1199- عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه، ما شأنكم؟ تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله، ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان، قال: «فلا تأتهم» قال: ومنا رجال يتطيرون، قال: " ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم - قال ابن الصباح: فلا يصدنكم - " قال قلت: ومنا رجال يخطون، قال: «كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك» قال: وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية، فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم، آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي، قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: «ائتني بها» فأتيته بها، فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء، قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله، قال: «أعتقها، فإنها مؤمنة»حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عيسى بن يونس، حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد نحوه
(فرماني القوم بأبصارهم) أي نظروا إلى حديدا كما يرمى بالسهم، زجرا بالبصر من غير كلام.
(واثكل أمياه) بضم الثاء وإسكان الكاف، وبفتحهما جميعا، لغتان كالبخل والبخل.
حكاهما الجوهري وغيره.
وهو فقدان المرأة ولدها.
وامرأة ثكلى وثاكل.
وثكلته أمه.
وأثكله الله تعالى أمه.
أي وافقد أمي إياي فإني هلكت فـ "وا" كلمة تختص في النداء بالندبة.
وثكل أمياه مندوب.
ولكونه مضافا منصوب، وهو مضاف إلى أم المكسورة الميم لإضافة إلى ياء المتكلم الملحق بآخره الألف والهاء.
وهذه الألف تلحق المندوب لأجل مد الصوت به إظهارا لشدة الحزن.
والهاء التي بعدها هي هاء السكت ولا تكونان إلا في الآخر.
(ما شأنكم) أي ما حالكم وأمركم.
(رأيتهم) أي علمتهم.
(يصمتونني) أي يسكتونني، غضبت وتغيرت.
(كهرني) قالوا: القهر والكهر والنهر، متقاربة.
أي ما قهرني ولا نهرني.
(بجاهلية) قال العلماء: الجاهلية ما قبل ورود الشرع.
سموا جاهلية لكثرة جهالاتهم وفحشهم.
(ذاك شيء يجدونه في صدورهم) قال العلماء: معناه أن الطيرة شيء تجدونه في نفوسكم ضرورة.
ولا عتب عليكم في ذلك.
لكن لا تمتنعوا بسببه من التصرف في أموركم.
(يخط) إشارة إلى علم الرمل.
(قبل أحد والجوانية) الجوانية بقرب أحد.
موضع في شمال المدينة.
(آسف كما يأسفون) أي أغضب كما يغضبون.
والأسف الحزن والغضب.
(صككتها صكة) أي ضربتها بيدي مبسوطة.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( وَاثُكْل أُمِّيَّاهُ ) الثُّكْل بِضَمِّ الثَّاء وَإِسْكَان الْكَاف وَبِفَتْحِهِمَا جَمِيعًا لُغَتَانِ , كَالْبُخْلِ وَالْبَخَل , حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيّ وَغَيْره , وَهُوَ فِقْدَان الْمَرْأَة وَلَدهَا , وَامْرَأَة ثَكْلَى وَثَاكِل , وَثَكِلَتْهُ أُمّه بِكَسْرِ الْكَاف , وَأَثْكَلَهُ اللَّه تَعَالَى أُمّه.
وَقَوْله : ( أُمِّيَّاهُ ) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيم.
قَوْله : ( فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذهمْ ) يَعْنِي فَعَلُوا هَذَا لِيُسْكِتُوهُ , وَهَذَا مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْل أَنْ يُشْرَع التَّسْبِيح لِمَنْ نَابَهُ شَيْء فِي صَلَاته.
وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز الْفِعْل الْقَلِيل فِي الصَّلَاة , وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَة فِيهِ إِذَا كَانَ لِحَاجَةٍ.
قَوْله : ( فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْت مُعَلِّمًا قَبْله وَلَا بَعْده أَحْسَن تَعْلِيمًا مِنْهُ ) فِيهِ : بَيَان مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَظِيم الْخُلُق الَّذِي شَهِدَ اللَّه تَعَالَى لَهُ بِهِ , وَرِفْقه بِالْجَاهِلِ , وَرَأْفَته بِأُمَّتِهِ , وَشَفَقَته عَلَيْهِمْ.
وَفِيهِ التَّخَلُّق بِخُلُقِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّفْق بِالْجَاهِلِ , وَحُسْن تَعْلِيمه وَاللُّطْف بِهِ , وَتَقْرِيب الصَّوَاب إِلَى فَهْمه.
قَوْله : ( فَوَاَللَّهِ مَا كَهَرَنِي ) أَيْ مَا اِنْتَهَرَنِي.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاة لَا يَصْلُح فِيهَا شَيْء مِنْ كَلَام النَّاس , إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وَقِرَاءَة الْقُرْآن ) فِيهِ : تَحْرِيم الْكَلَام فِي الصَّلَاة , سَوَاء كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ غَيْرهَا , وَسَوَاء كَانَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاة أَوْ غَيْرهَا , فَإِنْ اِحْتَاجَ إِلَى تَنْبِيه أَوْ إِذْن لِدَاخِلٍ وَنَحْوه سَبَّحَ إِنْ كَانَ رَجُلًا , وَصَفَّقَتْ إِنْ كَانَتْ اِمْرَأَة , هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب مَالِك وَأَبِي حَنِيفَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ - وَالْجُمْهُور مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف.
وَقَالَ طَائِفَة مِنْهُمْ الْأَوْزَاعِيُّ : يَجُوز الْكَلَام لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاة وَلِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ , وَسَنُوَضِّحُهُ فِي مَوْضِعه - إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى - وَهَذَا فِي كَلَام الْعَامِد الْعَالِم.
أَمَّا النَّاسِي فَلَا تَبْطُل صَلَاته بِالْكَلَامِ الْقَلِيل عِنْدنَا , وَبِهِ قَالَ مَالِك وَأَحْمَد وَالْجُمْهُور , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - وَالْكُوفِيُّونَ : تَبْطُل.
دَلِيلنَا : حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ.
فَإِنْ كَثُرَ كَلَام النَّاسِي فَفِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ لِأَصْحَابِنَا : أَصَحّهمَا : تَبْطُل صَلَاته ; لِأَنَّهُ نَادِر , وَأَمَّا كَلَام الْجَاهِل إِذَا كَانَ قَرِيب عَهْد بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ كَكَلَامِ النَّاسِي , فَلَا تَبْطُل الصَّلَاة بِقَلِيلِهِ لِحَدِيثِ مُعَاوِيَة بْن الْحَكَم هَذَا , الَّذِي نَحْنُ فِيهِ ; لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاة , لَكِنْ عَلَّمَهُ تَحْرِيم الْكَلَام فِيمَا يُسْتَقْبَل.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وَقِرَاءَة الْقُرْآن ) فَمَعْنَاهُ : هَذَا وَنَحْوه , فَإِنَّ التَّشَهُّد وَالدُّعَاء وَالتَّسْلِيم مِنْ الصَّلَاة وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَذْكَار مَشْرُوع فِيهَا , فَمَعْنَاهُ : لَا يَصْلُح فِيهَا شَيْء مِنْ كَلَام النَّاس وَمُخَاطَبَاتهمْ , وَإِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيح وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الذِّكْر وَالدُّعَاء وَأَشْبَاههمَا مِمَّا وَرَدَ بِهِ الشَّرْع.
وَفِيهِ : دَلِيل عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّم , فَسَبَّحَ أَوْ كَبَّرَ أَوْ قَرَأَ الْقُرْآن لَا يَحْنَث , وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور فِي مَذْهَبنَا.
وَفِيهِ : دَلَالَة لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - وَالْجُمْهُور أَنَّ تَكْبِيرَة الْإِحْرَام فَرْض مِنْ فُرُوض الصَّلَاة وَجُزْء مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - : لَيْسَتْ مِنْهَا , بَلْ هِيَ شَرْط خَارِج عَنْهَا مُتَقَدِّم عَلَيْهَا.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث : النَّهْي عَنْ تَشْمِيت الْعَاطِس فِي الصَّلَاة , وَأَنَّهُ مِنْ كَلَام النَّاس الَّذِي يَحْرُم فِي الصَّلَاة وَتَفْسُد بِهِ إِذَا أَتَى بِهِ عَالِمًا عَامِدًا.
قَالَ أَصْحَابنَا : إِنْ قَالَ : يَرْحَمك اللَّه بِكَافِ الْخِطَاب بَطَلَتْ صَلَاته , وَإِنْ قَالَ : يَرْحَمهُ اللَّه , أَوْ اللَّهُمَّ اِرْحَمْهُ , أَوْ رَحِمَ اللَّه فُلَانًا لَمْ تَبْطُل صَلَاته ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخِطَابٍ.
وَأَمَّا الْعَاطِس فِي الصَّلَاة فَيُسْتَحَبّ لَهُ أَنْ يَحْمَد اللَّه تَعَالَى سِرًّا , هَذَا مَذْهَبنَا , وَبِهِ قَالَ مَالِك وَغَيْره , وَعَنْ اِبْن عُمَر وَالنَّخَعِيّ وَأَحْمَد - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ - أَنَّهُ يَجْهَر بِهِ , وَالْأَوَّل أَظْهَر ; لِأَنَّهُ ذِكْر , وَالسُّنَّة فِي الْأَذْكَار فِي الصَّلَاة الْإِسْرَار إِلَّا مَا اِسْتَثْنَى مِنْ الْقِرَاءَة فِي بَعْضهَا وَنَحْوهَا.
قَوْله : ( إِنِّي حَدِيث عَهْد بِجَاهِلِيَّةٍ ) قَالَ الْعُلَمَاء : الْجَاهِلِيَّة مَا قَبْل وُرُود الشَّرْع , سُمُّوا جَاهِلِيَّة لِكَثْرَةِ جَهَالَاتهمْ وَفُحْشهمْ.
فَقَوْله : ( إِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّان قَالَ : فَلَا تَأْتِهِمْ ) قَالَ الْعُلَمَاء : إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ إِتْيَان الْكَاهِن ; لِأَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ فِي مُغَيَّبَات قَدْ يُصَادِف بَعْضهَا الْإِصَابَة ; فَيُخَاف الْفِتْنَة عَلَى الْإِنْسَان بِسَبَبِ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ يُلَبِّسُونَ عَلَى النَّاس كَثِيرًا مِنْ أَمْر الشَّرَائِع , وَقَدْ تَظَاهَرَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة بِالنَّهْيِ عَنْ إِتْيَان الْكُهَّان وَتَصْدِيقهمْ فِيمَا يَقُولُونَ , وَتَحْرِيم مَا يُعْطُونَ مِنْ الْحُلْوَانِ , وَهُوَ حَرَام بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ , وَقَدْ نَقَلَ الْإِجْمَاع فِي تَحْرِيمه جَمَاعَة مِنْهُمْ أَبُو مُحَمَّد الْبَغَوِيُّ رَحِمَهُمْ اللَّه تَعَالَى.
قَالَ الْبَغَوِيُّ : اِتَّفَقَ أَهْل الْعِلْم عَلَى تَحْرِيم حُلْوَانِ الْكَاهِن , وَهُوَ مَا أَخَذَهُ الْمُتَكَهِّن عَلَى كِهَانَته , لِأَنَّ فِعْل الْكِهَانَة بَاطِل لَا يَجُوز أَخْذ الْأُجْرَة عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - فِي الْأَحْكَام السُّلْطَانِيَّة : وَيَمْنَع الْمُحْتَسِب النَّاس مِنْ التَّكَسُّب بِالْكِهَانَةِ وَاللَّهْو , وَيُؤَدِّب عَلَيْهِ الْآخِذ وَالْمُعْطِي , وَقَالَ الْخَطَّابِيّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - : حُلْوَان الْكَاهِن مَا يَأْخُذهُ الْمُتَكَهِّن عَلَى كِهَانَته , وَهُوَ مُحَرَّم.
وَفِعْله بَاطِل , قَالَ : وَحُلْوَان الْعَرَّاف حَرَام أَيْضًا , قَالَ : وَالْفَرْق بَيْن الْعَرَّاف وَالْكَاهِن , أَنَّ الْكَاهِن إِنَّمَا يَتَعَاطَى الْأَخْبَار عَنْ الْكَوَائِن فِي الْمُسْتَقْبَل , وَيَدَّعِي مَعْرِفَة الْأَسْرَار , وَالْعَرَّاف يَتَعَاطَى مَعْرِفَة الشَّيْء الْمَسْرُوق , وَمَكَان الضَّالَّة وَنَحْوهمَا , وَقَالَ الْخَطَّابِيّ أَيْضًا فِي حَدِيث ( مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُول فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : كَانَ فِي الْعَرَب كَهَنَة يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ كَثِيرًا مِنْ الْأُمُور , مِنْهُمْ مَنْ يَزْعُم أَنَّ لَهُ رِئْيًا مِنْ الْجِنّ يُلْقِي إِلَيْهِ الْأَخْبَار , وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي اِسْتِدْرَاك ذَلِكَ بِفَهْمٍ أُعْطِيه , وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمَّى : عَرَّافًا وَهُوَ الَّذِي يَزْعُم مَعْرِفَة الْأُمُور بِمُقَدِّمَاتِ أَسْبَاب اِسْتَدَلَّ بِهَا , كَمَعْرِفَةِ مَنْ سَرَقَ الشَّيْء الْفُلَانِيّ , وَمَعْرِفَة مَنْ يُتَّهَم بِهِ الْمَرْأَة , وَنَحْو ذَلِكَ , وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّي الْمُنَجِّم كَاهِنًا , قَالَ : وَالْحَدِيث يَشْتَمِل عَلَى النَّهْي عَنْ إِتْيَان هَؤُلَاءِ كُلّهمْ , وَالرُّجُوع إِلَى قَوْلهمْ وَتَصْدِيقهمْ فِيمَا يَدَّعُونَهُ.
هَذَا كَلَام الْخَطَّابِيّ وَهُوَ نَفِيس.
قَوْله : ( وَمِنَّا رِجَال يَتَطَيَّرُونَ قَالَ : ذَلِكَ شَيْء يَجِدُونَهُ فِي صُدُورهمْ فَلَا يَصُدَّنهُمْ ) , وَفِي رِوَايَة : ( فَلَا يَصُدَّنكُمْ ) قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ أَنَّ الطِّيَرَة شَيْء تَجِدُونَهُ فِي نُفُوسِكُمْ ضَرُورَة وَلَا عَتَب عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ , فَإِنَّهُ غَيْر مُكْتَسَب لَكُمْ فَلَا تَكْلِيف بِهِ , وَلَكِنْ لَا تَمْتَنِعُوا بِسَبَبِهِ مِنْ التَّصَرُّف فِي أُمُوركُمْ , فَهَذَا هُوَ الَّذِي تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ , وَهُوَ مُكْتَسَب لَكُمْ فَيَقَع بِهِ التَّكْلِيف , فَنَهَاهُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَمَل بِالطِّيَرَةِ وَالِامْتِنَاع مِنْ تَصَرُّفَاتهمْ بِسَبَبِهَا , وَقَدْ تَظَاهَرَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي النَّهْي عَنْ التَّطَيُّر.
وَالطِّيَرَة هِيَ مَحْمُولَة عَلَى الْعَمَل بِهَا لَا عَلَى مَا يُوجَد فِي النَّفْس مِنْ غَيْر عَمَل عَلَى مُقْتَضَاهُ عِنْدهمْ.
وَسَيَأْتِي بَسْط الْكَلَام فِيهَا فِي مَوْضِعهَا - إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى - حَيْثُ ذَكَرَهَا مُسْلِم - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى.
قَوْله : ( وَمِنَّا رِجَال يَخُطُّونَ قَالَ : كَانَ نَبِيّ مِنْ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ السَّلَام يَخُطّ فَمَنْ وَافَقَ خَطّه فَذَاكَ ) اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَاهُ , فَالصَّحِيح أَنَّ مَعْنَاهُ : مَنْ وَافَقَهُ خَطُّه فَهُوَ مُبَاح لَهُ , وَلَكِنْ لَا طَرِيق لَنَا إِلَى الْعِلْم الْيَقِينِيّ بِالْمُوَافَقَةِ فَلَا يُبَاح , وَالْمَقْصُود : أَنَّهُ حَرَام , لِأَنَّهُ لَا يُبَاح إِلَّا بِيَقِينِ الْمُوَافَقَة , وَلَيْسَ لَنَا يَقِين بِهَا , وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَمَنْ وَافَقَ خَطُّه فَذَاكَ , وَلَمْ يَقُلْ : هُوَ حَرَام , بِغَيْرِ تَعْلِيق عَلَى الْمُوَافَقَة , لِئَلَّا يَتَوَهَّم مُتَوَهِّم أَنَّ هَذَا النَّهْي يَدْخُل فِيهِ ذَاكَ النَّبِيّ الَّذِي كَانَ يَخُطّ , فَحَافَظَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حُرْمَة ذَاكَ النَّبِيّ مَعَ بَيَان الْحَكَم فِي حَقّنَا.
فَالْمَعْنَى أَنَّ ذَاكَ النَّبِيّ لَا مَنْع فِي حَقّه , وَكَذَا لَوْ عَلِمْتُمْ مُوَافَقَته , وَلَكِنْ لَا عِلْم لَكُمْ بِهَا.
وَقَالَ الْخَطَّابِيّ : هَذَا الْحَدِيث يَحْتَمِل النَّهْي عَنْ هَذَا الْخَطّ إِذَا كَانَ عَلَمًا لِنُبُوَّةِ ذَاكَ النَّبِيّ , وَقَدْ اِنْقَطَعَتْ فَنُهِينَا عَنْ تَعَاطِي ذَلِكَ.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : الْمُخْتَار أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ وَافَقَ خَطّه فَذَاكَ الَّذِي يَجِدُونَ إِصَابَته فِيمَا يَقُول , لَا أَنَّهُ أَبَاحَ ذَلِكَ لِفَاعِلِهِ , قَالَ : وَيَحْتَمِل أَنَّ هَذَا نُسِخَ فِي شَرْعنَا فَحَصَلَ مِنْ مَجْمُوع كَلَام الْعُلَمَاء فِيهِ الِاتِّفَاق عَلَى النَّهْي عَنْهُ الْآن.
قَوْله : ( وَكَانَتْ لِي جَارِيَة تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَل أُحُد وَالْجَوَّانِيَّة ) هِيَ بِفَتْحِ الْجِيم وَتَشْدِيد الْوَاو , وَبَعْد الْأَلِف نُون مَكْسُورَة ثُمَّ يَاء مُشَدَّدَة , هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ , وَكَذَا ذَكَرَ أَبُو عُبَيْد الْبَكْرِيّ وَالْمُحَقِّقُونَ , وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض عَنْ بَعْضهمْ تَخْفِيف الْيَاء , وَالْمُخْتَار التَّشْدِيد.
وَالْجَوَّانِيَّة - بِقُرْبِ أُحُد - مَوْضِع فِي شَمَالِي الْمَدِينَة , وَأَمَّا قَوْل الْقَاضِي عِيَاض : إِنَّهَا مِنْ عَمَل الْفَرْع فَلَيْسَ بِمَقْبُولٍ لِأَنَّ الْفَرْع بَيْن مَكَّة وَالْمَدِينَة بَعِيد مِنْ الْمَدِينَة وَأُحُد فِي الْمَدِينَة , وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيث : قِبَل أُحُد وَالْجَوَّانِيَّة.
فَكَيْفَ يَكُون عِنْد الْفَرْع ؟ وَفِيهِ : دَلِيل عَلَى جَوَاز اِسْتِخْدَام السَّيِّد جَارِيَته فِي الرَّعْي وَإِنْ كَانَتْ تَنْفَرِد فِي الْمَرْعَى , وَإِنَّمَا حَرَّمَ الشَّرْع مُسَافَرَة الْمَرْأَة وَحْدهَا , لِأَنَّ السَّفَر مَظِنَّة الطَّمَع فِيهَا وَانْقِطَاع نَاصِرهَا وَالذَّابّ عَنْهَا وَبَعْدهَا مِنْهُ , بِخِلَافِ الرَّاعِيَة , وَمَعَ هَذَا فَإِنْ خِيفَ مَفْسَدَة مِنْ رَعْيهَا - لِرِيبَةٍ فِيهَا أَوْ لِفَسَادِ مَنْ يَكُون فِي النَّاحِيَة الَّتِي تَرْعَى فِيهَا أَوْ نَحْو ذَلِكَ - لَمْ يَسْتَرْعِهَا , وَلَمْ تُمَكَّن الْحُرَّة وَلَا الْأَمَة مِنْ الرَّعْي حِينَئِذٍ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِير فِي مَعْنَى السَّفَر الَّذِي حَرَّمَ الشَّرْع عَلَى الْمَرْأَة , فَإِنْ كَانَ مَعَهَا مَحْرَم أَوْ نَحْوه مِمَّنْ تَأْمَن مَعَهُ عَلَى نَفْسهَا ; فَلَا مَنْع حِينَئِذٍ.
كَمَا لَا يَمْنَع مِنْ الْمُسَافَرَة فِي هَذَا الْحَال.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( آسَف ) أَيْ أَغْضَب وَهُوَ بِفَتْحِ السِّين.
قَوْله : ( صَكَكْتهَا ) أَيْ لَطَمْتهَا.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيْنَ اللَّه ؟ قَالَتْ فِي السَّمَاء قَالَ : مَنْ أَنَا ؟ قَالَتْ : أَنْتَ رَسُول اللَّه قَالَ : أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَة ) هَذَا الْحَدِيث مِنْ أَحَادِيث الصِّفَات , وَفِيهَا مَذْهَبَانِ تَقَدَّمَ ذِكْرهمَا مَرَّات فِي كِتَاب الْإِيمَان.
أَحَدهمَا : الْإِيمَان بِهِ مِنْ غَيْر خَوْض فِي مَعْنَاهُ , مَعَ اِعْتِقَاد أَنَّ اللَّه تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء وَتَنْزِيهه عَنْ سِمَات الْمَخْلُوقَات.
وَالثَّانِي تَأْوِيله بِمَا يَلِيق بِهِ , فَمَنْ قَالَ بِهَذَا قَالَ : كَانَ الْمُرَاد اِمْتِحَانهَا , هَلْ هِيَ مُوَحِّدَة تُقِرّ بِأَنَّ الْخَالِق الْمُدَبِّر الْفَعَّال هُوَ اللَّه وَحْده , وَهُوَ الَّذِي إِذَا دَعَاهُ الدَّاعِي اِسْتَقْبَلَ السَّمَاء كَمَا إِذَا صَلَّى الْمُصَلِّي اِسْتَقْبَلَ الْكَعْبَة ؟ وَلَيْسَ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ مُنْحَصِر فِي السَّمَاء كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مُنْحَصِرًا فِي جِهَة الْكَعْبَة , بَلْ ذَلِكَ لِأَنَّ السَّمَاء قِبْلَة الدَّاعِينَ , كَمَا أَنَّ الْكَعْبَة قِبْلَة الْمُصَلِّينَ , أَوْ هِيَ مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان الْعَابِدِينَ لِلْأَوْثَانِ الَّتِي بَيْن أَيْدِيهمْ , فَلَمَّا قَالَتْ : فِي السَّمَاء , عَلِمَ أَنَّهَا مُوَحِّدَة وَلَيْسَتْ عَابِدَة لِلْأَوْثَانِ.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : لَا خِلَاف بَيْن الْمُسْلِمِينَ قَاطِبَة فَقِيههمْ وَمُحَدِّثهمْ وَمُتَكَلِّمهمْ وَنُظَّارهمْ وَمُقَلِّدهمْ أَنَّ الظَّوَاهِر الْوَارِدَة بِذِكْرِ اللَّه تَعَالَى فِي السَّمَاء كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء أَنْ يَخْسِف بِكُمْ الْأَرْض } وَنَحْوه لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرهَا , بَلْ مُتَأَوَّلَة عِنْد جَمِيعهمْ , فَمَنْ قَالَ بِإِثْبَاتِ جِهَة فَوْق مِنْ غَيْر تَحْدِيد وَلَا تَكْيِيف مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاء وَالْمُتَكَلِّمِينَ تَأَوَّلَ : فِي السَّمَاء , أَيْ : عَلَى السَّمَاء , وَمَنْ قَالَ مِنْ دَهْمَاء النُّظَّار وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَأَصْحَاب التَّنْزِيه بِنَفْيِ الْحَدّ وَاسْتِحَالَة الْجِهَة فِي حَقّه سُبْحَانه وَتَعَالَى تَأَوَّلُوهَا تَأْوِيلَات بِحَسَبِ مُقْتَضَاهَا , وَذَكَرَ نَحْو مَا سَبَقَ.
قَالَ : وَيَا لَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي جَمَعَ أَهْل السُّنَّة وَأَلْحَقَ كُلّهمْ عَلَى وُجُوب الْإِمْسَاك عَنْ الْفِكْر فِي الذَّات كَمَا أُمِرُوا , وَسَكَتُوا لِحِيرَةِ الْعَقْل , وَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيم التَّكْيِيف وَالتَّشْكِيل , وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ وُقُوفهمْ وَإِمْسَاكهمْ غَيْر شَاكّ فِي الْوُجُود وَالْمَوْجُودَة , وَغَيْر قَادِح فِي التَّوْحِيد , بَلْ هُوَ حَقِيقَته , ثُمَّ تَسَامَحَ بَعْضهمْ بِإِثْبَاتِ الْجِهَة خَاشِيًا مِنْ مِثْل هَذَا التَّسَامُح , وَهَلْ بَيْن التَّكْيِيف وَإِثْبَات الْجِهَات فَرْق ؟ لَكِنْ إِطْلَاق مَا أَطْلَقَهُ الشَّرْع مِنْ أَنَّهُ الْقَاهِر فَوْق عِبَاده , وَأَنَّهُ اِسْتَوَى عَلَى الْعَرْش , مَعَ التَّمَسُّك بِالْآيَةِ الْجَامِعَة لِلتَّنْزِيهِ الْكُلِّيّ الَّذِي لَا يَصِحّ فِي الْمَعْقُول غَيْره , وَهُوَ قَوْله تَعَالَى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء } عِصْمَة لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّه تَعَالَى , وَهَذَا كَلَام الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ إِعْتَاق الْمُؤْمِن أَفْضَل مِنْ إِعْتَاق الْكَافِر , وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز عِتْق الْكَافِر فِي غَيْر الْكَفَّارَات , وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئ الْكَافِر فِي كَفَّارَة الْقَتْل , كَمَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآن.
وَاخْتَلَفُوا فِي كَفَّارَة الظِّهَار وَالْيَمِين وَالْجِمَاع فِي نَهَار رَمَضَان , فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَالْجُمْهُور : لَا يُجْزِئهُ إِلَّا مُؤْمِنَة حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّد فِي كَفَّارَة الْقَتْل , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - وَالْكُوفِيُّونَ : يُجْزِئهُ الْكَافِر لِلْإِطْلَاقِ فَإِنَّهَا تُسَمَّى رَقَبَة.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيْنَ اللَّه ؟ قَالَتْ : فِي السَّمَاء قَالَ : مَنْ أَنَا ؟ قَالَتْ : أَنْتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَة.
فِيهِ : دَلِيل عَلَى أَنَّ الْكَافِر لَا يَصِير مُؤْمِنًا إِلَّا بِالْإِقْرَارِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَبِرِسَالَةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِيهِ : دَلِيل عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ , وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ جَزْمًا كَفَاهُ ذَلِكَ فِي صِحَّة إِيمَانه وَكَوْنه , مِنْ أَهْل الْقِبْلَة وَالْجَنَّة , وَلَا يُكَلَّف مَعَ هَذَا إِقَامَة الدَّلِيل وَالْبُرْهَان عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمهُ مَعْرِفَة الدَّلِيل , وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور , وَقَدْ سَبَقَ بَيَان هَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي أَوَّل كِتَاب الْإِيمَان مَعَ مَا يَتَعَلَّق بِهَا , وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق.
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَتَقَارَبَا فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي قَالَ إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ قَالَ فَلَا تَأْتِهِمْ قَالَ وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ قَالَ ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ قَالَ قُلْتُ وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ قَالَ كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ قَالَ وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا قَالَ ائْتِنِي بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ
عن عبد الله؛ قال: كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة.<br> فيرد علينا.<br> فلما رجعنا من عند النجاشي، سلمنا عليه فلم يرد علينا.<b...
عن زيد بن أرقم؛ قال: كنا نتكلم في الصلاة.<br> يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة.<br> حتى نزلت: {وقوموا لله قانتين} [٢/البقرة/ الآية-٢٣٨] فأمرنا...
عن جابر، أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني لحاجة، ثم أدركته وهو يسير - قال قتيبة: يصلي - فسلمت عليه، فأشار إلي، فلما فرغ دعاني فقال: «إنك...
عن جابر، قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى بني المصطلق، فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته، فقال لي بيده هكذا - وأومأ زهير بيده - ث...
عن جابر؛ قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم.<br> فبعثني في حاجة.<br> فرجعت وهو يصلي على راحلته.<br> ووجهه على غير القبلة.<br> فسلمت عليه فلم يرد عل...
حدثنا محمد وهو ابن زياد، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن عفريتا من الجن جعل يفتك علي البارحة، ليقطع علي الصلاة، وإن...
عن أبي الدرداء؛ قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم.<br> فسمعناه يقول "أعوذ بالله منك" ثم قال "ألعنك بلعنة الله" ثلاثا.<br> وبسط يده كأنه يتناول ش...
عن أبي قتادة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن الربيع، فإذا قام حملها...
عن أبي قتادة الأنصاري، قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يؤم الناس وأمامة بنت أبي العاص وهي ابنة زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم على عاتقه، فإذا...