حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

انكحي أسامة بن زيد فنكحته فجعل الله في ذلك خيرا واغتبطت به - موطأ الإمام مالك

موطأ الإمام مالك | كتاب الطلاق باب ما جاء في نفقة المطلقة (حديث رقم: 1225 )


1225- عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهو غائب بالشام، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: «ليس لك عليه نفقة، وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك»، ثم قال: «تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند عبد الله ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده، فإذا حللت فآذنيني»، قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم بن هشام خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك، لا مال له، انكحي أسامة بن زيد، قالت: فكرهته، ثم قال: «انكحي أسامة بن زيد فنكحته، فجعل الله في ذلك خيرا، واغتبطت به»

أخرجه مالك في الموطأ


أخرجه مسلم

شرح حديث (انكحي أسامة بن زيد فنكحته فجعل الله في ذلك خيرا واغتبطت به)

المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)

( ش ) : قَوْلُهُ : إِنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ تُرِيدُ آخِرَ طَلْقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ لَهُ فِيهَا , وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ أَرْسَلَ امْرَأَتَهُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ مِنْ طَلَاقِهَا , وَقَوْلُهَا : وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ تُرِيدُ غَائِبًا عَنْهَا فَأَنْفَذَ إلَيْهَا طَلَاقَهَا ثُمَّ إِنَّ وَكِيلَهُ أَرْسَلَ إلَيْهَا بِشَعِيرٍ عَنْ نَفَقَتِهَا فَسَخِطَتْهُ وَلَمْ تَرْضَ ذَلِكَ لِمَا اعْتَقَدَتْ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ النَّفَقَةَ فَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا : لَيْسَ لَك نَفَقَةٌ , وَهَذَا بَيِّنٌ فِي أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْمَبْتُوتَةَ غَيْرَ الْحَائِلِ لَا نَفَقَةَ لَهَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ فِي قَوْلِهِمَا لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ , وَإِنْ كَانَتْ مَبْتُوتَةً حَامِلًا , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةِ بِنْتِ قَيْسٍ : لَيْسَ لَك نَفَقَةٌ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهَا بَائِنٌ بِالطَّلَاقِ فَلَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) , وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهِيَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا نَفَقَةَ لَك وَلَا سُكْنَى , وَإِنَّمَا هُوَ تَأْوِيلٌ مِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ أَوْ رَوَى عَنْهُ عَلَى الْمَعْنَى دُونَ لَفْظِ الْحَدِيثِ لَمَّا أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَقَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْحُكْمَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمِّ شَرِيكٍ : تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ هَذِهِ السُّكْنَى بِمُدَّةِ الْعِدَّةِ , وَأَنَّهَا أَمْرٌ لَازِمٌ لَهَا وَبَدَلٌ مِنْ الِاعْتِدَادِ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا , وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِبَذَاءٍ فِي لِسَانِهَا , وَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لَمَّا سَأَلَهُ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا أَيْنَ تَعْتَدُّ فَقَالَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا فَقَالَ لَهُ مَيْمُونُ فَأَيْنَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ تِلْكَ امْرَأَةٌ فَتَنَتْ النَّاسَ إنَّهَا كَانَتْ لَسِنَةً قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ : إِنَّ الْبَذَاءَ , وَالشَّرَّ الْعَظِيمَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا مِمَّا يَقْتَضِي إخْرَاجَهَا مِنْ مَسْكَنِهِ إِلَى غَيْرِهِ وَتَعَلَّقَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ , وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مِنْ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ الْمُبِيحَةِ لِلْخُرُوجِ مَا لَيْسَتْ بِمُبَيِّنَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الزِّنَى فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْفَاحِشَةَ الزِّنَى ; لِأَنَّ أَمْرَ الزِّنَى وَاحِدٌ إِذَا غَابَتْ الْحَشَفَةُ وَجَبَ الرَّجْمُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَ : الزِّنَى الْفَاحِشَةُ كَمَا يَقُولُونَ أُخْرِجَتْ فَرُجِمَتْ , وَإِنَّمَا الْفَاحِشَةُ النُّشُوزُ وَسُوءُ الْخَلْقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ : إِذَا كَثُرَ مِثْلُ هَذَا مِنْ النُّشُوزِ بَيْنَهُمَا , وَالْأَذَى وَلَمْ يَطْمَعْ فِي إصْلَاحِهِ انْتَقَلَتْ الْمَرْأَةُ إِلَى مَسْكَنٍ غَيْرِهِ , وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهَ عَنْهَا فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي قَيْسٍ أَنَّهَا كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا فَلِذَلِكَ تَرَخَّصَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو إسْحَقَ , وَهَذَا الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ مِمَّا يُبِيحُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا وَقَعَ أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إِلَى غَيْرِهِ كَمَا قِيلَ فِي الْبَدْوِيَّةِ الْمُعْتَدَّةِ أَنَّهَا تَسْتَوِي مَعَ أَهْلِهَا حَيْثُ اسْتَوَوْا فِي الْجُمْلَةِ , فَإِنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ كُلَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهَا الِانْتِقَالُ إِلَّا لِعُذْرٍ , وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ الْعُذْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ : رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَك عِنْدَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَى الْمَرْأَةِ الْقُعُودُ عَلَى حَالَةٍ يُبَاحُ لِلنَّاسِ النَّظَرُ إلَيْهَا مَعَهَا , وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ عَنْهَا مَعَ نَظَرِ النَّاسِ إلَيْهَا , وَالْمَكْفُوفُ الْأَعْمَى لَا يَنْظُرُ إلَيْهَا فَلَا حَرَجَ فِي تَرْكِ سَتْرِ شَعْرِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُبَاحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ذِي مَحْرَمِهِ وَيَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَرَجٌ فِي النَّظَرِ إِلَى الرَّجُلِ عَلَى غَالِبِ أَحْوَالِهِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا جَالِسًا وَمُتَصَرِّفًا بَيْنَ النَّاسِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا رَاعَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إزَالَةَ الْحَرَجِ عَنْهَا فِي التَّسَتُّرِ لِكَوْنِهِ أَعْمَى وَكَانَتْ هِيَ بَصِيرَةً فَلَمْ يُنْكِرْ نَظَرَهَا إِلَيْهِ , وَقَدْ رَوَى نَبْهَانُ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ كُنْت أَنَا وَمَيْمُونَةُ جَالِسَتَيْنِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى فَقَالَ احْتَجِبَا مِنْهُ فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ بِأَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا فَقَالَ : أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا غَيْرَ أَنَّ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثٌ آخَرُ وَحَدِيثُ فَاطِمَةَ صَحِيحٌ وَرُوِيَ عَنْهُ حَدِيثٌ آخَرُ مُنْكَرٌ أَيْضًا وَرُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُكَاتَبِ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّيهِ فِي كِتَابَتِهِ احْتَجَبَتْ مِنْهُ سَيِّدَتُهُ , وَعَلَى أَنَّهُ قَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّخْتِيَانِيُّ حَدِيثُ نَبْهَانَ خَاصٌّ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ , فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَك عِنْدَهُ , وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّ الْحَدِيثَ غَيْرُ ثَابِتٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ مَعَ كَوْنِهِ مَمْنُوعًا مَعَ عَدَمِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَهُ عَوْرَةٌ مَخْصُوصَةٌ فَإِذَا سَتَرَهَا لَمْ يَحْرُمْ النَّظَرُ إِلَيْهِ وَجَمِيعُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ إِلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا فَإِذَا كَشَفَتْ بَعْضَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْهَا جَازَ لَهَا ذَلِكَ وَلَمْ يَجُزْ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ فِيهِ مَنْ يَنْطُرُ إلَيْهَا ; لِأَنَّهُ نَاظِرٌ إِلَى عَوْرَةٍ مِنْهَا , وَالْوَجْهُ , وَالْكَفَّانِ , وَإِنْ قُلْنَا : لَيْسَا بِعَوْرَةٍ مِنْهَا , فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَجْنَبِيٍّ النَّظَرُ إِلَيْهِمَا إِلَّا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ فَحُكْمُ الْمَنْعِ مُتَعَلِّقٌ بِهَا , وَالْإِبَاحَةُ مُخْتَصَّةٌ بِهَا فِي حُكْمِ الْأَجْنَبِيِّ فَذَلِكَ مِنْهَا كَجَمِيعِ جَسَدِ الرَّجُلِ خَلَا مَا يُوصَفُ بِالْعَوْرَةِ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ التَّغْلِيظِ , وَالتَّخْفِيفِ فَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ مَا , وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعالَى قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ غَضَّ أَبْصَارِهِنَّ عَنْ الْعَوْرَاتِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ غَضَّ أَبْصَارِهِنَّ عَنْ النَّظَرِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الِالْتِذَاذِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَلَلْت فَآذِنِينِي يُرِيدُ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك فَأَعْلِمِينِي قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ : فِيهِ التَّعْرِيضُ بِالْخُطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَعْلَمَتْهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمِ ابْنَ هِشَامٍ خَطَبَاهَا , وَهُوَ أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ الْعَدَوِيُّ وَأَبُو جَهْمِ بْنُ هِشَامٍ انْفَرَدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى , وَهُوَ وَهْمٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ فِيهِ شِدَّةً عَلَى النِّسَاءِ وَكَثْرَةَ تَأْدِيبٍ , وَهَذَا اللَّفْظُ , وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ أَنْ يَضَعَ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَقْتَ نَوْمِهِ وَأَكْلِهِ فَصَحِيحٌ عَلَى مَقَاصِدِ الْعَرَبِ فِي كَلَامِهَا ; لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ إِلَّا الْمُبَالَغَةَ فِي وَصْفِهِ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ وَرَاعَى فِي ذَلِكَ حَاجَةَ النِّسَاءِ إِلَى الْمَالِ يَكُونُ عِنْدَ الزَّوْجِ لِمَا لَهُنَّ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ , وَالْكِسْوَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَوْرَدَتْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمَشُورَةِ وَتَفْوِيضِ الِاخْتِيَارِ إِلَيْهِ فَنَصَحَهَا وَذَكَرَ لَهَا مَا عَلِمَ مِنْ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا تَحْتَاجُ هِيَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ لِتَعَلُّقِ ذَلِكَ بِمَنَافِعِهَا وَمَضَارِّهَا وَفَعَلَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ النُّصْحِ لِلنِّسَاءِ , وَالرِّجَالِ وَأَهْلِ الْحَاجَةِ , وَالضَّعْفِ قَالَ ابْنُ وَضَاحٍ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فِيهِ إنْكَاحُ الْمَوَالِي الْقُرَشِيَّاتِ ; لِأَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قُرَشِيَّةٌ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَوْلًى وَجَازَ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَهُ مِنْ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ لَمَّا لَمْ يُوجَدْ ركون إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا تَسْمِيَةُ صَدَاقٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَرْكَنْ إِلَى إحْدَاهُمَا أَنَّهَا إنَّمَا ذَكَرَتْ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا وَلَمْ تَذْكُرْ رُكُونًا إِلَى أَحَدِهِمَا , لَوْ كَانَ مِنْهَا رُكُونٌ إِلَى أَحَدِهِمَا لَذَكَرَتْهُ دُونَ الْآخَرِ وَهَذِهِ حَالَةٌ تَجُوزُ فِيهَا الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ غَيْرِهِ فَخَطَبَهَا لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا فَكَرِهَتْهُ تُرِيدُ أَنَّهَا كَرِهَتْ نِكَاحَهُ لِمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي وَلَعَلَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَوَالِي وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَكْرَهُ ذَلِكَ وَتَتَرَفَّعُ عَنْهُ فَأَعَادَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَنْكِحَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ لِمَا عَلِمَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لَهَا وَلِمَا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ مِنْ جَوَازِ إنْكَاحِ الْقُرَشِيَّاتِ الْمَوَالِيَ قَالَتْ : فَنَكَحْته فَجَعَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا كَثِيرًا وَاغْتَبَطَتْ بِهِ تُرِيدُ أَنَّهَا عَرَفَتْ حُسْنَ الْعَاقِبَةِ فِي اتِّبَاعِ رَأْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنِكَاحِهَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ , وَإِنْ كَانَتْ كَرِهَتْهُ أَوَّلًا , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا.


