1857- عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب استعمل مولى له يدعى هنيا على الحمى، فقال: " يا هني، اضمم جناحك عن الناس، واتق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مستجابة، وأدخل رب الصريمة، ورب الغنيمة، وإياي ونعم ابن عوف ونعم ابن عفان فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعا إلى نخل وزرع، وإن رب الصريمة ورب الغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتني ببنيه، فيقول: يا أمير المؤمنين، يا أمير المؤمنين، أفتاركهم أنا لا أبا لك فالماء والكلأ أيسر علي من الذهب والورق، وايم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتهم، إنها لبلادهم ومياههم، قاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده، لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا "
أخرجه البخاري
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا عَلَى الْحِمَى يَعْنِي أَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى حِمَايَتِهِ لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ وَهَذَا الْحِمَى قِيلَ : هُوَ النَّقِيعُ بِالنُّونِ , وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حَمَى النَّقِيعَ لِخَيْلِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْلِمِينَ فَوَصَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ هنيا فِيمَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ فَقَالَ : يَا هُنَيُّ اُضْمُمْ جَنَاحَك عَنْ النَّاسِ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - كُفَّ عَنْهُمْ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُجَابَةٌ , وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَقَوْلُهُ وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَالْغُنَيْمَةِ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَالصُّرَيْمَةُ وَالْغُنَيْمَةُ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ هِيَ الْأَرْبَعُونَ شَاةً وَقَالَ غَيْرُهُ قَوْلُهُ الصُّرَيْمَةُ مِنْ الْغَنَمِ خَطَأٌ وَإِنَّمَا الصُّرَيْمَةُ مِنْ الْإِبِلِ الْعِشْرُونَ إِلَى الْأَرْبَعِينَ وَإِيَّاكَ وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ وَابْنِ عَوْفٍ لِكَوْنِهِمَا مِنْ الْأَغْنِيَاءِ فَلَا يُخَافُ عَلَيْهِمَا الضَّيَاعُ وَلَا الْحَاجَةُ بِذَهَابِ مَاشِيَتِهِمَا ; لِأَنَّ مَالَهُمَا مِنْ غَيْرِ الْمَاشِيَةِ كَثِيرٌ وَالْفَقِيرُ تَلْحَقُهُ الْحَاجَةُ بِذَهَابِ مَاشِيَتِهِ ; لِأَنَّهَا جَمِيعُ مَالِهِ فَيَأْتِيهِ بِبَنِيهِ فَيُكَرِّرُ مَسْأَلَتَهُ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يُمْكِنُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ تَرْكُهُمْ يَمُوتُونَ جُوعًا لِمَا قَلَّدَهُ اللَّهُ مِنْ أَمْرِهِمْ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَالْمَاءُ وَالْكَلَأُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ بِهِمْ إِنْ احْتَاجُوا إِلَيْهِ فَمَا دَامَتْ مَاشِيَتُهُمْ بَاقِيَةً يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ بِالْمَاءِ وَالْكَلَأِ ; لِأَنَّ بِرَعْيِ الْكَلَأِ وَشُرْبِ الْمَاءِ تَبْقَى مَاشِيَتُهُمْ فَإِنْ ذَهَبَتْ وَأَتَوْهُ لَمْ يُعِنْهُمْ إِلَّا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ , وَالْمَاءُ وَالْكَلَأُ أَيْسَرُ عَلَيْهِ وَأَخَفُّ مُؤْنَةً.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَاَيْمُ اللَّهِ إنَّهُمْ لَيَرَوْنَ يُرِيدُ لَيَظُنُّونَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتهمْ فِي مَنْعِي لَهُمْ رَعْيَهَا وَحِمَايَتَهَا لِمَاشِيَةِ الصَّدَقَةِ أَنَّهَا لِبِلَادِهِمْ وَمِيَاهِهِمْ يُرِيدُ أَنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ الَّتِي نَحْمِيهَا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ قَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَامِ فَهِيَ بَاقِيَةٌ لَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ حُقُوقِهِمْ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِهَا دُونَهُمْ إِلَّا لِمِثْلِ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي تَعُمُّهُمْ وَتَشْمَلُهُمْ ; لِأَنَّ إبِلَ الصَّدَقَةِ تُصْرَفُ إِلَى فُقَرَائِهِمْ وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا مُسَافِرُهُمْ وَيُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ سُؤَالِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنِّي أَسْمَحُ بِهَا فِي بَعْضِ الْوَقْتِ لِفُقَرَائِهِمْ لِئَلَّا يَعُودَ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ إِنْ ذَهَبَتْ مَاشِيَتُهُمْ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عُمَرُ بِمَعْنَى أَنَّهَا بِلَادٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ لِمَنْفَعَةٍ أُخْرَى وَأَعَمُّ نَفْعًا , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْفَرِدَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَنْفَعَةٍ تَخُصُّهُ وَإِنَّمَا يَحْمِي لِحَقِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ خَلِيفَتِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ لِدِينِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا عَلَى الْحِمَى فَقَالَ يَا هُنَيُّ اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنْ النَّاسِ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُجَابَةٌ وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ وَابْنِ عَوْفٍ فَإِنَّهُمَا إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَانِ إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَى زَرْعٍ وَنَخْلٍ وَإِنَّ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَالْغُنَيْمَةِ إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُ يَأْتِنِي بِبَنِيهِ فَيَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا لَا أَبَا لَكَ فَالْمَاءُ وَالْكَلَأُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَايْمُ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ إِنَّهَا لَبِلَادُهُمْ وَمِيَاهُهُمْ قَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَامِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بِلَادِهِمْ شِبْرًا
عن محمد بن جبير بن مطعم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي، الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي...