624- عن حذيفة، قال: «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة قوم، فبال قائما» فتنحيت فقال: «ادنه» فدنوت حتى قمت عند عقبيه «فتوضأ فمسح على خفيه»
(سباطة قوم) السباطة هي ملقى القمامة والتراب ونحوهما، تكون بفناء الدور، مرفقا لأهلها.
قال الخطابي: ويكون ذلك في الغالب سهلا منثالا؟؟ يخد فيه البول، ولا يرتد على البائل.
قال ابن الأثير: وإضافتها إلى القوم إضافة تخصيص لا ملك، لأنها كانت مواتا مباحة.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( كُنْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَة قَوْم فَبَال قَائِمًا فَتَنَحَّيْت فَقَالَ : اُدْنُهْ فَدَنَوْت حَتَّى قُمْت عِنْد عَقِبَيْهِ فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ) أَمَّا ( السُّبَاطَة ) فَبِضَمِّ السِّين الْمُهْمَلَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحَّدَة , وَهِيَ مَلْقَى الْقُمَامَة وَالتُّرَاب وَنَحْوهمَا تَكُون بِفِنَاءِ الدُّور مُرْفَقًا لِأَهْلِهَا.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَيَكُون ذَلِكَ فِي الْغَالِب سَهْلًا مَنْثًا لَا يَحُدّ فِيهِ الْبَوْل وَلَا يَرْتَدّ عَلَى الْبَائِل , وَأَمَّا سَبَب بَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَذَكَرَ الْعُلَمَاء فِيهِ أَوْجُهًا حَكَاهَا الْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرهمَا مِنْ الْأَئِمَّة أَحَدهَا : قَالَا : وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ الشَّافِعِيّ أَنَّ الْعَرَب كَانَتْ تَسْتَشِفِي لِوَجَعِ الصُّلْب بِالْبَوْلِ قَائِمًا , قَالَ فَتَرَى أَنَّهُ كَانَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَع الصُّلْب إِذْ ذَاكَ ؟ وَالثَّانِي : أَنَّ سَبَبه مَا رُوِيَ فِي رِوَايَة ضَعِيفَة رَوَاهَا الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْره : أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ قَائِمًا لِعِلَّةٍ بِمَأْبِضِهِ وَ ( الْمَأْبِض ) بِهَمْزَةِ سَاكِنَة بَعْد الْمِيم ثُمَّ مُوَحَّدَة وَهُوَ بَاطِن الرُّكْبَة , وَالثَّالِث : أَنَّهُ لَمْ يَجِد مَكَانًا لِلْقُعُودِ فَاضْطُرَّ إِلَى الْقِيَام لِكَوْنِ الطَّرَف الَّذِي مِنْ السُّبَاطَة كَانَ عَالِيًا مُرْتَفِعًا , وَذَكَرَ الْإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه الْمَازِرِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُمَا اللَّه تَعَالَى - وَجْهًا رَابِعًا وَهُوَ : أَنَّهُ بَالَ قَائِمًا لِكَوْنِهَا حَالَة يُؤْمَن فِيهَا خُرُوج الْحَدَث مِنْ السَّبِيل الْآخَر فِي الْغَالِب بِخِلَافِ حَالَة الْقُعُود , وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَر : الْبَوْل قَائِمًا أَحْصَنُ لِلدُّبُرِ , وَيَجُوز وَجْه خَامِس : أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ لِلْجَوَازِ فِي هَذِهِ الْمَرَّة , وَكَانَتْ عَادَته الْمُسْتَمِرَّة يَبُول قَاعِدًا , يَدُلّ عَلَيْهِ حَدِيث عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ : ( مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبُول قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُول إِلَّا قَاعِدًا ).
رَوَاهُ أَحْمَد بْن حَنْبَل وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَآخَرُونَ , وَإِسْنَاده جَيِّد.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَقَدْ رُوِيَ فِي النَّهْي عَنْ الْبَوْل قَائِمًا أَحَادِيث لَا تَثْبُت , وَلَكِنَّ حَدِيث عَائِشَة هَذَا ثَابِت فَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاء : يُكْرَه الْبَوْل قَائِمًا إِلَّا لِعُذْرٍ , وَهِيَ كَرَاهَة تَنْزِيه لَا تَحْرِيم.
قَالَ اِبْن الْمُنْذِر فِي الْإِشْرَاق : اِخْتَلَفُوا فِي الْبَوْل قَائِمًا فَثَبَتَ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَزَيْد بْن ثَابِت وَابْن عُمَر وَسَهْل بْن سَعْد أَنَّهُمْ بَالُوا قِيَامًا , قَالَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَنَس وَعَلِيّ وَأَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ.
وَفَعَلَ ذَلِكَ اِبْن سِيرِينَ وَعُرْوَة بْن الزُّبَيْر , وَكَرِهَهُ اِبْن مَسْعُود وَالشَّعْبِيّ وَإِبْرَاهِيم بْن سَعْد , وَكَانَ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد لَا يُجِيز شَهَادَة مَنْ بَالَ قَائِمًا , وَفِيهِ قَوْل ثَالِث : أَنَّهُ كَانَ فِي مَكَان يَتَطَايَر إِلَيْهِ مِنْ الْبَوْل شَيْء فَهُوَ مَكْرُوه , فَإِنْ كَانَ لَا يَتَطَايَر فَلَا بَأْس بِهِ.
وَهَذَا قَوْل مَالِك قَالَ اِبْن الْمُنْذِر : الْبَوْل جَالِسًا أَحَبّ إِلَيَّ وَقَائِمًا مُبَاح , وَكُلّ ذَلِكَ ثَابِت عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
هَذَا كَلَام اِبْن الْمُنْذِر.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَأَمَّا بَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُبَاطَة قَوْم فَيَحْتَمِل أَوْجُهًا : أَظْهَرهَا : أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤْثِرُونَ ذَلِكَ وَلَا يَكْرَهُونَهُ بَلْ يَفْرَحُونَ بِهِ , وَمَنْ كَانَ هَذَا حَاله جَازَ الْبَوْل فِي أَرْضه , وَالْأَكْل مِنْ طَعَامه , وَنَظَائِر هَذَا فِي السُّنَّة أَكْثَر مِنْ أَنْ تُحْصَى.
وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى هَذِهِ الْقَاعِدَة فِي كِتَاب الْإِيمَان فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : ( اِحْتَفَزْت كَمَا يَحْتَفِز الثَّعْلَب ).
وَالْوَجْه الثَّانِي : أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُخْتَصَّة بِهِمْ بَلْ كَانَتْ بِفِنَاءِ دُورهمْ لِلنَّاسِ كُلّهمْ فَأُضِيفَتْ إِلَيْهِمْ لَقُرْبهَا مِنْهُمْ.
وَالثَّالِث : أَنْ يَكُونُوا أَدْنَوْا لِمَنْ أَرَادَ قَضَاء الْحَاجَة إِمَّا بِصَرِيحِ الْإِذْن وَإِمَّا بِمَا فِي مَعْنَاهُ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا بَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّبَاطَة الَّتِي بِقُرْبِ الدُّور مَعَ أَنَّ الْمَعْرُوف مِنْ عَادَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّبَاعُد فِي الْمَذْهَب , فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاض رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ سَبَبه : أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ الشُّغْل بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّظَر فِي مَصَالِحهمْ بِالْمَحَلِّ الْمَعْرُوف , فَلَعَلَّهُ طَالَ عَلَيْهِ مَجْلِس حَتَّى حَفَزَهُ الْبَوْل فَلَمْ يُمْكِنهُ التَّبَاعُد , وَلَوْ أَبْعَد لَتَضَرَّرَ , وَارْتَادَ السُّبَاطَة لِدَمَثِهَا , وَأَقَامَ حُذَيْفَة بِقُرْبِهِ لِيَسْتُرهُ عَنْ النَّاس.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي حَسَن ظَاهِر.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَأَمَّا قَوْله : ( فَتَنَحَّيْت فَقَالَ إِذْنه فَدَنَوْت حَتَّى قُمْت عِنْد عَقِبَيْهِ ) قَالَ الْعُلَمَاء : إِنَّمَا اِسْتَدْنَاهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَتِر بِهِ عَنْ أَعْيُن النَّاس وَغَيْرهمْ مِنْ النَّاظِرِينَ لِكَوْنِهَا حَالَة يُسْتَخْفَى بِهَا وَيُسْتَحْيَ مِنْهَا فِي الْعَادَة , وَكَانَتْ الْحَاجَة الَّتِي يَقْضِيهَا بَوْلًا مِنْ قِيَام يُؤْمَنُ مَعَهَا خُرُوج الْحَدَث الْآخَر وَالرَّائِحَة الْكَرِيهَة , فَلِهَذَا اِسْتَدْنَاهُ.
وَجَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر لَمَّا أَرَادَ قَضَاء الْحَاجَة قَالَ : ( تَنَحَّ ) لِكَوْنِهِ كَانَ يَقْضِيهَا قَاعِدًا , وَيَحْتَاج إِلَى الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا فَتَحْصُل الرَّائِحَة الْكَرِيهَة وَمَا يَتْبَعهَا.
وَلِهَذَا قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء فِي هَذَا الْحَدِيث : مِنْ السُّنَّة الْقُرْب مِنْ الْبَائِل إِذَا كَانَ قَائِمًا , فَإِذَا كَانَ قَاعِدًا فَالسُّنَّة الْإِبْعَاد عَنْهُ.
وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث مُشْتَمِل عَلَى أَنْوَاع مِنْ الْفَوَائِد تَقَدَّمَ بَسْط أَكْثَرهَا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ , وَنُشِير إِلَيْهَا هَا هُنَا مُخْتَصَرَة , فَفِيهِ : إِثْبَات الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ.
وَفِيهِ : جَوَاز الْمَسْح فِي الْحَضَر.
وَفِيهِ جَوَاز الْبَوْل قَائِمًا.
وَجَوَاز قُرْب الْإِنْسَان مِنْ الْبَائِل.
وَفِيهِ : جَوَاز طَلَب الْبَائِل مِنْ صَاحِبه الَّذِي يَدُلّ عَلَيْهِ الْقُرْب مِنْهُ لِيَسْتُرهُ.
وَفِيهِ : اِسْتِحْبَاب السِّتْر.
وَفِيهِ : جَوَاز الْبَوْل بِقُرْبِ الدِّيَار.
وَفِيهِ غَيْر ذَلِكَ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا فَتَنَحَّيْتُ فَقَالَ ادْنُهْ فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ
عن أبي وائل، قال: كان أبو موسى، يشدد في البول، ويبول في قارورة ويقول: إن بني إسرائيل كان إذا أصاب جلد أحدهم بول قرضه بالمقاريض، فقال حذيفة: «لوددت أن...
عن عروة بن المغيرة، عن أبيه المغيرة بن شعبة: عن «رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج لحاجته فاتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء فصب عليه حين فرغ من حاجته...
عن المغيرة بن شعبة، قال: «بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إذ نزل فقضى حاجته، ثم جاء فصببت عليه من إداوة كانت معي، فتوضأ ومسح على خفي...
عن المغيرة بن شعبة، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: «يا مغيرة خذ الإداوة» فأخذتها، ثم خرجت معه، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم...
عن المغيرة بن شعبة، قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضي حاجته، فلما رجع تلقيته بالإداوة فصببت عليه، فغسل يديه ثم غسل وجهه، ثم ذهب ليغسل ذراعي...
عروة بن المغيرة، عن أبيه، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في مسير، فقال لي: «أمعك ماء» قلت: نعم «فنزل عن راحلته، فمشى حتى توارى في سواد...
عن عروة بن المغيرة، عن أبيه، أنه وضأ النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ ومسح على خفيه، فقال له: فقال: «إني أدخلتهما طاهرتين»
عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه، قال: تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلفت معه فلما قضى حاجته قال: «أمعك ماء؟» فأتيته بمطهرة، «فغسل كفيه ووجه...
عن ابن المغيرة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم: «مسح على الخفين، ومقدم رأسه وعلى عمامته»وحدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر، عن أبيه، عن ب...