حديث ليس لك عليه نفقة وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ ‏ ‏مَوْلَى ‏ ‏الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ ‏ ‏طَلَّقَهَا ‏ ‏الْبَتَّةَ ‏ ‏وَهُوَ غَائِبٌ ‏ ‏بِالشَّامِ ‏ ‏فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ ‏ ‏لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ‏ ‏أُمِّ شَرِيكٍ ‏ ‏ثُمَّ قَالَ تِلْكَ امْرَأَةٌ ‏ ‏يَغْشَاهَا ‏ ‏أَصْحَابِي اعْتَدِّي عِنْدَ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ‏ ‏فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي قَالَتْ فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ ‏ ‏مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ ‏ ‏وَأَبَا جَهْمِ بْنَ هِشَامٍ ‏ ‏خَطَبَانِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏أَمَّا ‏ ‏أَبُو جَهْمٍ ‏ ‏فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَأَمَّا ‏ ‏مُعَاوِيَةُ ‏ ‏فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ انْكِحِي ‏ ‏أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ‏ ‏قَالَتْ ‏ ‏فَكَرِهْتُهُ ثُمَّ قَالَ انْكِحِي ‏ ‏أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ‏ ‏فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ بِهِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث موطأ الإمام مالك

المبتوتة لا تخرج من بيتها حتى تحل وليست لها نفقة إ...

عن مالك، أنه سمع ابن شهاب يقول: «المبتوتة لا تخرج من بيتها، حتى تحل، وليست لها نفقة إلا أن تكون حاملا، فينفق عليها حتى تضع حملها» قال مالك: وهذا الأمر...

أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيض...

عن سعيد بن المسيب، أنه قال: قال عمر بن الخطاب: «أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين، ثم رفعتها حيضتها، فإنها تنتظر تسعة أشهر، فإن بان بها حمل فذلك، و...

الطلاق للرجال والعدة للنساء

عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: «الطلاق للرجال، والعدة للنساء»

عدة المستحاضة سنة

عن سعيد بن المسيب أنه قال: «عدة المستحاضة سنة»

من تزوج امرأة فلم يستطع أن يمسها فإنه يضرب له أجل...

عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: «من تزوج امرأة فلم يستطع أن يمسها، فإنه يضرب له أجل سنة، فإن مسها وإلا فرق بينهما»

الذي قد مس امرأته، ثم اعترض عنها، فإني لم أسمع أنه...

عن مالك، أنه سأل ابن شهاب متى يضرب له الأجل؟ أمن يوم يبني بها؟ أم من يوم ترافعه إلى السلطان؟ فقال: بل «من يوم ترافعه إلى السلطان»(1) 1716- قال مالك: «...

أمسك منهن أربعا وفارق سائرهن

عن ابن شهاب، أنه قال: بلغني، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم وعنده عشر نسوة، حين أسلم الثقفي: «أمسك منهن أربعا وفارق سائرهن»

أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها...

عن ابن شهاب، أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب وحميد بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار كلهم يقول: سمعت أبا هريرة...

فإذا سياط موضوعة وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد...

عن ثابت بن الأحنف، أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: فدعاني عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فجئته فدخلت عليه، فإذا سياط موضوع...