حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

يجمع الله المؤمنين يوم القيامة فيلهمون لذلك - صحيح مسلم

صحيح مسلم | كتاب الإيمان   باب أدني أهل الجنة منزلة فيها (حديث رقم: 475 )


475- عن أنس بن مالك؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك (وقال ابن عبيد: فيلهمون لذلك) فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا! قال فيأتون آدم صلى الله عليه وسلم فيقولون: أنت آدم أبو الخلق.
خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه.
وأمر الملائكة فسجدوا لك.
اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا.
فيقول: لست هنا كم.
فيذكر خطيئته التي أصاب.
فيستحي ربه منها.
ولكن ائتوا نوحا.
أول رسول بعثه الله.
قال فيأتون نوحا صلى الله عليه وسلم.
فيقول: لست هنا كم.
فيذكر خطيئته التي أصاب فيستحي ربه منها.
ولكن ائتوا إبراهيم صلى الله عليه وسلم الذي اتخذه الله خليلا.
فيأتون إبراهيم صلى الله عليه وسلم فيقول: لست هناكم.
ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحي ربه منها.
ولكن ائتوا موسى صلى الله عليه وسلم.
الذي كلمه الله وأعطاه التوراة.
قال فيأتون موسى عليه السلام.
فيقول: لست هنا كم.
ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحي ربه منها.
ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته.
فيأتون عيسى روح الله وكلمته.
فيقول: لست هنا كم.
ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم.
عبدا قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر".
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فيأتوني.
فأستأذن على ربي فيؤذن لي.
فإذا أنا رأيته وقعت ساجدا.
فيدعني ما شاء الله.
فيقال: يا محمد! ارفع رأسك.
قل تسمع.
سل تعطه.
اشفع تشفع.
فأرفع رأسي.
فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي.
ثم أشفع.
فيحد لي حدا فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة.
ثم أعود فأقع ساجدا.
فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال: ارفع رأسك يا محمد! قل تسمع.
سل تعطه.
اشفع تشفع.
فأرفع رأسي.
فأحمد ربي.
بتحميد يعلمنيه.
ثم أشفع.
فيحد لي حدا فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة.
(قال فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال) فأقول: يا رب! ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن أي وجب عليه الخلود" (قال ابن عبيد في روايته: قال قتادة: أي وجب عليه الخلود).
وحدثنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار.
قالا: حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد، عن قتادة، عن أنس؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يجتمع المؤمنون يوم القيامة.
فيهتمون بذلك (أو يلهمون ذلك) " بمثل حديث أبي عوانة.
وقال في الحديث "ثم آتيه الرابعة (أو أعود الرابعة) فأقول: يا رب! ما بقي إلا من حبسه القرآن".
حدثنا محمد بن المثنى.
حدثنا معاذ بن هشام.
قال: حدثني أبي عن قتادة، عن أنس بن مالك؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "يجمع الله المؤمنين يوم القيامة فيلهمون لذلك" بمثل حديثهما.
وذكر في الرابعة "فأقول: يا رب! ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن.
أي وجب عليه الخلود".

أخرجه مسلم


(فيهتمون وفي رواية فيلهمون) معنى اللفظتين متقارب.
فمعنى الأولى أنهم يعتنون بسؤال الشفاعة وزوال الكرب الذي هم فيه.
ومعنى الثانية أن الله تعالى يلهمهم سؤال ذلك.
والإلهام أن يلقي الله تعالى في النفس أمرا يحمل على فعل الشيء أو تركه.
(لست هنا كم) معناه لست أهلا لذلك.
(خليلا) قال ابن الأنباري: الخليل معناه المحب الكامل المحبة، والمحبوب الموفي بحقيقة المحبة.
اللذان ليس في حبهما نقص ولا خلل.

شرح حديث (يجمع الله المؤمنين يوم القيامة فيلهمون لذلك)

شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)

‏ ‏قَوْله فِي الْإِسْنَاد : ( الْجَحْدَرِيّ ) ‏ ‏هُوَ بِفَتْحِ الْجِيم وَبَعْدهَا حَاء مُهْمَلَة سَاكِنَة ثُمَّ دَال مُهْمَلَة مَفْتُوحَة , مَنْسُوب إِلَى جَدّ لَهُ اِسْمه : جَحْدَر , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانه فِي أَوَّل الْكِتَاب.
‏ ‏قَوْله : ( مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْغُبَرِيّ ) ‏ ‏هُوَ بِضَمِّ الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفَتْح الْبَاء الْمُوَحَّدَة مَنْسُوب إِلَى ( غُبَر ) جَدّ الْقَبِيلَة تَقَدَّمَ أَيْضًا بَيَانه.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَجْمَع اللَّه النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ ) ‏ ‏وَفِي رِوَايَة ( فَيُلْهَمُونَ ) مَعْنَى اللَّفْظَتَيْنِ مُتَقَارِب , فَمَعْنَى الْأُولَى : أَنَّهُمْ يَعْتَنُونَ بِسُؤَالِ الشَّفَاعَة وَزَوَال الْكَرْب الَّذِي هُمْ فِيهِ , وَمَعْنَى الثَّانِيَة : أَنَّ اللَّه تَعَالَى يُلْهِمهُمْ سُؤَال ذَلِكَ , وَالْإِلْهَام , أَنْ يُلْقِي اللَّه تَعَالَى فِي النَّفْس أَمْرًا يُحْمَل عَلَى فِعْل الشَّيْء أَوْ تَرْكه.
وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاس ( أَنَّهُمْ يَأْتُونَ آدَم وَنُوحًا وَبَاقِي الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ فَيَطْلُبُونَ شَفَاعَتهمْ فَيَقُولُونَ : لَسْنَا هُنَاكُمْ , وَيَذْكُرُونَ خَطَايَاهُمْ إِلَى آخِره ) ‏ ‏اِعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاء مِنْ أَهْل الْفِقْه وَالْأُصُول وَغَيْرهمْ اِخْتَلَفُوا فِي جَوَاز الْمَعَاصِي عَلَى الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ , وَقَدْ لَخَصَّ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - مَقَاصِد الْمَسْأَلَة فَقَالَ : لَا خِلَاف أَنَّ الْكُفْر عَلَيْهِمْ بَعْد النُّبُوَّة لَيْسَ بِجَائِزٍ بَلْ هُمْ مَعْصُومُونَ مِنْهُ , وَاخْتَلَفُوا فِيهِ قَبْل النُّبُوَّة , وَالصَّحِيح أَنَّهُ لَا يَجُوز , وَأَمَّا الْمَعَاصِي فَلَا خِلَاف أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْ كُلّ كَبِيرَة , وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء هَلْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْعَقْل أَوْ الشَّرْع ؟ فَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق وَمَنْ مَعَهُ : ذَلِكَ مُمْتَنِع مِنْ مُقْتَضَى دَلِيل الْمُعْجِزَة , وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر وَمَنْ وَافَقَهُ : ذَلِكَ مِنْ طَرِيق الْإِجْمَاع , وَذَهَبَتْ الْمُعْتَزِلَة إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ طَرِيق الْعَقْل , كَذَلِكَ اِتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ كُلّ مَا كَانَ طَرِيقه الْإِبْلَاغ فِي الْقَوْل فَهُمْ مَعْصُومُونَ فِيهِ عَلَى كُلّ حَال , وَأَمَّا مَا كَانَ طَرِيقه الْإِبْلَاغ فِي الْفِعْل فَذَهَبَ بَعْضهمْ إِلَى الْعِصْمَة فِيهِ رَأْسًا وَأَنَّ السَّهْو وَالنِّسْيَان لَا يَجُوز عَلَيْهِمْ فِيهِ , وَتَأَوَّلُوا أَحَادِيث السَّهْو فِي الصَّلَاة وَغَيْرهَا بِمَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوَاضِعه , وَهَذَا مَذْهَب الْأُسْتَاذ أَبِي الْمُظَفَّر الْإِسْفَرَايِينِي مِنْ أَئِمَّتنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَغَيْره مِنْ الْمَشَايِخ الْمُتَصَوِّفَة , وَذَهَبَ مُعْظَم الْمُحَقِّقِينَ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء إِلَى جَوَاز ذَلِكَ وَوُقُوعه مِنْهُمْ , وَهَذَا هُوَ الْحَقّ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ تَنْبِيههمْ عَلَيْهِ وَذِكْرهمْ إِيَّاهُ إِمَّا فِي الْحِين عَلَى قَوْل جُمْهُور الْمُتَكَلِّمِينَ وَإِمَّا قَبْل وَفَاتهمْ - عَلَى قَوْل بَعْضهمْ - لِيَسُنُّوا حُكْم ذَلِكَ وَيُبَيِّنُوهُ قَبْل اِنْخِرَام مُدَّتهمْ , وَلِيَصِحَّ تَبْلِيغهمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ , وَكَذَلِكَ لَا خِلَاف أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْ الصَّغَائِر الَّتِي تُزْرِي بِفَاعِلِهَا وَتَحُطّ مَنْزِلَته وَتُسْقِط مُرُوءَته , وَاخْتَلَفُوا فِي وُقُوع غَيْرهَا مِنْ الصَّغَائِر مِنْهُمْ , فَذَهَبَ مُعْظَم الْفُقَهَاء وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف إِلَى جَوَاز وُقُوعهَا مِنْهُمْ وَحُجَّتهمْ ظَوَاهِر الْقُرْآن وَالْأَخْبَار وَذَهَبَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّحْقِيق وَالنَّظَر مِنْ الْفُقَهَاء وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَئِمَّتنَا إِلَى عِصْمَتهمْ مِنْ الصَّغَائِر كَعِصْمَتِهِمْ مِنْ الْكَبَائِر , وَأَنَّ مَنْصِب النُّبُوَّة يَجِلّ عَنْ مُوَاقَعَتهَا وَعَنْ مُخَالَفَة اللَّه تَعَالَى عَمْدًا , وَتَكَلَّمُوا عَلَى الْآيَات وَالْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذَلِكَ وَتَأَوَّلُوهَا , وَأَنَّ مَا ذُكِرَ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا كَانَ مِنْهُمْ عَلَى تَأْوِيل أَوْ سَهْو أَوْ مِنْ إِذْن مِنْ اللَّه تَعَالَى فِي أَشْيَاء أَشْفَقُوا مِنْ الْمُؤَاخَذَة بِهَا وَأَشْيَاء مِنْهُمْ قَبْل النُّبُوَّة , وَهَذَا الْمَذْهَب هُوَ الْحَقّ لِمَا قَدَّمْنَاهُ , وَلِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ لَمْ يَلْزَمنَا الِاقْتِدَاء بِأَفْعَالِهِمْ وَإِقْرَارهمْ وَكَثِير مِنْ أَقْوَالهمْ , وَلَا خِلَاف فِي الِاقْتِدَاء بِذَلِكَ , وَإِنَّمَا اِخْتِلَاف الْعُلَمَاء : هَلْ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوب أَوْ عَلَى النَّدْب أَوْ الْإِبَاحَة أَوْ التَّفْرِيق فِيمَا كَانَ مِنْ بَاب الْقُرَب أَوْ غَيْرهَا ؟.
قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْل فِي هَذَا الْبَاب فِي كِتَابنَا ( الشِّفَاء ) وَبَلَغْنَا فِيهِ الْمَبْلَغ الَّذِي لَا يُوجَد فِي غَيْرَة , وَتَكَلَّمْنَا عَلَى الظَّوَاهِر فِي ذَلِكَ بِمَا فِيهِ كِفَايَة , وَلَا يَهُولُك أَنْ نَسَبَ قَوْم هَذَا الْمَذْهَب إِلَى الْخَوَارِج وَالْمُعْتَزِلَة وَطَوَائِف مِنْ الْمُبْتَدِعَة إِذْ مَنْزَعهمْ فِيهِ مَنْزَع آخَر مِنْ التَّكْفِير بِالصَّغَائِرِ , وَنَحْنُ نَتَبَرَّأ إِلَى اللَّه تَعَالَى مِنْ هَذَا الْمَذْهَب.
وَانْظُرْ هَذِهِ الْخَطَايَا الَّتِي ذُكِرَتْ لِلْأَنْبِيَاءِ مِنْ أَكْل آدَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مِنْ الشَّجَرَة نَاسِيًا , وَمِنْ دَعْوَة نُوح عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى قَوْم كُفَّار , وَقَتْل مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَافِر لَمْ يُؤْمَر بِقَتْلِهِ , وَمُدَافَعَة إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكُفَّار بِقَوْلٍ عَرَّضَ بِهِ هُوَ فِيهِ مِنْ وَجْه صَادِق , وَهَذِهِ كُلّهَا فِي حَقّ غَيْرهمْ لَيْسَتْ بِذُنُوبٍ , لَكِنَّهُمْ أَشْفَقُوا مِنْهَا إِذْ لَمْ تَكُنْ عَنْ أَمْر اللَّه تَعَالَى , وَعَتَبَ عَلَى بَعْضهمْ فِيهَا لِقَدْرِ مَنْزِلَتهمْ مِنْ مَعْرِفَة اللَّه تَعَالَى.
هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله : ( فِي آدَم خَلَقَك اللَّه بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيك مِنْ رُوحه ) ‏ ‏هُوَ مِنْ بَاب إِضَافَة التَّشْرِيف.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَسْت هُنَاكُمْ ) ‏ ‏مَعْنَاهُ لَسْت أَهْلًا لِذَلِكَ.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَكِنْ اِئْتُوا نُوحًا أَوَّل رَسُول بَعَثَهُ اللَّه تَعَالَى ) ‏ ‏قَالَ الْإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه الْمَازِرِيُّ : قَدْ ذَكَرَ الْمُؤَرِّخُونَ أَنَّ إِدْرِيس جَدّ نُوح عَلَيْهِمَا السَّلَام , فَإِنْ قَامَ دَلِيل أَنَّ إِدْرِيس أُرْسِلَ أَيْضًا لَمْ يَصِحّ قَوْل النَّسَّابِينَ أَنَّهُ قَبْل نُوح لِإِخْبَارِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ آدَم أَنَّ نُوحًا أَوَّل رَسُول بُعِثَ , وَإِنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيل جَازَ مَا قَالُوهُ , وَصَحَّ أَنْ يُحْمَل أَنَّ إِدْرِيس كَانَ نَبِيًّا غَيْر مُرْسَل.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : قَدْ قِيلَ إِنَّ إِدْرِيس هُوَ إِلْيَاس وَأَنَّهُ كَانَ نَبِيّنَا فِي بَنِي إِسْرَائِيل كَمَا جَاءَ فِي بَعْض الْأَخْبَار مَعَ يُوشَع بْن نُون , فَإِنْ كَانَ هَكَذَا سَقَطَ الِاعْتِرَاض.
قَالَ الْقَاضِي : وَبِمِثْلِ هَذَا يَسْقُط الِاعْتِرَاض بِآدَمَ وشيث وَرِسَالَتهمَا إِلَى مَنْ مَعَهُمَا وَإِنْ كَانَا رَسُولَيْنِ فَإِنَّ آدَم إِنَّمَا أُرْسِلَ لِبَنِيهِ وَلَمْ يَكُونُوا كُفَّارًا بَلْ أُمِرَ بِتَعْلِيمِهِمْ الْإِيمَان وَطَاعَة اللَّه تَعَالَى , وَكَذَلِكَ خَلَفَهُ شيث بَعْده فِيهِمْ بِخِلَافِ رِسَالَة نُوح إِلَى كُفَّار أَهْل الْأَرْض.
قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ رَأَيْت أَبَا الْحَسَن بْن بَطَّال ذَهَبَ إِلَى أَنَّ آدَم لَيْسَ بِرَسُولٍ , لِيَسْلَمَ مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاض , وَحَدِيث أَبِي ذَرّ الطَّوِيل يَنُصُّ عَلَى أَنَّ آدَم وَإِدْرِيس رَسُولَانِ.
هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي.
وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله : ( اِئْتُوا إِبْرَاهِيم الَّذِي اِتَّخَذَهُ اللَّه خَلِيلًا ) ‏ ‏قَالَ الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - : أَصْل الْخُلَّة الِاخْتِصَاص وَالِاسْتِصْفَاء , وَقِيلَ : أَصْلهَا الِانْقِطَاع إِلَى مَنْ خَالَلْت , مَأْخُوذ مِنْ الْخُلَّة وَهِيَ الْحَاجَة , فَسُمِّيَ إِبْرَاهِيم بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَصَرَ حَاجَته عَلَى رَبّه سُبْحَانه وَتَعَالَى.
وَقِيلَ : ( الْخُلَّة ) صَفَاء الْمَوَدَّة الَّتِي تُوجِب تَخَلُّل الْأَسْرَار.
وَقِيلَ مَعْنَاهَا : الْمَحَبَّة وَالْإِلْطَاف.
هَذَا كَلَام الْقَاضِي , وَقَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ : الْخَلِيل : مَعْنَاهُ الْمُحِبّ الْكَامِل الْمَحَبَّة , وَالْمَحْبُوب : الْمُوَفِّي بِحَقِيقَةِ الْمَحَبَّة اللَّذَانِ لَيْسَ فِي حُبّهمَا نَقْص وَلَا خَلَل , قَالَ الْوَاحِدِيّ : هَذَا الْقَوْل هُوَ الِاخْتِيَار ; لِأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خَلِيل إِبْرَاهِيم وَإِبْرَاهِيم خَلِيل اللَّه , وَلَا يَجُوز أَنْ يُقَال اللَّه تَعَالَى خَلِيل إِبْرَاهِيم مِنْ الْخُلَّة الَّتِي هِيَ الْحَاجَة.
وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ كُلّ وَاحِد مِنْ الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ يَقُول : لَسْت هُنَاكُمْ , أَوْ لَسْت لَهَا ) ‏ ‏قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : هَذَا يَقُولُونَهُ تَوَاضُعًا وَإِكْبَارًا لِمَا يَسْأَلُونَهُ.
قَالَ : وَقَدْ تَكُون إِشَارَة مِنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَة وَهَذَا الْمَقَام لَيْسَ لَهُ بَلْ لِغَيْرِهِ , وَكُلّ وَاحِد مِنْهُمْ يَدُلّ عَلَى الْآخَر حَتَّى اِنْتَهَى الْأَمْر إِلَى صَاحِبه , قَالَ : وَيَحْتَمِل أَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ صَاحِبهَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَيَّنًا وَتَكُون إِحَالَة كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ عَلَى الْآخَر عَلَى تَدْرِيج الشَّفَاعَة فِي ذَلِكَ إِلَى نَبِيّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : وَفِيهِ تَقْدِيم ذَوِي الْأَسْنَان وَالْآبَاء عَلَى الْأَبْنَاء فِي الْأُمُور الَّتِي لَهَا بَال , قَالَ : وَأَمَّا مُبَادَرَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ إِجَابَته لِدَعْوَتِهِمْ فَلِتَحَقُّقِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْكَرَامَة وَالْمَقَام لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة.
هَذَا كَلَام الْقَاضِي.
‏ ‏وَالْحِكْمَة فِي أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَلْهَمَهُمْ سُؤَال آدَم وَمَنْ بَعْده صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ فِي الِابْتِدَاء , وَلَمْ يُلْهَمُوا سُؤَال نَبِيّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ - وَاَللَّه أَعْلَم - إِظْهَار فَضِيلَة نَبِيّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّهُمْ لَوْ سَأَلُوهُ اِبْتِدَاء لَكَانَ يَحْتَمِل أَنَّ غَيْره يَقْدِر عَلَى هَذَا وَيُحَصِّلهُ , وَأَمَّا إِذَا سَأَلُوا غَيْره مِنْ رُسُل اللَّه تَعَالَى وَأَصْفِيَائِهِ فَامْتَنَعُوا ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَجَابَ وَحَصَلَ غَرَضهمْ ; فَهُوَ النِّهَايَة فِي اِرْتِفَاع الْمَنْزِلَة وَكَمَال الْقُرْب وَعَظِيم الْإِدْلَال وَالْأُنْس.
