حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

أمرني أن أشتري له كبشا فحيلا أقرن ثم أذبحه يوم الأضحى - موطأ الإمام مالك

موطأ الإمام مالك | كتاب الضحايا باب ما يستحب من الضحايا (حديث رقم: 1030 )


1030- عن نافع، أن عبد الله بن عمر «ضحى مرة بالمدينة» - قال نافع «فأمرني أن أشتري له كبشا فحيلا أقرن، ثم أذبحه يوم الأضحى في مصلى الناس» قال نافع: ففعلت.
ثم حمل إلى عبد الله بن عمر «فحلق رأسه حين ذبح الكبش، وكان مريضا لم يشهد العيد مع الناس»، قال نافع وكان عبد الله بن عمر يقول: «ليس حلاق الرأس بواجب على من ضحى»، وقد فعله ابن عمر

أخرجه مالك في الموطأ


إسناده صحيح

شرح حديث (أمرني أن أشتري له كبشا فحيلا أقرن ثم أذبحه يوم الأضحى)

المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)

( ش ) : قَوْلُهُ إنَّهُ ضَحَّى مَرَّةً بِالْمَدِينَةِ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ وَقَعَ مِنْهُ بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِمَّا حَكَاهُ لَا يَتَأَتَّى فِي غَيْرِ الْأَمْصَارِ مِنْ الذَّبْحِ بِالْمُصَلَّى وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ يُضَحِّي بِالْمَدِينَةِ وَفِي أَسْفَارِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ اشْتَرَى فِي سُفْرَةٍ شَاةً مِنْ رَاعٍ وَأَمَرَهُ بِذَبْحِهَا عَنْهُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَازِمَةٌ لِلْمُسَافِرِ كَلُزُومِهَا لِلْمُقِيمِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَشْتَرِيَ لَهُ كَبْشًا شِرَاءَ الضَّحَايَا مِمَّا يَجِبُ أَنْ يَتَوَقَّى فِيهِ لِأَنَّهَا قُرْبَانٌ فَمَنْ كَانَ فِي بَلَدِهِ أَسْوَاقٌ لَهَا فَلَا يَشْتَرِي مِنْهَا مَا يُجْلَبُ إِلَى الْأَسْوَاقِ حَتَّى يَرِدَ السُّوقَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ التَّلَقِّي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَيَجِبُ أَنْ يُنَزَّهَ عَنْهُ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أُضْحِيَّةٍ وَهَدْيٍ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ ضَحَّى بِمَا اشْتَرَى فِي التَّلَقِّي قَالَ عِيسَى : عَلَيْهِ الْبَدَلُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَلَا يُبَاعُ لَحْمُ الْأُولَى وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ أُضْحِيَّتَهُ قَدْ وَجَبَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَلَمْ تُجْزِهِ أَوْ لَمْ تَتِمَّ فَضِيلَتُهَا لِفَسَادِ مِلْكِهِ لَهَا فَكَانَ عَلَيْهِ بَدَلُهَا لِيُدْرِكَ الْأُضْحِيَّةَ أَوْ لِيُدْرِكَ تَمَامَ فَضِيلَتِهَا وَلَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُ لَحْمِهَا لِأَنَّهُ قَدْ قَصَدَ بِذَبْحِهَا الْقُرْبَةَ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَشْتَرِيَ لَهُ كَبْشًا فَحِيَلًا أَقْرَنَ فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ : إحْدَاهَا أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَا تَكُونُ مِنْ غَيْرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الضَّأْنَ أَفْضَلُ أَجْنَاسِ الضَّحَايَا وَالثَّالِثَةُ أَنَّ ذُكُورَهَا أَفْضَلُ مِنْ إنَاثِهَا وَالرَّابِعَةُ أَنَّ الْفَحْلَ مِنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الْخَصِيِّ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ الْأَقْرَنَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَجَمِّ فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَا تَكُونُ إِلَّا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَلَوْ ضَرَبَتْ فُحُولُ الْبَقَرِ الْإِنْسِيَّةِ إنَاثَ الْبَقَرِ الْوَحْشِيَّةِ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ لَا يُضَحِّي بِهَا وَاخْتَلَفُوا إِذَا ضَرَبَتْ فُحُولُ الْوَحْشِيَّةِ إنَاثَ الْإِنْسِيَّةِ وَاَلَّذِي أَقُولُ بِهِ إجَازَةُ ذَلِكَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَلَدٍ نَتَجَ لِأُمِّهِ فِي الْجِنْسِ وَالْحُكْمِ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ فِي وَلَدِ آدَمَ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ بِالْمَنْعِ مِنْ أَصْحَابِنَا إِذَا كَانَتْ الْفُحُولُ وَحْشِيَّةً لِيَغْلِبَ الْحَظْرُ عَلَى الْإِبَاحَةِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ أَنَّ أَفْضَلَ الْأَضَاحِي الضَّأْنُ فَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ رَحِمهُ اللَّهُ وَسَائِرِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الضَّأْنَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَعْزِ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّفْضِيلِ بَيْنَ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ فَرَوَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ الْأَفْضَلَ الْإِبِلُ وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ وَالْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مَعُونَتِهِ أَنَّ الْبَقَرَ أَفْضَلُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ : الْإِبِلُ أَفْضَلُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْغَنَمُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ تَفْضِيلِ الضَّأْنِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَقَرْنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ وَمِثْلُ هَذَا اللَّفْظِ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِيمَا يُوَاظَبُ عَلَيْهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُوَاظِبُ فِي خَاصَّتِهِ إِلَّا عَلَى الْأَفْضَلِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُضَحَّى بِجَذَعٍ إِلَّا مِنْ الضَّأْنِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ لَهَا مَزِيَّةً عَلَى غَيْرِهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ أَنَّ ذَكَرَ كُلِّ جِنْسٍ أَفْضَلُ مِنْ إنَاثِهِ فَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ طَيِّبُ اللَّحْمِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ لَحْمَ الْكَبْشِ أَفْضَلُ مِنْ لَحْمِ النَّعْجَةِ فَكَانَ إخْرَاجُهُ أَفْضَلَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي ذُكُورِ الْجِنْسِ وَإِنَاثِهِ وَأَمَّا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فَإِنَّ إنَاثَ الضَّأْنِ أَفْضَلُ مِنْ ذُكُورِ الْمَعْزِ وَإِنَاثَ الْمَعْزِ أَفْضَلُ مِنْ ذُكُورِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَجْنَاسِ الْأَضَاحِي.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فَإِنَّ الْفَحْلَ مِنْ الضَّحَايَا أَفْضَلُ مِنْ الْخَصِيِّ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ فِي أَنَّ الْأَقْرَنَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَجَمِّ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ أَتَمُّ خِلْقَةً.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ اذْبَحْهُ يَوْمَ الْأَضْحَى فِي مُصَلَّى النَّاسِ أَمَرَ نَافِعًا مَوْلَاهُ بِذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِنَابَةِ وَذَلِكَ جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ كَرِهَهُ مَالِكٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهِ الْقِيَاسُ عَلَى الْهَدَايَا لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ شُرِعَ ذَبْحُهُ عَلَى سَبِيلِ الْقُرْبَةِ فَصَحَّتْ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ كَالْهَدَايَا وَإِنَّمَا اسْتَنَابَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لِمَرَضِهِ وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَلَّى ذَبْحَهَا بِنَفْسِهِ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَقَرْنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا : يَجُوزُ فِيهِ الِاسْتِنَابَةُ فَإِنْ اسْتَنَابَ مُسْلِمًا أَجْزَأَهُ وَإِنْ اسْتَنَابَ كِتَابِيًّا فَهَلْ يُجْزِئُهُ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ : يُعِيدُهَا وَلَوْ أَمَرَ بِذَلِكَ مُسْلِمًا أَجْزَأَهُ وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ أَنَّهُ قَالَ : يُجْزِئُهُ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْكَافِرَ لَا تَصِحُّ مِنْهُ نِيَّةُ الْقُرْبَةِ وَإِنْ صَحَّتْ مِنْهُ نِيَّةُ الِاسْتِنَابَةِ وَالْأُضْحِيَّةُ قُرْبَةٌ فَإِذَا ذَبَحَهَا الْكِتَابِيُّ لَمْ تَكُنْ أُضْحِيَّةً وَكَانَتْ ذَبِيحَةً مُبَاحَةً وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ إِنْ صَحَّ ذَبْحُهُ لِغَيْرِ الْأُضْحِيَّةِ صَحَّ ذَبْحُهُ لِلْأُضْحِيَّةِ كَالْمُسْلِمِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) وَالِاسْتِنَابَةُ فِيهَا بِالتَّصْرِيحِ أَوْ الْعَادَةِ بِأَنْ يَأْمُرَ بِذَبْحِهَا عَنْهُ أُضْحِيَّةً فَيَنْوِيَ النَّائِبُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ مَا كَانَ يَنْوِيهِ الْمُضَحِّي لَوْ بَاشَرَ ذَبْحَهَا وَأَمَّا الْعَادَةُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتِي بِغَيْرِ إذْنِي إِنْ كَانَ مِثْلَ الْوَلِيِّ فِي عِيَالِهِ فَذَبَحَهَا لِيَكْفِيَهُ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ زَادَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ بَعْضُ مَنْ فِي عِيَالِهِ مِمَّنْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَنْهُ زَادَ أَبُو زَيْدٍ أَوْ لِصَدَاقَةٍ بَيْنَهُمَا إِنْ وَثِقَ بِهِ حَتَّى يُصَدِّقَهُ أَنَّهُ ذَبَحَهَا عَنْهُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِقَوْلِهِ وَلَدُهُ فِي عِيَالِهِ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْهُ أَوْ بَعْضُ عِيَالِهِ مِمَّنْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَنْهُ مَنْ يُدْخِلُهُ رَبُّ الدَّارِ فِي أُضْحِيَّتِهِ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ مِمَّنْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَنْهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْوَلَدَ الَّذِي قَدْ فُوِّضَ إِلَيْهِ الْقِيَامُ فَأَمْرُهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْوَلَدُ فِي عِيَالِهِ فَيَذْبَحُهَا لِيَكْفِيَهُ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ صَدِيقِهِ إِنْ وَثِقَ بِهِ حَتَّى يُصَدِّقَهُ أَنَّهُ ذَبَحَهَا عَنْهُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ صَدِيقَهُ الَّذِي يَقُومُ بِأُمُورِهِ وَقَدْ فُوِّضَ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ حَتَّى يُصَدِّقَهُ أَنَّهُ لَمْ يَذْبَحْهَا عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا ذَبَحَهَا عَنْ غَيْرِهِ فَلِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَجْهٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَبَحَهَا عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الصَّدَاقَةِ فَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لَوْ شَاءَ أَنْ يُضَمِّنَهُ ضَمَّنَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا رِوَايَةً فِي الْمُتَعَدِّي بِذَبْحِهَا عَنْ صَاحِبِهَا إِنْ لَمْ يُرِدْ صَاحِبُهَا تَضْمِينَهُ تُجْزِئُهُ فَلَهُ وَجْهٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ : لَا تُجْزِئُهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ مَنْ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُورٍ بِهِ وَلَا قَائِمٍ بِجَمِيعِ أُمُورِهِ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) وَمَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ غَلَطًا لَمْ يَجُزْ الْمَذْبُوحُ عَنْهُ وَإِنْ فَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأُضْحِيَّةِ صَاحِبِهِ ضَمِنَهَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ إِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ عَلَى أُضْحِيَّةِ الْآخَرِ فَلَزِمَهُ ضَمَانُهَا لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي الْمَالِ سَوَاءٌ وَإِذَا ضَمِنَهَا الذَّابِحُ لَمْ تُجْزِ الْمُتَعَدِّي لِأَنَّهَا تَكُونُ لِمَنْ ضَمِنَهَا إِنْ ضَمِنَهَا لَهُ وَإِنْ لَمْ يُضَمِّنْهُ إيَّاهَا وَرَضِيَ بِهَا مَذْبُوحَةً لَمْ تُجْزِ أَيْضًا لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ ثَبَتَ مِلْكُهُ لَهَا لَمَّا كَانَ لَهُ مِنْ تَضْمِينِ الْمُتَعَدِّي عَلَيْهَا وَإِنَّمَا عَادَتْ إِلَى حَالِهَا مِنْ الْمِلْكِ الصَّحِيحِ التَّامِّ لِيَرَى التَّضْمِينَ وَذَلِكَ بَعْدَ الذَّبْحِ وَلَوْ كَانَ هَدْيًا وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ تُجْزِي مَنْ قَلَّدَهُ لَا مَنْ نَحَرَهُ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا تُجْزِئُهُمَا وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ بِالتَّقْلِيدِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَبْحِهِ إِلَى نِيَّةٍ تَخْتَصُّ بِمَنْ قَلَّدَهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ضَلَّ الْهَدْيُ فَوَجَدَهُ رَجُلٌ فَنَحَرَهُ عَمَّنْ قَلَّدَهُ لَأَجْزَأَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ صَاحِبٌ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْأُضْحِيَّةِ لَمْ تُجْزِ صَاحِبَهَا وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ الْهَدْيَ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَجَبَ بِالتَّقْلِيدِ فَإِنَّ الْفَسَادَ وَعَدَمَ الْإِجْزَاءِ يَتَعَلَّقُ بِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ لَمْ يُجْزِهِ فَكَذَلِكَ إِذَا ذَبَحَ ذَبْحًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَهُوَ أَنْ يَذْبَحَ عَنْ غَيْرِ مَنْ قَلَّدَهُ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) وَهَلْ يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ الذَّابِحُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا رَضِيَهَا أَوْ لَمْ يَرْضَهَا فَإِنْ رَضِيَهَا لَمْ يَضْمَنْ الذَّابِحُ قِيمَتَهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ الذَّابِحَ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا وَإِنْ ضَمَّنَهُ إيَّاهَا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا تُجْزِئُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَقَالَ أَشْهَبُ : تُجْزِئُ الذَّابِحَ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الذَّبْحِ وَكَذَلِكَ أَمَةٌ أَوْلَدَهَا رَجُلٌ ثُمَّ جَاءَ بِهَا فَأَخَذَ قِيمَتَهَا فَإِنَّهَا بِذَلِكَ أُمُّ وَلَدٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : إِنْ عُرِفَ ذَلِكَ بَعْدَ فَوَاتِ اللَّحْمِ أَجْزَأَتْ عَنْ ذَابِحِهَا غَلَطًا وَأَدَّى الْقِيمَةَ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ اللَّحْمُ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فَإِنْ أَخَذَ اللَّحْمَ فَلَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ أَخَذَ قِيمَةَ الشَّاةِ لَمْ تُجْزِ عَنْ ذَابِحِهَا وَلَا لَهُ بَيْعُ لَحْمِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا عَرَفَ ذَلِكَ بَعْدَ فَوَاتِ اللَّحْمِ فَقَدْ عَيَّنَ مِلْكَهُ لِلشَّاةِ وَلَا خِيَارَ لِصَاحِبِهَا فِيهَا فَلِذَلِكَ أَجْزَأَتْهُ وَإِنْ عَرَفَ ذَلِكَ قَبْلَ فَوَاتِ اللَّحْمِ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهَا أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهَا وَهَذَا يُنَافِي مِلْكَ الذَّابِحِ لَهَا وَيَمْنَعُ إجْزَاءَهَا عَنْهُ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَإِنَّمَا أَمَرَ ابْنُ عُمَرَ نَافِعًا بِذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ يَوْمَ الْأَضْحَى لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِأَنْ يَذْبَحَهَا فِي مُصَلَّى النَّاسِ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ مِنْ الْقُرَبِ الْعَامَّةِ الْمَسْنُونَةِ فَالْأَفْضَلُ إظْهَارُهَا لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إحْيَاءَ سُنَّتِهَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي كِتَابِهِ : يُسْتَحَبُّ الْإِعْلَانُ بِالْأُضْحِيَّةِ لِكَيْ تَعْرِفَ وَيَعْرِفَ الْجَاهِلُ سُنَّتَهَا وَمَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا ابْتَاعَ أُضْحِيَّتَهُ يَأْمُرُ غُلَامَهُ بِحَمْلِهَا فِي السُّوقِ وَيَقُولُ : هَذِهِ أُضْحِيَّةُ ابْنِ عُمَرَ إرَادَةَ أَنْ يُعْلِنَ بِهَا.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ نَافِعٍ فَفَعَلْتُهَا يَعْنِي اشْتَرَى لَهُ الْكَبْشَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَمَرَهُ بِهَا ثُمَّ ذَبَحَهُ يَوْمَ الْأَضْحَى بِالْمُصَلَّى وَلَيْسَ شِرَاءُ الْأُضْحِيَّةِ لِيُضَحِّيَ بِهَا مُوجِبًا لِكَوْنِهَا أُضْحِيَّةً وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِيهَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ بِابْتِدَاءِ الذَّبْحِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ : وَقَبْلَ فَرْيِ الْأَوْدَاجِ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ النِّيَّةُ وَالْفِعْلُ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا : تَتَعَيَّنُ بِالنِّيَّةِ وَالْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَتَجِبُ بِذَلِكَ كَمَا تَجِبُ بِالذَّبْحِ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِيهَا كَالْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ فِي الْهَدْيِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ حُمِلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ حِينَ ذُبِحَ الْكَبْشُ وَكَانَ مَرِيضًا لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ يُرِيد أَنَّ الْكَبْشَ حُمِلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَحَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ رَأْسَهُ حِينَ ذُبِحَ الْكَبْشُ وَلَعَلَّهُ كَانَ امْتَنَعَ مِنْ حَلْقِ رَأْسِهِ وَشَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ مِنْ أَوَّلِ الْعَشَرَةِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ وَإِنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَى الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ إِذَا رَأَى هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ أَنْ لَا يَقُصَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا يُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ حَتَّى يُضَحِّيَ قَالَا : وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَيْسَ فِي ذَلِكَ اسْتِحْبَابٌ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ : يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَالدَّلِيلُ عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْبَلْخِيُّ ثِقَةٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْحَضَارِيُّ لَيْسَ بِثِقَةٍ حِمْصِيٌّ أَخْبَرَنَا الْبَصْرِيُّ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ رَأَى هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذَنْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عُمَرُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ أُكَيْمَةَ : قَدْ اُخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ عَمْرٌو وَقِيلَ عُمَرُ وَهُوَ مَدَنِيٌّ فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ إِنَّ هَذَا نَهْيٌ وَالنَّهْيُ إِذَا لَمْ يَقْتَضِ التَّحْرِيمَ حُمِلَ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ وَدَلِيلُنَا عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَا فَتَلْت قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ ثُمَّ بَعَثَ بِهِ مَعَ أَبِي فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ وَلَا خِلَافَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى فِي ذَلِكَ الْعَامِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَرِيضًا لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ مَعَ النَّاسِ يَقْتَضِي أَنَّ مَرَضَهُ مَنَعَهُ صَلَاةَ الْعِيدِ مَعَ النَّاسِ وَالْبُرُوزَ لَهَا وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِمَّا شُرِعَ مِنْ ذَبْحِ الضَّحِيَّةِ وَإِظْهَارِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضُهُ مِنْ إنْفَاذِ الضَّحِيَّةِ فِي مَالِهِ وَهِيَ قُرْبَةٌ كَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ لَمَّا كَانَ مَالُهُ يَتَّسِعُ لِذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ ذَبْحِهَا حُكْمُ مَالِهِ تُورَثُ عَنْهُ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ : وَلِغُرَمَائِهِ أَخْذُهَا إِنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ مَالِهِ تُورَثُ عَنْهُ وَتُبَاعُ لِغُرَمَائِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : يُسْتَحَبُّ لِوَرَثَتِهِ ذَبْحُهَا وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَشْهَبَ لَا يُضَحَّى بِهَا عَنْهُ وَهِيَ مِيرَاثٌ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مَالٌ أَخْرَجَهُ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَاسْتُحِبَّ لِوَرَثَتِهِ إنْفَاذُ ذَلِكَ كَمَا اُسْتُحِبَّ لَهُ إخْرَاجُهَا بِعَيْنِهَا وَكُرِهَ لَهُ بَدَلُهَا وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَمْ يُوجِبْهَا وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِخْرَاجِهَا عَنْهُ وَإِنَّمَا أَعَدَّهَا لِيُوجِبَهَا فِي وَقْتٍ وَهُوَ لَمْ يَأْنِ فَهِيَ كَسَائِرِ مَالِهِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) وَلَوْ مَاتَ عَنْ هديه بَعْدَ أَنْ قَلَّدَهُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلْغُرَمَاءِ بَيْعُهُ كَمَا لَهُمْ بَيْعُ مَا أَعْتَقَ وَرَدُّ عِتْقِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ : وَهَذَا عِنْدِي حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الْإِيجَابِ بِالْقَوْلِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ : هِيَ لِوَرَثَتِهِ وَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ وَرَوَاهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا فَاتَتْ بِالذَّبْحِ وَصَارَتْ فِي حُكْمِ الْمُسْتَهْلَكِ كَمَا لَوْ أَكَلَهَا.
‏ ‏( فَرْعٌ ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَبْحِهَا وَتَقْلِيدِ الْهَدْيِ أَنَّ التَّقْلِيدَ لَا يُضْمَنُ لَهُ الْهَدْيُ وَالذَّبْحُ تُضْمَنُ بِهِ الْأُضْحِيَّةُ فَكَانَ ذَلِكَ فَوْتًا فِيهَا.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا : إِنَّ الْأُضْحِيَّةَ تُورَثُ عَنْهُ بَعْدَ الذَّبْحِ فَإِنَّ لِوَرَثَتِهِ أَكْلَهَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ : يُنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ لَحْمِهَا وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا نَعْلَمُهُ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا انْتَقَلَ إِلَيْهِمْ مِلْكًا عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ لِلْمُضَحِّي وَإِمَّا قِسْمَتُهَا فَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْهُ وَمُنِعَ مِنْهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ : لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعًا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْقِسْمَةِ هَلْ هِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ أَوْ بَيْعٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا إِذَا وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى وَجْهٍ كَانَتْ بَيْعًا فَلَمْ تُجْزِ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَإِذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهٍ كَانَتْ تَمَيُّزَ حَقٍّ فَجَازَ ذَلِكَ فِيهَا.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا حُكْمُ مَنْ انْتَقَلَ إِلَيْهِ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ بِالْمِيرَاثِ فَأَمَّا مَنْ انْتَقَلَ إِلَيْهِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ عَنْ أَصْبَغَ لِلْمُعْطَى بَيْعُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ وَحَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ نِهَايَةَ الْقُرْبَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ الصَّدَقَةُ بِهَا فَإِذَا بَلَغَتْ مَحِلَّهَا كَانَ لِمَنْ صَارَتْ إِلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَالزَّكَاةِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ إيجَابَ النُّسُكِ عَلَى وَجْهِ الْأُضْحِيَّةِ يَمْنَعُ الْبَيْعَ كَمَا لَوْ انْتَقَلَ إِلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ وَأَمَّا مَا أُخْرِجَ فِي الزَّكَاةِ فَقَدْ كَانَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ إِلَى أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ مِلْكِهِ بِالْإِخْرَاجِ فَلِذَلِكَ كَانَ لِمَنْ انْتَقَلَ إِلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُضَحِّيَ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ أُضْحِيَّتِهِ وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا كَالْهَدْيِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهَا كُلَّهَا لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجَلَالَهَا فِي الْمَسَاكِينِ وَلَا يُعْطِ فِي جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئًا زَادَ عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُبَاعُ جِلْدُ أُضْحِيَّةٍ بِجِلْدٍ وَلَا غَيْرِهِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ بَاعَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ شَيْئًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ جَهْلًا فَلَا يَنْتَفِعُ بِالثَّمَنِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّ مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ أَوْ شَيْئًا مِنْ لَحْمِهَا إِنْ أُدْرِكَ فُسِخَ وَإِلَّا جُعِلَ ثَمَنُ الْجِلْدِ فِي مَاعُونٍ أَوْ طَعَامٍ وَيُجْعَلُ ثَمَنُ اللَّحْمِ فِي طَعَامٍ يَأْكُلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ : مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلْيَصْنَعْ بِثَمَنِهِ مَا شَاءَ مِنْ إمْسَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي حُكْمِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ فَوَاتِهِ وَأَمَّا بَيْعُهُ فَمُتَّفَقٌ عَلَى مَنْعِهِ فَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ الِانْتِفَاعَ بِالثَّمَنِ وَجَوَّزَ سَحْنُونٌ تَصْرِيفَ ثَمَنِهِ فِيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ دُونَ مَا يُتَمَوَّلُ وَيُصْرَفُ فِي التِّجَارَاتِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِالْأَثْمَانِ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي تَجْوِيزِهِ بَيْعَ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ بِمَا سِوَى الدِّرْهَمِ مِمَّا يُعَانُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَنَعَ الْبَيْعَ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ هَذَا حُكْمَ الثَّمَنِ عِنْدَهُ إِذَا فَاتَ الْبَيْعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلِلرَّجُلِ أَنْ يُؤَاجِرَ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ وَجِلْدَ الْمَيْتَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ : يُرِيدُ بَعْدَ الدِّبَاغِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا مُنِعَ بَيْعُهُ لَمْ تُمْنَعْ إجَارَتُهُ لِمَنْفَعَتِهِ الْمُبَاحَةِ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ مُنِعَ بَيْعُهُ وَلَمْ تُمْنَعْ إجَارَتُهُ لِمَنْفَعَتِهِ الْمُبَاحَةِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ تَلِفَ لَهُ شَيْءٌ عِنْدَ صَانِعٍ يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ أَوْ غَاصِبٍ أَوْ مُتَعَدٍّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : مَنْ سُرِقَتْ رُءُوسُ أُضْحِيَّتِهِ فِي الْفُرْنِ اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يُغَرِّمَهُ شَيْئًا وَكَأَنَّهُ رَآهُ بَيْعًا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ : لَهُ أَخْذُ الْقِيمَةِ وَيَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ وَكَذَلِكَ قِيمَةُ الْجِلْدِ يَضِيعُ أَوْ يُسْتَهْلَكُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ خَلِقَ ثَوْبُهُ فَغَصَبَهُ غَاصِبٌ أَنَّ لَهُ أَخْذَ قِيمَتِهِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ اللَّحْمِ الْمُسْتَهْلَكِ مَا شَاءَ مِنْ طَعَامٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ فَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ نَوْعٌ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا صُوفُ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنْ جُزَّ قَبْلَ ذَبْحِهَا فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَجُزَّهَا قَبْلَ الذَّبْحِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَا تُجَزُّ , وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ تَعْيِينَهَا لِلْأُضْحِيَّةِ قَدْ أَثَّرَ الْمَنْعُ فِي أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا كَاللَّحْمِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ مَعْنًى تَجُوزُ إزَالَتُهُ مِنْهَا قَبْلَ الذَّبْحِ دُونَ مَضَرَّةٍ فَجَازَ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْهَا قَبْلَ إيجَابِهَا.
‏ ‏( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ جَزَّهَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : قَدْ أَسَاءَ وَتُجْزِيهِ أُضْحِيَّتُهُ وَيَنْتَفِعُ بِالصُّوفِ وَلَا يَبِيعُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ : لَا أَرَى بِبَيْعِهِ بَأْسًا وَيَأْكُلُ ثَمَنَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ : لَهُ بَيْعُهُ وَيَصْنَعُ بِثَمَنِهِ مَا شَاءَ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ قَبْلَ الذَّبْحِ فَيَحْتَمِلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ جَزِّهِ حَتَّى يَتَقَرَّبَ بِذَبْحِهَا عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا فَإِنْ أَقْدَمَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَبِيعُهُ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَنْعِ مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِهِ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ جَزُّهُ وَإِنْ كَانَ تَعَلَّقَ بِهِ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ إِلَّا أَنَّ جَزَّهُ فِي حُكْمِ تَفْرِيقِ أَبْعَاضِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَنْعٌ كَالْوِلَادَةِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلذَّكَاةِ تَأْثِيرٌ فِي الصُّوفِ جَازَ التَّفْرِيقُ لَا أَنَّهُ لَا يُبَاعُ كَمَا لَا يُبَاعُ الْوَلَدُ , وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ الصُّوفَ لَمَّا كَانَ لَا يُؤْكَلُ جَازَ بَيْعُهُ وَأَكْلُ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يُتَوَصَّلُ إِلَى أَكْلِ أَجْزَاءِ الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَأَمَّا بَعْدَ الذَّبْحِ فَلَهُ جَزُّ صُوفِهِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا أَنْتَجَتْ الْأُضْحِيَّةُ فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ لَا يَجُوزُ ذَبْحُ وَلَدِهَا وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ ذَبَحَهُ مَعَ أُمِّهِ فَحَسَنٌ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ سِنَّ الْأُضْحِيَّةِ مُعْتَبَرٌ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي السَّخْلَةِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ تَبَعٌ لِأُمِّهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إِلَّا بِصِفَتِهَا دُونَ صِفَتِهِ كَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا لَبَنُ الْأُضْحِيَّةِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ : لَهُ شُرْبُ لَبَنِ الْأُضْحِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ شُرْبُ لَبَنِ الْهَدْيِ وَلَا مَا فَضَلَ عَنْ فَصِيلِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ وَالْبَدَنَةُ قَدْ وَجَبَتْ بِالتَّقْلِيدِ مَعَ بَقَاءِ حَيَاتِهَا.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ نَافِعٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَقُولُ : لَيْسَ حِلَاقُ الرَّأْسِ بِوَاجِبٍ عَلَى مَنْ ضَحَّى وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى مَنْ ضَحَّى أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَقَدْ فَعَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَلَعَلَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ فَعَلَهُ لِحَاجَتِهِ أَوْ فَعَلَهُ اسْتِحْبَابًا.


حديث ضحى مرة بالمدينة قال نافع فأمرني أن أشتري له كبشا فحيلا أقرن ثم أذبحه

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏نَافِعٍ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ‏ ‏ضَحَّى مَرَّةً ‏ ‏بِالْمَدِينَةِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏نَافِعٌ ‏ ‏فَأَمَرَنِي أَنْ أَشْتَرِيَ لَهُ كَبْشًا ‏ ‏فَحِيلًا ‏ ‏أَقْرَنَ ثُمَّ أَذْبَحَهُ يَوْمَ الْأَضْحَى فِي مُصَلَّى النَّاسِ قَالَ ‏ ‏نَافِعٌ ‏ ‏فَفَعَلْتُ ثُمَّ حُمِلَ إِلَى ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ‏ ‏فَحَلَقَ رَأْسَهُ حِينَ ذُبِحَ الْكَبْشُ وَكَانَ مَرِيضًا لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ مَعَ النَّاسِ قَالَ ‏ ‏نَافِعٌ ‏ ‏وَكَانَ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ‏ ‏يَقُولُ لَيْسَ حِلَاقُ الرَّأْسِ بِوَاجِبٍ عَلَى مَنْ ضَحَّى وَقَدْ فَعَلَهُ ‏ ‏ابْنُ عُمَرَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث موطأ الإمام مالك

ذبح ضحيته قبل أن يذبح رسول الله ﷺ يوم الأضحى

عن بشير بن يسار، أن أبا بردة بن نيار ذبح ضحيته قبل أن يذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى، فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يعود...

ذبح ضحيته قبل أن يغدو يوم الأضحى

عن عباد بن تميم، أن عويمر بن أشقر ذبح ضحيته قبل أن يغدو يوم الأضحى، وأنه ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره «أن يعود بضحية أخرى»

نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام

عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام، ثم قال بعد كلوا وتصدقوا، وتزودوا وادخروا

نهى رسول الله ﷺ عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام

عن عبد الله بن واقد أنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام»، قال عبد الله بن أبي بكر فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد ال...

نهيتكم عن لحوم الأضحى بعد ثلاث فكلوا وتصدقوا وادخر...

عن أبي سعيد الخدري أنه قدم من سفر فقدم إليه أهله لحما، فقال: انظروا أن يكون هذا من لحوم الأضحى؟ فقالوا: هو منها، فقال أبو سعيد: ألم يكن رسول الله صلى...

نحرنا مع رسول الله عام الحديبية البدنة عن سبعة

عن جابر بن عبد الله أنه قال: «نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة»

نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته

عن عمارة بن صياد، أن عطاء بن يسار، أخبره أن أبا أيوب الأنصاري أخبره قال: كنا «نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه، وعن أهل بيته، ثم تباهى الناس بعد ف...

ما نحر رسول الله ﷺ عنه وعن أهل بيته إلا بدنة واحدة...

عن ابن شهاب أنه قال: «ما نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وعن أهل بيته إلا بدنة واحدة أو بقرة واحدة» قال مالك: لا أدري أيتهما قال ابن شهاب

الأضحى يومان بعد يوم الأضحى

عن نافع، أن عبد الله بن عمر قال: «الأضحى يومان بعد يوم الأضحى»(1) 1400- عن مالك، أنه بلغه عن علي بن أبي طالب مثل ذلك(2)