حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

أسلمت على ما أسلفت من خير والتحنث التعبد - صحيح مسلم

صحيح مسلم | كتاب الإيمان باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده (حديث رقم: 323 )


323- عن حكيم بن حزام؛ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية، هل لي فيها من شئ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم" أسلمت على ما أسلفت من خير".
والتحنث التعبد.

أخرجه مسلم


(أتحنث) قال أهل اللغة: أصل التحنث أن يفعل فعلا يخرج به من الحنث، وهو الإثم.
وكذا تأثم وتحرج وتهجد.
أي فعل فعلا يخرج به عن الإثم والحرج والهجود.
(أسلمت على ما أسلفت من خير) قال ابن بطال وغيره من المحققين: إن الحديث على ظاهره وأنه إذا أسلم الكافر ومات على الإسلام يثاب على ما فعله من الخير في حال الكفر.

شرح حديث (أسلمت على ما أسلفت من خير والتحنث التعبد)

شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)

‏ ‏فِيهِ حَدِيث حَكِيم بْن حِزَام رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَرَأَيْت أُمُورًا كُنْت أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّة هَلْ لِي فِيهَا مِنْ شَيْءٍ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَسْلَمْت عَلَى مَا أَسْلَفْت مِنْ خَيْر ) ‏ ‏أَمَّا التَّحَنُّتُ فَهُوَ التَّعَبُّد كَمَا فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيث وَفَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى بِالتَّبَرُّرِ وَهُوَ فِعْل الْبِرّ وَهُوَ الطَّاعَة.
قَالَ أَهْل اللُّغَة : أَصْل التَّحَنُّثِ أَنْ يَفْعَل فِعْلًا يَخْرُج بِهِ مِنْ الْحِنْث وَهُوَ الْإِثْم , وَكَذَا تَأَثَّمَ وَتَحَرَّجَ وَتَهَجَّد أَيْ فَعَلَ فِعْلًا يَخْرُج بِهِ عَنْ الْإِثْم وَالْحَرَج وَالْهُجُود.
‏ ‏وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَسْلَمْت عَلَى مَا أَسْلَفْت مِنْ خَيْر ) فَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ , فَقَالَ الْإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه الْمَازِرِيُّ رَحِمَهُ اللَّه : ظَاهِره خِلَاف مَا تَقْتَضِيه الْأُصُول لِأَنَّ الْكَافِر لَا يَصِحّ مِنْهُ التَّقَرُّب فَلَا يُثَاب عَلَى طَاعَته , وَيَصِحّ أَنْ يَكُون مُطِيعًا غَيْر مُتَقَرِّب كَنَظِيرِهِ فِي الْإِيمَان فَإِنَّهُ مُطِيع فِيهِ مِنْ حَيْثُ كَانَ مُوَافِقًا لِلْأَمْرِ , وَالطَّاعَة عِنْدنَا مُوَافَقَة الْأَمْر , وَلَكِنَّهُ لَا يَكُون مُتَقَرِّبًا لِأَنَّ مِنْ شَرْط الْمُتَقَرِّب أَنْ يَكُون عَارِفًا بِالْمُتَقَرَّبِ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي حِين نَظَرِهِ لَمْ يَحْصُل لَهُ الْعِلْم بِاَللَّهِ تَعَالَى بَعْدُ.
فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا عُلِمَ أَنَّ الْحَدِيث مُتَأَوَّل وَهُوَ يَحْتَمِل وُجُوهًا أَحَدهَا أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ اِكْتَسَبْت طِبَاعًا جَمِيلَة وَأَنْتَ تَنْتَفِع بِتِلْكَ الطِّبَاع فِي الْإِسْلَام وَتَكُون تِلْك الْعَادَة تَمْهِيدًا لَك وَمَعُونَة عَلَى فِعْل الْخَيْر.
وَالثَّانِي مَعْنَاهُ اِكْتَسَبْت بِذَلِكَ ثَنَاء جَمِيلًا فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْك فِي الْإِسْلَام , وَالثَّالِث أَنَّهُ لَا يَبْعُد أَنْ يَزْدَاد فِي حَسَنَاته الَّتِي يَفْعَلهَا فِي الْإِسْلَام وَيَكْثُر أَجْره لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ الْأَفْعَال الْجَمِيلَة.
وَقَدْ قَالُوا فِي الْكَافِر إِذَا كَانَ يَفْعَل الْخَيْر فَإِنَّهُ يُخَفَّف عَنْهُ بِهِ , فَلَا يَبْعُد أَنْ يُزَاد هَذَا فِي الْأُجُور.
هَذَا آخِر كَلَام الْمَازِرِيِّ رَحِمَهُ اللَّه : قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه : وَقِيلَ : مَعْنَاهُ بِبَرَكَةِ مَا سَبَقَ لَك مِنْ خَيْر هَدَاك اللَّه تَعَالَى إِلَى الْإِسْلَام , وَأَنَّ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ خَيْر فِي أَوَّل أَمْره فَهُوَ دَلِيل عَلَى سَعَادَة آخِره , وَحُسْن عَاقِبَته.
هَذَا كَلَام الْقَاضِي وَذَهَبَ اِبْن بَطَّالٍ وَغَيْره مِنْ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّ الْحَدِيث عَلَى ظَاهِره , وَأَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِر وَمَاتَ عَلَى الْإِسْلَام يُثَاب عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْخَيْر فِي حَال الْكُفْر , وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِر فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ كَتَبَ اللَّه تَعَالَى لَهُ كُلّ حَسَنَة زَلَفهَا , وَمَحَا عَنْهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْف , وَالسَّيِّئَة بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَز اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ) ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرِيب حَدِيث مَالِك , وَرَوَاهُ عَنْهُ مِنْ تِسْع طُرُق , وَثَبَتَ فِيهَا كُلّهَا أَنَّ الْكَافِر إِذَا حَسُنَ إِسْلَامه يُكْتَب لَهُ فِي الْإِسْلَام كُلّ حَسَنَة عَمِلَهَا فِي الشِّرْك.
قَالَ اِبْن بَطَّال رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى بَعْد ذِكْره الْحَدِيث : وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَتَفَضَّل عَلَى عِبَاده بِمَا شَاءَ لَا اِعْتِرَاض لِأَحَدٍ عَلَيْهِ قَالَ : وَهُوَ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَكِيمِ بْن حِزَام رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : " أَسْلَمْت عَلَى مَا أَسْلَفْت مِنْ خَيْر ".
وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏وَأَمَّا قَوْل الْفُقَهَاء : ( لَا يَصِحّ مِنْ الْكَافِر عِبَادَة , وَلَوْ أَسْلَمَ لَمْ يُعْتَدّ بِهَا ) : فَمُرَادهمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَدّ لَهُ بِهَا فِي أَحْكَام الدُّنْيَا , وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّض لِثَوَابِ الْآخِرَة.
فَإِنْ أَقْدَمَ قَائِل عَلَى التَّصْرِيح بِأَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ لَا يُثَاب عَلَيْهَا فِي الْآخِرَة رُدَّ قَوْله بِهَذِهِ السُّنَّة الصَّحِيحَة , وَقَدْ يُعْتَدّ بِبَعْضِ أَفْعَال الْكُفَّار فِي أَحْكَام الدُّنْيَا ; فَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاء : إِذَا وَجَبَ عَلَى الْكَافِر كَفَّارَة ظِهَار أَوْ غَيْرهَا فَكَفَّرَ فِي حَال كُفْره أَجْزَأَهُ ذَلِكَ , وَإِذَا أَسْلَمَ لَمْ تَجِب عَلَيْهِ إِعَادَتهَا.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه فِيمَا إِذَا أَجْنَبَ وَاغْتَسَلَ فِي حَال كُفْره ثُمَّ أَسْلَمَ هَلْ تَجِب عَلَيْهِ إِعَادَة الْغُسْل أَمْ لَا ؟ وَبَالَغَ بَعْض أَصْحَابنَا فَقَالَ يَصِحّ مِنْ كُلّ كَافِر كُلّ طَهَارَة مِنْ غُسْل وَوُضُوء وَتَيَمُّم , وَإِذَا أَسْلَمَ صَلَّى بِهَا.
وَاَللَّه أَعْلَم.


حديث أسلمت على ما أسلفت من خير

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏ابْنُ وَهْبٍ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنِي ‏ ‏يُونُسُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنِي ‏ ‏عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ‏ ‏أَخْبَرَهُ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ ‏ ‏أَتَحَنَّثُ ‏ ‏بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ هَلْ لِي فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَسْلَمْتَ عَلَى مَا ‏ ‏أَسْلَفْتَ ‏ ‏مِنْ خَيْرٍ ‏ ‏وَالتَّحَنُّثُ التَّعَبُّدُ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح مسلم

أسلمت على ما أسلفت من خير

عن حكيم بن حزام؛ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رسول الله! أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية.<br> من صدقة أو عتاقة أو صلة رحم.<br> أفيه...

أسلمت على ما أسلفت لك من الخير

عن حكيم بن حزام.<br> قال، قلت: يا رسول الله! أشياء كنت أفعلها في الجاهلية.<br> (قال هشام: يعني أتبرر بها) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أسلمت على...

أينا لا يظلم نفسه فقال رسول الله ﷺ ليس هو كما تظن...

عن عبد الله، قال: لما نزلت: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} [٦/الأنعام/ آية ٨٢] شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لا يظ...

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما...

عن أبي هريرة، قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر ل...

حديث ابن عباس عند نزول آية لا يكلف الله نفساً إلا...

عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} [٢/ البقرة/ آية ٢٨٤] قال، دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من...

إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلمو...

عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به".<br>

إن الله عز وجل تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها

عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" إن الله عز وجل تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به".<br>عن قتادة، بهذا الإسناد،...

إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه فإن عملها فاكت...

عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال الله عز وجل: إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه فإن عملها فاكتبوها سيئة.<br> وإذا هم بحسنة فل...

إذا هم عبدي بحسنة ولم يعملها كتبتها له حسنة فإن ع...

عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: "قال الله عز وجل: إذا هم عبدي بحسنة ولم يعملها كتبتها له حسنة.<br> فإن عملها كتبتها عشر حسنات إلى...