1310- عن عطاء بن يسار، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التمر بالتمر مثلا بمثل»، فقيل له: إن عاملك على خيبر يأخذ الصاع بالصاعين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادعوه لي»، فدعي له، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتأخذ الصاع بالصاعين، فقال: يا رسول الله لا يبيعونني الجنيب بالجمع صاعا بصاع؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا»
هكذا رواه في الموطأ مرسلا، ومعناه عند مالك متصل من حديثه عن عبد المجيد بن سهيل
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : وَهَكَذَا قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَالرُّوَاةُ يَقُولُونَ : عَبْدُ الْحَمِيدِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : التَّمْرَ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يُرِيدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا حُكْمُ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَإِذَا اخْتَصَّ هَذَا الْحُكْمُ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكْمٌ مُبَاحٌ غَيْرُهُ يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي الْأَرْبَعِ الْمُسَمَّيَاتِ الْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ وَقَدْ ذُكِرَتْ كُلُّهَا فِي حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ فَمَنْ زَادَ أَوْ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى لَا مَا اخْتَلَفَتْ أَوْزَانُهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَذَكَرَ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ وَذَكَرَ مَعَهَا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ فِي إسْنَادِهِ بَعْضُ الْمَقَالِ فَهَذَا الْمِقْدَارُ مِنْهُ قَدْ تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ وَذَهَبَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَجَمَاعَةُ النَّاسِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُسَمَّيَاتِ أُصُولٌ فِي تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ لِفُرُوعٍ لَاحِقَةٍ بِهَا عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي أَعْيَانِ تِلْكَ الْفُرُوعِ لِاخْتِلَافِ الْمَعَانِي الْمُتَعَدِّيَةِ إلَيْهَا وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّ تَحْرِيمَ التَّفَاضُلِ مَقْصُورٌ عَلَيْهَا دُونَ سَائِرِ الْمَطْعُومَاتِ وَالدَّلِيلُ عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِي الْأَرْبَعَةِ قَوْلُهُ تَعالَى وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا وَالرِّبَا الزِّيَادَةُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ التَّفَاضُلُ حَرَامًا فِي كُلِّ شَيْءٍ لِحَقِّ الْعُمُومِ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ.
.
( فَصْلٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي عِلَّةِ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِي الْأَرْبَعِ الْمُسَمَّيَاتِ فَرَوَى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَهُ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ فِيمَا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ جِنْسٌ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَطْعُومُ جِنْسٍ فَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ فَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّهُ مُقْتَاتُ جِنْسٍ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ لِلْأَكْلِ غَالِبًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ نَافِعٍ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي مَعْنَى الِادِّخَارِ لِلْأَكْلِ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ مَالِكٌ فَلَا تَجُوزُ الْفَوَاكِهُ الَّتِي تَيْبَسُ وَتُدَّخَرُ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ إِذَا كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ وَجِيءَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ الْعِلَّةَ الِادِّخَارُ لِلِاقْتِيَاتِ فَلَا يَجْرِي الرِّبَا فِي الْفَوَاكِهِ الَّتِي تَيْبَسُ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُقْتَاتَةِ وَلَا يَجْرِي الرِّبَا فِي الْبَيْضِ ; لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُقْتَاتَةً فَلَيْسَتْ بِمُدَّخَرَةٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي أُجْرِيَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَعَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَصْحَابُنَا مِنْ الْحَدِيثِ فَالْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي فَصْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّنَا نُرَاعِي الِاقْتِيَاتَ وَهُوَ لَا يُرَاعِيهِ بَلْ يُعَدِّي ذَلِكَ إِلَى كُلِّ مَوْزُونٍ وَالْفَصْلُ الثَّانِي أَنَّنَا نُعَدِّي الْعِلَّةَ إِلَى قَلِيلِ الْمُقْتَاتِ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَيْلُ وَهُوَ لَا يُعَدِّيهَا إِلَيْهِ وَيُجَوِّزُ فِيهِ التَّفَاضُلَ وَالْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّهُ يُعَدِّي الْعِلَّةَ إِلَى كُلِّ مَطْعُومٍ مِنْ السَّقَمُونْيَا وَشَحْمِ الْحَنْظَلِ وَالْأَدْوِيَةِ وَغَيْرِهَا وَنَحْنُ نَقْصُرُهَا عَلَى مَا يُقْتَاتُ مِنْ الْمَطْعُومِ وَلَنَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ نَدُلَّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ وَالثَّانِي أَنْ نَدُلَّ عَلَى فَسَادِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ.
وَالدَّلِيلُ لَنَا عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَى التَّمَاثُلِ فِي الْأَرْبَعِ الْمُسَمَّيَاتِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ قُلْنَا فِيهِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَصَّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةِ الْأَسْمَاءِ وَالْجِنْسِ عَلِمْنَا أَنَّهُ قَصَدَ إِلَى ذِكْرِ أَنْوَاعِ الْجِنْسِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا وَلَمْ يَذْكُرْ الخربز وَالْبِطِّيخَ لِيَدُلَّ بِهِ عَلَى الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ وَلَا ذَكَرَ السَّقَمُونْيَا وَلَا الطَّبَاشِيرَ وَلَا الأسارون لِيُنَبِّهَ بِهِ عَلَى الْأَدْوِيَةِ وَلَا ذَكَرَ الْجِيرَ وَلَا الرَّمَادَ لِيُنَبِّهَ بِهِ عَلَى الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَكَانَ الظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَنْوَاعِ الْجِنْسِ فَإِنَّ الْجِنْسَ لَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ الْأَرْبَعِ الْمُسَمَّيَاتِ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا.
وَوَجْهٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ قَصَدَ بِذِكْرِ هَذِهِ الْأَرْبَعِ الْمُسَمَّيَاتِ إِلَى التَّنْبِيهِ عَلَى عِلَّةِ الرِّبَا فِيهَا فَأَتَى بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ وَالْمَعْنَى وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعِلَّةَ أَخَصُّ صِفَةٍ تُوجَدُ فِيهَا وَوَجَدْنَا التَّمْرَ يُؤْكَلُ قُوتًا وَيُؤْكَلُ حَلَاوَةً وَتَفَكُّهًا فَلَوْلَا اقْتِرَانُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ بِهِ لَلَحِقَتْ بِهِ الْحَلَاوَاتُ وَالْفَوَاكِهُ خَاصَّةً وَوَجَدْنَا الشَّعِيرَ يُؤْكَلُ مِنْ أَدْنَى الْأَقْوَاتِ وَيَكُونُ عَلَفًا فَلَوْلَا اقْتِرَانُ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ بِهِ لَجَازَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ أَدْنَى الْأَقْوَاتِ خَاصَّةً دُونَ أَعْلَاهَا وَلَجَازَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ الْعَلَفُ مِنْ الْقَضْبِ وَالْقُرْطِ وَوَجَدْنَا الْمِلْحَ مِمَّا يُصْلِحُ الْأَقْوَاتَ وَيُطَيِّبُهَا فَلَوْلَا اقْتِرَانُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ بِهِ لَجَازَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ الْأَقْوَاتُ الْمُصْلَحَةُ وَلَجَازَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ الْمَاءُ وَالْبُقُولُ الَّتِي يَصْلُحُ بِهَا الْبِطِّيخُ وَوَجَدْنَا الْبُرَّ أَرْفَعَ الْأَقْوَاتِ وَمَا يُقْتَاتُ عَامًا فَلَوْلَا اقْتِرَانُ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ بِهِ لَقَصَرْنَا حُكْمَهُ عَلَى رَفِيعِ الْأَقْوَاتِ وَمَنَعْنَا الرِّبَا أَنْ يَجْرِيَ فِي أَدْوَنِهَا أَوْ يَجْرِيَ فِي الْأُرْزِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يَعُمُّ اقْتِيَاتُهُ وَلَوْ أَرَادَ عُمُومَ الْعِلَّةِ لَاكْتَفَى بِاسْمٍ وَاحِدٍ مِنْهَا ; لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ كُلَّمَا كَثُرَتْ أَوْصَافُ الْعِلَّةِ كَانَتْ أَخَصَّ وَكُلَّمَا قَلَّتْ كَانَتْ أَعَمَّ.
وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى إبْطَالِ مَا قَالُوهُ إِنَّ كُلَّ جِنْسٍ ثَبَتَ فِيهِ الرِّبَا لِعِلَّةٍ فَإِنَّ اخْتِلَافَ الصِّفَاتِ عَلَيْهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ وَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ عِلَّتِهِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَمَّا ثَبَتَ الرِّبَا فِيهَا بِعِلَّةِ الْوَزْنِ عِنْدَهُمْ وَبِعِلَّةِ أَنَّهَا أُصُولُ الْأَثْمَانِ وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ عِنْدَنَا لَمْ يَزُلْ حُكْمُ الرِّبَا عَنْهَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَا مِنْ نِقَارٍ أَوْ تِبْرٍ أَوْ سِكَّةٍ أَوْ صِيَاغَةٍ جَرَتْ مَوْزُونَةً أَوْ عَدَدًا ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الْحِنْطَةِ إِذَا طُحِنَتْ وَخُبِزَتْ فَإِنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الرِّبَا ثَابِتًا فِيهَا أَوْ غَيْرَ ثَابِتٍ فَإِنْ كَانَ ثَابِتًا حَصَلَ أَنَّ اخْتِلَافَ الصِّفَاتِ عَلَيْهَا أَخْرَجَهَا عَنْ عِلَّتِهَا فِي الرِّبَا وَأَوْجَبَ أَنْ يُعَلَّلَ الرِّبَا فِيهَا بِعِلَّةٍ أُخْرَى وَذَلِكَ مُؤْذِنٌ بِبُطْلَانِ الْعِلَّةِ الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثَابِتٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُ الصِّفَاتِ عَلَى الْجِنْسِ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ الرِّبَا يُسْقِطُ الرِّبَا عَنْهُ وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ.
.
( فَصْلٌ ) , وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى الْفَصْلِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ الرِّبَا يَجْرِي فِي قَلِيلِ الْحِنْطَةِ فَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَهَذَا عَامٌّ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ جِنْسٍ حَرُمَ التَّفَاضُلُ فِي كَثِيرِهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فِي قَلِيلِهِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمِمَّا يَخْتَصُّ بِالشَّافِعِيِّ أَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا فِي التَّفَاضُلِ لَمَّا تَعَلَّقَتْ بِالْجَوَاهِرِ الْمَعْدِنِيَّةِ تَعَلَّقَتْ بِأَرْفَعِهَا وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ دُونَ أَدْوَنِهَا وَهُوَ الرَّصَاصُ وَالْآنُكُ وَالنُّحَاسُ وَإِذَا تَعَلَّقَتْ بِالْمَطْعُومِ وَجَبَ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِأَرْفَعِهِ وَهُوَ الْمُقْتَاتُ دُونَ غَيْرِهِ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتُ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَقْصُرُ عَلَى كُلِّ مَأْكُولٍ مُقْتَاتٍ دُونَ مَا يُؤْكَلُ عَلَى وَجْهِ التَّفَكُّهِ أَوْ التَّدَاوِي فَجَرَى الرِّبَا فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ وَالْعَلَسِ وَالْأُرْزِ وَالدَّخَنِ وَالذُّرَةِ وَالْقُطْنِيَّةِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ وَالسُّكَّرِ وَالزَّبِيبِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ وَاللَّحْمِ وَاللَّبَنِ وَمَا يَكُونُ مِنْهُ وَالْمِلْحِ وَالْأَبْزَارِ وَالْفُلْفُلِ وَالْكَرَوْيَاءِ وَحَبِّ الكزبر وَالْقِرْفَةِ وَالسُّنْبُلِ وَالْخَرْدَلِ وَالْقُرْطُمِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَوَدَكِ الرُّءُوسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُقْتَاتُ عَلَى اخْتِلَافِ عَادَاتِ الْبِلَادِ فِي ذَلِكَ وَاتِّفَاقِهَا.
( مَسْأَلَةٌ ) وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الشَّمَرِ والأنيسون وَالْكَمُّونِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ مِمَّا يَجْرِي فِيهَا الرِّبَا ; لِأَنَّهَا مِنْ الْأَقْوَاتِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَجْرِي فِيهَا الرِّبَا ; لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الشَّمَارَ وَالْأَنِيسُونَ وَالْكَمُّونَ الْأَسْوَدَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخُبْزِ عَلَى مَعْنَى تَطْيِيبِهِ وَتَحْسِينِ طَعْمِهِ وَالْكَمُّونُ الْأَبْيَضُ يُسْتَعْمَلُ فِي الطَّبْخِ كَالْفُلْفُلِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ الْخُبْزَ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ صِنَاعَةُ الْأَبْزَارِ غَالِبًا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ فَلَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي إصْلَاحِ الْقُوتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ.
.
( فَصْلٌ ) , وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَصْفَ الْعِلَّةِ الِادِّخَارَ لِلْأَكْلِ دُونَ الِاقْتِيَاتِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ الرِّبَا فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبُنْدُقِ وَالصَّنَوْبَرِ وَالْفُسْتُقِ وَأَنْوَاعِ الْفَوَاكِهِ كُلِّهَا الَّتِي تُدَّخَرُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ حَبِيبٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَوَاكِهِ الَّتِي يَقِلُّ ادِّخَارُهَا كَالْخَوْخِ وَالرُّمَّانِ وَالْإِجَّاصِ وَعُيُونِ الْبَقَرِ وَالْمَوْزِ مِمَّا يُدَّخَرُ وَيَيْبَسُ فَفِي الْمَدَنِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا ; لِأَنَّهُ يُدَّخَرُ وَيَيْبَسُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ إنَّهُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الرُّمَّانِ زَادَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَدَنِيَّةِ وَالْخَوْخِ وَالْإِجَّاصِ وَعُيُونِ الْبَقَرِ ; لِأَنَّهُ لَا يَيْبَسُ وَإِنْ يَبِسَ لَمْ يَكُنْ فَاكِهَةً وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَابْنُ نَافِعٍ عَلَى أَنَّ الْبِطِّيخَ وَالْخِرْبِزَ وَالْقِثَّاءَ وَالْأُتْرُجَّ وَالْخَوْخَ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا لَا تَيْبَسُ وَلَا تُدَّخَرُ غَالِبًا وَمِنْهَا مَا لَا يَيْبَسُ بِوَجْهٍ كَالْمَوْزِ , وَأَمَّا الرُّمَّانُ فَإِنْ يَبِسَ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الْفَاكِهَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا تَيْبَسُ كَالْخَوْخِ وَالْإِجَّاصِ وَالْكُمَّثْرَى فَإِنَّهُ لَا يَيْبَسُ غَالِبًا وَلَا تُعَلَّلُ الْأَحْكَامُ بِمَا يَنْدُرُ وَهَذَا عَلَى مَا أَصَابَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ , وَأَمَّا عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ الرُّمَّانِ فَإِنَّهُ عَلَى مَا قَالَ مَا يَيْبَسُ مِنْهُ لَا يَكُونُ فَاكِهَةً فَحُكْمُهُ فِي الْفَاكِهَةِ حُكْمُ مَا لَا يَيْبَسُ بِوَجْهٍ كَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُدَّخَرُ لِلْأَكْلِ وَيَبْقَى بِأَيْدِي النَّاسِ عَلَى حَالِهِ الْمُدَّةَ مِنْ الْعَامِ فَجَرَى فِيهِ الرِّبَا كَالْجَوْزِ , وَأَمَّا قَوْلُهُ مِمَّا يُدَّخَرُ فَسَائِغٌ فِي جَمِيعِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ , وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيَيْبَسُ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى غَيْرِ الْجَوْزِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الرُّمَّانِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَيْبَسُ قِشْرُهُ إِلَّا عَلَى الْحَافِظِ لِرُطُوبَةِ الْحَبِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيَجِبُ أَنْ يَلْحَقَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا الْبُرْقُوقُ والجراسيا فَإِنَّهُمَا يُرَبَّبَانِ عَلَى وَجْهِ مَا يُرَبَّبُ عَلَيْهِ الْخَوْخُ وَالْكُمَّثْرَى وَالتُّفَّاحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمَنْ جَعَلَ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتَ لَمْ يُجِزْ الرِّبَا إِلَّا فِي كُلِّ مُقْتَاتٍ مُدَّخَرٍ , وَأَمَّا مَا يَكُونُ مُدَّخَرًا غَيْرَ مُقْتَاتٍ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ أَوْ مُقْتَاتًا غَيْرَ مُدَّخَرٍ كَالْبَيْضِ فَلَا يَجْرِي فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الرِّبَا وَعَلَى الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجْرِي الرِّبَا فِي الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ مِنْ التُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْكُمَّثْرَى وَعُيُونِ الْبَقَرِ وَالْخَوْخِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا يُدَّخَرُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُعْتَادٍ فِيهَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ عَامِلَك عَلَى خَيْبَرَ يَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ ظَاهِرُهُ أَنَّ تَحْرِيمَ التَّفَاضُلِ فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ فَاشِيًا وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِقُرْبِ حُدُوثِ هَذَا الْحُكْمِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ عَامِلُهُ وَلَا عَلِمَ بِهِ مَنْ عَلِمَ اسْتِجَازَةَ عَامِلِهِ لِلتَّفَاضُلِ فِيهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَلَا أَنْهَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُقْدِمُ عَلَى خَيْبَرَ عَامِلًا إِلَّا مَنْ يَفْقَهُ وَيَعْلَمُ صَلَاحَ حَالِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْهُ أَصْحَابُهُ عَلَى الْعَامِلِ حِينَ عَلِمُوا عَمَلَهُ بِهِ حَتَّى سَمِعُوا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْعَامِلَ بِخَيْبَرَ يَعْمَلُ بِهِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ كَانَ وَقْتَ ثُبُوتِ هَذَا الْحُكْمِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اُدْعُوهُ لِي ظَاهِرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِيَعْلَمَ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَلِيَمْنَعَهُ مِنْ مَحْظُورَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ فِعْلِهِ وَأَنَّ الدَّاعِيَ لَهُ إِلَى ذَلِكَ تَفَاضُلُ التَّمْرِ وَأَنَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يُعْطِيهِ الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ مُتَمَاثِلًا نَهَاهُ عَنْ فِعْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَبَيَّنَ لَهُ الطَّرِيقَ إِلَى تَحْصِيلِ غَرَضِهِ مِنْ أَخْذِ الْجَيِّدِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الرَّدِيءِ بِأَنْ يَبِيعَ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ وَيَبْتَاعَ بِهَا الْجَنِيبَ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا.
وَلَمْ يَرِدْ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْعَامِلَ بِرَدِّ بَيْعِهِ وَإِنْ كَانَ رَوَى أَمْرَهُ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ مِنْ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ عَنْهُ قَالَ كَانَ عِنْدِي تَمْرٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْت تَمْرًا أَخْيَرَ مِنْهُ فَاشْتَرَيْت صَاعًا بِصَاعَيْنِ فَأَتَيْت بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا هَذَا فَقُلْت لَهُ اشْتَرَيْته صَاعًا بِصَاعَيْنِ فَقَالَ رُدَّهُ وَرُدَّ عَلَيْنَا تَمْرَنَا وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ صَحِيحٍ وَلَيْسَ فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ رُدَّهُ وَرُدَّ عَلَيْنَا تَمْرَنَا فَإِنْ كَانَ لَمْ يُؤْمَرْ هَذَا بِرَدِّ بَيْعِهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ ; لِأَنَّهُ كَانَ بَيْعُهُ قَبْلَ التَّحْرِيمِ لِلسَّامِعِ مَنْ يَسْتَحِلَّهُ وَيَرَى اسْتِدَامَتَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَعَامَلَ بِذَلِكَ كِتَابِيَّانِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ أَنْ تَقَابَضَا فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْ بِيَاعَاتِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَلَا رَجَّعَ النِّسَاءَ عَلَيْهِمْ بِمُهُورِهِنَّ وَإِنْ كَانَ مِنْهَا مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ قَبْضِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَقَبْلَ قَبْضِ الثَّانِي فَكَانَ الَّذِي أَسْلَمَ مَنْ لَهُ الْفَضْلُ لَمْ يَأْخُذْ لَهُ إِلَّا مِثْلَ مَا أَعْطَى وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الرِّبَا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَضَعَ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ أَسْلَمَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ قَالَ إِنْ لَمْ أُوجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا مَا أَخَذَ أَخَاف أَنْ أَظْلِمَ الذِّمِّيَّ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ قَضَى عَلَيْهِ بِالرِّبَا مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دِينَارَانِ سُلِّمَ إِلَيْهِ فِيهِمَا دِينَارٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْمَطْلُوبِ بِالدِّينَارَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمَا وَجَبَ إسْقَاطُ الرِّبَا وَتَرَاجَعَا غَيْرَهُ , وَجْهُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ أَنَّ تَعَامُلَهُمَا حِينَ الْعَقْدِ لَمْ يَمْنَعْهُ الْإِسْلَامُ وَاَلَّذِي لَهُ الْحَقُّ مُسْتَدِيمٌ اسْتِبَاحَتَهُ ; لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِوَقْتِ الْعَقْدِ لَا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنْ يُرَاعَى وَقْتُ التَّعَامُلِ وَوَقْتُ الْأَدَاءِ فَهُوَ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَيَجِبُ أَنْ يَغْلِبَ فِيهِ حُكْمُ الْإِسْلَامِ.
.
( فَصْلٌ ) وَإِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ بِلَالٍ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالرَّدِّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ حُكْمِ التَّحْرِيمِ وَهَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ مَا وَقَعَ مِنْهُ الْيَوْمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ وَقَعَ مِمَّنْ عَلِمَ بِتَحْرِيمِهِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ جَهِلَاهُ جَمِيعًا.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ عَامِلَكَ عَلَى خَيْبَرَ يَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْعُوهُ لِي فَدُعِيَ لَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا يَبِيعُونَنِي الْجَنِيبَ بِالْجَمْعِ صَاعًا بِصَاعٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر، فجاءه بتمر جنيب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكل تمر خيبر هكذا»؟ فقال: ل...
عن عبد الله بن يزيد، أن زيدا أبا عياش، أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت؟ فقال له سعد: أيتهما أفضل؟ قال البيضاء، فنهاه عن ذلك، وقال سعد...
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن المزابنة»، والمزابنة: بيع الثمر بالتمر كيلا، وبيع الكرم بالزبيب كيلا
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن المزابنة، والمحاقلة»، والمزابنة: اشتراء الثمر بالتمر في رءوس النخل، والمحاقلة: كراء الأرض ب...
عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن المزابنة والمحاقلة»، والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر، والمحاقلة اشتراء الزرع بالحنطة، واستكرا...
عن يحيى بن سعيد، أنه قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدين أن يبيعا آنية من المغانم من ذهب أو فضة، فباعا كل ثلاثة بأربعة عينا أو كل أربعة بثلا...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما»
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مث...
عن حميد بن قيس المكي، عن مجاهد، أنه قال كنت مع عبد الله بن عمر فجاءه صائغ، فقال له يا أبا عبد الرحمن، إني أصوغ الذهب ثم أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزن...