653-
عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر، وقال: تقووا لعدوكم، وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو بكر: قال الذي حدثني لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج «يصب الماء على رأسه من العطش أو من الحر».
ثم قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن طائفة من الناس قد صاموا حين صمت.
قال: فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكديد «دعا بقدح فشرب فأفطر الناس»
هذا حديث مسند صحيح
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ ظَاهِرُ أَمْرِهِ النَّدْبُ لِمَا قَرَنَهُ بِهِ مِنْ الْعِلَّةِ الدَّاعِيَةِ لِذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَقْوَوْا لِعَدُوِّكُمْ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ فِطْرِهِمْ ; لِأَنَّ السَّفَرَ لَا يَصِحُّ فِيهِ الصَّوْمُ وَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ السَّفَرَ لَمَا عَلَّلَ بِالتَّقَوِّي لِلْعَدُوِّ وَلَعَلَّلَ بِالسَّفَرِ فَقَالَ فَإِنَّ السَّفَرَ لَا يَحِلُّ فِيهِ الصَّوْمُ وَلَا يَصِحُّ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ الصَّوْمِ لِمَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالْجَلَدَ , وَقَدْ بَلَغَ بِهِ شِدَّةُ الْعَطَشِ أَوْ الْحَرِّ أَنْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ لِيَتَقَوَّى بِذَلِكَ عَلَى صَوْمِهِ وَلِيُخَفِّفْ عَنْ نَفْسِهِ بَعْضَ أَلَمِ الْحَرِّ أَوْ الْعَطَشِ وَهَذَا أَصْلٌ فِي اسْتِعْمَالِ مَا يَتَقَوَّى بِهِ الصَّائِمُ عَلَى صَوْمِهِ مِمَّا لَا يَقَعُ بِهِ الْفِطْرُ مِنْ التَّبَرُّدِ بِالْمَاءِ وَالْمَضْمَضَةِ بِهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُعِينُهُ عَلَى الصَّوْمِ وَلَا يَقَعُ بِهِ الْفِطْرُ ; لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَا فِي فَمِهِ مِنْ الْمَاءِ وَيَصْرِفُهُ عَلَى اخْتِيَارِهِ وَيُكْرَهُ لَهُ الِانْغِمَاسُ فِي الْمَاءِ لِئَلَّا يَغْلِبَهُ الْمَاءُ مَعَ ضِيقِ نَفَسِهِ فَيَفْسُدَ صَوْمُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَسَلِمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
( فَرْعٌ ) وَالسَّفَرُ الَّذِي يُبِيحُ لَهُ الْفِطْرَ هُوَ الَّذِي يُبِيحُ لَهُ الْقَصْرَ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي رِوَايَتِهِ , وَذَلِكَ مَسِيرَةُ الْيَوْمِ التَّامِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ قَالَ مَالِكٌ وَيُنْظَرُ لِرَاكِبِ الْبَحْرِ أَنْ يَكُونَ مَسِيرُهُ فِي الْبَحْرِ قَدْرَ مَسِيرِهِ فِي الْبَرِّ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ : ثُمَّ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ طَائِفَةً مِنْ النَّاسِ قَدْ صَامُوا حِينَ صُمْت , وَذَلِكَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَسُّوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ الْقُوَّةَ وَاغْتَنَمُوا الْأَجْرَ لَمَّا رَأَوْهُ صَامَ فَصَامُوا فَلَمَّا عَلِمَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ بِأَحْوَالِهِمْ وَبِمَا يُطِيقُونَهُ مِنْ ذَلِكَ دَعَا بِالْكَدِيدِ بِمَاءٍ فَشَرِبَ فَأَفْطَرَ وَعَلِمُوا بِإِفْطَارِهِ فَأَفْطَرُوا , وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْرُكُ بَعْضَ الْعَمَلِ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ لِئَلَّا يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ وَالظَّاهِرُ مِنْ نَسْقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إنَّمَا أَفْطَرَ لِئَلَّا يَتَكَلَّفَ أَصْحَابُهُ الصَّوْمَ فَيَضْعُفُونَ عَنْ الْعَمَلِ وَعَنْ لِقَاءِ الْعَدُوِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إفْطَارُهُ نَهَارًا لِيُرِيَهُمْ فِطْرَهُ بَعْدَ أَنْ نَوَى مِنْ لَيْلَتِهِ تِلْكَ , وَقَدْ قَالَ الدَّاوُدِيُّ إنَّهُ أَفْطَرَ بَعْدَ أَنْ بَيَّتَ الصِّيَامَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ , وَإِذَا احْتَمَلَ الْفِعْلُ الْأَمْرَيْنِ وَجَبَ أَنْ يَحْمِلَ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوَاجِبِ وَأُلْحِقَ بِهِ التَّقَوِّي لِلْعَدُوِّ فَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَرُورَةً تُبِيحُ الْفِطْرَ بَعْدَ انْعِقَادِهِ إِلَّا بِوُجُودِ الضَّعْفِ أَوْ الْعَطَشِ بِاللِّقَاءِ وَالْحَرْبِ , وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا أَمَرَهُمْ بِهَذَا الْفِطْرِ اسْتِعْدَادًا لِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ وَهَذَا لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ بَعْدَ انْعِقَادِ الصَّوْمِ , وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ بَعْدَ أَنْ يُبَيِّتَ صِيَامَ رَمَضَانَ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِفِطْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَدِيدِ وَمَا قَدَّمْنَاهُ أَبْيَنُ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
وَقَدْ مَنَعَ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا لِلْمُسَافِرِ الْفِطْرَ بَعْدَ انْعِقَادِ صَوْمِهِ فِي سَفَرِهِ وَأَوْجَبَ مَالِكٌ عَلَيْهِ بِهِ الْكَفَّارَةَ , وَقَالَ مُطَّرِفٍ ذَلِكَ مُبَاحٌ لَهُ سَوَاءٌ بَيَّتَ أَوْ لَمْ يُبَيِّتْ وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَحَمَلَهُ عَلَى اسْتِبَاحَةِ الْفِطْرِ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِالصَّوْمِ , وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ كِنَانَةَ يُمْنَعُ الْفِطْرُ فَإِنْ أَفْطَرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَدَنِيَّةِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي تَلَبَّسَ فِيهَا بِالصَّوْمِ فَإِنَّ فِطْرَهُ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ كَالْمُقِيمِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَنْ تَلَبَّسَ بِالصَّوْمِ فِي الْحَضَرِ , ثُمَّ أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ فَإِنَّ لِمَا طَرَأَ مِنْ السَّفَرِ تَأْثِيرًا فِي إبَاحَةِ الْفِطْرِ يُسْقِطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةَ , وَوَجْهُ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ وَابْنِ كِنَانَةَ مَا احْتَجَّا بِهِ مِنْ أَنَّ صَوْمَهُ انْعَقَدَ فِي حَالَةٍ أُبِيحَ لَهُ تَرْكُهُ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ.
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ وَقَالَ تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ وَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ الَّذِي حَدَّثَنِي لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ الْعَطَشِ أَوْ مِنْ الْحَرِّ ثُمَّ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ طَائِفَةً مِنْ النَّاسِ قَدْ صَامُوا حِينَ صُمْتَ قَالَ فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَدِيدِ دَعَا بِقَدَحٍ فَشَرِبَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ
عن أنس بن مالك أنه قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان «فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم»
عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله.<br> إني رجل أصوم.<br> أفأصوم في السفر؟ فقال له رسول...
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان «لا يصوم في السفر»
عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه كان «يسافر في رمضان، ونسافر معه، فيصوم عروة ونفطر نحن فلا يأمرنا بالصيام»
عن أبي هريرة أن رجلا أفطر في رمضان، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا»، فقال: لا أج...
عن سعيد بن المسيب أنه قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب نحره، وينتف شعره، ويقول: هلك الأبعد.<br> فقال له رسول الله صلى الله عليه و...
عن عبد الله بن عمر أنه كان «يحتجم وهو صائم» قال: «ثم ترك ذلك بعد.<br> فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر»
عن ابن شهاب، أن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر كانا «يحتجمان وهما صائمان»
عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه كان «يحتجم وهو صائم، ثم لا يفطر»، قال: «وما رأيته احتجم قط إلا وهو صائم»