‏ ‏وَفِيهِ تَفْضِيله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَمِيع الْمَخْلُوقِينَ مِنْ الرُّسُل وَالْآدَمِيِّينَ وَالْمَلَائِكَة ; فَإِنَّ هَذَا الْأَمْر الْعَظِيم وَهِيَ الشَّفَاعَة الْعُظْمَى لَا يَقْدِر عَلَى الْإِقْدَام عَلَيْهِ غَيْره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّه تَكْلِيمًا ) ‏ ‏هَذَا بِإِجْمَاعِ أَهْل السُّنَّة عَلَى ظَاهِره وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى كَلَّمَ مُوسَى حَقِيقَة كَلَامًا سَمِعَهُ بِغَيْرِ وَاسِطَة , وَلِهَذَا أُكِّدَ بِالْمَصْدَرِ , وَالْكَلَام صِفَة ثَابِتَة لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُشْبِه كَلَام غَيْره.
‏ ‏قَوْله فِي عِيسَى : ( رُوح اللَّه وَكَلِمَته ) ‏ ‏تَقَدَّمَ الْكَلَام فِي مَعْنَاهُ فِي أَوَائِل كِتَاب الْإِيمَان.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اِئْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدًا قَدْ غَفَرَ اللَّه لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه وَمَا تَأَخَّرَ ) ‏ ‏هَذَا مِمَّا اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَاهُ.
قَالَ الْقَاضِي : قِيلَ : الْمُتَقَدِّم مَا كَانَ قَبْل النُّبُوَّة وَالْمُتَأَخِّر عَصَمْتُك بَعْدهَا , وَقِيلَ : الْمُرَاد بِهِ ذُنُوب أُمَّته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قُلْت : فَعَلَى هَذَا يَكُون الْمُرَاد الْغُفْرَان لِبَعْضِهِمْ أَوْ سَلَامَتهمْ مِنْ الْخُلُود فِي النَّار.
وَقِيلَ : الْمُرَاد مَا وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَهْو.
وَتَأْوِيل حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ وَاخْتَارَهُ الْقُشَيْرِيُّ , وَقِيلَ : مَا تَقَدَّمَ لِأَبِيك آدَم وَمَا تَأَخَّرَ مِنْ ذُنُوب أُمَّتك.
وَقِيلَ : الْمُرَاد أَنَّهُ مَغْفُور لَك غَيْر مُؤَاخَذ بِذَنْبٍ لَوْ كَانَ.
وَقِيلَ : هُوَ تَنْزِيه لَهُ مِنْ الذُّنُوب صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَيَأْتُونِي فَأَسْتَأْذِن عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَن لِي ) ‏ ‏قَالَ الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - : مَعْنَاهُ - وَاَللَّه أَعْلَم - فَيُؤْذَن لِي فِي الشَّفَاعَة الْمَوْعُود بِهَا وَالْمَقَام الْمَحْمُود الَّذِي اِدَّخَرَهُ اللَّه تَعَالَى لَهُ وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ يَبْعَثهُ فِيهِ , قَالَ الْقَاضِي : وَجَاءَ فِي حَدِيث أَنَس وَحَدِيث أَبِي هُرَيْرَة اِبْتِدَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ سُجُوده وَحَمْده وَالْإِذْن لَهُ فِي الشَّفَاعَة بِقَوْلِهِ : ( أُمَّتِي أُمَّتِي ) وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيث حُذَيْفَة بَعْد هَذَا فِي الْحَدِيث نَفْسه قَالَ : ( فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُوم وَيُؤْذَن لَهُ وَتُرْسَل الْأَمَانَة وَالرَّحِم فَيَقُومَانِ جَنَبَتَيْ الصِّرَاط يَمِينًا وَشِمَالًا فَيَمُرّ أَوَّلهمْ كَالْبَرْقِ ) وَسَاقَ الْحَدِيث , وَبِهَذَا يَتَّصِل الْحَدِيث لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الشَّفَاعَة الَّتِي لَجَأَ النَّاس إِلَيْهِ فِيهَا وَهِيَ الْإِرَاحَة مِنْ الْمَوْقِف , وَالْفَصْل بَيْن الْعِبَاد , ثُمَّ بَعْد ذَلِكَ حَلَّتْ الشَّفَاعَة فِي أُمَّته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْمُذْنِبِينَ , وَحَلَّتْ الشَّفَاعَة لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَة وَغَيْرهمْ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيث الْأُخَر , وَجَاءَ فِي الْأَحَادِيث الْمُتَقَدِّمَة فِي الرُّؤْيَة وَحُشِرَ النَّاس أَتْبَاع كُلّ أَمَة مَا كَانَتْ تَعْبُد , ثُمَّ تَمْيِيز الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ , ثُمَّ حُلُول الشَّفَاعَة وَوَضْع الصِّرَاط فَيَحْتَمِل أَنَّ الْأَمْر بِاتِّبَاعِ الْأُمَم مَا كَانَتْ تَعْبُد هُوَ أَوَّل الْفَصْل وَالْإِرَاحَة مِنْ هَوْل الْمَوْقِف , وَهُوَ أَوَّل الْمَقَام الْمَحْمُود , وَأَنَّ الشَّفَاعَة الَّتِي ذَكَرَ حُلُولهَا هِيَ الشَّفَاعَة فِي الْمُذْنِبِينَ عَلَى الصِّرَاط , وَهُوَ ظَاهِر الْأَحَادِيث وَأَنَّهَا لِنَبِيِّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِغَيْرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأَحَادِيث , ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدهَا الشَّفَاعَة فِيمَنْ دَخَلَ النَّار , وَبِهَذَا تَجْتَمِع مُتُون الْحَدِيث وَتَتَرَتَّب مَعَانِيهَا إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي.
وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا بَقِيَ فِي النَّار إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآن ) ‏ ‏أَيْ : وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُود.
وَبَيَّنَ مُسْلِم - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - أَنَّ قَوْله : ( أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُود ) هُوَ تَفْسِير قَتَادَةَ الرَّاوِي , وَهَذَا التَّفْسِير صَحِيح , وَمَعْنَاهُ مَنْ أَخْبَرَ الْقُرْآن أَنَّهُ مُخَلَّد فِي النَّار وَهُمْ الْكُفَّار كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ } وَفِي هَذَا دَلَالَة لِمَذْهَبِ أَهْل الْحَقّ وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ السَّلَف أَنَّهُ لَا يَخْلُد فِي النَّار أَحَد مَاتَ عَلَى التَّوْحِيد.
وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثُمَّ آتِيه فَأَقُول يَا رَبّ ) ‏ ‏مَعْنَى ( آتِيه ) أَيْ أَعُودُ إِلَى الْمَقَام الَّذِي قُمْت فِيهِ أَوَّلًا وَسَأَلْت , وَهُوَ مَقَام الشَّفَاعَة.
‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى وَمُحَمَّد بْن بَشَّار قَالَا حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ عَنْ سَعِيد عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَس قَالَ مُسْلِم : ( وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذ بْن هِشَام قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَس ) قَالَ مُسْلِم ( وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مِنْهَال الضَّرِير حَدَّثَنَا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة وَهِشَام صَاحِب الدَّسْتُوَائِيّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَس ) قَالَ مُسْلِم : ( وَحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّان الْمِسْمَعِيّ وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى قَالَا : حَدَّثَنَا مُعَاذ وَهُوَ اِبْن هِشَام قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَنَس بْن مَالِك ) قَالَ مُسْلِم ( حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيع الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا بْن زَيْد حَدَّثَنَا مَعْبَد بْن هِلَال الْعَنَزِيّ ) يَعْنِي عَنْ أَنَس , هَذِهِ الْأَسَانِيد رِجَالهَا كُلّهمْ بَصْرِيُّونَ , وَهَذَا الِاتِّفَاق فِي غَايَة مِنْ الْحُسْن وَنِهَايَة مِنْ النُّدُور أَعْنِي اِتِّفَاق خَمْسَة أَسَانِيد فِي صَحِيح مُسْلِم مُتَوَالِيَة جَمِيعهمْ بَصْرِيُّونَ.
وَالْحَمْد لِلَّهِ عَلَى مَا هَدَانَا لَهُ.
‏ ‏فَأَمَّا ( اِبْن أَبَى عَدِيّ ) فَاسْمه مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عَدِيّ.
وَأَمَّا ( سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة ) فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ هَكَذَا يُرْوَى فِي كُتُب الْحَدِيث وَغَيْرهَا , وَأَنَّ اِبْن قُتَيْبَة قَالَ فِي كِتَابه ( أَدَب الْكَاتِب ) : الصَّوَاب ( اِبْن أَبِي الْعَرُوبَة ) بِالْأَلْفِ وَاللَّام , وَاسْم أَبِي عروبة ( مِهْرَان ) , وَقَدْ قَدَّمْنَا أَيْضًا أَنَّ سَعِيد بْن أَبِي عروبة مِمَّنْ اِخْتَلَطَ فِي آخِر عُمْره , وَأَنَّ الْمُخْتَلِط لَا يُحْتَجّ بِمَا رَوَاهُ فِي حَال الِاخْتِلَاط , وَشَكَكْنَا هَلْ رَوَاهُ فِي الِاخْتِلَاط أَمْ فِي الصِّحَّة ؟ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَا كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الْمُخْتَلِطِينَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ عُرِفَ أَنَّهُ رَوَاهُ قَبْل الِاخْتِلَاط , وَاَللَّه أَعْلَم.


