833- عن أنس، قال: " أقيمت الصلاة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نجي لرجل - وفي حديث عبد الوارث: ونبي الله صلى الله عليه وسلم يناجي الرجل - فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم "
(نجي) معناه مسار له.
والمناجاة التحديث سرا.
يقال: رجل نجي، ورجلان نجي بلفظ واحد.
(حتى نام القوم) يعني جالسين.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
وَأَمَّا قَوْله : ( نَجِيّ لِرَجُلٍ ) فَمَعْنَاهُ : مُسَارّ لَهُ , وَالْمُنَاجَاة التَّحْدِيث سِرًّا , وَيُقَال : رَجُل نَجِيّ , وَرَجُلَانِ نَجِيّ وَرِجَال نَجِيّ وَرِجَال نَجِيّ بِلَفْظِ وَاحِد.
قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا } وَقَالَ تَعَالَى : { خَلَصُوا نَجِيًّا } وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا فِقْه الْحَدِيث فَفِيهِ جَوَاز مُنَاجَاة الرَّجُل بِحَضْرَةِ الْجَمَاعَة.
وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْوَاحِد.
وَفِيهِ جَوَاز الْكَلَام بَعْد إِقَامَة الصَّلَاة لَا سِيَّمَا فِي الْأُمُور الْمُهِمَّة , وَلَكِنَّهُ مَكْرُوه فِي غَيْر الْمُهِمّ.
وَفِيهِ تَقْدِيم الْأَهَمّ فَالْأَهَمّ مِنْ الْأُمُور عِنْد اِزْدِحَامهَا فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا نَاجَاهُ بَعْد الْإِقَامَة فِي أَمْر مُهِمّ مِنْ أُمُور الدِّين مَصْلَحَته رَاجِحَة عَلَى تَقْدِيم الصَّلَاة وَفِيهِ أَنَّ نَوْم الْجَالِس لَا يَنْقُض الْوُضُوء وَهَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَة الْمَقْصُودَة بِهَذَا الْبَاب , وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيهَا عَلَى مَذَاهِب أَحَدهَا أَنَّ النَّوْم لَا يَنْقُض الْوُضُوء عَلَى أَيّ حَال كَانَ , وَهَذَا مَحْكِيّ عَنْ أَبَى مُوسَى الْأَشْعَرِيّ , وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب , وَأَبِي مِجْلَز , وَحُمَيْد الْأَعْرَج , وَشُعْبَة.
وَالْمَذْهَب الثَّانِي أَنَّ النَّوْم يَنْقُض الْوُضُوء بِكُلِّ حَال , وَهُوَ مَذْهَب الْحَسَن الْبَصْرِيّ , وَالْمُزَنِيّ , وَأَبِي عُبَيْد الْقَاسِم بْن سَلَّام , وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ , وَهُوَ قَوْل غَرِيب لِلشَّافِعِيِّ.
قَالَ اِبْن الْمُنْذِر : وَبِهِ أَقُول قَالَ : وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَأَنَس , وَأَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ.
وَالْمَذْهَب الثَّالِث أَنَّ كَثِير النَّوْم يَنْقُض بِكُلِّ حَال , وَقَلِيله لَا يَنْقُض بِحَالٍ , وَهَذَا مَذْهَب الزُّهْرِيّ , وَرَبِيعَة وَالْأَوْزَاعِيّ , وَمَالِك , وَأَحْمَد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ , وَالْمَذْهَب الرَّابِع أَنَّهُ إِذَا نَامَ عَلَى هَيْئَة مِنْ هَيْئَات الْمُصَلِّينَ كَالرَّاكِعِ وَالسَّاجِد وَالْقَائِم وَالْقَاعِد لَا يُنْتَقَض وُضُوءُهُ سَوَاء كَانَ فِي الصَّلَاة أَوْ لَمْ يَكُنْ , وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ اِنْتَقَضَ.
وَهَذَا مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة , وَدَاوُد وَهُوَ قَوْل لِلشَّافِعِيِّ غَرِيب.
وَالْمَذْهَب الْخَامِس أَنَّهُ لَا يَنْقُض إِلَّا نَوْم الرَّاكِع وَالسَّاجِد رُوِيَ هَذَا عَنْ أَحْمَد بْن حَنْبَل رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى.
وَالْمَذْهَب السَّادِس أَنَّهُ لَا يَنْقُض إِلَّا نَوْم السَّاجِد وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَحْمَد رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
وَالْمَذْهَب السَّابِع أَنَّهُ لَا يَنْقُض النَّوْم فِي الصَّلَاة بِكُلِّ حَال , وَيَنْقُض خَارِج الصَّلَاة , وَهُوَ قَوْل ضَعِيف لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى.
وَالْمَذْهَب الثَّامِن أَنَّهُ إِذَا نَامَ جَالِسًا مُمَكِّنًا مَقْعَدَته مِنْ الْأَرْض ثَمَّ يُنْتَقَض , وَإِلَّا اُنْتُقِضَ سَوَاء قَلَّ أَوْ كَثُرَ , سَوَاء كَانَ فِي الصَّلَاة أَوْ خَارِجهَا , وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ , وَعِنْده أَنَّ النَّوْم لَيْسَ حَدَثًا فِي نَفْسه وَإِنَّمَا هُوَ دَلِيل عَلَى خُرُوج الرِّيح.
فَإِذَا نَامَ غَيْر مُمَكِّن الْمَقْعَدَة غَلَبَ عَلَى الظَّنّ خُرُوج الرِّيح فَجَعَلَ الشَّرْع هَذَا الْغَالِب كَالْمُحَقَّقِ , وَأَمَّا إِذَا كَانَ مُمَكِّنًا فَلَا يَغْلِب عَلَى الظَّنّ الْخُرُوج وَالْأَصْل بَقَاء الطَّهَارَة , وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيث كَثِيرَة فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة يُسْتَدَلّ بِهَا لِهَذِهِ الْمَذَاهِب.
وَقَدْ قَرَّرْت الْجَمْع بَيْنهَا وَوَجْه الدَّلَالَة مِنْهَا فِي شَرْح الْمُهَذَّب , وَلَيْسَ مَقْصُودِي هُنَا الْإِطْنَاب بَلْ الْإِشَارَة إِلَى الْمَقَاصِد.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ زَوَال الْعَقْل بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاء وَالسُّكْر بِالْخَمْرِ أَوْ النَّبِيذ أَوْ الْبَنْج أَوْ الدَّوَاء يُنْقَض الْوُضُوء سَوَاء قَلَّ أَوْ كَثُرَ , سَوَاء كَانَ مُمَكِّن الْمَقْعَدَة أَوْ غَيْر مُمَكِّنهَا.
قَالَ أَصْحَابنَا : وَكَانَ مِنْ خَصَائِص رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَض وُضُوءُهُ بِالنَّوْمِ مُضْطَجِعًا لِلْحَدِيثِ الصَّحِيح عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : نَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْت غَطِيطه , ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
( فَرْع ) قَالَ الشَّافِعِيّ وَالْأَصْحَاب لَا يُنْقَض الْوُضُوء بِالنُّعَاسِ وَهُوَ السُّنَّة.
قَالُوا : وَعَلَامَة النَّوْم أَنَّ فِيهِ غَلَبَة عَلَى الْعَقْل وَسُقُوط حَاسَّة الْبَصَر وَغَيْرهَا مِنْ الْحَوَاسّ , وَأَمَّا النُّعَاس فَلَا يَغْلِب عَلَى الْعَقْل وَإِنَّمَا تَفْتُر فِيهِ الْحَوَاسّ مِنْ غَيْر سُقُوطهَا.
وَلَوْ شَكَّ هَلْ نَامَ أَمْ نَعَسَ فَلَا وُضُوء عَلَيْهِ , وَيُسْتَحَبّ أَنْ يَتَوَضَّأ.
وَلَوْ تَيَقَّنَ النَّوْم وَشَكَّ هَلْ نَامَ مُمَكِّن الْمَقْعَدَة مِنْ الْأَرْض أَمْ لَا لَمْ يُنْقَض وُضُوءُهُ , وَيُسْتَحَبّ أَنْ يَتَوَضَّأ.
وَلَوْ نَامَ جَالِسًا ثُمَّ زَالَتْ أَلْيَتَاهُ أَوْ إِحْدَاهُمَا عَنْ الْأَرْض فَإِنْ زَالَتْ قَبْل الِانْتِبَاه اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُ لِأَنَّهُ مَضَى عَلَيْهِ لَحْظَة وَهُوَ نَائِم غَيْر مُمَكِّن الْمَقْعَدَة , وَإِنْ زَالَتْ بَعْد الِانْتِبَاه أَوْ مَعَهُ أَوْ شَكَّ فِي وَقْت زَوَالهَا لَمْ يُنْتَقَض وُضُوءُهُ.
وَلَوْ نَامَ مُمَكِّنًا مَقْعَدَته مِنْ الْأَرْض مُسْتَنِدًا إِلَى حَائِط أَوْ غَيْره لَمْ يُنْتَقَض وُضُوءُهُ سَوَاء كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ الْحَائِط لَسَقَطَ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
وَلَوْ نَامَ مُحْتَبِيًا فَفِيهِ ثَلَاثَة أَوْجُه لِأَصْحَابِنَا أَحَدهَا لَا يُنْتَقَض كَالْمُتَرَبِّعِ , وَالثَّانِي يُنْتَقَض كَالْمُضْطَجِعِ , وَالثَّالِث إِنْ كَانَ نَحِيف الْبَدَن بِحَيْثُ لَا تَنْطَبِق أَلْيَتَاهُ عَلَى الْأَرْض اِنْتَقَضَ , وَإِنْ كَانَ أَلْحَم الْبَدَن بِحَيْثُ يَنْطَبِقَانِ لَمْ يُنْتَقَض.
وَاَللَّه أَعْلَم بِالصَّوَابِ وَلَهُ الْحَمْد وَالنِّعْمَة , وَبِهِ التَّوْفِيق وَالْعِصْمَة.
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ح و حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَجِيٌّ لِرَجُلٍ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ وَنَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاجِي الرَّجُلَ فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى نَامَ الْقَوْمُ
عن عبد العزيز بن صهيب، سمع أنس بن مالك قال: «أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلا فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه ثم جاء فصلى بهم»
عن قتادة، قال: سمعت أنسا، يقول: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون» قال: قلت: سمعته من أنس قال: إي والله
عن أنس، أنه قال: " أقيمت صلاة العشاء فقال رجل: لي حاجة فقام النبي صلى الله عليه وسلم يناجيه حتى نام القوم - أو بعض القوم - ثم صلوا "
عن عبد الله بن عمر أنه قال: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا...
عن أنس، قال: «أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة» زاد يحيى، في حديثه عن ابن علية، فحدثت به أيوب فقال: إلا الإقامة
عن أنس بن مالك؛ قال: ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه.<br> فذكروا أن ينوروا نارا أو يضربوا ناقوسا.<br> فأمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة....
عن أنس، قال: «أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة»
عن أبي محذورة، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم علمه هذا الأذان: «الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا ر...
عن ابن عمر، قال: «كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال، وابن أم مكتوم الأعمى» وحدثنا ابن نمير، حدثنا أبي، حدثنا عبيد الله، حدثنا القاسم، عن...