1064- عن عبد الله بن عباس أنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة كان أعطاها مولاة لميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «أفلا انتفعتم بجلدها»؟ فقالوا: يا رسول الله إنها ميتة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما حرم أكلها»
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ كَانَ أَعْطَاهَا مَوْلَاةً لِمَيْمُونَةَ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ أَعْطَاهَا إيَّاهَا حَيَّةً ثُمَّ مَاتَتْ وَكَانَ أَعْطَاهَا إيَّاهَا عَلَى سَبِيلِ الصَّدَقَةِ لِكَوْنِهَا مُحْتَاجَةً لِأَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ الْمَوْلَاةِ يُفِيدُ أَنَّهَا قَدْ أُعْتِقَتْ وَسَقَطَتْ نَفَقَتُهَا عَمَّنْ أَعْتَقَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَفَلَا ذَبَحْتُمُوهَا فَانْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا وَالثَّانِي أَفَلَا سَلَخْتُمُوهَا فَانْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا حَضًّا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْأَمْوَالِ وَالتَّمْيِيزِ لَهَا وَمَنْعِهَا مِنْ إفْسَادِهَا قَلِيلِهَا وَيَسِيرِهَا وَمَا فِيهِ مُنْتَفَعٌ مِنْهَا وَالِانْتِفَاعُ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا وَصَرْفُ مَا فَضَلَ مِنْ الْأَمْوَالِ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ إِلَى سَبِيلِ اللَّهِ وَمُوَاسَاةِ أَهْلِ الْحَاجَةِ فَإِنَّ إفْسَادَ الْمَالِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا مَنْفَعَةَ فِي إطْرَاحِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ إِلَّا مُجَرَّدُ الْعَبَثِ وَالْكِبْرِ.
( فَرْعٌ ) وَهَذَا الِانْتِفَاعُ مَشْرُوطٌ عِنْدَ مَالِكٍ بِتَقْدِيمِ الدِّبَاغِ وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا قَبْلَ الدِّبَاغِ رَوَاهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَدَنِيَّةِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ لَا يُفْتَرَشُ وَلَا يُطْحَنُ عَلَيْهِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْمَنَافِعِ حَتَّى يُدْبَغَ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ تَرْكَ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : لَا يُنْتَفَعُ بِهِ حَتَّى يُدْبَغَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ : قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا بِعَصَبٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْجِلْدِ شُرِطَ فِي التَّوَصُّلِ إِلَيْهِ تَطْهِيرُهُ بِالذَّكَاةِ وَجُعِلَ لِذَلِكَ التَّطْهِيرِ عِنْدَ عَدَمِهِ بَدَلٌ وَهُوَ الدِّبَاغُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِبَاحَةُ ذَلِكَ دُونَ الْبَدَلِ إِذَا عُدِمَ الْمُبْدَلُ مِنْهُ كَالصَّلَاةِ جُعِلَتْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا وَجُعِلَ لِلطَّهَارَةِ بَدَلًا وَهُوَ التَّيَمُّمُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِبَاحَتُهَا عِنْدَ عَدَمِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ إِلَّا بِالتَّيَمُّمِ الَّذِي هُوَ الْبَدَلُ فَهَذَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَيُحْتَمَلُ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَيَكُونُ وَجْهُ ذَلِكَ التَّعَلُّقَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ دِبَاغًا وَلَا غَيْرَهُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُمْ أَنَّهَا مَيْتَةٌ إظْهَارٌ لِلْوَجْهِ الَّذِي مَنَعَهُمْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ حِينَ عَلِمُوا تَحْرِيمَ الْمَيْتَةِ فَاعْتَقَدُوا أَنَّ ذَلِكَ يُحَرِّمُ الِانْتِفَاعَ بِجِلْدِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْهَا وَأَنَّهُ قَدْ حُرِّمَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْهَا كَمَا حُرِّمَ أَكْلُ لَحْمِهَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا تَبْيِينٌ لِمَا حُرِّمَ مِنْهَا وَإِعْلَامٌ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَا لَمْ يَفُتْ بِفَوْتِهَا كَمَا لَمْ يَفُتْ الْمُحْدِثَ الصَّلَاةُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ بَلْ قَدْ يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ بِالدِّبَاغِ كَمَا يُمْكِنُ لِلْمُحْدِثِ اِسْتِدْرَاكُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِطَهَارَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ وَإِنَّمَا فِيهِ الْإِخْبَارُ عَنْ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَقَدْ اسْتَدَلَّ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى طَهَارَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا وَإِنَّمَا لِلْحَصْرِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا عَدَا الْأَكْلَ مِنْهُ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِبَاحَةِ فِيهَا وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لِلطَّهَارَةِ وَلَا لِلنَّجَاسَةِ ذِكْرٌ وَإِنَّمَا جَرَى ذِكْرُ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا رَاجِعًا إِلَيْهِ فِي إبَاحَةِ مَا يَقْتَضِي اللَّفْظُ إبَاحَتَهُ مِنْهُ وَمَنَعَ مَا يَقْتَضِي اللَّفْظُ الْمَنْعَ مِنْهُ فَأَمَّا الطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ فَلَمْ يَجْرِ لَهُمَا ذِكْرٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا شَيْءٌ مِنْ اللَّفْظِ بِحَصْرٍ وَلَا غَيْرِهِ كَمَا أَنَّ بَقَاءَ الْمِلْكِ عَلَيْهَا وَإِزَالَتَهُ عَنْهَا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ فَلَمْ يَرْجِعْ اللَّفْظُ إِلَيْهِ وَلِذَلِكَ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِهِمْ : إنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِأَنَّ لَفْظَ الِانْتِفَاعِ بِهَا لَا يَتَنَاوَلُهُ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا رَاجِعًا إِلَى الشَّاةِ وَقَدْ يُنْتَفَعُ بِلَحْمِهَا أَيْضًا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ : يُنْتَفَعُ بِهِ بِأَنْ يُطْعِمَهُ كِلَابَهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ إِذَا شَاءَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِكِلَابِهِ إلَيْهَا وَلَا يَأْتِي بِالْمَيْتَةِ إِلَى الْكِلَابِ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ كَانَ أَعْطَاهَا مَوْلَاةً لِمَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَفَلَا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا
عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دبغ الإهاب فقد طهر»
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر: «أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت»
عن زيد بن أسلم، عن رجل من بني ضمرة، عن أبيه أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة؟ فقال: «لا أحب العقوق» , وكأنه إنما كره الاسم، وقال:...
عن جعفر بن محمد، عن أبيه أنه قال: «وزنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين، وزينب وأم كلثوم، فتصدقت بزنة ذلك فضة»
عن محمد بن علي بن الحسين، أنه قال: «وزنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين فتصدقت بزنته فضة»
عن نافع، أن عبد الله بن عمر «لم يكن يسأله أحد من أهله عقيقة، إلا أعطاه إياها، وكان يعق عن ولده بشاة شاة عن الذكور والإناث»
عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أنه قال سمعت أبي: «يستحب العقيقة ولو بعصفور»
عن هشام بن عروة، أن أباه عروة بن الزبير كان: «يعق عن بنيه الذكور والإناث بشاة شاة»
عن يحيى بن سعيد، أنه بلغه أن معاوية بن أبي سفيان كتب إلى زيد بن ثابت يسأله عن الجد فكتب إليه زيد بن ثابت «إنك كتبت إلي تسألني عن الجد، والله أعلم، وذل...