حديث يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك وقال ابن عبيد فيلهمون لذلك فيقولون لو استشفعنا

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ ‏ ‏وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ ‏ ‏وَاللَّفْظُ ‏ ‏لِأَبِي كَامِلٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو عَوَانَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏قَتَادَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏ ‏قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏ابْنُ عُبَيْدٍ ‏ ‏فَيُلْهَمُونَ لِذَلِكَ ‏ ‏فَيَقُولُونَ لَوْ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا قَالَ فَيَأْتُونَ ‏ ‏آدَمَ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَيَقُولُونَ أَنْتَ ‏ ‏آدَمُ ‏ ‏أَبُو الْخَلْقِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ اشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا وَلَكِنْ ائْتُوا ‏ ‏نُوحًا ‏ ‏أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ قَالَ فَيَأْتُونَ ‏ ‏نُوحًا ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا وَلَكِنْ ائْتُوا ‏ ‏إِبْرَاهِيمَ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ ‏ ‏خَلِيلًا ‏ ‏فَيَأْتُونَ ‏ ‏إِبْرَاهِيمَ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا وَلَكِنْ ائْتُوا ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ قَالَ فَيَأْتُونَ ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا وَلَكِنْ ائْتُوا ‏ ‏عِيسَى ‏ ‏رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ فَيَأْتُونَ ‏ ‏عِيسَى ‏ ‏رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَلَكِنْ ائْتُوا ‏ ‏مُحَمَّدًا ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏عَبْدًا قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏فَيَأْتُونِي فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي فَإِذَا أَنَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ فَيُقَالُ يَا ‏ ‏مُحَمَّدُ ‏ ‏ارْفَعْ رَأْسَكَ قُلْ تُسْمَعْ سَلْ ‏ ‏تُعْطَهْ اشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ رَبِّي ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُخْرِجُهُمْ مِنْ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا ‏ ‏مُحَمَّدُ ‏ ‏قُلْ تُسْمَعْ سَلْ ‏ ‏تُعْطَهْ اشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُخْرِجَهُمْ مِنْ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ ‏ ‏قَالَ فَلَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ قَالَ ‏ ‏فَأَقُولُ يَا رَبِّ مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏ابْنُ عُبَيْدٍ ‏ ‏فِي رِوَايَتِهِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَتَادَةُ ‏ ‏أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ ‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ‏ ‏وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَعِيدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏قَتَادَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏يَجْتَمِعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَهْتَمُّونَ بِذَلِكَ ‏ ‏أَوْ يُلْهَمُونَ ذَلِكَ ‏ ‏بِمِثْلِ حَدِيثِ ‏ ‏أَبِي عَوَانَةَ ‏ ‏وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ آتِيهِ الرَّابِعَةَ ‏ ‏أَوْ أَعُودُ الرَّابِعَةَ ‏ ‏فَأَقُولُ يَا رَبِّ مَا بَقِيَ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏أَبِي ‏ ‏عَنْ ‏ ‏قَتَادَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏ ‏أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏يَجْمَعُ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْهَمُونَ لِذَلِكَ بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا وَذَكَرَ فِي الرَّابِعَةِ فَأَقُولُ يَا رَبِّ مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح مسلم

لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة

عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.<br> ح وحدثني أبو غسان المسمعي، ومحمد بن المثنى، قالا: حدثنا معاذ وهو ابن هشام، قال: حدثني أبي،...

"إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض

حدثنا معبد بن هلال العنزي، قال: انطلقنا إلى أنس بن مالك، وتشفعنا بثابت فانتهينا إليه وهو يصلي الضحى، فاستأذن لنا ثابت، فدخلنا عليه وأجلس ثابتا معه على...

يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واح...

عن أبي هريرة؛ قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بلحم.<br> فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه.<br> فنهس منها نهسة فقال "أنا سيد الناس يوم القيامة.<...

يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تز...

عن أبي هريرة، وأبو مالك، عن ربعي، عن حذيفة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -[187]-: " يجمع الله تبارك وتعالى الناس، فيقوم المؤمنون حتى تزلف له...

أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبع...

عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعا»

أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة وأنا أول من يقر...

عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة»

أنا أول شفيع في الجنة لم يصدق نبي من الأنبياء ما ص...

قال أنس بن مالك: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أول شفيع في الجنة، لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت، وإن من الأنبياء نبيا ما يصدقه من أمته إلا رجل...

بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك

عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح...

لكل نبي دعوة يدعوها فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأم...

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لكل نبي دعوة يدعوها، فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة»