257- عن عبد الله، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: «أن تجعل لله ندا وهو خلقك» قال: قلت له: إن ذلك لعظيم، قال: قلت: ثم أي؟ قال: «ثم أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك» قال: قلت: ثم أي؟ قال: «ثم أن تزاني حليلة جارك»
(مخافة أن يطعم معك) أي يأكل.
وهو معنى قوله تعالى "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق" أي فقر.
(أن تزاني حليلة جارك) هي زوجته.
سميت بذلك لكونها تحل له.
وقيل: لكونها تحل معه.
ومعنى تزاني أي تزني بها برضاها.
وذلك يتضمن الزنى وإفسادها على زوجها واستمالة قلبها إلى الزاني، وذلك أفحش.
وهو مع امرأة الجار أشد قبحا وأعظم جرما.
لأن الجار يتوقع من جاره الذب عنه وعن حريمه.
ويأمن بوائقه ويطمئن إليه.
وقد أمر بإكرامه والإحسان إليه.
فإذا قابل هذا كله بالزنا بامرأته وإفسادها عليه مع تمكنه منها على وجه لا يتمكن غيره منه، كان في غاية من القبح.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
فِيهِ ( عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة عَنْ جَرِير عَنْ مَنْصُور عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ عَمْرو بْن شُرَحْبِيل عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الذَّنْب أَعْظَم عِنْد اللَّه تَعَالَى ؟ قَالَ : أَنْ تَجْعَل لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قَالَ : قُلْت : إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيم.
قَالَ : قُلْت : ثُمَّ أَيّ ؟ قَالَ : قَالَ ثُمَّ أَنْ تَقْتُل وَلَدك مَخَافَة أَنْ يَطْعَم مَعَك.
قَالَ : قُلْت : ثُمَّ أَيّ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَنْ تُزَانِي حَلِيلَة جَارك " وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة أَيْضًا عَنْ جَرِير عَنْ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ عَمْرو بْن شُرَحْبِيل عَنْ عَبْد اللَّه فَذَكَرَهُ وَزَادَ : فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى تَصْدِيقهَا ( وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ) أَمَّا الْإِسْنَادَانِ فَفِيهِمَا لَطِيفَة عَجِيبَةٌ غَرِيبَةٌ وَهِيَ أَنَّهُمَا إِسْنَادَانِ مُتَلَاصِقَانِ رُوَاتهمَا جَمِيعهمْ كُوفِيُّونَ.
وَجَرِير هُوَ اِبْن عَبْد الْحَمِيد.
وَمَنْصُور هُوَ اِبْن الْمُعْتَمِر.
وَأَبُو وَائِل هُوَ شَقِيق بْن سَلَمَة.
وَشُرَحْبِيل غَيْر مُنْصَرِف لِكَوْنِهِ اِسْمًا عَجَمِيًّا عَلَمًا.
وَالنِّدّ الْمِثْل رَوَى شَمِر عَنْ الْأَخْفَش قَالَ : النِّدّ الضِّدّ وَالشَّبَه , وَفُلَان نِدّ فُلَان وَنَدِيده وَنَدِيدَتُهُ أَيْ مِثْله.
وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَخَافَة أَنْ يَطْعَم مَعَك ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاء أَيْ يَأْكُل وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى : ( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادكُمْ خَشْيَة إِمْلَاق ) أَيْ فَقْر.
وَقَوْله تَعَالَى : ( يَلْقَ أَثَامًا ) قِيلَ : مَعْنَاهُ جَزَاء إِثْمه , وَهُوَ قَوْل الْخَلِيل , وَسِيبَوَيْهِ , وَأَبِي عَمْرو الشَّيْبَانِيِّ , وَالْفَرَّاءِ وَالزَّجَّاجِ , وَأَبِي عَلِيّ الْفَارِسِيِّ.
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ عُقُوبَة.
قَالَهُ يُونُس , وَأَبُو عُبَيْدَة.
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ جَزَاءً قَالَهُ اِبْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ.
وَقَالَ أَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ أَوْ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ : هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّم عَافَانَا اللَّه الْكَرِيم وَأَحْبَابنَا مِنْهَا.
وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَنْ تُزَانِي حَلِيلَة جَارك ) هِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة وَهِيَ زَوْجَته ; سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا تَحِلّ لَهُ , وَقِيلَ : لِكَوْنِهَا تَحِلُّ مَعَهُ.
وَمَعْنَى تُزَانِي أَيْ تَزْنِي بِهَا بِرِضَاهَا , وَذَلِكَ يَتَضَمَّن الزِّنَا وَإِفْسَادهَا عَلَى زَوْجهَا وَاسْتِمَالَة قَلْبهَا إِلَى الزَّانِي , وَذَلِكَ أَفْحَشُ وَهُوَ مَعَ اِمْرَأَة الْجَار أَشَدُّ قُبْحًا , وَأَعْظَمُ جُرْمًا لِأَنَّ الْجَار يَتَوَقَّع مِنْ جَاره الذَّبّ عَنْهُ , وَعَنْ حَرِيمه , وَيَأْمَن بَوَائِقه , وَيَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ , وَقَدْ أُمِرَ بِإِكْرَامِهِ وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ فَإِذَا قَابَلَ هَذَا كُلّه بِالزِّنَا بِامْرَأَتِهِ وَإِفْسَادهَا عَلَيْهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَكَّن غَيْره مِنْهُ كَانَ فِي غَايَةٍ مِنْ الْقُبْح.
وَقَوْله - سُبْحَانه وَتَعَالَى - : { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } مَعْنَاهُ أَيْ لَا تَقْتُلُوا النَّفْس الَّتِي هِيَ مَعْصُومَة فِي الْأَصْل إِلَّا مُحِقِّينَ فِي قَتْلهَا.
أَمَّا أَحْكَام هَذَا الْحَدِيث فَفِيهِ أَنَّ أَكْبَر الْمَعَاصِي الشِّرْك وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاء فِيهِ.
وَأَنَّ الْقَتْل بِغَيْرِ حَقّ يَلِيه , وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابنَا : أَكْبَر الْكَبَائِر بَعْد الشِّرْك الْقَتْل.
وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي كِتَاب الشَّهَادَات مِنْ ( مُخْتَصَر الْمُزَنِيِّ ) , وَأَمَّا مَا سِوَاهُمَا مِنْ الزِّنَا وَاللِّوَاط وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ وَالسِّحْر وَقَذْف الْمُحْصَنَات وَالْفِرَار يَوْم الزَّحْف وَأَكْل الرِّبَا وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِر فَلَهَا تَفَاصِيلُ وَأَحْكَامٌ تُعْرَف بِهَا مَرَاتِبهَا , وَيَخْتَلِف أَمْرهَا بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال وَالْمَفَاسِد الْمُرَتَّبَة عَلَيْهِ.
وَعَلَى هَذَا يُقَال فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا هِيَ مِنْ أَكْبَر الْكَبَائِر وَإِنْ جَاءَ فِي مَوْضِعٍ أَنَّهَا أَكْبَرُ الْكَبَائِر كَانَ الْمُرَاد مِنْ أَكْبَر الْكَبَائِر كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَفْضَل الْأَعْمَال.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ وَقَالَ عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ
عن عمرو بن شرحبيل، قال: قال عبد الله، قال رجل: يا رسول الله، أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: «أن تدعو لله ندا وهو خلقك» قال: ثم أي؟ قال: «أن تقتل ولدك مخ...
حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثلاثا «الإشراك بالله، وعقوق الوالدي...
عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكبائر، قال: «الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وقول الزور»
عن أنس بن مالك، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر - أو سئل عن الكبائر - فقال: «الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين» وقال: «ألا أنبئكم...
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السبع الموبقات» قيل: يا رسول الله، وما هن؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم ا...
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من الكبائر شتم الرجل والديه» قالوا: يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: «نعم...
عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله ح...
عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، ولا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة خردل من ك...
عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»