَرْعٌ ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إِلَّا رَأْسٌ أَوْ رِجْلٌ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى يُوجَدَ أَكْثَرُهُ , وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُنْوَى بِهِ الْجُمْلَةُ , وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْأَقَلَّ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ فَإِذَا غَابَ الْأَكْثَرُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَغِيبِ جَمِيعِهِ وَلَا يُصَلَّى عَلَى غَائِبٍ وَمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا - تَجْوِيزُ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ , وَالثَّانِي - أَنَّهُ لَمَّا وُجِدَ الْبَعْضُ لَزِمَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُهُ بِالصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْوِيَ جَمِيعَهُ.
( الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ ) أَمَّا صِفَتُهَا فَأَنْ يُكَبِّرَ فِيهَا أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ عَلَى حَسَبِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ رحمه الله.
(مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يُكَبِّرُ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ : يَقْطَعُ الْمَأْمُومُ وَلَا يَتْبَعُهُ وَرَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ يَسْكُتُ وَلَا يُكَبِّرُ مَعَهُ فَإِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ مَعَهُ , وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ فَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ هَذَا أَصْلٌ قَدْ صَارَ شِعَارًا لِأَهْلِ الْبِدَعِ فَيَجِبُ إظْهَارُ الْخِلَافِ عَلَيْهِمْ , وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ كَثِيرٌ فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالسُّنَّةِ , وَالْخَطَأُ إنَّمَا هُوَ مِنْهُ فِي زِيَادَةِ التَّكْبِيرِ فَلَا يَتْبَعُهُ فِيهَا وَزِيَادَةُ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ فَيَقُومُ حَتَّى يُسَلِّمَ بِسَلَامِهِ , وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْإِمَامُ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا يُصَلَّى مَعَهُ وَلَا يُقْتَدَى بِهِ كَبَّرَ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْلَى ; لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ انْعَقَدَ عَلَى بُطْلَانِ الْخَامِسَةِ.
(مَسْأَلَةٌ ) وَهَلْ يَقِفُ الْإِمَامُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ لِلدُّعَاءِ ( قَالَ ) سَحْنُونٌ يَقِفُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَيَدْعُو كَمَا يَدْعُو بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ , وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِهِ لَا يَقِفُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَيُسَلِّمُ بِأَثَرِهَا وَجْهُ مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ التَّكْبِيرَةُ الْآخِرَةُ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَكَانَ الدُّعَاءُ مَشْرُوعًا بَعْدَهَا أَصْلُ ذَلِكَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الدُّعَاءَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِمَنْزِلَةِ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِهَا فَلَوْ دَعَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ لَاحْتَاجَ إِلَى تَكْبِيرَةٍ تَفْصِلُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالسَّلَامِ كَمَا يَفْصِلُ الرُّكُوعُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّسْلِيمِ.
( فَرْعٌ ) وَهَلْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ , وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ لَا يَرْفَعُ فِيمَا بَعْدَ الْأُولَى , وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَرْفَعُ فِي الْأُولَى وَلَا فِي غَيْرِهَا وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ.
(مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ فَاتَهُ بَعْضُ التَّكْبِيرِ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ مَا أَدْرَكَ عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ وَأَخَذَ فِي الْقَضَاءِ فَهَلْ يُوَالِي التَّكْبِيرَ أَوْ يَدْعُو بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ ؟ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَدْعُو بَيْنَ التَّكْبِيرِ إِنْ لَمْ يَخَفْ رَفْعَ الْجِنَازَةِ قَبْلَ فَرَاغِهِ , وَإِنْ خَافَ الرَّفْعَ وَالَى التَّكْبِيرِ , وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُكَبِّرُ مَا سَبَقَهُ بِهِ الْإِمَامُ تِبَاعًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ خَوْفَ رَفْعِ الْجِنَازَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خِلَافًا وَجْهُ مَا رَوَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ مَقْصُودُهَا الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَإِذَا خَافَ الْفَوَاتَ وَالَى التَّكْبِيرَ لِئَلَّا يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ رَفْعِهَا , وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ حَمَلْنَاهَا عَلَى الْخِلَافِ أَنَّ أَرْكَانَ الصَّلَاةِ هِيَ التَّكْبِيرُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا ; لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ حَمَلَ عَنْهُ الدُّعَاءَ حِينَ لَمْ يُدْرِكْ مَحِلَّهُ , وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يتماهل فِي الدُّعَاءِ وَحْدَهُ كَانَ مُصَلَّيَا عَلَى الْجِنَازَةِ صَلَاةً مُفْرَدَةً بَعْدَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.
.
( فَصْلٌ ) قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ " فَصَفَّ بِهِمْ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْ سُنَّةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ الصَّفُّ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَيَتَقَدَّمُهُمْ إمَامُهُمْ ; لِأَنَّ هَذِهِ سُنَّةُ كُلِّ صَلَاةٍ شُرِعَ الصَّفُّ لَهَا وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَأَمَّهُمْ وَصَلَّوْا خَلْفَهُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الصَّلَاةِ وَصَلَاةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّجَاشِيِّ , وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَثُلَ لَهُ فَرَآهُ دُونَ أَنْ يَرَاهُ غَيْرُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَازَ لَهُ ; لِأَنَّهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَقَدْ عَلِمَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي وَقْتِ مَوْتِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ نَعَى النَّجَاشِيَّ لِلنَّاسِ الْيَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَصَلَّوْا عَلَيْهِ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يُحْفَظْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ غَابَ عَنْهُ.
(مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ غَرِقَ فِي الْبَحْرِ أَوْ قُتِلَ وَلَمْ يُتَمَكَّنُ مِنْ غُسْلِهِ أَوْ أَكَلَهُ السَّبُعُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّجَاشِيِّ , وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ إنَّمَا شُرِعَتْ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ , وَأَمَّا إِذَا بَعُدَ مَوْتُهُ أَوْ طَالَتْ مُدَّتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا لَا يُصَلَّى الْيَوْمَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ مِمَّنْ قُتِلَ ظُلْمًا وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ أَوْ مِمَّنْ غَرِقَ فِي الْبَحْرِ فَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ فِيمَنْ عُرِفَ أَمَرَهُ وَعُويِنَ غَرَقُهُ أَوْ أَكْلُ السَّبُعِ لَهُ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ لِلنَّاسِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ
عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره أن مسكينة مرضت، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المساكين، ويس...
عن مالك، أنه سأل ابن شهاب عن الرجل يدرك بعض التكبير على الجنازة، ويفوته بعضه، فقال: يقضي ما فاته من ذلك
عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه أنه سأل أبا هريرة كيف تصلي على الجنازة؟ فقال أبو هريرة: «أنا، لعمر الله أخبرك.<br> أتبعها من أهلها.<br> فإذا وضعت...
عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: صليت وراء أبي هريرة على صبي لم يعمل خطيئة قط فسمعته يقول: «اللهم أعذه من عذاب القبر»
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان «لا يقرأ في الصلاة على الجنازة»
عن محمد بن أبي حرملة مولى عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب أن زينب بنت أبي سلمة توفيت، وطارق أمير المدينة، فأتي بجنازتها بعد صلاة الصبح.<br> فوضعت بال...
عن نافع، أن عبد الله بن عمر قال: «يصلى على الجنازة بعد العصر، وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما»
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها أمرت أن يمر عليها بسعد بن أبي وقاص في المسجد، حين مات، لتدعو له.<br> فأنكر ذلك الناس عليها.<br> فقالت عائش...
عن عبد الله بن عمر أنه قال: «صلي على عمر بن الخطاب في المسجد»