765-
عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: «من اعتمر في أشهر الحج في شوال، أو ذي القعدة، أو في ذي الحجة، قبل الحج.
ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج، فهو متمتع، إن حج.
وعليه ما استيسر من الهدي فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع»
أسناده صحيح
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ مَنْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ شَوَّالٍ أَوْ ذِي الْحِجَّةِ قَبْلَ الْحَجِّ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : أَحَدَهُمَا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ جَمِيعَ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ عَامِهِ , ثُمَّ خَصَّ قَبْلَ الْحَجِّ دُونَ مَا بَعْدَهُ بِحُكْمِ التَّمَتُّعِ , وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الشَّهْرِ حُكْمُهُ وَاحِدٌ فِي أَنَّهُ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ , وَالثَّانِيَ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ مَا قَبْلَ الْحَجِّ مِنْ أَشْهُرِهِ دُونَ مَا بَعْدَهُ فَقَالَ أَوْ ذِي الْحِجَّةِ قَبْلَ الْحَجِّ وَأَرَادَ بِهِ بَيَانَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ دُونَ مَا بَعْدَهُ , وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ : أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَعَشْرُ لَيَالٍ وَلَيْسَ يَوْمُ النَّحْرِ عِنْدَهُ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنْ كَانَتْ لَيْلَتُهُ مِنْهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قوله تعالى الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَأَتَى بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ هَاهُنَا شَهْرَيْنِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ثَلَاثَةً , وَوَجْهٌ آخَرُ مِنْ الْآيَةِ أَنَّهُ قَالَ تَعَالَى فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ وَأَنَّهُ مَعْلُومٌ وَمَمْنُوعٌ يَوْمَ النَّحْرِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ.
( فَرْعٌ ) فَإِنْ قُلْنَا : إِنَّ جَمِيعَ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّ تَأْخِيرَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ إِلَى آخِرِهِ لَا يَلْزَمُ بِهِ الدَّمُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَهَذَا اخْتَارَهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ , وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ يَوْمُ النَّحْرِ يَحْصُلُ بِانْقِضَائِهِ التَّحَلُّلُ , أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْمِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ وَلَمْ يَطُفْ لِلْإِفَاضَةِ حَلَّ لَهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مَا لَمْ يَحِلَّ لِمَنْ رَمَى وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِيمَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِمَا كَانَ مِنْ شُهُورِ الْحَجِّ.
.
( فَصْلٌ ).
وَقَوْلُهُ : ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى يُدْرِكَهُ الْحَجُّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنْ حَجَّ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي كَوْنِهِ مُتَمَتِّعًا وَلِلتَّمَتُّعِ سِتَّةُ شُرُوطٍ : لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا إِلَّا بِاجْتِمَاعِهَا فَمَتَى انْخَرَمَ مِنْهَا شَرْطٌ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا : أَحَدُهَا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ وَالثَّانِي - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَالثَّالِثُ - أَنْ يَفْعَلَ الْعُمْرَةَ أَوْ شَيْئًا مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَالرَّابِعُ - أَنْ يُقَدِّمَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ وَالْخَامِسُ - أَنْ يَحِلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَالسَّادِسُ - أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَكِّيٍّ.
( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ ) فَأَمَّا الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ فَلِأَنَّهُ الْمَعْنَى الَّذِي يَتَمَتَّعُ بِهِ وَهُوَ أَنَّهُ تَرَكَ أَحَدَ السَّفَرَيْنِ ; لِأَنَّ كُلَّ نُسُكٍ مِنْهُمَا كَانَ مِنْ حُكْمِهِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِسَفَرِهِ فَتَرَخَّصَ بِتَرْكِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ لَمَّا جَمَعَهُمَا فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا وَصْفُ السَّفَرِ الْمُخْرِجِ عَنْ حُكْمِ الْمُتْعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
( الْبَابُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْجَمْعُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ ) وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ لَوْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ , ثُمَّ أَقَامَ إِلَى عَامٍ ثَانٍ فَحَجَّ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي أَشْهُرِ حَجِّهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا.
( فَرْعٌ ) فَإِنْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ يُرِيدُ الْحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَفَاتَهُ الْحَجُّ فَلَمْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا , وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ أَنْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَفَاتَهُ الْحَجُّ وَلَوْ أَكْمَلَ حَجَّهُ لَكَانَ مُتَمَتِّعًا ; لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ عُمْرَتِهِ.
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي فِعْلِ الْعُمْرَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ) وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّالِثُ - وَهُوَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ أَحَقُّ بِالْحَجِّ لِمَنْ أَرَادَهُ وَسَائِرُ الْأَشْهُرِ أَحَقُّ بِالْعُمْرَةِ وَهَذَا مَعْنَى اخْتِصَاصِ هَذِهِ الْأَشْهُرِ بِهَذَا الْوَصْفِ ; لِأَنَّهُ لَا تَطُولُ بِهِ مُدَّةُ الْإِحْرَامِ وَلَا تَشُقُّ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي الْغَالِبِ , وَلَكِنَّهُ يُكْمِلُ سَعْيَهُ فَإِذَا لَمْ يُرِدْ الْحَجَّ فَالْعُمْرَةُ فِيهَا مُطْلَقَةٌ ; لِأَنَّ الْأَشْهُرَ لَا تَخْتَصُّ بِالْحَجِّ اخْتِصَاصَ مَنْعٍ مِنْ غَيْرِهَا , وَإِنَّمَا تَخْتَصُّ بِهَا اخْتِصَاصَ كَمَالٍ وَفَضِيلَةٍ فَمَنْ أَرَادَ التَّرَفُّهَ وَالِاسْتِمْتَاعَ بِمَكَّةَ كَانَتْ رُخْصَةً فِي أَنْ يَحِلَّ بِعُمْرَةٍ , ثُمَّ يَبْقَى حَلَالًا إِلَى الْحَجِّ.
( فَرْعٌ ) وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ هَذِهِ الْعُمْرَةِ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي رَمَضَانَ أَوْ شَعْبَانَ فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ وَأَتَى بِبَعْضِ أَفْعَالِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَلَوْ بِشَوْطٍ وَاحِدٍ مِنْ السَّعْيِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالنَّخَعِيُّ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَجَمَاعَةُ النَّاسِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ : لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا حَتَّى يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ السَّعْيَ وَالطَّوَافَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْعُمْرَةِ فَإِذَا أَتَى بِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَانَ مُتَمَتِّعًا كَالْإِحْرَامِ.
( فَرْعٌ ) فَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْحِلَاقِ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ ; لِأَنَّ الْحِلَاقَ تَحَلُّلٌ مِنْ النُّسُكِ , وَلَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ مَالِكٍ وَاحْتَجَّ ابْنُ حَبِيبٍ لِذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَبِسَ الثِّيَابَ أَوْ مَسَّ الطِّيبَ أَوْ النِّسَاءَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَقْدِيمِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ ) وَأَمَّا الشَّرْطُ الرَّابِعُ : وَهُوَ أَنْ يُقَدِّمَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا مُتَأَخِّرًا عَمَّا قَبْلَهَا إِذَا كَانَ غَايَةً لَهُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ التَّمَتُّعَ إنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِمَّنْ يُرِيدُ الْحَجَّ فَيَدْخُلُ فِي أَوَّلِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَيَأْتِي بِالْعُمْرَةِ , وَإِنْ كَانَ الْإِتْيَانُ بِالْحَجِّ أَوْلَى لِيَتَرَفَّهَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى أَنْ يَرِدَ زَمَنُ الْحَجِّ فَيُحْرِمَ بِهِ , وَهُوَ إِذَا قَدَّمَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَقَدْ عَرِيَ عَنْ هَذَا الْعُمُومِ وَأَتَى بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ وَلَعَلَّهُ قَدْ أَحْرَمَ فِي أَوَّلِ أَشْهُرِهِ فَلَمْ يَتَمَتَّعْ بِشَيْءٍ الْبَتَّةَ وَلَا تَرَخَّصَ بِتَحَلُّلٍ مِنْ نُسُكٍ فِي شُهُورِهِ وَهَذَا إِذَا قُلْنَا : إِنَّ جَمِيعَ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنَّ قُلْنَا : إِنَّ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةَ مِنْهُ لَيْسَتْ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْإِهْلَالِ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ ) وَأَمَّا الشَّرْطُ الْخَامِسُ وَهُوَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَيَفُوتَ حُكْمُ الْإِرْدَافِ فَلَا يَكُونُ قَارِنًا ; لِأَنَّهُ إِذَا أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي وَقْتٍ يَصِحُّ لَهُ ذَلِكَ كَانَ قَارِنًا وَلَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا.
( الْبَابُ السَّادِسُ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مَكِّيٍّ ) وَأَمَّا الشَّرْطُ السَّادِسُ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مَكِّيًّا فَالْأَصْلُ فِيهِ قوله تعالى لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَخَصَّ بِهِ غَيْرَ أَهْلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَكِّيَّ لَا يَلْزَمُهُ سَفَرٌ لِحَجٍّ وَلَا لِعُمْرَةٍ فَيَتَرَخَّصُ لِتَرْكِ أَحَدِهِمَا , وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمَكِّيِّ قَدْ قُلْنَا : إنَّهُ إِذَا رَجَعَ إِلَى أُفُقِهِ أَوْ إِلَى مِثْلِ أُفُقِهِ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ وَهَذَا حُكْمُ الْمَكِّيِّ بِمَوْضِعِهِ.
( فَرْعٌ ) وَحَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ : إِنَّ مَنْ كَانَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى مَسَافَةٍ لَا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهَا الصَّلَاةُ فَهُوَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَقَالَ أَكْثَرُ شُيُوخِنَا لَيْسَ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكِ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَلَهُ قَوْلٌ ثَانٍ : أَنَّهُمْ أَهْلُ الْحَرَمِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُمْ دُونَ الْمِيقَاتِ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ قوله تعالى حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَقْتَضِي مَنْ كَانَ أَهْلُهُ مُقِيمًا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَوْجُودًا عِنْدَهُ وَهَذَا الْقِسْمُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ : فُلَانٌ مِنْ حَاضِرِي مَوْضِعِ كَذَا وَمِنْ حَاضِرَةِ فُلَانَةَ وَلَا يُقَالُ لِمَنْ كَانَ دُونَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسِيرَةَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ أَنَّهُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَنَّهُ مِمَّنْ يَحْضُرُ أَهْلُهُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ.
( فَرْعٌ ) وَحُكْمُ أَهْلِ ذِي طُوًى فِي ذَلِكَ حُكْمُ أَهْلِ مَكَّةَ فِي الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ ; لِأَنَّهُمْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ اتِّصَالُ الْبُيُوتِ الْمُجَاوِرَةِ وَالْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ حِينَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنْ حَجَّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْمُتَمَتِّعِ أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ الَّذِي اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ حَجِّهِ وَقَوْلُهُ : وَعَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ يُرِيدُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَكِّيًّا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.
( فَرْعٌ ) وَهَذَا حُكْمُ الْحُرِّ , فَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّهُ لَا يُهْدِي إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَلْيَصُمْ وَإِنْ كَانَ وَاجِدًا لِلْهَدْيِ قَالَهُ مَالِكٌ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ غَيْرُ كَامِلِ الْمِلْكِ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ لِحَقِّ غَيْرِهِ فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لِهَدْيٍ يَمْلِكُ أَنْ يُهْدِيَهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا الْهَدْيُ عَمَّا دَخَلَ الْعِبَادَةَ مِنْ النَّقْصِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْحَرَهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ لَهُ نَحْرُهُ مُنْذُ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قوله تعالى وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَجَازَ الْحِلَاقُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي الْقَوْلِ بِهِ إِذَا عُلِّقَ بِالْغَايَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَأَكْثَرُ شُيُوخِنَا , وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ حَفْصَةَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا وَهُوَ قَوْلُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا بَالُ النَّاسِ حَلُّوا مِنْ عُمْرَتِهِمْ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِك ؟ فَقَالَ : إنِّي لَبَّدْت رَأْسِي وَقَلَّدْت هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ تَعَذَّرَ النَّحْرُ عَلَيْهِ فَوَجَبَ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْحِلَاقِ وَلَوْ كَانَ النَّحْرُ مُبَاحًا لَهُ لَعَلَّلَ امْتِنَاعَ الْإِحْلَالِ بِغَيْرِ تَأْخِيرِ النَّحْرِ وَلَمَا صَحَّ اعْتِلَالُهُ بِهِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا هَدْيٌ يَجِبُ إرَاقَةُ دَمِهِ فِي الْحَجِّ فَلَمْ يَجُزْ نَحْرُهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ , أَصْلُ ذَلِكَ إِذَا نَذَرَ هَدْيًا وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا فِدْيَةُ الْأَذَى ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِهَدْيٍ فَإِنْ أَهْدَاهَا كَانَ هَذَا حُكْمُهَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ , وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُصَامَ فِي الْحَجِّ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهِ وَلَا يُصَامَ قَبْلَ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ صَائِمًا لِلثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فِي الْحَجِّ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ أَنْ يَصُومَهَا عَقِيبَ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَهَذَا نَصٌّ فِي وُجُوبِ صِيَامِهَا فِي الْحَجِّ وَمَا لَمْ يُحْرِمْ فَلَيْسَ صِيَامُهُ فِيهِ وَاسْتِدْلَالٌ آخَرُ مِنْ الْآيَةِ قوله تعالى فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ وَمَنْ لَمْ يُحْرِمْ بِالْحَجِّ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ بِالْحَجِّ وَاسْتِدْلَالٌ ثَالِثٌ : وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ تَعَالَى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ فَعَلَّقَ جَوَازَ الصِّيَامِ بَعْدَ الْهَدْيِ وَلَا نَعْلَمُ عَدَمَهُ قَبْلَ الْحَجِّ ; لِأَنَّهُ قَدْ يُيَسَّرُ عِنْدَ وُجُوبِ الْهَدْيِ إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا صَوْمٌ وَاجِبٌ فَلَمْ يَجُزْ أَدَاؤُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ أَصْلُ ذَلِكَ صَوْمُ رَمَضَانَ.
( فَرْعٌ ) وَوَقْتُ هَذَا الصَّوْمِ مِنْ حِينِ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالِاخْتِيَارُ تَقْدِيمُهُ فِي أَوَّلِ الْإِحْرَامِ رَوَاهُ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ قوله تعالى فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ إِلَى حِينِ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ الِاخْتِيَارَ تَقْدِيمُهُ لِمَعْنَيَيْنِ أَحَدِهِمَا : تَعْجِيلُ إبْرَاءِ الذِّمَّةِ وَالثَّانِي - أَنَّهُ وَقْتٌ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِ الصَّوْمِ فِيهِ فَكَانَ أَوْلَى مِنْ الصَّوْمِ فِي وَقْتٍ مُخْتَلَفٍ فِي إجْزَائِهِ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
( فَرْعٌ ) فَإِنْ فَاتَهُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ صَامَ أَيَّامَ مِنًى فَإِنْ لَمْ يَصُمْ أَيَّامَ مِنًى صَامَ بَعْدَهَا وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَصُومُ بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَسْتَقِرُّ الْهَدْيُ فِي ذِمَّتِهِ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قوله تعالى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَهَذَا قَدْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ فَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَهُ مَا اُسْتُدِيمَ الْعَجْزُ عَنْ الْحَيَوَانِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ كَالصَّوْمِ لِلظِّهَارِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ فَصَامَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ اسْتَحْسَنَّا لَهُ أَنْ يُهْدِيَ وَلَمْ يَجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَمَادَى عَلَى صَوْمِهِ أَجْزَأَهُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَبْطُلُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إِلَى الْهَدْيِ فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ فَإِنْ حَلَّ وَانْقَضَتْ أَيَّامُ الذَّبْحِ لَمْ يُنْتَقَضْ صَوْمُهُ بِوُجُودِ الْهَدْيِ , وَكَذَلِكَ إِذَا دَخَلَ فِي السَّبْعَةِ الْأَيَّامِ , ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ لَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا صَوْمٌ تَلَبَّسَ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْهَدْيِ فَلَمْ يَبْطُلْ بِوُجُودِهِ كَتَلَبُّسِهِ بِصَوْمِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى جَازَ أَنْ يَصُومَ السَّبْعَةَ الْأَيَّامَ قَبْلَ الرُّجُوعِ إِلَى أَهْلِهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ لَا يَصُومُهَا حَتَّى يَرْجِعَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قوله تعالى فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ , وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الْحَجَّ فَقَالَ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ مِنْ مِنًى وَلَمْ يَتَقَدَّمْ إِلَّا ذِكْرُ الْحَجِّ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ مِنْهُ كَمَا يُقَالُ : انْصَرَفَ فُلَانٌ مِنْ صَلَاتِهِ وَرَجَعَ مِنْ عَمَلِهِ يُرِيدُ فَرَغَ مِنْهُ وَانْقَضَى تَلَبُّسُهُ بِهِ , وَوَجْهٌ ثَانٍ : وَهُوَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الرُّجُوعَ مِنْ الْحَجِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعَسُّفِ التَّأْوِيلِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ لِأَهْلِهِ وَلَا لِبَلَدِهِ ذَكَرُوا إِذَا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ وَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ ذَلِكَ بِأَوَّلِهِمَا وُجُودًا كَمَا قُلْنَا فِي الشَّفَقِ أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ يَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِأَوَّلِهِمَا وُجُودًا وَهُوَ مَغِيبُ الْحُمْرَةِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا مُتَمَتِّعٌ عَدِمَ الْهَدْيَ وَفَرَغَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ فَجَازَ لَهُ صَوْمُ السَّبْعَةِ الْأَيَّامِ أَصْلُهُ إِذَا اسْتَوْطَنَ مَكَّةَ أَوْ أَرَادَ الْمُقَامَ بِهَا إِلَى عَامٍ آخَرَ.
( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الصَّوْمِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ أَفْضَلُ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ قَالَهُ مَالِكٌ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَأَدِّيَ الْعِبَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ أَدَائِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ.
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فِي شَوَّالٍ أَوْ ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ فِي ذِي الْحِجَّةِ قَبْلَ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى يُدْرِكَهُ الْحَجُّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنْ حَجَّ وَعَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ
عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: «من اعتمر في شوال، أو ذي القعدة أو في ذي الحجة، ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج، فهو متمتع.<br> إن حج.<br> وم...
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»
عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، أنه سمع أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني قد كنت تجهزت للحج.<br> ف...
عن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب قال: «افصلوا بين حجكم وعمرتكم، فإن ذلك أتم لحج أحدكم، وأتم لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج»
عن سليمان بن يسار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «بعث أبا رافع ورجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث»، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قب...
عن نبيه بن وهب، أخي بني عبد الدار، أن عمر بن عبيد الله أرسل إلى أبان بن عثمان، وأبان يومئذ أمير الحاج، وهما محرمان، إني قد أردت أن أنكح طلحة بن عمر بن...
عن داود بن الحصين، أن أبا غطفان بن طريف المري أخبره أن أباه طريفا تزوج امرأة وهو محرم «فرد عمر بن الخطاب نكاحه»
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: «لا ينكح المحرم ولا يخطب على نفسه، ولا على غيره»
عن سليمان بن يسار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «احتجم وهو محرم، فوق رأسه، وهو يومئذ بلحيي جمل».<br> مكان بطريق مكة