403-
عن عروة بن الزبير؛ أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته؛ أنها قالت: كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم.
فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
ثم حبب إليه الخلاء.
فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه.
(وهو التعبد) الليالي أولات العدد.
قبل أن يرجع إلى أهله.
ويتزود لذلك.
ثم يرجع إلى خديجة فستزود [فيتزود؟؟] لمثلها.
حتى فجئه الحق وهو في غار حراء.
فجاءه الملك فقال: اقرأ.
قال قلت: "ما أنا بقارئ" قال، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد.
ثم أرسلني فقال: اقرأ.
قال قلت: ما أنا بقارئ.
قال فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد.
ثم أرسلني فقال: اقرأ.
فقلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد.
ثم أرسلني فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق.
خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم.
الذي علم بالقلم.
علم الإنسان ما لم يعلم} [٩٦/العلق/ الآية-١ - ٥] فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال "زملوني زملوني" فزملوه حتى ذهب عنه الروع.
ثم قال لخديجة" أي خديجة! ما لي" وأخبرها الخبر.
قال "لقد خشيت على نفسي" قالت له خديجة: كلا.
أبشر.
فوالله! لا يخزيك الله أبدا.
والله! إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى.
وهو ابن عم خديجة، أخي أبيها.
وكان امرأ تنصر في الجاهلية.
وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب.
وكان شيخا كبيرا قد عمي.
فقالت له خديجة: أي عم! اسمع من ابن أخيك.
قال ورقة بن نوفل: يا ابن أخي! ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رآه.
فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى صلى الله عليه وسلم.
يا ليتني فيها جذعا.
يا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أومخرجي هم؟ " قال ورقة: نعم.
لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي.
وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا".
عن عائشة؛ أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي.
وساق الحديث بمثل حديث يونس.
غير أنه قال:فوالله لا يحزنك الله أبدا.
وقال: قالت خديجة: أي ابن عم! اسمع من ابن أخيك.
قالت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: فرجع إلى خديجة يرجف فؤاده.
واقتص الحديث بمثل حديث يونس ومعمر.
ولم يذكر أول حديثهما.
من قوله: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة.
وتابع يونس على قوله: فوالله! لا يخزيك الله أبدا.
وذكر قول خديجة: أي ابن عم! اسمع من ابن أخيك.
(فلق الصبح) قال أهل اللغة: فلق الصبح وفرق الصبح هو ضياؤه.
وإنما يقال هذا في الشيء الواضح البين.
(ثم حبب إليه الخلاء) الخلاء هو الخلوة.
قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: حببت العزلة إليه صلى الله عليه وسلم لأن معها فراغ القلب، وهي معينة على التفكير، وبها يتقطع عن مألوفات البشر ويتخشع قلبه.
(فكان يخلو بغار حراء) أما الغار فهو الكهف والنقب في الجبل.
وجمعه غيران.
وأما حراء فهو جبل بينه وبين مكة نحو ثلاثة أميال، عن يسار الذاهب من مكة إلى منى.
وهو مصروف ومذكر.
هذا هو الصحيح.
وقال القاضي: فيه لغتان التذكير والتأنيث.
والتذكير أكثر.
فمن ذكره صرفه.
ومن أنثه لم يصرفه.
أراد البقعة أو الجهة التي فيها الجبل.
(يتحنث) التحنث فسره بالتعبد.
وهو تفسير صحيح.
وأصل الحنث الإثم.
فمعنى يتحنث يتجنب الحنث.
فكأنه بعبادته يمنع نفسه من الحنث.
ومثل يتحنث يتحرج ويتأثم.
أي يجتنب الحرج والإثم.
(الليالي أولات العدد) فمتعلق يتحنث، لا بالتعبد.
ومعناه يتحنث الليالي.
ولو جعل متعلقا بالتعبد فسد المعنى.
فإن التحنث لا يشترط فيه الليالي، بل يطلق على القليل والكثير.
وهذا التفسير اعترض بين كلام عائشة رضي الله عنها.
وأما كلامها: فيتحنث فيه الليالي أولات العدد.
(حتى فجئه الحق) أي جاءه الوحي بغتة.
فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متوقعا للوحي.
يقال: فجئه وفجأة، لغتان مشهورتان حكاهما الجوهري وغيره.
(ما أنا بقارئ) معناه: لا أحسن القراءة.
فما نافية.
هذا الصواب.
(فغطني حتى بلغ مني الجهد) أما غطني فمعناه عصرني وضمني.
يقال: غطه وغته وضغطه وعصره وخنقه وغمزه، كله بمعنى واحد.
وأما الجهد، فيجوز فتح الجيم وضمها، لغتان.
وهو الغاية والمشقة.
ويجوز نصب الدال ورفعها.
فعلى النصب: بلغ جبريل مني الجهد.
وعلى الرفع: بلغ الجهد مني مبلغه وغايته.
(أرسلني) أي أطلقني.
(اقرأ باسم ربك الذي خلق) هذا دليل صريح في أن أول ما نزل من القرآن: اقرأ.
وهذا هو الصواب الذي عليه الجماهير من السلف والخلف.
(ترجف بوادره) معنى ترجف ترعد وتضطرب.
وأصله شدة الحركة.
والبوادر جمع بادرة وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق تضطرب عند فزع الإنسان.
(زملوني) أي غطوني بالثياب ولفوني بها.
(الروع) هو الفزع.
(كلا) هي هنا كلمة نفي وإبعاد.
وهذا أحد معانيها.
وقد تأتي كلا بمعنى حقا.
وبمعنى الآن، التي للتنبيه.
يستفتح بها الكلام.
وقد جاءت في القرآن العزيز على أقسام.
(لا يخزيك) الخزي هو الفضيحة والهوان.
(لتصل الرحم) صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول.
فتارة تكون بالمال وتارة تكون بالخدمة وتارة بالزيارة والسلام، وغير ذلك.
(وتحمل الكل) الكل أصله الثقل.
ومنه قوله تعالى: وهو كل على مولاه.
ويدخل في حمل الكل الإنفاق على الضعيف واليتيم والعيال، وغير ذلك، وهو من الكلال، وهو الإعياء.
(وتكسب المعدوم) قال أبو العباس ثعلب وأبو سليمان الخطابي وجماعات من أهل اللغة: يقال كسبت الرجل مالا، وأكسبته مالا، لغتان.
أفصحهما، باتفاقهم، كسبته بحذف الألف.
وأما معنى تكسب المعدوم، فمن رواه بالضم فمعناه تكسب غيرك المال المعدوم، أي تعطيه إياه تبرعا.
فحذف أحد المفعولين.
وقيل معناه: تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك من نفائس الفوائد ومكارم الأخلاق.
وأما رواية الفتح فقيل معناها كمعنى الضم.
(وتقري الضيف) قال أهل اللغة: يقال: قريت الضيف أقريه قرى وقراء.
ويقال للطعام الذي يضيفه به قري.
ويقال لفاعله: قار، مثل قضى فهو قاض.
(وتعين على نوائب الحق) النوائب جمع نائبة، وهي الحادثة.
وإنما قالت: نوائب الحق، لأن النائبة قد تكون في الخير وقد تكون في الشر.
قال لبيد:
نوائب من خير وشر كلاهما فلا الخير ممدود ولا الشر لازب
قال العلماء رضي الله عنهم: معنى كلام خديجة رضي الله عنها: إنك لا يصيبك مكروه لما جعل الله فيك من مكارم الأخلاق وكرم الشمائل.
(تنصر في الجاهلية) معناه صار نصرانيا.
والجاهلية ما قبل رسالته صلى الله عليه وسلم.
سموا بذلك لما كانوا عليه من فاحش الجهالة.
(هذا ناموس) هو جبريل صلى الله عليه وسلم.
قال أهل اللغة وغريب الحديث: الناموس في اللغة صاحب سر الخير.
والجاسوس صاحب سر الشر.
يقال نمست السر أنمسه أي كتمته.
(يا ليتني فيها جذعا) الضمير يعود إلى أيام النبوة ومدتها.
وجذعا يعني شابا قويا، حتى أبالغ في نصرك.
والأصل في الجذع للدواب.
وهو هنا استعارة.
ونصب على الحال كما قاله القاضي: وخبر ليت قوله فيها.
هذا هو الصحيح الذي اختاره أهل التحقيق والمعرفة وغيرهم ممن يعتمد عليه.
(أومخرجي هم) هو مثل قوله تعالى: بمصرخي.
وهو جمع "مخرج".
فالياء الأولى ياء الجمع، والثانية ضمير المتكلم.
وفتحت للتخفيف لئلا يجتمع الكسرة والياءان بعد كسرتين.
(نصرا مؤزرا) أي قويا بالغا.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْلُهُ فِي الْإِسْنَاد ( أَبُو الطَّاهِر بْن السَّرْح ) هُوَ بِالسِّينِ وَالْحَاء الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالسِّين مَفْتُوحَة.
وَقَوْله : ( أَنَّ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ كَانَ أَوَّل مَا بُدِئَ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْي الرُّؤْيَا الصَّادِقَة ) هَذَا الْحَدِيث مِنْ مَرَاسِيل الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ فَإِنَّ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا لَمْ تُدْرِك هَذِهِ الْقَضِيَّة فَتَكُون قَدْ سَمِعَتْهَا مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ الصَّحَابِيّ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْفُصُول أَنَّ مُرْسَل الصَّحَابِيّ حُجَّة عِنْد جَمِيع الْعُلَمَاء إِلَّا مَا اِنْفَرَدَ بِهِ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الْإِسْفِرَايِنِيّ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَوْلهَا رَضِيَ اللَّه عَنْهَا : ( الرُّؤْيَا الصَّادِقَة ) وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّه " ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَة ) وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِد وَفِي مِنْ هُنَا قَوْلَانِ أَحَدهمَا لِبَيَانِ الْجِنْس وَالثَّانِي لِلتَّبْعِيضِ وَذَكَرَهُمَا الْقَاضِي.
وَقَوْلهَا : ( فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْل فَلَق الصُّبْح ) قَالَ أَهْل اللُّغَة فَلَق الصُّبْح وَفَرَق الصُّبْح بِفَتْحِ الْفَاء وَاللَّام وَالرَّاء هُوَ ضِيَاؤُهُ وَإِنَّمَا يُقَال هَذَا فِي الشَّيْء الْوَاضِح الْبَيِّن.
قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه وَغَيْره مِنْ الْعُلَمَاء : إِنَّمَا اُبْتُدِئَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرُّؤْيَا لِئَلَّا يَفْجَأهُ الْمَلَك وَيَأْتِيه صَرِيح النُّبُوَّة بَغْتَة فَلَا يَحْتَمِلهَا قُوَى الْبَشَرِيَّة فَبُدِئَ بِأَوَّلِ خِصَال النُّبُوَّة وَتَبَاشِير الْكَرَامَة مِنْ صِدْق الرُّؤْيَا وَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر مِنْ رُؤْيَة الضَّوْء وَسَمَاع الصَّوْت وَسَلَام الْحَجَر وَالشَّجَر عَلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ.
قَوْلهَا : ( ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاء فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاء يَتَحَنَّث فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّد اللَّيَالِي أُولَات الْعَدَد قَبْلَ أَنْ يَرْجِع إِلَى أَهْله وَيَتَزَوَّد ثُمَّ يَرْجِع إِلَى خَدِيجَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فَيَتَزَوَّد لِمِثْلِهَا حَتَّى فَجَأَهُ الْحَقّ ) أَمَّا ( الْخَلَاء ) فَمَمْدُود وَهُوَ الْخَلْوَة وَهِيَ شَأْن الصَّالِحِينَ , وَعِبَاد اللَّه الْعَارِفِينَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّه : حُبِّبَتْ الْعُزْلَة إِلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ مَعَهَا فَرَاغ الْقَلْب , وَهِيَ مُعِينةٌ عَلَى التَّفَكُّر , وَبِهَا يَنْقَطِع عَنْ مَأْلُوفَات الْبَشَر , وَيَتَخَشَّع قَلْبه.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا ( الْغَار ) فَهُوَ الْكَهْف وَالنَّقْب فِي الْجَبَل وَجَمْعه ( غِيرَان ) وَالْمَغَار وَالْمَغَارَة بِمَعْنَى الْغَار وَتَصْغِير الْغَار ( غُوَيْر ).
وَأَمَّا ( حِرَاء ) فَبِكَسْرِ الْحَاء الْمُهْمَلَة وَتَخْفِيف الرَّاء وَبِالْمَدِّ وَهُوَ مَصْرُوف وَمُذَكَّر هَذَا هُوَ الصَّحِيح.
وَقَالَ الْقَاضِي : فِيهِ لُغَتَانِ التَّذْكِير وَالتَّأْنِيث وَالتَّذْكِير أَكْثَر.
فَمَنْ ذَكَّرَهُ صَرَفَهُ , وَمَنْ أَنَّثَهُ لَمْ يَصْرِفهُ أَرَادَ الْبُقْعَة أَوْ الْجِهَة الَّتِي فِيهَا الْجَبَل قَالَ الْقَاضِي : وَقَالَ بَعْضهمْ فِيهِ ( حَرَى ) بِفَتْحِ الْحَاء وَالْقَصْر.
وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ , قَالَ أَبُو عُمَر الزَّاهِد صَاحِب ثَعْلَب , وَأَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ , وَغَيْرهمَا : أَصْحَاب الْحَدِيث وَالْعَوَامّ يُخْطِئُونَ فِي حِرَاء فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع يَفْتَحُونَ الْحَاء وَهِيَ مَكْسُورَة , وَيَكْسِرُونَ الرَّاء وَهِيَ مَفْتُوحَة , وَيَقْصُرُونَ الْأَلِف وَهِيَ مَمْدُودَة.
وَحِرَاء جَبَل بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّة نَحْو ثَلَاثَة أَمْيَال عَنْ يَسَار الذَّاهِب مِنْ مَكَّة إِلَى مِنًى.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا ( التَّحَنُّث ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة وَالنُّون وَالثَّاء الْمُثَلَّثَة فَقَدْ فَسَّرَهُ بِالتَّعَبُّدِ وَهُوَ تَفْسِير صَحِيحٌ وَأَصْل الْحِنْث الْإِثْم فَمَعْنَى يَتَحَنَّث يَتَجَنَّب الْحِنْث , فَكَأَنَّهُ بِعِبَادَتِهِ يَمْنَع نَفْسه مِنْ الْحِنْث وَمِثْل يَتَحَنَّث يَتَحَرَّج وَيَتَأَثَّم أَيْ يَتَجَنَّب الْحَرَج وَالْإِثْم.
وَأَمَّا قَوْلهَا ( اللَّيَالِي أُولَات الْعَدَد ) فَمُتَعَلِّق بِالتَّحَنُّثِ لَا بِالتَّعَبُّدِ وَمَعْنَاهُ يَتَحَنَّث اللَّيَالِي وَلَوْ جُعِلَ مُتَعَلِّقًا بِالتَّعَبُّدِ فَسَدَ الْمَعْنَى فَإِنَّ التَّحَنُّث لَا يُشْتَرَط فِيهِ اللَّيَالِي بَلْ يُطْلَق عَلَى الْقَلِيل وَالْكَثِير وَهَذَا التَّفْسِير اِعْتَرَضَ بَيْن كَلَام عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا وَأَمَّا كَلَامهَا فَيَتَحَنَّث فِيهِ اللَّيَالِي أُولَات الْعَدَد.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَوْلهَا ( فَجِئَهُ الْحَقّ ) أَيْ جَاءَهُ الْوَحْي بَغْتَة فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مُتَوَقِّعًا لِلْوَحْيِ.
وَيُقَال فَجِئَهُ بِكَسْرِ الْجِيم وَبَعْدهَا هَمْزَة مَفْتُوحَة , وَيُقَال : ( فَجَأَهُ ) بِفَتْحِ الْجِيم وَالْهَمْزَة لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيّ وَغَيْره.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَنَا بِقَارِئٍ ) مَعْنَاهُ لَا أُحْسِنَ الْقِرَاءَة فَمَا نَافِيَة هَذَا هُوَ الصَّوَاب.
وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه فِيهَا خِلَافًا بَيْن الْعُلَمَاء مِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا نَافِيَة وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا اِسْتِفْهَامِيَّة وَضَعَّفُوهُ بِإِدْخَالِ الْبَاء فِي الْخَبَر قَالَ الْقَاضِي : وَيُصَحِّح قَوْل مَنْ قَالَ اِسْتِفْهَامِيَّة رِوَايَة مَنْ رَوَى ( مَا أَقْرَأ ) ؟ وَيَصِحّ أَنْ تَكُون ( مَا ) فِي هَذِهِ الرِّوَايَة أَيْضًا نَافِيَة وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْد ثُمَّ أَرْسَلَنِي ) أَمَّا ( غَطَّنِي ) فَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة وَالطَّاء الْمُهْمَلَة وَمَعْنَاهُ عَصَرَنِي وَضَمَّنِي يُقَال : غَطَّهُ , وَغَتَّهُ , وَضَغَطَهُ , وَعَسَرَهُ , وَخَنَقَهُ , وَغَمَزَهُ كُلّه بِمَعْنًى وَاحِد.
وَأَمَّا ( الْجَهْد ) فَيَجُوز فَتْح الْجِيم وَضَمّهَا لُغَتَانِ وَهُوَ الْغَايَة وَالْمَشَقَّة.
وَيَجُوز نَصْب الدَّال وَرَفْعهَا فَعَلَى النَّصْب بَلَغَ جِبْرِيل مِنِّي الْجَهْد وَعَلَى الرَّفْع بَلَغَ الْجَهْد مِنِّي مَبْلَغه وَغَايَته وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِي نَصْب الدَّال وَرَفْعهَا صَاحِب التَّحْرِير وَغَيْره.
وَأَمَّا ( أَرْسَلَنِي ) فَمَعْنَاهُ أَطْلَقَنِي.
قَالَ الْعُلَمَاء : وَالْحِكْمَة فِي الْغَطّ شَغْله مِنْ الِالْتِفَات وَالْمُبَالَغَة فِي أَمْره بِإِحْضَارِ قَلْبه لِمَا يَقُولهُ لَهُ وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا مُبَالَغَة فِي التَّنَبُّه فَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُعَلِّمِ أَنْ يَحْتَاط فِي تَنْبِيه الْمُتَعَلِّم وَأَمْره بِإِحْضَارِ قَلْبه وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبّك الَّذِي خَلَقَ ) هَذَا دَلِيل صَرِيح فِي أَنَّ أَوَّل مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآن ( اِقْرَأْ ) وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِير مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف.
وَقِيلَ أَوَّله : يَا أَيّهَا الْمُدَّثِّر وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَسَنَذْكُرُهُ بَعْد هَذَا فِي مَوْضِعه مِنْ هَذَا الْبَاب إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيث بَعْض مَنْ يَقُول : إِنَّ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآن فِي أَوَائِل السُّوَر لِكَوْنِهَا لَمْ تُذْكَر هُنَا.
وَجَوَاب الْمُثْبِتِينَ لَهَا أَنَّهَا لَمْ تَنْزِل أَوَّلًا بَلْ نَزَلَتْ الْبَسْمَلَة فِي وَقْت آخَر كَمَا نَزَلَ بَاقِي السُّورَة فِي وَقْت آخَر.
قَوْلهَا : ( تَرْجُف بَوَادِره ) بِفَتْحِ الْبَاء الْمُوَحَّدَة.
وَمَعْنَى ( تَرْجُف ) تَرْعُد وَتَضْطَرِب وَأَصْله شِدَّة الْحَرَكَة.
قَالَ أَبُو عُبَيْد وَسَائِر أَهْل اللُّغَة وَالْغَرِيب وَهِيَ اللَّحْمَة الَّتِي بَيْنَ الْمَنْكِب وَالْعُنُق تَضْطَرِب عِنْد فَزَع الْإِنْسَان.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي ) هَكَذَا هُوَ فِي الرِّوَايَات مُكَرَّر مَرَّتَيْنِ وَمَعْنَى ( زَمِّلُونِي ) غَطُّونِي بِالثِّيَابِ وَلُفُّونِي بِهَا وَقَوْله : ( فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْع ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاء وَهُوَ الْفَزَع.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَقَدْ خَشِيت عَلَى نَفْسِي ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه : لَيْسَ هُوَ بِمَعْنَى الشَّكّ فِيمَا أَتَاهُ مِنْ اللَّه تَعَالَى لَكِنَّهُ رُبَّمَا خَشِيَ أَنْ لَا يَقْوَى عَلَى مُقَاوَمَة هَذَا الْأَمْر , وَلَا يَقْدِر عَلَى حَمْل أَعْبَاء الْوَحْي , فَتَزْهَق نَفْسه , أَوْ يَكُون هَذَا لِأَوَّلِ مَا رَأَى التَّبَاشِير فِي النَّوْم وَالْيَقَظَة وَسَمِعَ الصَّوْت قَبْل لِقَاء الْمَلَك وَتَحَقُّقه رِسَالَة رَبّه فَيَكُون خَافَ أَنْ يَكُون مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم , فَأَمَّا مُنْذُ جَاءَهُ الْمَلَك بِرِسَالَةِ رَبّه سُبْحَانه وَتَعَالَى فَلَا يَجُوز عَلَيْهِ الشَّكّ فِيهِ , وَلَا يَخْشَى مِنْ تَسَلُّط الشَّيْطَان عَلَيْهِ , وَعَلَى هَذَا الطَّرِيق يُحْمَل جَمِيع مَا وَرَدَ مِنْ مِثْل هَذَا فِي حَدِيث الْبَعْث.
هَذَا كَلَام الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه فِي شَرْح صَحِيح مُسْلِم.
وَذَكَرَ أَيْضًا فِي كِتَابه الشِّفَاء هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي كَلَام مَبْسُوط وَهَذَا الِاحْتِمَال الثَّانِي ضَعِيف لِأَنَّهُ خِلَاف تَصْرِيح الْحَدِيث لِأَنَّ هَذَا كَانَ بَعْد غَطِّ الْمَلَك وَإِتْيَانه بِاقْرَأْ بِاسْمِ رَبّك الَّذِي خَلَقَ وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْلهَا : تَعَالَى ( قَالَتْ لَهُ خَدِيجَة كَلَّا أَبْشِرْ فَوَاَللَّهِ لَا يُخْزِيك اللَّه أَبَدًا وَاَللَّه إِنَّك لَتَصِل الرَّحِم وَتَصْدُق الْحَدِيث وَتَحْمِل الْكَلَّ وَتَكْسِب الْمَعْدُوم وَتَقْرِي الضَّيْف وَتُعِين عَلَى نَوَائِب الْحَقّ ) أَمَّا قَوْلهَا ( كَلَّا ) فَهِيَ هُنَا كَلِمَة نَفْي وَإِبْعَاد وَهَذَا أَحَد مَعَانِيهَا قَدْ تَأْتِي ( كَلَّا ) بِمَعْنَى حَقًّا وَبِمَعْنَى أَلَا الَّتِي لِلتَّنْبِيهِ يُسْتَفْتَح بِهَا الْكَلَام , وَقَدْ جَاءَتْ فِي الْقُرْآن الْعَزِيز عَلَى أَقْسَام , وَقَدْ جَمَعَ الْإِمَام أَبُو بَكْر بْن الْأَنْبَارِيّ أَقْسَامهَا وَمَوَاضِعهَا فِي بَاب مِنْ كِتَابه الْوَقْف وَالِابْتِدَاء.
وَأَمَّا قَوْلهَا : ( لَا يُخْزِيك ) فَهُوَ بِضَمِّ الْيَاء وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة يُونُس وَعُقَيْل , وَقَالَ مَعْمَر فِي رِوَايَته : ( يُحْزِيك ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة وَالنُّون وَيَجُوز فَتْح الْيَاء فِي أَوَّله وَضَمّهَا وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
وَالْخِزْي الْفَضِيحَة وَالْهَوَان.
وَأَمَّا ( صِلَة الرَّحِم ) فَهِيَ الْإِحْسَان إِلَى الْأَقَارِب عَلَى حَسَب حَال الْوَاصِل وَالْمَوْصُول فَتَارَة تَكُون بِالْمَالِ , وَتَارَة بِالْخِدْمَةِ , وَتَارَة بِالزِّيَارَةِ وَالسَّلَام وَغَيْر ذَلِكَ.
وَأَمَّا ( الْكَلّ ) فَهُوَ بِفَتْحِ الْكَاف وَأَصْله الثِّقْل , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ كَلّ عَلَى مَوْلَاهُ } وَيَدْخُل فِي حَمْل الْكَلّ الْإِنْفَاق عَلَى الضَّعِيف وَالْيَتِيم وَالْعِيَال وَغَيْر ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ الْكَلَال وَهُوَ الْإِعْيَاء.
وَأَمَّا قَوْلهَا ( وَتَكْسِب الْمَعْدُوم ) فَهُوَ بِفَتْحِ التَّاء هَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ رِوَايَة الْأَكْثَرِينَ قَالَ : وَرَوَاهُ بَعْضهمْ بِضَمِّهَا.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب وَأَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ وَجَمَاعَات مِنْ أَهْل اللُّغَة : يُقَال : كَسَبْت الرَّجُل مَالًا وَأَكْسَبْته مَالًا لُغَتَانِ أَفْصَحهمَا بِاتِّفَاقِهِمْ ( كَسَبْته ) بِحَذْفِ الْأَلْف.
وَأَمَّا مَعْنَى ( تَكْسِب الْمَعْدُوم ) فَمَنْ رَوَاهُ بِالضَّمِّ فَمَعْنَاهُ تُكْسِب غَيْرك الْمَال الْمَعْدُوم أَيْ تُعْطِيه إِيَّاهُ تَبَرُّعًا فَحَذَفَ أَحَد الْمَفْعُولَيْنِ , وَقِيلَ : مَعْنَاهُ تُعْطِي النَّاس مَا لَا يَجِدُونَهُ عِنْد غَيْرك مِنْ نَفَائِس الْفَوَائِد وَمَكَارِم الْأَخْلَاق.
وَأَمَّا رِوَايَة الْفَتْح فَقِيلَ مَعْنَاهَا كَمَعْنَى الضَّمّ , وَقِيلَ : مَعْنَاهَا تَكْسِب الْمَال الْمَعْدُوم وَتُصِيب مِنْهُ مَا يَعْجِز غَيْرك عَنْ تَحْصِيله وَكَانَتْ الْعَرَب تَتَمَادَح بِكَسْبِ الْمَال الْمَعْدُوم لَا سِيَّمَا قُرَيْش وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْظُوظًا فِي تِجَارَته وَهَذَا الْقَوْل حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ ثَابِت صَاحِب الدَّلَائِل وَهُوَ ضَعِيف أَوْ غَلَط وَأَيّ مَعْنًى لِهَذَا الْقَوْل فِي هَذَا الْمَوْطِن إِلَّا أَنَّهُ يُمْكِن تَصْحِيحه بِأَنْ يُضَمّ إِلَيْهِ زِيَادَة فَيَكُون مَعْنَاهُ تَكْسِب الْمَال الْعَظِيم الَّذِي يَعْجِز عَنْهُ غَيْرك ثُمَّ تَجُود بِهِ فِي وُجُوه الْخَيْر وَأَبْوَاب الْمَكَارِم كَمَا ذَكَرْت مِنْ حَمْل الْكُلّ وَصِلَة الرَّحِم وَقِرَى الضَّيْف وَالْإِعَانَة عَلَى نَوَائِب الْحَقّ فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي هَذَا الْحَرْف.
وَأَمَّا صَاحِب التَّحْرِير فَجَعَلَ الْمَعْدُوم عِبَارَة عَنْ الرَّجُل الْمُحْتَاج الْمُعْدِم الْعَاجِز عَنْ الْكَسْب وَسَمَّاهُ مَعْدُومًا لِكَوْنِهِ كَالْمَعْدُومِ الْمَيِّت حَيْثُ لَمْ يَتَصَرَّف فِي الْمَعِيشَة كَتَصَرُّفِ غَيْره.
قَالَ : وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ صَوَابه ( الْمُعْدِم ) بِحَذْفِ الْوَاو قَالَ : وَلَيْسَ كَمَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ بَلْ مَا رَوَاهُ الرُّوَاة صَوَاب قَالَ : وَقِيلَ : مَعْنَى ( تَكْسِب الْمَعْدُوم ) أَيْ تَسْعَى فِي طَلَب عَاجِز تُنْعِشهُ وَالْكَسْب هُوَ الِاسْتِفَادَة.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ صَاحِب التَّحْرِير وَإِنْ كَانَ لَهُ بَعْض الِاتِّجَاه كَمَا حَرَّرْت لَفْظه فَالصَّحِيح الْمُخْتَار مَا قَدَّمْته.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا قَوْلهَا ( وَتَقْرِي الضَّيْف ) فَهُوَ بِفَتْحِ التَّاء قَالَ أَهْل اللُّغَة : يُقَال : قَرَيْت الضَّيْف أَقْرِيه قِرًى بِكَسْرِ الْقَاف مَقْصُور وَقَرَاء بِفَتْحِ الْقَاف وَالْمَدّ.
وَيُقَال لِلطَّعَامِ الَّذِي يُضَيِّفهُ بِهِ قِرًى بِكَسْرِ الْقَاف مَقْصُور وَيُقَال لِفَاعِلِهِ : قَارٍ مِثْل قَضَى فَهُوَ قَاضٍ.
وَأَمَّا قَوْلهَا ( وَتُعِين عَلَى نَوَائِب الْحَقّ ) فَالنَّوَائِب جَمْع نَائِبَة وَهِيَ الْحَادِثَة إِنَّمَا قَالَتْ نَوَائِب الْحَقّ لِأَنَّ النَّائِبَة قَدْ تَكُون فِي الْخَيْر وَقَدْ تَكُون فِي الشَّرّ قَالَ لَبِيد : نَوَائِب مِنْ خَيْر وَشَرّ كِلَاهُمَا فَلَا الْخَيْر مَمْدُود وَلَا الشَّرّ لَازِب قَالَ الْعُلَمَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ : مَعْنَى كَلَام خَدِيجَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا إِنَّكَ لَا يُصِيبك مَكْرُوه لِمَا جَعَلَ اللَّه فِيك مِنْ مَكَارِم الْأَخْلَاق وَكَرَم الشَّمَائِل.
وَذَكَرَتْ ضُرُوبًا مِنْ ذَلِكَ وَفِي هَذَا دَلَالَة عَلَى أَنَّ مَكَارِم الْأَخْلَاق وَخِصَال الْخَيْر سَبَب السَّلَامَة مِنْ مَصَارِع السُّوء.
وَفِيهِ مَدْح الْإِنْسَان فِي وَجْهه فِي بَعْض الْأَحْوَال لِمَصْلَحَةٍ نَظَرًا.
وَفِيهِ تَأْنِيس مَنْ حَصَلَتْ لَهُ مَخَافَة مِنْ أَمْر وَتَبْشِيره وَذِكْر أَسْبَاب السَّلَامَة لَهُ.
وَفِيهِ أَعْظَم دَلِيل وَأَبْلَغ حُجَّة عَلَى كَمَال خَدِيجَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا , وَجَزَالَة رَأْيهَا , وَقُوَّة نَفْسهَا , وَثَبَات قَلْبهَا , وَعِظَم فِقْههَا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْلهَا : ( وَكَانَ اِمْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّة ) مَعْنَاهُ صَارَ نَصْرَانِيًّا وَالْجَاهِلِيَّة مَا قَبْل رِسَالَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُمُّوا بِذَلِكَ لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ فَاحِش الْجَهَالَة.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْلهَا : ( وَكَانَ يَكْتُب الْكِتَاب الْعَرَبِيّ وَيَكْتُب مِنْ الْإِنْجِيل بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّه تَعَالَى أَنْ يَكْتُب ) هَكَذَا هُوَ فِي مُسْلِم الْكِتَاب الْعَرَبِيّ وَيَكْتُب بِالْعَرَبِيَّةِ.
وَوَقَعَ فِي أَوَّل صَحِيح الْبُخَارِيّ ( يَكْتُب الْكِتَاب الْعِبْرَانِيّ فَيَكْتُب مِنْ الْإِنْجِيل بِالْعِبْرَانِيَّةِ ) وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
وَحَاصِلهمَا أَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنْ مَعْرِفَة دِين النَّصَارَى بِحَيْثُ إِنَّهُ صَارَ يَتَصَرَّف فِي الْإِنْجِيل فَيَكْتُب أَيّ مَوْضِع شَاءَ مِنْهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ إِنْ شَاءَ وَبِالْعَرَبِيَّةِ إِنْ شَاءَ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْلهَا : ( فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَيْ عَمّ اِسْمَعْ مِنْ اِبْن أَخِيك ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ( قَالَتْ خَدِيجَة أَيْ اِبْن عَمّ ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُول فِي الْأَوَّل ( عَمّ ) , وَفِي الثَّانِي ( اِبْن عَمّ ) وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
أَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ اِبْن عَمّهَا حَقِيقَة كَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا فِي الْحَدِيث فَإِنَّهُ وَرَقَة بْن نَوْفَل بْن أَسَد وَهِيَ خَدِيجَة بِنْت خُوَيْلِدِ بْن أَسَد.
وَمَا الْأَوَّل فَسَمَّتْهُ ( عَمًّا ) مَجَازًا لِلِاحْتِرَامِ.
هَذِهِ عَادَة الْعَرَب فِي آدَاب خِطَابهمْ يُخَاطِب الصَّغِير الْكَبِير بِيَا عَمّ اِحْتِرَامًا لَهُ وَرَفْعًا لِمَرْتَبَتِهِ وَلَا يَحْصُل هَذَا الْغَرَض بِقَوْلِهَا يَا اِبْن عَمّ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( هَذَا النَّامُوس الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ( النَّامُوس ) بِالنُّونِ وَالسِّين الْمُهْمَلَة وَهُوَ جِبْرِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَهْل اللُّغَة وَغَرِيب الْحَدِيث : النَّامُوس فِي اللُّغَة صَاحِب سِرّ الْخَيْر , وَالْجَاسُوس صَاحِب سِرّ الشَّرّ.
وَيُقَال نَمَسْت السِّرّ بِفَتْحِ النُّون وَالْمِيم أَنْمِسُهُ بِكَسْرِ الْمِيم نَمْسًا أَيْ كَتَمْته , وَنَمَسْت الرَّجُل وَنَامَسْتُهُ سَارَرْته , وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يُسَمَّى النَّامُوس , وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ الْمُرَاد هُنَا.
قَالَ الْهَرَوِيُّ : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى خَصَّهُ بِالْغَيْبِ وَالْوَحْي.
وَأَمَّا قَوْله : ( الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَكَذَا هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرهمَا وَهُوَ الْمَشْهُور وَرَوَيْنَاهُ فِي غَيْر الصَّحِيح ( نَزَلَ عَلَى عِيسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
قَوْله : ( يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا ) الضَّمِير ( فِيهَا ) يَعُود إِلَى أَيَّام النُّبُوَّة وَمُدَّتهَا وَقَوْله : ( جَذَعًا ) يُعْنَى شَابًّا قَوِيًّا حَتَّى أُبَالِغ فِي نُصْرَتك.
وَالْأَصْل فِي الْجَذَع لِلدَّوَابِّ وَهُوَ هُنَا اِسْتِعَارَة.
وَأَمَّا قَوْله : ( جَذَعًا ) فَهَكَذَا هُوَ الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرهمَا بِالنَّصْبِ قَالَ الْقَاضِي : وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَاهَانَ ( جَذَع ) بِالرَّفْعِ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيِّ فِي الْبُخَارِيّ وَهَذِهِ الرِّوَايَة ظَاهِرَة.
وَأَمَّا النَّصْب فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي وَجْهه فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْمَازِرِيّ وَغَيْرهمَا : نُصِبَ عَلَى أَنَّهُ خَبَر كَانَ الْمَحْذُوفَة.
تَقْدِيره لَيْتَنِي أَكُون فِيهَا جَذَعًا وَهَذَا يَجِيء عَلَى مَذْهَب النَّحْوِيِّينَ الْكُوفِيِّينَ.
وَقَالَ الْقَاضِي الظَّاهِر عِنْدِي أَنَّهُ مَنْصُوب عَلَى الْحَال , وَخَبَر لَيْتَ قَوْله ( فِيهَا ) وَهَذَا الَّذِي اِخْتَارَهُ الْقَاضِي هُوَ الصَّحِيح الَّذِي اِخْتَارَهُ أَهْل التَّحْقِيق وَالْمَعْرِفَة مِنْ شُيُوخنَا وَغَيْرهمْ مِمَّنْ يُعْتَمَد عَلَيْهِ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ ) هُوَ بِفَتْحِ الْوَاو وَتَشْدِيد الْيَاء هَكَذَا الرِّوَايَة وَيَجُوز تَخْفِيف الْيَاء عَلَى وَجْه الصَّحِيح الْمَشْهُور تَشْدِيدهَا وَهُوَ مِثْل قَوْله تَعَالَى { بِمُصْرِخِيَّ } وَهُوَ جَمْع مُخْرَج فَالْيَاء الْأُولَى يَاء الْجَمْع وَالثَّانِيَة ضَمِير الْمُتَكَلِّم وَفُتِحَتْ لِلتَّخْفِيفِ لِئَلَّا يَجْتَمِع الْكِسْرَة وَالْيَاءَانِ بَعْد كَسْرَتَيْنِ.
قَوْله : ( وَإِنْ يُدْرِكنِي يَوْمك ) أَيْ وَقْت خُرُوجك.
قَوْله : ( أَنْصُرك نَصْرًا مُؤَزَّرًا ) هُوَ بِفَتْحِ الزَّاي وَبِهَمْزَةٍ قَبْلهَا أَيْ قَوِيًّا بَالِغًا.
قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( أَخْبَرَنَا مَعْمَر قَالَ : قَالَ الزُّهْرِيّ وَأَخْبَرَنِي عُرْوَة ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُول ( وَأَخْبَرَنِي عُرْوَة ) بِالْوَاوِ وَهُوَ الصَّحِيح وَالْقَائِل وَأَخْبَرَنِي هُوَ الزُّهْرِيّ وَفِي هَذِهِ الْوَاو فَائِدَة لَطِيفَة قَدَّمْنَاهَا فِي مَوَاضِع وَهِيَ أَنَّ مَعْمَرًا سَمِعَ مِنْ الزُّهْرِيّ أَحَادِيث قَالَ الزُّهْرِيّ فِيهَا أَخْبَرَنِي عُرْوَة بِكَذَا وَأَخْبَرَنِي عُرْوَة بِكَذَا إِلَى آخِرهَا فَإِذَا أَرَادَ مَعْمَر رِوَايَة غَيْر الْأَوَّل قَالَ : قَالَ الزُّهْرِيّ : وَأَخْبَرَنِي عُرْوَة فَأَتَى بِالْوَاوِ لِيَكُونَ رَاوِيًا كَمَا سَمِعَ وَهَذَا مِنْ الِاحْتِيَاط وَالتَّحْقِيق وَالْمُحَافَظَة عَلَى الْأَلْفَاظ وَالتَّحَرِّي فِيهَا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله فِي هَذِهِ الرِّوَايَة أَعْنِي رِوَايَة مَعْمَر : ( فَوَاَللَّهِ لَا يُحْزِنك اللَّه ) هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة وَالنُّون وَقَدْ قَدَّمْنَا بَيَانه.
قَوْله فِي رِوَايَة ( عُقَيْل ) وَهُوَ بِضَمِّ الْعَيْن : ( يَرْجُف فُؤَاده ) قَدْ قَدَّمْنَا فِي حَدِيث " أَهْل الْيَمَن أَرَقّ قُلُوبًا " بَيَان الِاخْتِلَاف فِي الْقَلْب وَالْفُؤَاد.
وَأَمَّا عِلْم خَدِيجَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا بِرَجَفَانِ فُؤَادِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالظَّاهِر أَنَّهَا رَأَتْهُ حَقِيقَة , وَيَجُوز أَنَّهَا لَمْ تَرَهُ وَعَلِمَتْهُ بِقَرَائِنِ وَصُورَة الْحَال.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ أُوْلَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ أَقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ أَيْ خَدِيجَةُ مَا لِي وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ قَالَ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ كَلَّا أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ وَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ أَيْ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَآهُ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ وَرَقَةُ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَوَاللَّهِ لَا يُحْزِنُكَ اللَّهُ أَبَدًا وَقَالَ قَالَتْ خَدِيجَةُ أَيْ ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ و حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَعَ إِلَى خَدِيجَةَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ وَمَعْمَرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلَ حَدِيثِهِمَا مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ وَتَابَعَ يُونُسَ عَلَى قَوْلِهِ فَوَاللَّهِ لَا يَخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا وَذَكَرَ قَوْلَ خَدِيجَةَ أَيْ ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ
عن جابر بن عبد الله الأنصاري، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحدث، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن فترة الوحي - قال...
حدثنا الأوزاعي، قال: سمعت يحيى، يقول: سألت أبا سلمة أي القرآن أنزل قبل؟ قال: يا أيها المدثر، فقلت: أو اقرأ؟ فقال: سألت جابر بن عبد الله أي القرآن أنزل...
عن أنس بن مالك؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتيت بالبراق (وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل.<br> يضع حافره عند منتهى طرفه) قال، فركبت...
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتيت فانطلقوا بي إلى زمزم، فشرح عن صدري، ثم غسل بماء زمزم، ثم أنزلت»
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه...
عن أنس بن مالك قال: كان أبو ذر يحدث؛أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "فرج سقف بيتي وأنا بمكة.<br> فنزل جبريل صلى الله عليه وسلم.<br> ففرج صدري.<br>...
عن مالك ابن صعصعة (رجل عن قومه) قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان.<br> إذ سمعت قائلا يقول: أحد الثلاثة بين...
عن ابن عباس، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسري به، فقال: «موسى آدم، طوال، كأنه من رجال شنوءة»، وقال: «عيسى جعد مربوع»، وذكر مالكا خازن ج...
عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مررت ليلة أسري بي على موسى بن عمران عليه السلام، رجل آدم طوال جعد كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى...