983-
عن أبي هريرة، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر فلم نغنم ذهبا ولا ورقا، إلا الأموال: الثياب والمتاع.
قال: فأهدى رفاعة بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما أسود، يقال له مدعم.
فوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى، حتى إذا كنا بوادي القرى، بينما مدعم يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم عائر.
فأصابه فقتله.
فقال الناس: هنيئا له الجنة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا والذي نفسي بيده، «إن الشملة التي أخذ يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا»، قال: فلما سمع الناس ذلك، جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شراك أو شراكان من نار»
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ عَامَ حُنَيْنٍ كَذَا قَالَ عَنْ مَالِكٍ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَعْنَبِيُّ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ عَامَ خَيْبَرَ وَقَوْلُهُ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرَقًا إِلَّا الْأَمْوَالَ الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْأَمْوَالِ الثِّيَابِ وَالْمَتَاعِ دُونَ الْوَرَقِ وَالذَّهَبِ وَيُقَالُ : إنَّهَا لُغَةُ دَوْسٍ وَالْأَظْهَرُ مِنْ لُغَةِ سَائِرِ الْعَرَبِ أَنَّ الْمَالَ كُلُّ مَا تُمُوِّلَ وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ قَوْلُهُ إِلَّا الْأَمْوَالَ الْمَتَاعَ وَالثِّيَابَ اسْتِثْنَاءً مِنْ غَيْرِ جِنْسٍ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى الْأَمْوَالَ الَّتِي هِيَ الْمَتَاعُ وَالثِّيَابُ مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْوَرَقُ وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْمَالِ وَاقِعًا عَلَى الْوَرَقِ وَالذَّهَبِ وَالثِّيَابِ وَالْمَتَاعِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرَقًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَغْنَمْ مِنْ الْمَالِ مَا هَذِهِ صِفَتُهُ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ : إِلَّا الْأَمْوَالَ الَّتِي هِيَ الثِّيَابُ وَالْمَتَاعُ فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِنْ الْجِنْسِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَأَهْدَى رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامًا أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ مِنْ كُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمْ قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ : وَلِذَلِكَ قَبِلَ هَدِيَّةَ الْمُقَوْقِسِ أَمِيرِ مِصْرَ والإسكندرية وَهَدِيَّةَ أُكَيْدِرِ دَوْمَةَ وَلَمْ يَقْبَلْ هَدِيَّةَ عِيَاضٍ الْمُجَاشِعِيِّ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ : إِنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأُمَرَاءِ وَتَعَلَّقَ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ عَلَى الصَّدَقَةِ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ فَيَنْظُرُ هَلْ يُهْدَى لَهُ وَهَذَا التَّأْوِيلُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَذَلِكَ أَنَّ قَبُولَهُ لِهَدِيَّةِ مُشْرِكٍ لَيْسَ فِي طَاعَتِهِ وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ لَا يَخْلُو مِنْ إِحْدَى حَالَتَيْنِ : إمَّا أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ الْمُهْدِي فِي حَالِ مَنَعَةٍ وَقُوَّةٍ فَأَهْدَى إِلَى الْخَلِيفَةِ أَوْ الْأَمِيرِ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ : إنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَقْبَلَهَا وَهِيَ لَهُ خَاصَّةً وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : يُكَافِئُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَهِيَ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَالَ سَحْنُونٌ : وَإِنْ كَانَ الرُّومُ فِي ضَعْفٍ وَالْمُسْلِمُونَ مُشْرِفُونَ عَلَيْهِمْ فَقَصَدُوا بِذَلِكَ تَوْهِينَ عَزْمِهِمْ فَهَذِهِ رِشْوَةٌ لَا يَحِلُّ قَبُولُهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْهُ قَالَ : وَهُوَ بِخِلَافِ أَنْ يُهْدَى الْعِلْجُ لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ هَدِيَّةً تَكُونُ لَهُ خَاصَّةً زَادَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ : إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ يُهْدَى لِلْأَمِيرِ لِغَيْرِ سَبَبِ الْجَيْشِ لِمَوَدَّةِ قَرَابَةٍ وَمُكَافَأَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لِخَاصَّتِهِ فَذَلِكَ لَهُ وَأَمَّا رَدُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَدِيَّةِ عِيَاضٍ الْمُجَاشِعِيِّ وَقَوْلُهُ إنَّا لَا نَقْبَلُ هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ فَيُحْتَمَلُ إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ وَأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ إبْطَالَ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا إنْكَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ قَوْلَهُ هَذَا أُهْدِيَ لِي فَإِنَّهُ كَانَ عَامِلًا وَهَذِهِ رِشْوَةٌ لِأَنَّ عَامِلَ الصَّدَقَةِ لَا يُهْدَى إِلَيْهِ إِلَّا لِيَتْرُكَ لِلْمُهْدِي حَقًّا وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ يَكُفَّ عَنْهُ ظُلْمَهُ وإذايته وَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ مِنْ غَيْرِ رِشْوَةٍ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : إنَّهُ يَقْبَلُهَا الْأَمِيرُ وَتَكُونُ لِأَهْلِ الْجَيْشِ قَالَ : وَلَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ فِي هَدِيَّةِ الْمُقَوْقِسِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ الِاخْتِصَاصَ بِهَا دُونَ قَبُولِهَا وَهَذَا وَجْهٌ يُحْتَمَلُ وَأَمَّا رَدُّهَا فَلَيْسَ بِقَوْلٍ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بَيِّنٌ فِي التَّخْصِيصِ فَإِنَّهُ كَانَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَتَمَيَّزُ لَهُ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ وَإِنَّمَا كَانَ يَسْتَعْمِلُهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ الْأَمِيرُ الْيَوْمَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَجَازَ لَهُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمُهْدِي يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ حُكْمِ الْمُهْدَى إِلَيْهِ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ وَأَشْهَبُ : لَا تُقْبَلُ هَدِيَّتُهُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَدِيَّتَهُ إِلَيْهِ إنَّمَا تَكُونُ لِدَفْعِ مَظْلِمَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهَا أَوْ تَرْكِ حَقٍّ لَا يَحِلُّ لَهُ تَرْكُهُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي السَّرِيَّةِ يَبْعَثُهَا الْوَالِي فَيَرْجِعُونَ بِالْفَوَاكِهِ فَيَهْدُونَ إِلَيْهِ مِثْلَ قُفَّةِ عِنَبٍ أَوْ تِينٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَتَرْكُهُ أَمْثَلُ لِأَنَّا نَكْرَهُ لَهُ قَبُولَ مِثْلِ هَذَا الْغَزْوِ وَوَجْهُ إبَاحَةِ ذَلِكَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُهْدَى إِلَّا لِمَوْضِعِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ مَعَ تَفَاهَةِ قِيمَتِهِ هُنَاكَ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِوَادِي الْقُرَى بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى الِاسْتِخْدَامِ بِالْعَبْدِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ الْأَعْمَالِ لَا سِيَّمَا لِمَنْ يَجِبُ أَنْ يُفَرِّغَ نَفْسَهُ لِلنَّظَرِ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَمَكَانِ نُزُولِهِمْ وَتَحَفُّظِهِمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ وَتَحَصُّنِهِمْ مِمَّا يُتَّقَى عَلَيْهِمْ مِنْهُ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ وَمَكَانِ الْقِتَالِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ جَاءَهُ سَهْمٌ غَائِرٌ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ السَّهْمُ الْغَائِرُ الَّذِي لَا يُدْرَى مَنْ رَمَى بِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي غَيْرِ قِتَالٍ وَإِنَّمَا رُمِيَ بِهِ مِنْ قَصْدِ الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَقْصِدْ مُقَاتِلًا بِرَمْيَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَقَالَ النَّاسُ : هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ عَلَى مَا اعْتَقَدُوا مِنْ أَنَّهُ شَهِيدٌ إذْ قُتِلَ فِي خِدْمَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَلَّا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ أَوْ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا ظَاهِرُ هَذَا الْقَوْلِ إنَّهَا تَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا لِأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ الْمَغَانِمِ بِغَيْرِ قِسْمَةٍ وَلَا حَقٍّ وَإِنَّمَا أَخَذَهَا غُلُولًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهَا غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا لِلُبْسِهِ فَلِذَلِكَ اشْتَعَلَتْ عَلَيْهِ نَارًا أَوْ أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إلَيْهَا ثُمَّ أَمْسَكَهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَ الرُّجُوعِ إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمَا احْتَاجَ إِلَيْهِ فِي السَّرِيَّةِ مِنْ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ أَوْ دَابَّةٍ يَرْكَبُهَا أَوْ يَحْمِلُ عَلَيْهَا عَلَفًا فَذَلِكَ إِذَا كَانَ إِذَا بَلَغَ الْعَسْكَرَ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ جَعَلَهُ فِي الْمَقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُنْتَفَعُ بِدَابَّةٍ وَلَا سِلَاحٍ وَلَا ثَوْبٍ.
( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ رَدَّهُ فِي الْمَغْنَمِ إِذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ فَإِنْ فَاتَهُ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ يَبِيعُ ذَلِكَ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ فَلَزِمَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ لِتَعُمَّ مَنْفَعَتُهُ الْمُسْلِمِينَ بِسَدِّ فَاقَةِ فَقِيرٍ مِنْ فُقَرَائِهِمْ أَوْ مِرْفَقٍ لِجَمَاعَةِ فُقَرَائِهِمْ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يُعَاقَبُ بِالْمَعَاصِي مِمَّنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُعَاقِبَهُ إِلَّا أَنَّ الْإِيمَانَ سَيَعُودُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْجَنَّةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَتَوْا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْغُلُولِ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَوْ فَهِمُوا مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْكُفْرِ لَمَا رَدَّ مُؤْمِنٌ مَا عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ إيمَانِهِ وَلَمَا خَافَ الْمُؤْمِنُونَ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمَا رَدُّوهُ مِنْ الشِّرَاكِ شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ عُلِمَ أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ ذَلِكَ تَفَضُّلُ اللَّهِ تَعَالَى بِالْعَفْوِ عَنْ الْعَاصِي وَإِنَّمَا الَّذِي يَمْنَعُ مِنْهُ الْإِيمَانُ بِفَضْلِ اللَّهِ الْخُلُودَ فِي النَّارِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَجَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ غَلَّ مِثْلَ هَذَا فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ بِمِثْلِهِ مِنْ النَّارِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشِّرَاكُ وَالشِّرَاكَانِ لَهُمَا الْقِيمَةُ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ الدَّرَاهِمَ فَمِثْلُ هَذَا لَا يَحِلُّ أَخْذُهُ.
عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ نَافِعٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ وَيَجُوزُ أَخْذُهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ لِلشِّرَاءِ لِإِنَّهُ يَلْزَمُ رَدُّهُ عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَمَنْ أَخَذَ مِثْلَ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ أَوْ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ ثُمَّ تَابَ فَجَاءَ تَائِبًا بِهِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَا نَكَالَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْعُقُوبَةُ الَّتِي تَمْنَعُ التَّعْزِيرَ وَإِنَّمَا تُثْبِتُ الْحُدُودَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ تَفَرَّقَ الْجَيْشُ تَصَدَّقَ عَنْهُمْ قَالَهُ مَالِكٌ : وَقَالَ اللَّيْثُ إِنْ تَفَرَّقَ الْجَيْشُ جَعَلَ خُمُسَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَتَصَدَّقَ بِمَا بَقِيَ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِلَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَيَتَصَدَّقُ بِمِثْلِهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَأَنْكَرَ مَالِكٌ أَنْ يُحْرَقَ رَحْلُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : يُحْرَقُ مَتَاعُهُ كُلُّهُ إِلَّا سِلَاحَهُ وَثِيَابَهُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَى صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ غَلَّ فَاحْرَقُوا مَتَاعَهُ انْفَرَدَ بِهِ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ مَدَنِيٌّ تَرَكَهُ مَالِكٌ وَلَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ.
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ سَالِمٍ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا إِلَّا الْأَمْوَالَ الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ قَالَ فَأَهْدَى رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامًا أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي الْقُرَى حَتَّى إِذَا كُنَّا بِوَادِي الْقُرَى بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَ يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ ذَلِكَ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ
عن يحيى بن سعيد، أنه بلغه عن عبد الله بن عباس أنه قال: «ما ظهر الغلول في قوم قط إلا ألقي في قلوبهم الرعب، ولا فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت،...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده.<br> لوددت أني أقاتل في سبيل الله، فأقتل ثم أحيا.<br> فأقتل ثم أحيا.<br> فأقتل» فك...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يضحك الله إلى رجلين: يقتل أحدهما الآخر.<br> كلاهما يدخل الجنة.<br> يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل.<...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده.<br> «لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة و...
عن زيد بن أسلم، أن عمر بن الخطاب كان يقول: «اللهم لا تجعل قتلي بيد رجل صلى لك سجدة واحدة.<br> يحاجني بها عندك يوم القيامة»
عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله.<br> إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا مقبلا غ...
عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، أنه بلغه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لشهداء أحد «هؤلاء أشهد عليهم»، فقال أبو بكر الصديق: ألسنا يا رسول ا...
عن يحيى بن سعيد، قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا وقبر يحفر بالمدينة، فاطلع رجل في القبر، فقال: بئس مضجع المؤمن.<br> فقال رسول الله صلى الله...
عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب كان يقول: «اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك، ووفاة ببلد رسولك»