حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

إذا أهدى هديا من المدينة قلده وأشعره بذي الحليفة يقلده قبل أن يشعره - موطأ الإمام مالك

موطأ الإمام مالك | كتاب الحج باب العمل في الهدي حين يساق (حديث رقم: 546 )


546- عن عبد الله بن عمر أنه كان: «إذا أهدى هديا من المدينة، قلده وأشعره بذي الحليفة.
يقلده قبل أن يشعره.
وذلك في مكان واحد.
وهو موجه للقبلة.
يقلده بنعلين، ويشعره من الشق الأيسر.
ثم يساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفة.
ثم يدفع به معهم إذا دفعوا.
فإذا قدم منى غداة النحر.
نحره قبل أن يحلق أو يقصر.
وكان هو ينحر هديه بيده.
يصفهن قياما، ويوجههن إلى القبلة.
ثم يأكل ويطعم»

أخرجه مالك في الموطأ


إسناده صحيح

شرح حديث (إذا أهدى هديا من المدينة قلده وأشعره بذي الحليفة يقلده قبل أن يشعره)

المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)

( ش ) : قَوْلُهُ إِذَا أَهْدَى هَدْيًا مِنْ الْمَدِينَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْهَدْيَ قَدْ يُسَاقُ مِنْ بَعِيدِ الشُّقَّةِ وَطُولِ الْمَسَافَةِ إِذَا كَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ , وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ أَضْعَفُ عَنْ ذَلِكَ فَلَا تُهْدَى إِلَّا مِنْ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَسْلَمُ فِيهَا مِثْلُهَا وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ والعتبي عَنْ مَالِكٍ لَا تُسَاقُ الْغَنَمُ إِلَّا مِنْ عَرَفَةَ وَمَا قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا ; لِأَنَّهَا تَضْعُفُ عَنْ قَطْعِ طَوِيلِ الْمَسَافَةِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِ ذِي الْحُلَيْفَةِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَصْحِبُهُ فِي الْمَدِينَةِ فَإِذَا كَانَ بِ ذِي الْحُلَيْفَةِ مَوْضِعِ إحْرَامِهِ أَوْجَبَهُ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ , وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يَكُونَ إيجَابُهُ لِمَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ إِلَّا عِنْدَ إحْرَامِهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ : أَنَّهُ كَرِهَ لِلشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ أَنْ يُقَلِّدَ هَدْيَهُ بِ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَيُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إِلَى الْجُحْفَةِ وَفِي الْمَدَنِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ , وَفِعْلُ ذَلِكَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقَلِّدُ هَدْيَهُ ثُمَّ يُشْعِرُهُ , ثُمَّ يُجَلِّلُهُ إِنْ شَاءَ ثُمَّ يَرْكَعُ , ثُمَّ يُحْرِمُ فَالسُّنَّةُ اتِّصَالُ ذَلِكَ كُلِّهِ ; لِأَنَّ إيجَابَ الْهَدْيِ مِنْ أَحْكَامِ النُّسُكِ فَمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَكُونَ إيجَابُهُ نُسُكَهُ فِي الْهَدْيِ عِنْدَ الْتِزَامِ نُسُكِهِ بِالْإِحْرَامِ , ولذلك رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِ ذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ يَقْتَضِي مُبَاشَرَةَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ مِنْ الِاسْتِنَابَةِ فِيهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مُبَاشَرَةٌ لِتَقْرِيبِ الْهَدْيِ كَذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَهَذَا فِي الرَّجُلِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُقَلِّدَ الْمَرْأَةُ بَدَنَتَهَا وَلَا تُشْعِرَهَا ; لِأَنَّهُ لَا يُقَلِّدُ وَلَا يُشْعِرُ إِلَّا مَنْ يَنْحَرُ إِلَّا أَنْ لَا تَجِدَ مَنْ يَلِي ذَلِكَ لَهَا كَالذَّبْحِ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَلِي ذَلِكَ إِلَّا جَارِيَتُهَا فَلْتَفْعَلْ وَهَذَا الْقَوْلُ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِنَقْصِ الْأُنُوثَةِ ; لِأَنَّهُ قَدْ جُوِّزَ لَهَا أَنْ تَسْتَنِيبَ مَنْ هِيَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ ابْتِذَالِهَا وَإِظْهَارِ مَا يَلْزَمُهَا سَتْرَهُ مِنْ جَسَدِهَا.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ يُقَلِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يُشْعِرَهُ , وَذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَبْدَأَ بِالتَّقْلِيدِ , ثُمَّ يَلِيَهُ الْإِشْعَارُ بِغَيْرِ فَصْلٍ وَاخْتَارَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْهُ ; لِأَنَّ التَّقْلِيدَ أَخَفُّ وَفِيهِ بَعْضُ التَّدْلِيلِ وَلِذَلِكَ بَدَأَ بِهِ , وَالتَّقْلِيدُ وَالْإِشْعَارُ إيجَابٌ وَاحِدٌ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ يُرِيدُ أَنَّ التَّرْتِيبَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ : وَهُوَ مُوَجَّهٌ إِلَى الْقِبْلَةِ يُرِيدُ أَنَّ التَّقْلِيدَ وَالْإِشْعَارَ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ يَكُونَ وَالْهَدْيُ مُوَجَّهٌ إِلَى الْقِبْلَةِ , وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَا مِنْ سُنَّةِ الْمُبَاشِرِ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْقِبْلَةِ ; لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مَعَانٍ مِنْ النُّسُكِ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْبَيْتِ فَشُرِعَ فِيهَا اسْتِقْبَالُهُ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ يُقَلِّدُهُ بِنَعْلَيْنِ هَذَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَلِّدَهُ بِنَعْلَيْنِ فِي رَقَبَتِهِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ وَإِنْ قَلَّدَهَا نَعْلًا وَاحِدَةً فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ تُجْزِئُهُ النَّعْلُ الْوَاحِدَةُ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَاجْعَلْ حَبْلَ الْقَلَائِدِ مِمَّا شِئْت وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعِهْنِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقَلِّدُهُ بِالْأَوْتَارِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَكُونَ الْأَوْتَارُ مِمَّا أَنْبَتَتْ الْأَرْضُ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ , وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ الْأَوْتَارِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْقَعْبِ أَوْ الْجِلْدِ وَإِنْ كَانَ الْعِهْنُ أَحَبَّ إِلَيْهِ , وَيُحْتَمَلُ أَنَّ نَبَاتَ الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَحَمَلَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجَوَازِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) قَالَ مَالِكٌ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَفْتِلَ فَتْلًا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ا فَتَلْت قَلَائِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ أَبْقَى لَهَا عَلَى طُولِ السَّفَرِ وَالْمُدَّةِ مَعَ تَصَرُّفِ الْهَدَايَا فِي الرَّعْيِ وَغَيْرِهِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَتُقَلَّدُ الْإِبِلُ كَانَتْ لَهَا أَسْنِمَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ قَالَهُ مَالِكٌ , وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ التَّقْلِيدَ شِعَارُ الْهَدْيِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَأَمَّا الْغَنَمُ فَقَالَ مَالِكٌ لَا تُقَلَّدُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُقَلَّدُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْغَنَمَ تَضْعُفُ عَنْ التَّقْلِيدِ وَيَشُقُّ عَلَيْهَا الْمَشْيُ إِذَا كَانَتْ مُقَلَّدَةً وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى غَنَمًا مُقَلَّدَةً.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَيُشْعِرُهُ مِنْ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ , الْإِشْعَارُ مِنْ سُنَّةِ الْهَدْيِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّدَ هَدْيَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا إشْعَارُهُ مِنْ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ فَهُوَ مِنْ سُنَّتِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ تَكُونَ مُوَجَّهَةً إِلَى الْقِبْلَةِ وَأَنْ يَكُونَ مُبَاشِرُ ذَلِكَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْقِبْلَةِ وَلَا يَتَأَتَّى مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَلِيَهُ مِنْهُ إِلَّا الشِّقَّ الْأَيْسَرَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعَرَ بَدَنَتَهُ فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ وَلَعَلَّهُ كَانَ ذَلِكَ لِصُعُوبَتِهَا أَوْ لِيُرِيَ الْجَوَازَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا كَانَتْ بَدَنُهُ ذَلُولًا أَشْعَرَهَا مِنْ قِبَلِ شِقِّهَا الْأَيْسَرِ وَإِنْ كَانَتْ صعوبا فَرَّقَ بَدَنَتَيْنِ , ثُمَّ قَامَ بَيْنَهُمَا فَأَشْعَرَ إحْدَاهُمَا مِنْ الْأَيْمَنِ وَالْأُخْرَى مِنْ الْأَيْسَرِ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَمْ يُشْعِرْهُمَا ابْنُ عُمَرَ فِي الشِّقَّيْنِ أَنَّهُمَا سُنَّةٌ لَكِنْ لِيُذَلِّلَهَا وَإِنَّمَا السُّنَّةُ فِي الشِّقِّ الْأَيْسَرِ فِي الصِّعَابِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَوْلُهُ يُشْعِرُهَا مِنْ الشِّقَّيْنِ أَيِّ الشِّقِّ أَمْكَنَهُ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) وَالْإِشْعَارُ طُولًا فِي شِقِّ الْبَعِيرِ وَهُوَ فِي عَرْضِ السَّنَامِ بِطُولِ الْبَعِيرِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَادُ بِذَلِكَ الْإِعْلَانُ بِأَمْرِ الْهَدْيِ وَإِذَا كَانَ الْإِشْعَارُ بِالطُّولِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ كَانَ مَجْرَى الدَّمِ عَرِيضًا فَيَتَبَيَّنُ الْإِشْعَارُ وَإِذَا كَانَ بِطُولِ السَّنَامِ مَعَ عَرْضِ ظَهْرِ الْبَعِيرِ كَانَ مَجْرَى الدَّمِ يَسِيرًا فَلَا يَقَعُ بِهِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا إِذَا كَانَ لِلْبَقَرِ أَوْ الْإِبِلِ أَسْنِمَةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَإِنَّهَا تُقَلَّدُ وَلَا تُشْعَرُ رَوَاهُ الْعُتْبِيُّ وَاخْتَارَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ تُشْعَرَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَسْنِمَةٌ , وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْإِشْعَارَ مُخْتَصٌّ بِالسَّنَامِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُفْعَلُ فِي غَيْرِهِ مَعَ وُجُودِهِ فَإِذَا عَدِمَ فَقَدْ عَدِمَ مَحَلُّ الْإِشْعَارِ كَالْغَنَمِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ هَذَا هَدْيٌ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَكَانَ حُكْمُهُ أَنْ يُشْعَرَ كَاَلَّتِي لَهَا أَسْنِمَةٌ وَأَمَّا الْغَنَمُ فَإِنَّهَا لَا تُشْعَرُ جُمْلَةً ; لِأَنَّ الْإِشْعَارَ مُضِرٌّ بِهَا لِصِغَرِ أَجْسَامِهَا وَضَعْفِهَا عَنْهُ فَفِي إشْعَارِهَا تَعْرِيضًا لِلْهَلَاكِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ يُسَاقُ مَعَهُ حَتَّى يُوقَفَ بِهِ مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ يُرِيدُ أَنَّهُ يَسْتَصْحِبُ هَدْيَهُ وَيَحْضُرُ مَعَهُ وُصُولَهُ إِلَى مَكَّةَ وَخُرُوجَهُ إِلَى مِنًى وَعَرَفَةَ حَتَّى يُوقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ حِينَ وُقُوفِ النَّاسِ فَأَمَّا الْوُقُوفُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَيَّامِ فَغَيْرُ مَشْرُوعٍ ثُمَّ يَدْفَعُ بِهِ مَعَهُمْ إِذَا دَفَعُوا يُرِيدُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَإِذَا قَدِمَ مِنًى غَدَاةَ النَّحْرِ نَحَرَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ يُرِيدُ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَبْلَ الْحِلَاقِ أَوْ التَّقْصِيرِ فَذَلِكَ مَحَلُّ النَّحْرِ وَلَا يَجُوزُ نَحْرُ الْهَدْيِ لَيْلًا وَعَلَى هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ إِلَّا أَشْهَبَ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ حَارِثٍ أَنَّهُ يَجُوزُ نَحْرُ الْهَدْيِ أَوْ ذَبْحُهُ لَيْلًا , وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قوله تعالى لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَكَانَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ بِيَدِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُبَاشِرُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَهِيَ السُّنَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ , وَكَانَ يَصُفُّهُنَّ قِيَامًا وَيُوَجِّهُهُنَّ إِلَى الْقِبْلَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ نَحْرَهُنَّ قِيَامًا مَصْفُوفَةً أَيْدِيَهُنَّ هُوَ الشَّأْنُ وَالسُّنَّةُ وَيُوَجِّهُهُنَّ إِلَى الْقِبْلَةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ نُسُكٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْبَيْتِ يُمْكِنُ التَّوَجُّهُ فِيهِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سُنَّتِهِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ , ثُمَّ يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ إِذَا بَلَغَ مَحَلَّهُ وَيُطْعِمُ مَنْ شَاءَ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ بَعْدَ هَذَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - عِنْدَ ذِكْرِ مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ مِنْ الْهَدَايَا وَيُمَيِّزُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.


حديث إذا أهدى هديا من المدينة قلده وأشعره بذي الحليفة

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏نَافِعٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ‏ ‏أَنَّهُ كَانَ ‏ ‏إِذَا أَهْدَى ‏ ‏هَدْيًا ‏ ‏مِنْ ‏ ‏الْمَدِينَةِ ‏ ‏قَلَّدَهُ ‏ ‏وَأَشْعَرَهُ ‏ ‏بِذِي الْحُلَيْفَةِ ‏ ‏يُقَلِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يُشْعِرَهُ وَذَلِكَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مُوَجَّهٌ لِلْقِبْلَةِ يُقَلِّدُهُ بِنَعْلَيْنِ وَيُشْعِرُهُ مِنْ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يُسَاقُ مَعَهُ حَتَّى يُوقَفَ بِهِ مَعَ النَّاسِ ‏ ‏بِعَرَفَةَ ‏ ‏ثُمَّ يَدْفَعُ بِهِ مَعَهُمْ إِذَا دَفَعُوا فَإِذَا قَدِمَ ‏ ‏مِنًى ‏ ‏غَدَاةَ النَّحْرِ نَحَرَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ وَكَانَ هُوَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ بِيَدِهِ يَصُفُّهُنَّ قِيَامًا وَيُوَجِّهُهُنَّ إِلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث موطأ الإمام مالك

كان إذا طعن في سنام هديه وهو يشعره قال بسم الله و...

عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان إذا طعن في سنام هديه، وهو يشعره قال: «بسم الله والله أكبر»

الهدي ما قلد وأشعر ووقف به بعرفة

عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: «الهدي ما قلد وأشعر ووقف به بعرفة»

يجلل بدنه القباطي والأنماط والحلل ثم يبعث بها إلى...

عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان «يجلل بدنه القباطي، والأنماط والحلل.<br> ثم يبعث بها إلى الكعبة فيكسوها إياها»

يصنع بجلال بدنه حين كسيت الكعبة هذه الكسوة كان يتص...

عن مالك، أنه سأل عبد الله بن دينار، ما كان عبد الله بن عمر يصنع بجلال بدنه حين كسيت الكعبة هذه الكسوة؟ قال: «كان يتصدق بها»

في الضحايا والبدن الثني فما فوقه

عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: «في الضحايا والبدن، الثني فما فوقه»

كان لا يشق جلال بدنه ولا يجللها حتى يغدو من منى إل...

عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان «لا يشق جلال بدنه ولا يجللها حتى يغدو من منى إلى عرفة»

يا بني لا يهدين أحدكم من البدن شيئا يستحيي أن يهدي...

عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه كان يقول لبنيه: «يا بني لا يهدين أحدكم من البدن شيئا يستحيي أن يهديه لكريمة.<br> فإن الله أكرم الكرماء.<br> وأحق من اختير...

كل بدنة عطبت من الهدي فانحرها ثم ألق قلادتها في دم...

عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن صاحب هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله.<br> كيف أصنع بما عطب من الهدي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه و...

من ساق بدنة تطوعا فعطبت فنحرها ثم خلى بينها وبين ا...

عن سعيد بن المسيب أنه قال: «من ساق بدنة تطوعا فعطبت فنحرها ثم خلى بينها وبين الناس يأكلونها، فليس عليه شيء.<br> وإن أكل منها، أو أمر من يأكل منها، غرم...