حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة - موطأ الإمام مالك

موطأ الإمام مالك | كتاب الحج باب دخول الحائض مكة (حديث رقم: 926 )


926- عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع.
فأهللنا بعمرة.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا»، قالت: فقدمت مكة وأنا حائض.
فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة.
فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: «انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة»، قالت: ففعلت.
فلما قضينا الحج، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق إلى التنعيم، فاعتمرت.
فقال: «هذا مكان عمرتك»، فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا منها.
ثم طافوا طوافا آخر.
بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذين كانوا أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافا واحدا(1) 1228- عن عروة بن الزبير، عن عائشة بمثل ذلك(2)

أخرجه مالك في الموطأ


(1) أخرجه الشيخان

شرح حديث (انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة)

المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)

( ش ) : قَوْلُهَا فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ بِذَلِكَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ مَنْ كَانَ مَعَهَا أَوْ طَائِفَةً أَشَارَتْ إِلَيْهِمْ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تُرِيدَ جَمَاعَةَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهَا قَدْ ذَكَرَتْ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِهْلَالِ بِالْإِحْرَامِ وَالدُّخُولِ فِيهِ فَقَالَ : مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَقْرُنَ إِنْ شَاءَ ذَلِكَ لِيُبَيِّنَ جَوَازَ الْقِرَانِ وَيَكُونُ مَعْنَى مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ أَحَدَ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْآنَ هُوَ يُرِيدُ أَنْ يُقَلِّدَهُ وَيُشْعِرَهُ فَلْيُقَلِّدْهُ وَيُشْعِرْهُ إِذَا أَحْرَمَ بِحَجَّتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ الْوَجْهُ الثَّانِي مَنْ وَجَدَ ثَمَنَهُ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يُهْدِيَهُ وَيَكُونَ فَائِدَةُ ذَلِكَ الْحَضَّ عَلَى الْحَجِّ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ وَلَعَلَّهُ عَلَّمَ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ الْعَزْمَ عَلَى تَرْكِ الْحَجِّ وَالِاقْتِصَارَ عَلَى فِعْلِ الْعُمْرَةِ لِأَجْلِ الْهَدْيِ فَخَصَّ مَنْ نَحَرَ الْهَدْيَ عَلَى أَنْ يَقْرُنَ فَيَحُجَّ فِي عَامِهِ ذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ جَوَازِ الْقِرَانِ وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ وَبَعْدَ تَقْلِيدِ الْهَدْيِ وَإِشْعَارِهِ عَلَى أَنْ يَنْحَرَ بِمِنًى فِي حَجَّتِهِمْ وَأَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ عِنْدَ وُصُولِهِ إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ يَبْقَى حَلَالًا وَهَدْيُهُ مُقَلَّدًا مُشْعَرًا حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ثُمَّ يَنْحَرَ.
هَدْيَهُ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْدِفُوا الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَيَعُودُوا قَارِنِينَ وَمَعْنَى ذَلِكَ الْمَنْعُ لَهُمْ مِنْ التَّحَلُّلِ مَعَ بَقَاءِ الْهَدْيِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ لقوله تعالى وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ الْمُتَقَدِّمِ إنِّي لَبَّدْت رَأْسِي وَقَلَّدْت هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ وَيَقْتَضِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ فِيهِ إرْدَافُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُبِيحُ التَّحَلُّلَ مِنْ الْعُمْرَةِ مَعَ الْبَقَاءِ عَلَى حُكْمِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فَمَنَعَ مِنْ الْحِلَاقِ لِلْعُمْرَةِ وَالتَّحَلُّلِ مِنْهَا بِشَيْءٍ حَتَّى يَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْحَجِّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ التَّحَلُّلِ لِيُسْتَفَادَ بِذَلِكَ الْمَنْعُ مِنْ التَّحَلُّلِ مَعَ بَقَاءِ الْهَدْيِ عَلَى تَقْلِيدِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِيُعَلِّمَهُمْ مَعْنَى الْقِرَانِ , وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْ الْعُمْرَةِ وَإِنْ أَتَى الْقَارِنُ بِالْعَمَلِ الَّذِي يَخُصُّهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْعُمْرَةِ إِلَّا مَا يَخُصُّ الْحَجَّ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ الْقِرَانِ وَإِنَّ مَا يَبْقَى عَلَيْهِ مِنْ الْإِحْرَامِ ثَابِتٌ فِي حَقِّ الْعُمْرَةِ كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي حَقِّ الْحَجِّ حَتَّى يَكْمُلَ الْحَجُّ فَيَكُونَ التَّحَلُّلُ مِنْهُمَا.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عَائِشَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَدِمْت مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الطَّوَافَ مَمْنُوعٌ فِي حَقِّ الْحَائِضِ ; لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ الطَّهَارَةَ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُخْتَصَّةٌ بِالْبَيْتِ كَالصَّلَاةِ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مُرَتَّبٌ عَلَى الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ لَا يَصِحُّ إِلَّا بَعْدَهُ فَمَنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ لَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَإِنْ كَانَ السَّعْيُ بَيْنَهُمَا لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ الطَّهَارَةُ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ طَاهِرًا فَطَافَتْ بِالْبَيْتِ وَصَلَّتْ الرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ حَاضَتْ لَجَازَ لَهَا أَنْ تَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ السَّعْيَ بَيْنَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ سَعَى عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَشَكَوْت ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ سَاقَتْ هَدْيًا وَلَا كَانَتْ مِمَّنْ أَمِنَ أَنْ يُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَإِنَّمَا كَانَتْ مِمَّنْ يُسَوَّغُ لَهُ التَّمَادِي عَلَى التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَكَانَ مِنْ حُكْمِهَا إِذَا دَخَلَتْ مَكَّةَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَتَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ تَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهَا ثُمَّ تَسْتَأْنِفَ بِالْحَجِّ فَلَمْ يُمْكِنْهَا إتْمَامُ عُمْرَتِهَا لِتَعَذُّرِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِ حَيْضَتِهَا فَشَكَتْ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اُنْقُضِي شَعْرَك وَامْتَشِطِي يَحْتَمِلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَبَاحَ لَهَا فِي ذَلِكَ لِأَذًى أَدْرَكَهَا مِنْ طُولِ إحْرَامِهَا وَتَمَادِي الشُّعْثِ عَلَيْهَا وَكَثْرَةِ هَوَامِّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَبَاحَ لَهَا بِهِ الِامْتِشَاطَ وَنَقْضَ رَأْسِهَا لَمَّا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ إزَالَةِ الْأَذَى عَنْهَا لِأَنَّ الْحِلَاقَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهَا وَهَذَا كَمَا أَمَرَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ بِالْحِلَاقِ إِذَا أَذَاهُ هَوَامُّهُ لِأَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ مِمَّنْ حُكْمُهُ الْحِلَاقُ وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالتَّقْصِيرِ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ لَيْسَ فِيهِ إمَاطَةُ أَذًى وَالْحِلَاقُ فِيهِ إمَاطَةُ أَذًى وَإِنَّمَا أَمَرَهَا بِالِامْتِشَاطِ وَنَقْضِ شَعْرِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إمَاطَةِ الْأَذَى.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ يُرِيدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَى عُمْرَتِهَا الَّتِي قَدْ أَحْرَمَتْ بِهَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعِي الْعُمْرَةَ دَعِي الْعَمَلَ بِهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إحْرَامُهَا بِهَا مِنْ إفْرَادِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ دَعِي الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَلِلْعُمْرَةِ إِذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِالْحَيْضِ حَتَّى تَطُوفَ وَتَسْعَى لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَوَافًا وَاحِدًا أَوْ سَعْيًا وَاحِدًا.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا فَلَمَّا قَضَيْت الْحَجَّ ذَكَرْت قَضَاءَ الْحَجِّ لِأَنَّهُ أَتَمُّ مَا يُفْعَلُ مِنْ النُّسُكَيْنِ نُسُكِ الْحَجِّ لِأَنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ يَشْتَرِك فِيهِمَا النُّسُكَانِ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى وَهُوَ مِمَّا يَخْتَصُّ بِالْحَجِّ وَهُوَ آخِرُ مَا يُفْعَلُ مِنْ النُّسُكِ لِمَنْ عَجَّلَ الْإِفَاضَةَ فَلِذَلِكَ نَصَّتْ عَلَى قَضَاءِ الْحَجِّ.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا أَرْسَلَنِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْت يَقْتَضِي أَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْحِلِّ لِأَنَّ النُّسُكَ يَقْتَضِي الْجَمْعَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَعَمَلُ الْعُمْرَةِ كُلُّهُ فِي الْحَرَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِحْرَامِ مِنْ الْحِلِّ وَالتَّنْعِيمُ أَقْرَبُ الْحِلِّ إِلَى الْبَيْتِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانُ عُمْرَتِك يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهَا عُمْرَةٌ مُفْرِدَةٌ بِالْعَمَلِ مَكَانَ عُمْرَتِك الْأُولَى الَّتِي أَرَادَتْ أَنْ تُفْرِدَهَا بِالْعَمَلِ فَلَمْ تُكْمِلْهَا عَلَى ذَلِكَ وَدَخَلَتْ فِي عَمَلِ حَجٍّ لِلْعُذْرِ الْمَانِعِ مِنْ إتْمَامِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَحْرَمَتْ بِهَا عَلَيْهِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا تُرِيدُ أَنَّهُمْ طَافُوا عِنْدَ وُرُودِهِمْ لِلْعُمْرَةِ وَسَعَوْا لَهَا ثُمَّ حَلُّوا لَمَّا كَمُلَ عَلَى عُمْرَتِهِمْ ثُمَّ قَالَتْ : ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ دَفَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَتَأَخَّرَ طَوَافُهُمْ وَسَعْيُهُمْ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَهَذَا حُكْمُ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَنْ يَتَأَخَّرَ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ لِحَجِّهِ حَتَّى يَعُودَ مِنْ مِنًى لِأَنَّ الطَّوَافَ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَأَمَّا طَوَافُ الْوُرُودِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ وُرُودٌ سَقَطَ وَبَقِيَ الطَّوَافُ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَهُوَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا وَأَمَّا الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا تُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَحَدَ وَجْهَيْنِ إمَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَطُوفُوا غَيْرَ طَوَافٍ وَاحِدٍ لِلْوُرُودِ وَطَوَافٍ وَاحِدٍ لِلْإِفَاضَةِ إِنْ كَانُوا قَرَنُوا قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ وَإِنْ كَانُوا أَرْدَفُوا فَلَمْ يَطُوفُوا غَيْرَ طَوَافٍ وَاحِدٍ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ سَعَوْا لَهُمَا سَعْيًا وَاحِدًا وَالسَّعْيُ يُسَمَّى طَوَافًا وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ طَوَافَهُمْ كَانَ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَزِدْ الْقَارِنُ فِيهِ عَلَى طَوَافِ الْمُفْرِدِ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَارِنَ لَمْ يُفْرِدْ الْعُمْرَةَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ بَلْ طَافَ لَهُمَا كَمَا طَافَ الْمُفْرِدُ لِلْحَجِّ وَهَذَا نَصٌّ فِي صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَمَنْ وَافَقَهُ فِي أَنَّ حُكْمَ الْقَارِنِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمُفْرِدِ وَقَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فِعْلُ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَقَدْ عَلِمَتْهُ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَّفِقَ جَمِيعُهُمْ وَتَعْلِيمَهُ وَتَبْيِينَهُ فِي أَنْ لَا يَعْلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ هَذَا الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي إنَّمَا خَرَجَ إِلَيْهِ لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ الْحُكْمِ وَتَبْيِينِهِ وَتَعْلِيمِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونُوا أَهَلُّوا بِهِمَا جَمِيعًا أَوْ أَرْدَفُوا الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ إذْ أَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ أَهَلَّ بِهِمَا فَقَدْ طَافُوا لَهُمَا طَوَافَ الْوُرُودِ وَسَعَوْا بِأَثَرِهِ ثُمَّ طَافُوا لَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَلَمْ يَسْعَوْا بَعْدَهُ وَأَمَّا مَنْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَإِنْ كَانَ أَرْدَفَهُ قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَى مَكَّةَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أَهَلَّ بِهِمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَأَمَّا مَنْ أَرْدَفَ بَعْدَ الْوُصُولِ إِلَى مَكَّةَ وَقَبْلَ التَّلَبُّسِ بِالطَّوَافِ فَإِنَّهُ لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَلَا يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ طَوَافُ وُرُودٍ فَهَذَا الْمُرْدِفُ لَمَّا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ لَا تَأْثِيرَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي الْوُرُودِ وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ غَيْرَ وُجُوبِ الدَّمِ لِلْقِرَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


