1689- عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا، أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ فقالت: نعم، فأخرجت أقراصا من شعير، ثم أخذت خمارا لها، فلفت الخبز ببعضه، ثم دسته تحت يدي، وردتني ببعضه، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذهبت به، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد، ومعه الناس، فقمت عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آرسلك أبو طلحة؟» قال فقلت: نعم، قال: «للطعام؟» فقلت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه، قوموا، قال: فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته، فقال أبو طلحة: يا أم سليم، قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم، فقالت: الله ورسوله أعلم، قال: فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه، حتى دخلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هلمي يا أم سليم ما عندك؟» فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت وعصرت عليه أم سليم عكة لها فآدمته، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله أن يقول، ثم قال: «ائذن لعشرة بالدخول»، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: «ائذن لعشرة»، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: «ائذن لعشرة»، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال: «ائذن لعشرة»، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: «ائذن لعشرة» حتى أكل القوم كلهم وشبعوا، والقوم سبعون رجلا أو ثمانون رجلا
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُ أَبِي طَلْحَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ لِزَوْجِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا لَقَدْ سَمِعْت صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عليهم السلام قَدْ تُبْتَلَى بِالْجُوعِ وَالْآلَامِ لِيَعْظُمَ ثَوَابُهُمْ وَتُرْفَعَ دَرَجَاتُهُمْ بِمَا رُوِيَ عَنْهُمْ مِنْ الدُّنْيَا وَلَحِقَهُمْ فِيهَا مِنْ الْجُوعِ وَالشِّدَّةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ وَاسْتِدْلَالُ أَبِي طَلْحَةَ عَلَى مَا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مِنْ الْجُوعِ بِضَعْفِ صَوْتِهِ يَدُلُّ عَلَى صَبْرِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ بِمَا يَجِدُهُ مِنْ ذَلِكَ أَحَدًا وَإِنْ كَانَ قَدْ بَلَغَ مِنْهُ الْجَهْدَ مَا ضَعُفَ بِهِ صَوْتُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ فَدَعَوْهُ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَقَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مِنْ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَشْبَعُ مِنْ أَقَلِّ الْأَقْوَاتِ وَهُوَ الشَّعِيرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ شِبَعٌ فِي يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ وَأَنَّهُ كَانَ فِي وَقْتِ الْغِنَى وَالْيَسَارِ لَا يَشْبَعُ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا دُونَ الشِّبَعِ وَيُؤْثِرُ بِمَا كَانَ يُبْلِغُهُ الشِّبَعَ لَوْ تَنَاوَلَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَشْبَعُ مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ الشِّبَعُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَلِذَلِكَ يُقَالُ فُلَانٌ جَائِعٌ إِذَا وُصِفَ بِذَلِكَ فِي غَالِبِ أَمْرِهِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ أَبِي طَلْحَةَ فَهَلْ عِنْدَك مِنْ شَيْءٍ عَلَى وَجْهِ الْتِمَاسِ مَا يُهْدِيهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لِيُمْسِكَ بِهِ رَمَقَهُ وَيُقَلِّلَ مِنْ ضَعْفِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ مَا عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْقُوتِ لَمَا احْتَاجَ أَنْ يَسْأَلَهَا هَلْ عِنْدَهَا شَيْءٌ أَمْ لَا هَذَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ مَالًا وَنَخْلًا وَيَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ سَنَةَ شِدَّةٍ شَامِلَةٍ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ نَعَمْ وَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ وَذَلِكَ أَفْضَلُ مَا كَانَ عِنْدَهَا يُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهَا كَانَتْ لَا تُرْسِلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إِلَّا أَفْضَلَ مَا عِنْدَهَا ; وَلِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَتَفَاخَرُ بِحُسْنِ الْقِرَى وَسَعَتِهِ وَأَرْسَلَتْ بِهَذَا إِلَى الْمَسْجِدِ حَيْثُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَلَمْ يَكُنْ يُرْسِلُ إِلَّا بِمَا يُمْدَحُ بِهِ دُونَ مَا يُذَمُّ بِهِ وَقَدْ تَنَاوَلَتْ ذَلِكَ بِأَفْضَلِ مَا أَمْكَنَهَا بِأَنْ لَفَّتْ أَقْرَاصَ الشَّعِيرِ بِخِمَارٍ وَرَدَّتْ أَنَسًا بِبَعْضِهِ لِأَنَّ كُلَّ مُهْدٍ يُحِبُّ أَنْ يُجَمِّلَ هَدِيَّتَهُ وَيُحَسِّنَهَا وَيُلْبِسَهَا أَفْضَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُرَدُّ إِلَيْهِ وَقَدْ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي الْمُزَنِيَّةِ أَرَاهُ كَانَ مِنْ صُوفٍ , أَوْ كَتَّانٍ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ حَرِيرٍ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَوَجَدْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ يَقْتَضِي أَنَّهَا خَصَّتْهُ بِهَذِهِ الْهَدِيَّةِ دُونَ أَنْ تُرْسِلَهَا إِلَى دَارٍ مِنْ دُورِ نِسَائِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَا عَلِمَتْ مِنْ شُمُولِ المَجَاعَةِ لِجَمِيعِ أَزْوَاجِهِ فَوَصَلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ لِيَصْرِفَ مَا فَضَلَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْمُوَاسَاةِ أَوْ إيثَارِ مَنْ رَأَى إيثَارَهُ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قِيَامَ أَنَسٍ عَلَيْهِمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ تَوَهَّمَ مَا أَتَى بِهِ فَسَأَلَ عَنْهُ تَحَقُّقًا لَهُ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ قَالَ لِمَنْ مَعَهُ مِنْ النَّاسِ قُومُوا وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ مَا يَحْمِلُهُ أَنَسٌ تَحْتَ يَدِهِ مِنْ الْخُبْزِ لَا يَكْفِي الْعَدَدَ الْيَسِيرَ مِنْهُمْ مَعَ الْمَجَاعَةِ وَشِدَّةِ الْحَالِ فَكَيْفَ بِأَنْ يَفْضُلَ عَنْ جَمِيعِهِمْ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ الْمَعْلُومِ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ إِلَّا بِوَحْيٍ يَعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ سَيَكْفِي ذَلِكَ الْيَسِيرُ جَمِيعَهُمْ وَلَوْ جَرَى فِيهِ عَلَى الْمَعْهُودِ وَقَسَمَهُ بَيْنَهُمْ لَمَا أَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَدْرٌ يَسِيرٌ لَا يَكَادُ يَنْتَفِعُ بِهِ إِلَّا الْمَنْفَعَةَ الْيَسِيرَةَ الَّتِي لَا تُذْهِبُ جُوعًا وَلَا تَرْتَجِعُ قُوَّةً.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسٍ فَقَالَ فِيهِ فَقَامَ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى الْبَابِ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا كَانَ شَيْءٌ يَسِيرٌ قَالَ : نَعْلَمُهُ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَجْعَلُ فِيهِ الْبَرَكَةَ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنَّمَا سَاغَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنْ يَحْمِلَ الْقَوْمَ إِلَى طَعَامِ أَبِي طَلْحَةَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ دَعَاهُ أَبُو شُعَيْبٍ خَامِسَ خَمْسَةٍ لِطَعَامٍ فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : إِنَّ هَذَا تَبَعٌ فَإِنْ شِئْت أَذِنْت لَهُ وَإِنْ شِئْت تَرَكْته فَقَالَ أَبُو شُعَيْبٍ قَدْ أَذِنْت لَهُ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَعَلَ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ أَبِي طَلْحَةَ لَمَّا عَلِمَ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ يَسُرُّهُ ذَلِكَ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا فَغَيْرُهُ أَظْهَرُ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ يَسُرُّهُ أَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِ سَبْعِينَ , أَوْ ثَمَانِينَ رَجُلًا فَقَدْ كَانَ أَبُو شُعَيْبٍ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ وَكَانَ يَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَسُرُّهُ زِيَادَةُ وَاحِدٍ كَمَا فَعَلَ لَكِنَّهُ جَرَى فِي ذَلِكَ عَلَى مَا سَنَّهُ لِأُمَّتِهِ بَعْدَهُ لَمَّا كَانَتْ حَالُهُ تُشَارِكُهُمْ فِيهَا.
وَأَمَّا قِصَّةُ أَبِي طَلْحَةَ فَتَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي الطَّعَامِ الَّتِي بِهَا كَفَى الْعَدَدَ الْكَثِيرَ لَمْ تَكُنْ مِنْ قِبَلِ أَبِي طَلْحَةَ وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّمَا أَجْرَى اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الْبَرَكَةَ فَكَانَ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَا وَمَا كَانَ لِأَبِي طَلْحَةَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِذَلِكَ بِمَنْزِلِهِ لَمَّا كَانَ سَبَبَهَا وَهَذِهِ بَرَكَةٌ خُصَّ بِهَا يُعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ يَرْغَبُ فِيهَا وَيَحْرِصُ عَلَيْهَا إِذَا تَفَضَّلَ اللَّهُ بِهَا وَقَدْ دَعَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ وَهُمْ أَلْفٌ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ جَابِرٍ إِلَى صَاعِ بَعِيرٍ وَبَهِيمَةٍ صَنَعَهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ لَهُ : تَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَك , وَأَعْلَمَهُ بِقَدْرِ مَا صَنَعَ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ فِي ذَلِكَ جَابِرًا لَمَّا كَانَ الَّذِي يَكْفِي أَهْلَ الْخَنْدَقِ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ جَابِرٍ وَإِنَّمَا هِيَ بَرَكَةٌ تَفَضَّلَ اللَّهُ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَأَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهَا وَخَصَّ بِهَا مَنْزِلَ جَابِرٍ لَمَّا كَانَ سَبَبُهَا مِنْ عِنْدِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ قِصَّةُ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ الْأَقْرَاصَ الَّتِي دَعَا إلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الْمُؤْمِنِينَ قَدْ كَانَتْ أُهْدِيَتْ لَهُ وَمَلَكَهَا بِالْقَبُولِ فَإِنَّمَا دَعَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَصْحَابَهُ إِلَى طَعَامٍ قَدْ مَلَكَهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى إذْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رَوَى سُفْيَانُ ابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ جَشَّتْ مُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَجَعَلَتْ مِنْهُ قَطِيفَةً وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ عُكَّةً , ثُمَّ بَعَثَتْنِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَدَعَوْتهُ قَالَ : وَمَنْ مِعَى فَجِئْت فَقُلْت : إنَّهُ يَقُولُ وَمَنْ مَعِي فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ صَنَعَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى فِي رِوَايَتِهِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَأَكَلُوا حَتَّى فَضَلَ ذَلِكَ الثَّمَانِينَ رَجُلًا , ثُمَّ أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بَعْدَ ذَلِكَ وَأَهْلُ الْبَيْتِ وَتَرَكُوا سُؤْرًا وَفِي رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ فَأَكَلَ حَتَّى شَبِعَ , ثُمَّ هَيَّأَهَا فَإِذَا هِيَ مِثْلُهَا حِينَ أَكَلُوا مِنْهَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ أَبِي طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ يَقْتَضِي إشْفَاقَهُ مِنْ قِلَّةِ طَعَامِهِ مَعَ كَثْرَةِ مَنْ أَتَى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَكَانَ مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقِلَّ طَعَامُهُمْ عَنْ أَكْلِهِ فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ رَأَى قَدْرَ الطَّعَامِ وَرَأَى قَدْرَ مَنْ يَأْتِي مَعَهُ مِنْ النَّاسِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا لِمَعْنًى يَرْجُوهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَتَلَقِّي أَبِي طَلْحَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مِنْ حُسْنِ الْأَخْلَاقِ وَالْبِرِّ بِالضَّيْفِ الْقَادِمِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَا أُمَّ سُلَيْمٍ هَلُمِّي مَا عِنْدَك يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْأَقْرَاصَ الَّتِي دَعَا بِهَا أَنَسٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَا عِنْدَهَا مِنْ إدَامٍ تَأْدِمُهُ بِهِ إِلَّا أَنَّ قَوْلَ أَنَسٍ فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ ظَاهِرُهُ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ عَنْهُ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَفُتَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ بَرَكَةَ الثَّرِيدِ وَأَنَّهُ أَبْرَكُ مِنْ غَيْرِهِ وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ , ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ يُرِيدُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ الدُّعَاءِ فِيهِ بِالْبَرَكَةِ وَالذِّكْرِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا انْفَرَدَ بِعِلْمِهِ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لَمْ يَجْهَرْ بِهِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ لَمَّا كَانَ عَدَدُهُمْ مِنْ الْكَثْرَةِ بِحَيْثُ لَا يَكَادُ أَنْ يَحْمِلَهُمْ مَوْضِعٌ عَلَى حَالَةِ الْأَكْلِ لَا سِيَّمَا مِنْ صَحْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَدَعَا مِنْ الْقَوْمِ بِعَدَدٍ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ , ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِعَشَرَةٍ حَتَّى أَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الشِّبَعِ قَالَ : وَهُمْ سَبْعُونَ , أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا وَهَذَا مِنْ الْمُعْجِزَاتِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي فَتَحَ اللَّهُ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَجَعَلَهَا رَحْمَةً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ حَضَرَ وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَتْ نَعَمْ فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتْ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ لِلطَّعَامِ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِمَنْ مَعَهُ قُومُوا قَالَ فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ فَقَالَتْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفُتَّ وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَآدَمَتْهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ بِالدُّخُولِ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ حَتَّى أَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ رَجُلًا أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «طعام الاثنين كافي الثلاثة وطعام الثلاثة كافي الأربعة»
عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أغلقوا الباب، وأوكوا السقاء، وأكفئوا الإناء، أو خمروا الإناء، وأطفئوا المصباح، فإن الشيطان...
عن أبي شريح الكعبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله، واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بينما رجل يمشي بطريق، إذ اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب، وخرج، فإذا كلب يلهث، يأكل الث...
عن جابر بن عبد الله، أنه قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا قبل الساحل، فأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وهم ثلاثمائة، قال: وأنا فيهم، قال: فخ...
عن عمرو بن سعد بن معاذ، عن جدته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا نساء المؤمنات، لا تحقرن إحداكن لجارتها، ولو كراع شاة محرقا»
عن عبد الله بن أبي بكر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قاتل الله اليهود نهوا عن أكل الشحم، فباعوه فأكلوا ثمنه»
عن يحيى بن سعيد، أن عمر بن الخطاب، كان يأكل خبزا بسمن، فدعا رجلا من أهل البادية فجعل يأكل ويتبع باللقمة وضر الصحفة، فقال عمر: «كأنك مقفر»، فقال: والله...
عن أنس بن مالك، أنه قال: «رأيت عمر بن الخطاب وهو يومئذ أمير المؤمنين يطرح له صاع من تمر، فيأكله حتى يأكل حشفها»