حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون - صحيح مسلم

صحيح مسلم | كتاب الإيمان باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب (حديث رقم: 524 )


524- عن عمران، قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب»، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: «هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون»، فقام عكاشة، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: «أنت منهم»، قال: فقام رجل، فقال: يا نبي الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: «سبقك بها عكاشة»

أخرجه مسلم


(لا يكتوون) الاكتواء استعمال الكي في البدن.
وهو إحراق الجلد بحديدة محماة.
(ولا يسترقون) الاسترقاء طلب الرقية.

شرح حديث (هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون)

شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)

‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هُمْ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ ) ‏ ‏اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث , فَقَالَ الْإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه الْمَازِرِيُّ : اِحْتَجَّ بَعْض النَّاس بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ التَّدَاوِي مَكْرُوه , وَمُعْظَم الْعُلَمَاء عَلَى خِلَاف ذَلِكَ , وَاحْتَجُّوا بِمَا وَقَعَ فِي أَحَادِيث كَثِيرَة مِنْ ذِكْره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنَافِعِ الْأَدْوِيَة وَالْأَطْعِمَة كَالْحَبَّةِ السَّوْدَاء وَالْقُسْط وَالصَّبْر وَغَيْر ذَلِكَ , وَبِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدَاوَى , وَبِإِخْبَارِ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا بِكَثْرَةِ تُدَاوِيه وَبِمَا عُلِمَ مِنْ الِاسْتِشْفَاء بِرُقَاهُ , وَبِالْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ أَنَّ بَعْض الصَّحَابَة أَخَذُوا عَلَى الرُّقْيَة أَجْرًا , فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا حُمِلَ مَا فِي الْحَدِيث عَلَى قَوْم يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْأَدْوِيَة نَافِعَة بِطَبْعِهَا وَلَا يُفَوِّضُونَ الْأَمْر إِلَى اللَّه تَعَالَى.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : قَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيل غَيْر وَاحِد مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْحَدِيث , وَلَا يَسْتَقِيم هَذَا التَّأْوِيل وَإِنَّمَا أَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَهُمْ مَزِيَّة وَفَضِيلَة يَدْخُلُونَ الْجَنَّة بِغَيْرِ حِسَاب , وَبِأَنَّ وُجُوههمْ تُضِيء إِضَاءَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر , وَلَوْ كَانَ كَمَا تَأَوَّلَهُ هَؤُلَاءِ لَمَا اُخْتُصَّ هَؤُلَاءِ بِهَذِهِ الْفَضِيلَة ; لِأَنَّ تِلْكَ هِيَ عَقِيدَة جَمِيع الْمُؤْمِنِينَ , وَمَنْ اِعْتَقَدَ خِلَاف ذَلِكَ كَفَرَ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاء وَأَصْحَاب الْمَعَانِي عَلَى هَذَا ; فَذَهَبَ أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره إِلَى أَنَّ الْمُرَاد : مَنْ تَرَكَهَا تَوَكُّلًا عَلَى اللَّه تَعَالَى وَرِضَاء بِقَضَائِهِ وَبَلَائِهِ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَهَذِهِ مِنْ أَرْفَع دَرَجَات الْمُحَقِّقِينَ بِالْإِيمَانِ قَالَ : وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَة سَمَّاهُمْ , قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا ظَاهِر الْحَدِيث وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْق بَيْنَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيّ وَالرُّقَى وَسَائِر أَنْوَاع الطِّبّ.
وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ : الْمُرَاد بِالْحَدِيثِ الَّذِي يَفْعَلُونَهُ فِي الصِّحَّة فَإِنَّهُ يُكْرَه لِمَنْ لَيْسَتْ بِهِ عِلَّة أَنْ يَتَّخِذ التَّمَائِم وَيَسْتَعْمِل الرُّقَى , وَأَمَّا مَنْ يَسْتَعْمِل ذَلِكَ مِمَّنْ بِهِ مَرَض فَهُوَ جَائِز.
وَذَهَبَ بَعْضهمْ إِلَى تَخْصِيص الرُّقَى وَالْكَيّ مِنْ بَيْن أَنْوَاع الطِّبّ لِمَعْنًى وَأَنَّ الطِّبّ غَيْر قَادِح فِي التَّوَكُّل , إِذْ تَطَبَّبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفُضَلَاء مِنْ السَّلَف.
وَكُلّ سَبَب مَقْطُوع بِهِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْب لِلْغِذَاءِ وَالرِّيّ لَا يَقْدَح التَّوَكُّل عِنْد الْمُتَكَلِّمِينَ فِي هَذَا الْبَاب , وَلِهَذَا لَمْ يُنْفَ عَنْهُمْ التَّطَبُّب , وَلِهَذَا لَمْ يَجْعَلُوا الِاكْتِسَاب لِلْقُوتِ وَعَلَى الْعِيَال قَادِحًا فِي التَّوَكُّل إِذَا لَمْ يَكُنْ ثِقَته فِي رِزْقه بِاكْتِسَابِهِ وَكَانَ مُفَوِّضًا فِي ذَلِكَ كُلّه إِلَى اللَّه تَعَالَى , وَالْكَلَام فِي الْفَرْق بَيْن الطِّبّ وَالْكَيّ يَطُول , وَقَدْ أَبَاحَهُمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَثْنَى عَلَيْهِمَا , لَكِنِّي أَذْكُر مِنْهُ نُكْتَة تَكْفِي وَهُوَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تطبب فِي نَفْسه وَطَبَّبَ غَيْره , وَلَمْ يَكْتَوِ وَكَوَى غَيْره , وَنَهَى فِي الصَّحِيح أُمَّته عَنْ الْكَيّ وَقَالَ : " مَا أُحِبّ أَنْ أَكْتَوِي ".
هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي.
وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏وَالظَّاهِر مِنْ مَعْنَى الْحَدِيث مَا اِخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ كَمَا تَقَدَّمَ , وَحَاصِله : أَنَّ هَؤُلَاءِ كَمُلَ تَفْوِيضهمْ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَلَمْ يَتَسَبَّبُوا فِي دَفْع مَا أَوْقَعَهُ بِهِمْ.
وَلَا شَكّ فِي فَضِيلَة هَذِهِ الْحَالَة وَرُجْحَان صَاحِبهَا.
وَأَمَّا تَطَبُّب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَعَلَهُ لِيُبَيِّن لَنَا الْجَوَاز.
وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ ) اِخْتَلَفَتْ عِبَارَات الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف فِي حَقِيقَة التَّوَكُّل , فَحَكَى الْإِمَام أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيُّ وَغَيْره عَنْ طَائِفَة مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا : لَا يَسْتَحِقّ اِسْم التَّوَكُّل إِلَّا مَنْ لَمْ يُخَالِط قَلْبه خَوْف غَيْر اللَّه تَعَالَى مِنْ سَبُع أَوْ عَدُوّ حَتَّى يَتْرُك السَّعْي فِي طَلَب الرِّزْق ثِقَة بِضَمَانِ اللَّه تَعَالَى لَهُ رِزْقه , وَاحْتَجُّوا بِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْآثَار.
وَقَالَتْ طَائِفَة : حَدّه الثِّقَة بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْإِتْقَان بِأَنَّ قَضَاءَهُ نَافِذ وَاتِّبَاع سُنَّة نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّعْي فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الْمَطْعَم وَالْمَشْرَب وَالتَّحَرُّز مِنْ الْعَدُوّ كَمَا فَعَلَهُ الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : وَهَذَا الْمَذْهَب هُوَ اِخْتِيَار الطَّبَرِيُّ وَعَامَّة الْفُقَهَاء , وَالْأَوَّل مَذْهَب بَعْض الْمُتَصَوِّفَة وَأَصْحَاب عِلْم الْقُلُوب وَالْإِشَارَات.
وَذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمْ إِلَى نَحْو مَذْهَب الْجُمْهُور , وَلَكِنْ لَا يَصِحّ عِنْدهمْ اِسْم التَّوَكُّل مَعَ الِالْتِفَات وَالطُّمَأْنِينَة إِلَى الْأَسْبَاب , بَلْ فِعْل الْأَسْبَاب سُنَّة اللَّه وَحِكْمَته وَالثِّقَة بِأَنَّهُ لَا يَجْلِب نَفْعًا وَلَا يَدْفَع ضُرًّا وَالْكُلّ مِنْ اللَّه تَعَالَى وَحْده.
هَذَا كَلَام الْقَاضِي عِيَاض قَالَ الْإِمَام الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم الْقُشَيْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - : اِعْلَمْ أَنَّ التَّوَكُّل مَحَلّه الْقَلْب , وَأَمَّا الْحَرَكَة بِالظَّاهِرِ فَلَا تُنَافِي التَّوَكُّل بِالْقَلْبِ بَعْد مَا تَحَقَّقَ الْعَبْد أَنَّ الثِّقَة مِنْ قِبَل اللَّه تَعَالَى , فَإِنْ تَعَسَّرَ شَيْء فَبِتَقْدِيرِهِ , وَإِنْ تَيَسَّرَ فَبِتَيَسُّرِهِ.
وَقَالَ سَهْل بْن عَبْد اللَّه التَّسَتُّرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : التَّوَكُّل الِاسْتِرْسَال مَعَ اللَّه تَعَالَى عَلَى مَا يُرِيد.
وَقَالَ أَبُو عُثْمَان الْجَبْرِيّ : التَّوَكُّل الِاكْتِفَاء بِاَللَّهِ تَعَالَى مَعَ الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ.
وَقِيلَ : التَّوَكُّل أَنْ يَسْتَوِي الْإِكْثَار وَالتَّقَلُّل.
وَاَللَّه أَعْلَم.


حديث يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب قالوا ومن هم يا رسول الله قال

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ الْبَاهِلِيُّ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏الْمُعْتَمِرُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏عِمْرَانُ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ قَالُوا وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هُمْ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ وَلَا ‏ ‏يَسْتَرْقُونَ ‏ ‏وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ ‏ ‏عُكَّاشَةُ ‏ ‏فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ أَنْتَ مِنْهُمْ قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ سَبَقَكَ بِهَا ‏ ‏عُكَّاشَةُ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح مسلم

هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى رب...

عن عمران بن حصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب»، قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: «هم الذين لا يسترقون...

لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم وجوههم على صورة القم...

عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا، أو سبعمائة ألف - لا يدري أبو حازم أيهما قال - متماسكون آخذ بعضهم...

هم الذين لا يرقون ولا يسترقوون ولا يتطيرون وعلى رب...

أخبرنا حصين بن عبد الرحمن؛ قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ قلت: أنا.<br> ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة.<br> ولكن...

أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة

عن عبد الله، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟» قال: فكبرنا، ثم قال: «أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟...

أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة

عن عبد الله، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة نحوا من أربعين رجلا، فقال: «أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟» قال: قلنا: نعم، فقال: «أترضو...

ألا لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة

عن عبد الله، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسند ظهره إلى قبة أدم، فقال: «ألا لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، اللهم هل بلغت؟ اللهم اشهد، أتحبو...

والذي نفسي بيده! إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة

عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عز وجل: يا آدم فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، قال يقول: أخرج بعث النار قال: وما بع...

الطهور شطر الإيمان

عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن - أو تملأ - ما بي...

لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول

عن مصعب بن سعد، قال: دخل عبد الله بن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض فقال: ألا تدعو الله لي يا ابن عمر؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقو...