1499- عن أنس بن مالك، أن جدته مليكة، دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، فأكل منه، ثم قال: «قوموا فأصلي لكم»، قال أنس بن مالك فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس، فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا، واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم انصرف
(ما لبس) إن لبس كل شيء بحسبه.
واللبس هنا معناه الافتراش.
(واليتيم) اليتيم اسمه ضمير بن سعد الحميري.
(والعجوز) هي أم أنس، أم سليم.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( أَنَّ جَدَّته مُلَيْكَة ) الصَّحِيح أَنَّهَا جَدَّة إِسْحَاق فَتَكُون أُمّ أَنَس ; لِأَنَّ إِسْحَاق اِبْن أَخِي أَنَس لِأُمِّهِ , وَقِيلَ : إِنَّهَا جَدَّة أَنَس , وَهِيَ مُلَيْكَة بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْح اللَّام , هَذَا هُوَ الصَّوَاب الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُور مِنْ الطَّوَائِف.
وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض عَنْ الْأَصِيلِيّ أَنَّهَا بِفَتْحِ الْمِيم وَكَسْر اللَّام , وَهَذَا غَرِيب ضَعِيف مَرْدُود.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث إِجَابَة الدَّعْوَة , وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَلِيمَة عُرْس , وَلَا خِلَاف فِي أَنَّ إِجَابَتهَا مَشْرُوعَة , لَكِنْ هَلْ إِحَابَتهَا وَاجِبَة أَمْ فَرْض كِفَايَة أَمْ سُنَّة ؟ فِيهِ خِلَاف مَشْهُور لِأَصْحَابِنَا وَغَيْرهمْ , وَظَاهِر الْأَحَادِيث الْإِيجَاب , وَسَنُوَضِّحُهُ فِي بَابه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُومُوا فَأُصَلِّي لَكُمْ ) فِيهِ : جَوَاز النَّافِلَة جَمَاعَة , وَتَبْرِيك الرَّجُل الصَّالِح وَالْعَالِم أَهْل الْمَنْزِل بِصَلَاتِهِ فِي مَنْزِلهمْ.
فَقَالَ بَعْضهمْ : وَلَعَلَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ تَعْلِيمهمْ أَفْعَال الصَّلَاة مُشَاهَدَة مَعَ تَبْرِيكهمْ , فَإِنَّ الْمَرْأَة قَلَّمَا تُشَاهِد أَفْعَاله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد , فَأَرَادَ أَنْ تُشَاهِدهَا وَتَتَعَلَّمهَا وَتُعَلِّمهَا غَيْرهَا.
قَوْله : ( فَقُمْت إِلَى حَصِير لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُول مَا لُبِسَ فَنَضَحْته بِمَاءٍ , فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَصَفَفْت أَنَا وَالْيَتِيم وَرَاءَهُ وَالْعَجُوز مِنْ وَرَائِنَا , فَصَلَّى لَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ اِنْصَرَفَ ) فِيهِ : جَوَاز الصَّلَاة عَلَى الْحَصِير وَسَائِر مَا تُنْبِتهُ الْأَرْض , وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ , وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز مِنْ خِلَاف هَذَا مَحْمُول عَلَى اِسْتِحْبَاب التَّوَاضُع بِمُبَاشَرَةِ نَفْس الْأَرْض.
وَفِيهِ : أَنَّ الْأَصْل فِي الثِّيَاب وَالْبُسُط وَالْحُصْر وَنَحْوهَا الطَّهَارَة , وَأَنَّ حُكْم الطَّهَارَة مُسْتَمِرّ حَتَّى تَتَحَقَّق نَجَاسَته.
وَفِيهِ : جَوَاز النَّافِلَة جَمَاعَة وَفِيهِ : أَنَّ الْأَفْضَل فِي نَوَافِل النَّهَار أَنْ تَكُون رَكْعَتَيْنِ كَنَوَافِل اللَّيْل , وَقَدْ سَبَقَ بَيَانه فِي الْبَاب قَبْله.
وَفِيهِ : صِحَّة صَلَاة الصَّبِيّ الْمُمَيِّز لِقَوْلِهِ : صَفَفْت أَنَا وَالْيَتِيم وَرَاءَهُ.
وَفِيهِ : أَنَّ لِلصَّبِيِّ مَوْقِفًا مِنْ الصَّفّ وَهُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور مِنْ مَذْهَبنَا , وَبِهِ قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء.
وَفِيهِ : أَنَّ الِاثْنَيْنِ يَكُونَانِ صَفًّا وَرَاء الْإِمَام , وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة إِلَّا اِبْن مَسْعُود وَصَاحِبَيْهِ فَقَالُوا : يَكُونَانِ هُمَا وَالْإِمَام صَفًّا وَاحِدًا فَيَقِف بَيْنهمَا.
وَفِيهِ : أَنَّ الْمَرْأَة تَقِف خَلْف الرِّجَال , وَأَنَّهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا اِمْرَأَة أُخْرَى تَقِف وَحْدهَا مُتَأَخِّرَة.
وَاحْتَجَّ بِهِ أَصْحَاب مَالِك فِي الْمَسْأَلَة الْمَشْهُورَة بِالْخِلَافِ وَهِيَ : إِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَس ثَوْبًا فَافْتَرَشَهُ فَعِنْدهمْ يَحْنَث , وَعِنْدنَا لَا يَحْنَث , وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ : مِنْ طُول مَا لُبِسَ , وَأَجَابَ أَصْحَابنَا بِأَنَّ لُبْس كُلّ شَيْء بِحَسَبِهِ , فَحَمَلْنَا اللُّبْس فِي الْحَدِيث عَلَى الِافْتِرَاش لِلْقَرِينَةِ , وَلِأَنَّهُ الْمَفْهُوم مِنْهُ , بِخِلَافِ مَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَس ثَوْبًا , فَإِنَّ أَهْل الْعُرْف لَا يَفْهَمُونَ مِنْ لُبْسه الِافْتِرَاش , وَأَمَّا قَوْله : ( حَصِير قَدْ اِسْوَدَّ ) فَقَالُوا : اِسْوِدَاده لِطُولِ زَمَنه وَكَثْرَة اِسْتِعْمَاله , وَإِنَّمَا نَضَحَهُ لِيَلِينَ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ جَرِيد النَّخْل - كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى - وَيَذْهَب عَنْهُ الْغُبَار وَنَحْوه هَكَذَا فَسَّرَهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيل الْمَالِكِيّ وَآخَرُونَ , وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : الْأَظْهَر أَنَّهُ كَانَ لِلشَّكِّ فِي نَجَاسَته , وَهَذَا عَلَى مَذْهَبه فِي أَنَّ النَّجَاسَة الْمَشْكُوك فِيهَا تَطْهُرُ بِنَضْحِهَا مِنْ غَيْر غَسْل , وَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور : أَنَّ الطَّهَارَة لَا تَحْصُل إِلَّا بِالْغَسْلِ , فَالْمُخْتَار التَّأْوِيل الْأَوَّل.
وَقَوْله : أَنَا وَالْيَتِيم.
هَذَا الْيَتِيم اِسْمه : ضُمَيْر بْن سَعْد الْحِمْيَرِيّ , وَالْعَجُوز هِيَ : أُمّ أَنَس , أُمّ سُلَيْمٍ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ قُومُوا فَأُصَلِّيَ لَكُمْ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ
عن أنس بن مالك، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس، ثم ينضح، ثم يؤم...
عن أنس، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا وما هو إلا أنا، وأمي، وأم حرام خالتي، فقال: «قوموا فلأصلي بكم في غير وقت صلاة»، فصلى بنا، فقال رجل لثا...
عن أنس بن مالك: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى به وبأمه، أو خالته»، قال: «فأقامني عن يمينه، وأقام المرأة خلفنا»حدثنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي،...
عن عبد الله بن شداد، قال: حدثتني ميمونة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا حذاءه، وربما أصابني ثوبه إذا...
عن جابر، قال: حدثنا أبو سعيد الخدري، «أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجده يصلي على حصير يسجد عليه»
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته، وصلاته في سوقه، بضعا وعشرين درجة، وذلك أن أحدهم إذا...
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث، وأحد...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه،...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة»