حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية - موطأ الإمام مالك

موطأ الإمام مالك | كتاب الجنائز باب النهي عن البكاء على الميت (حديث رقم: 555 )


555- عن عتيك بن الحارث، وهو جد عبد الله بن عبد الله بن جابر أبو أمه، أنه أخبره: أن جابر بن عتيك أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه فصاح به فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «غلبنا عليك يا أبا الربيع»، فصاح النسوة وبكين، فجعل جابر يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية»، قالوا: يا رسول الله وما الوجوب؟ قال: «إذا مات»، فقالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيدا، فإنك كنت قد قضيت جهازك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة؟» قالوا: القتل في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الشهداء سبعة، سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد "

أخرجه مالك في الموطأ


صحيح

شرح حديث (دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية)

المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)

( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ إخْبَارٌ عَنْ تَفْضِيلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَمُوَاصَلَتِهِ أَصْحَابَهُ وَعِيَادَتِهِ مَرَضَاهُمْ وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ " قَدْ غُلِبَ " أَنَّ الْأَلَمَ وَالْمَرَضَ الَّذِي كَانَ بِهِ غَلَبَ عَلَيْهِ حَتَّى مَنَعَهُ مِنْ مُجَاوَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حِينَ صَاحَ عَلَيْهِ فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لِمَا أُصِيبَ فِيهِ , وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ قَالَ مِثْلَ هَذَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ فَقَالَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ , وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مُشْفِقًا عَلَى أَصْحَابِهِ مُحِبًّا فِيهِمْ فَإِذَا أُصِيبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ اسْتَرْجَعَ كَمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَعْنَى ذَلِكَ تَصَبُّرٌ لِنَفْسِهِ وَاشِعَارٌ لَهُ أَنَّ الْكُلَّ لِلَّهِ وَأَنَّ الْكُلَّ رَاجِعٌ إِلَيْهِ وَيَجِبُ أَنْ يُقْتَدَى بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عِنْدَمَا يُصَابُ الْإِنْسَانُ مِنْ أَحْوَالِهِ وَإِخْوَانِهِ وَمَالِهِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم غُلِبْنَا عَلَيْك يَا أَبَا الرَّبِيعِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ التَّصْرِيحَ بِمَعْنَى اسْتِرْجَاعِهِ وَتَأَسُّفِهِ , فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بُكَاؤُهُنَّ لِمَا رَأَيْنَ مِنْ حَالِهِ وَتَيَقُّنٍ مِنْ مَوْتِهِ وَلَعَلَّهُ حَرَّكَهُنَّ لِذَلِكَ مَا سَمِعْنَ مِنْ اسْتِرْجَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَجَعَلَ جَابِرٌ يُسْكِتُهُنَّ لِمَا عَرَفَ مِنْ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مِنْ رَفْعِ النِّسَاءِ أَصْوَاتَهُنَّ بِالْبُكَاءِ وَنِيَاحِهِنَّ وَلَمْ يَكُنْ صِيَاحُ النِّسَاءِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ ذَلِكَ , وَإِنَّمَا كَانَ اسْتِرْجَاعًا وَبُكَاءً مِنْ غَيْرِ كَلَامٍ بِقُبْحٍ وَلَا نِيَاحَةٍ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم دَعْهُنَّ يُرِيدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إطْلَاقَ الْبُكَاءِ وَالِاسْتِرْجَاعِ لَهُنَّ وَبِهَذَا اسْتَبَاحَ النَّاسُ الْبُكَاءَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ بِالْبُكَاءِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ يُرْفَعْ بِهِ الصَّوْتُ وَيَكُونُ مَعَهُ كَلَامٌ مَكْرُوهٌ , وَأَمَّا الْبُكَاءُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ فَقَالَ قَدْ قَضَي ؟ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَبَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بَكَوْا فَقَالَ أَلَا تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ أَوْ يَرْحَمُ فَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ وَفَسَّرَ الْوُجُوبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِالْمَوْتِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مَنَعَ مِنْ بُكَاءٍ مَخْصُوصٍ عِنْدَ الْوُجُوبِ وَهُوَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ الصِّيَاحِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ فَتَوَجَّهَ نَهْيُهُ إِلَى ذَلِكَ الْبُكَاءِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَمْرٌ بِتَوْجِيهِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ , وَكَذَلِكَ حَدِيثُ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ وُجِّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ وَلَا أَنَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ , وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ مَا عَلِمْتُ التَّوْجِيهَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ , وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ فَوُجِّهَ فَأَفَاقَ فَأَنْكَرَ فِعْلَهُمْ بِهِ , وَقَالَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَيَيْتُ وَعَلَيْهِ أَمُوتُ لِيَكُنْ مَضْجَعِي مَا كُنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَأَرَاهُ إنَّمَا كَرِهَ عَجَلَتَهُمْ بِذَلِكَ قَبْلَ الْحَقِيقَةِ , وَظَاهِرُ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُخَالِفٌ لِهَذَا التَّأْوِيلِ , وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ يَنْبَغِي أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ , وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْآثَارِ الصِّحَاحِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا التَّوْجِيهُ بَلْ الظَّاهِرُ مِنْهَا عَدَمُ التَّوْجِيهِ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ الْحَالَ وُجِدَتْ فِيهَا أَسْبَابُ الْوَفَاةِ فَشُرِعَ فِيهَا التَّوْجِيهُ كَالْحَمْلِ وَالدَّفْنِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا بِالتَّوْجِيهِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوَجَّهُ إِلَى الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَإِنْ لَمْ يُقْدَرْ فَعَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إِلَى الْقِبْلَةِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ صِفَاتُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ كَاسْتِقْبَالِهَا فِي الصَّلَاةِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَكُونُ التَّوْجِيهُ إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ بِإِحْدَادِ نَظَرِهِ وَإِشْخَاصِ بَصَرِهِ وَيُلَقَّنُ لَا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ , وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ لَا بَأْسَ أَنْ تُغْمِضَهُ الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ , وَقَالَ غَيْرُهُ الْإِغْمَاضُ سُنَّةٌ , وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ عِنْدَهُ سَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ وَيُقَالُ عِنْدَ إغْمَاضِهِ اللَّهُمَّ يَسِّرْ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَسَهِّلْ مَوْتَهُ وَأَسْعِدْهُ بِلِقَائِك وَاجْعَلْ مَا خَرَجَ إِلَيْهِ خَيْرًا مِمَّا خَرَجَ عَنْهُ قَالَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَجْلِسَ عِنْدَهُ إِلَّا أَفْضَلُ أَهْلِهِ وَأَحْسَنُهُمْ هَدْيًا وَقَوْلًا وَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ وَلَا قُرْبَهُ ثَوْبٌ غَيْرُ طَاهِرٍ وَلَا يَحْضُرُهُ كَافِرٌ وَلَا حَائِضٌ وَهَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ حَبِيبٍ إنَّمَا أَوْرَدَهَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ فَإِنْ فُعِلَتْ فَحَسَنٌ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) , وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ عِنْدَهُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ الْقِرَاءَةُ عِنْدَهُ وَالْإِجْمَارُ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ , وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ يس , وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَّخَذَ سُنَّةً وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَرَّبَ إِلَيْهِ الرَّوَائِحُ الطَّيِّبَةُ مِنْ بَخُورٍ وَغَيْرِهِ , وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ وَاتَّصَلَ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ فَالْعَمَلُ بِهِ مُخَالِفٌ لِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ ابْنَتِهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا فَإِنَّك قَدْ كُنْتَ قَضَيْتَ جِهَازَك أَخْبَرَتْ عَنْ قُوَّةِ رَجَائِهَا فِي الشَّهَادَةِ لَهُ لِمَا كَانَتْ تَرَى مِنْ حِرْصِهِ عَلَى الْجِهَادِ وَمُبَادَرَتِهِ إِلَيْهِ , وَقَدْ كَانَ قَضَى جِهَازَهُ لِلْغَزْوِ فَأَشْفَقَتْ مِمَّا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ وَهَذَا اللَّفْظُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَجْرَهُ قَدْ جَرَى لَهُ بِمِقْدَارِ الْعَمَلِ الَّذِي نَوَاهُ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ يَكُونُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ أَنْ لَوْ عَمِلَهُ فَتَكُونُ النِّيَّةُ بِمَعْنَى الْمَنَوِيِّ وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَنَّهُ أُوقِعَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا يَجِبُ لِنِيَّتِهِ إِلَّا أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَصْدَ إِلَى تَسْلِيَتِهَا وَإِخْبَارِهَا بِأَنَّ مَا نَوَاهُ لَمْ يَفُتْهُ وَأَنَّ أَجْرَهُ قَدْ جَرَى لَهُ بِحَسَبِ نِيَّتِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ إِلَّا بِقَدْرِ النِّيَّةِ لَمَا كَانَ لَهَا فِي ذَلِكَ رَاحَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ اسْتَفَادَتْ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَهُ مِنْ ذَلِكَ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ ؟ سُؤَالٌ لَهُمْ عَنْ مَعْنَى الشَّهَادَةِ لِيَخْتَبِرَ بِذَلِكَ عِلْمَهُمْ وَيُفِيدَهُمْ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ قَالُوا الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , وَإِنَّمَا سَأَلَهُمْ عَنْ جِنْسِ جَمِيعِ الشَّهَادَةِ فَأَخْبَرُوهُ عَنْ بَعْضِهَا وَهُوَ جَمِيعُ مَا كَانَ يُسَمَّى عِنْدَهُ شَهَادَةً فَقَالُوا الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَخْبَرَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّ الشَّهَادَةَ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَسْلِيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَإِخْبَارًا لَهُمْ بِتَفَضُّلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ قَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَإِنَّ شُهَدَاءَ أَمَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَكْثَرُ مِمَّا يَعْتَقِدُهُ الْحَاضِرُونَ , ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ فَقَالَ الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ وَالْمَطْعُونُ هُوَ الْمُصَابُ بِالطَّاعُونِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا فِي الْجَامِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ وَهُوَ مَنْ مَاتَ غَرَقًا فِي الْمَاءِ وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ دَاءٌ مَعْرُوفٌ , وَكَذَلِكَ الْمَبْطُونُ وَالْحَرِقُ شَهِيدٌ وَهُوَ مَنْ يَمُوتُ بِالنَّارِ , وَاَلَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ قِيلَ إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ تَمُوتُ بِالْوِلَادَةِ وَقِيلَ إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ تَمُوتَ جَمْعَاءَ بِكْرًا غَيْرَ ثَيِّبٍ لَمْ يَنَلْهَا أَحَدٌ وَهَذِهِ مِيتَاتٌ فِيهَا شِدَّةُ الْأَمْرِ فَتَفَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِأَنْ جَعَلَهَا تَمْحِيصًا لِذُنُوبِهِمْ زِيَادَةً فِي أَجْرِهِمْ حَتَّى بَلَّغَهُمْ بِهَا مَرَاتِبَ الشُّهَدَاءِ.


حديث غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين فجعل جابر يسكتهن فقال رسول الله صلى

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ ‏ ‏وَهُوَ جَدُّ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ ‏ ‏أَبُو أُمِّهِ ‏ ‏أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ ‏ ‏جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ ‏ ‏أَخْبَرَهُ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏جَاءَ يَعُودُ ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ ‏ ‏فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ عَلَيْهِ فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ ‏ ‏فَاسْتَرْجَعَ ‏ ‏رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَقَالَ غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا ‏ ‏أَبَا الرَّبِيعِ ‏ ‏فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ فَجَعَلَ ‏ ‏جَابِرٌ ‏ ‏يُسَكِّتُهُنَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏دَعْهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوُجُوبُ قَالَ إِذَا مَاتَ فَقَالَتْ ابْنَتُهُ وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا فَإِنَّكَ كُنْتَ قَدْ ‏ ‏قَضَيْتَ جِهَازَكَ ‏ ‏فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ قَالُوا الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ‏ ‏الْمَطْعُونُ ‏ ‏شَهِيدٌ وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ وَصَاحِبُ ‏ ‏ذَاتِ الْجَنْبِ ‏ ‏شَهِيدٌ ‏ ‏وَالْمَبْطُونُ ‏ ‏شَهِيدٌ وَالْحَرِقُ شَهِيدٌ وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ ‏ ‏بِجُمْعٍ ‏ ‏شَهِيدٌ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث موطأ الإمام مالك

إنكم لتبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها

عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنها أخبرته: أنها سمعت عائشة أم المؤمنين تقول: وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول: «إن الميت لي...

لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النا...

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد، فتمسه النار، إلا تحلة القسم»

لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فيحتسبهم إ...

عن أبي النضر السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد، فيحتسبهم، إلا كانوا له جنة من النار»، فقالت امرأة ع...

ليعز المسلمين في مصائبهم المصيبة بي

عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليعز المسلمين في مصائبهم، المصيبة بي»

اللهم أجرني في مصيبتي وأعقبني خيرا منها

عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أصابته مصيبة فقال كما أمر الله {إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة:...

إني استعرت من جارة لي حليا فكنت ألبسه وأعيره زمانا...

عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، أنه قال: هلكت امرأة لي، فأتاني محمد بن كعب القرظي يعزيني بها فقال: إنه " كان في بني إسرائيل رجل فقيه عالم عابد مجت...

لعن رسول الله ﷺ المختفي والمختفية

عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن، أنه سمعها تقول: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المختفي والمختفية»، يعني نباش القبور

اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى

عن عباد بن عبد الله بن الزبير، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت وهو مستند إلى صدرها وأص...

هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة

عن نافع، أن عبد الله بن عمر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي.<br> إن كان من أهل الجنة، فمن أ...