حديث من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ‏ ‏أَنَّهَا قَالَتْ ‏ ‏خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ ‏ ‏فَأَهْلَلْنَا ‏ ‏بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏مَنْ كَانَ مَعَهُ ‏ ‏هَدْيٌ ‏ ‏فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا قَالَتْ فَقَدِمْتُ ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏وَأَنَا حَائِضٌ فَلَمْ أَطُفْ ‏ ‏بِالْبَيْتِ ‏ ‏وَلَا بَيْنَ ‏ ‏الصَّفَا ‏ ‏وَالْمَرْوَةِ ‏ ‏فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ قَالَتْ فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَعَ ‏ ‏عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ‏ ‏إِلَى ‏ ‏التَّنْعِيمِ ‏ ‏فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ هَذَا مَكَانُ عُمْرَتِكِ فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ ‏ ‏بِالْبَيْتِ ‏ ‏وَبَيْنَ ‏ ‏الصَّفَا ‏ ‏وَالْمَرْوَةِ ‏ ‏ثُمَّ حَلُّوا مِنْهَا ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ ‏ ‏مِنًى ‏ ‏لِحَجِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا ‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏بِمِثْلِ ذَلِكَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث موطأ الإمام مالك

افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ولا بين...

عن عائشة أنها قالت: قدمت مكة وأنا حائض.<br> فلم أطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة.<br> فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «افعلي ما يفعل...

صفية بنت حيي حاضت فذكرت ذلك للنبي ﷺ فقال أحابستنا...

عن عائشة، أم المؤمنين أن صفية بنت حيي حاضت.<br> فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أحابستنا هي؟» فقيل: إنها قد أفاضت فقال: «فلا إذا»

ألم تكن طافت معكن بالبيت قلن بلى قال فاخرجن

عن عائشة أم المؤمنين، أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله.<br> إن صفية بنت حيي قد حاضت.<br> فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعله...

إذا حجت ومعها نساء تخاف أن يحضن قدمتهن يوم النحر ف...

عن عمرة بنت عبد الرحمن، أن عائشة أم المؤمنين كانت «إذا حجت، ومعها نساء تخاف أن يحضن، قدمتهن يوم النحر فأفضن.<br> فإن حضن بعد ذلك لم تنتظرهن فتنفر بهن،...

يا رسول الله ﷺ إنها قد طافت فقال رسول الله فلا إذ...

عن عائشة أم المؤمنين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر صفية بنت حيي.<br> فقيل له: قد حاضت.<br> فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعلها حابستنا؟»...

استفتت رسول الله ﷺ وحاضت أو ولدت بعدما أفاضت يوم ا...

عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، أن أبا سلمة بن عبد الرحمن، أخبره: أن أم سليم بنت ملحان «استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاضت أو ولدت بعدما أفاض...

قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعنز وفي الأرنب بعناق...

عن مالك، عن أبي الزبير، أن عمر بن الخطاب «قضى في الضبع بكبش، وفي الغزال بعنز، وفي الأرنب بعناق، وفي اليربوع بجفرة»

هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دع...

عن محمد بن سيرين، أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب، فقال: إني أجريت أنا وصاحب لي فرسين.<br> نستبق إلى ثغرة ثنية، فأصبنا ظبيا ونحن محرمان، فماذا ترى؟ فقال...

في البقرة من الوحش بقرة وفي الشاة من الظباء شاة

عن هشام بن عروة، أن أباه كان يقول: «في البقرة من الوحش بقرة، وفي الشاة من الظباء شاة»