حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه - صحيح مسلم

صحيح مسلم | كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره (حديث رقم: 1827 )


1827- عن أبي سلمة، عن عائشة، أنها قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير، وكان يحجره من الليل فيصلي فيه، فجعل الناس يصلون بصلاته، ويبسطه بالنهار، فثابوا ذات ليلة، فقال: «يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه، وإن قل».
وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملا أثبتوه

أخرجه مسلم


(يحجره) كذا ضبطناه يحجره، أي يتخذه حجرة، كما في الرواية الأخرى.
(فثابوا) أي اجتمعوا.
وقيل: رجعوا للصلاة.
(ما تطيقون) أي تطيقون الدوام عليه، بلا ضرر.
(فإن الله لا يمل حتى تملوا) وفي الرواية الأخرى: لا يسأم حتى تسأموا.
وهما بمعنى.
قال العلماء: الملل والسآمة بالمعنى المتعارف في حقنا، محال في حق الله تعالى.
فيجب تأويل الحديث.
قال المحققون: معناه لا يعاملكم معاملة المال، فيقطع عنكم ثوابه وجزاءه وبسط فضله ورحمته، حتى تقطعوا عملكم.
وقيل: معناه لا يمل إذا مللتم.
وقاله ابن قتيبة وغيره.
وحكاه الخطابي وغيره.
وأنشدوا فيه شعرا.
قالوا: ومثاله قولهم في البليغ: فلان لا ينقطع حتى تنقطع خصومه.
معناه لا ينقطع إذا انقطع خصومه.
ولو كان معناه ينقطع إذا انقطع خصومه لم يكن له فضل على غيره.
(ما دووم عليه) هكذا ضبطناه دووم عليه.
وكذا هو في معظم النسخ، دووم، بواوين.
وفيه الحث على المداومة على العمل.
وإن قليله الدائم خير من كثير ينقطع.
وإنما كان القليل الدائم خيرا من الكثير المنقطع لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى، ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافا كثيرة.
(أثبتوه) أي لازموه وداوموا عليه.

شرح حديث (عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه)

شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)

‏ ‏قَوْله : ( وَكَانَ يُحَجِّرهُ مِنْ اللَّيْل وَيَبْسُطهُ بِالنَّهَارِ ) ‏ ‏وَهَكَذَا ضَبَطْنَاهُ ( يُحَجِّر ) بِضَمِّ الْيَاء وَفَتْح الْحَاء وَكَسْر الْجِيم الْمُشَدَّدَة أَيْ يَتَّخِذهُ حُجْرَة كَمَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى.
وَفِيهِ : إِشَارَة إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الزَّهَادَة فِي الدُّنْيَا وَالْإِعْرَاض عَنْهَا , وَالْإِثْرَاء مِنْ مَتَاعهَا بِمَا لَا بُدّ مِنْهُ.
‏ ‏قَوْله : ( فَثَابُوا ذَات لَيْلَة ) ‏ ‏أَيْ اِجْتَمَعُوا.
وَقِيلَ : رَجَعُوا لِلصَّلَاةِ.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَلَيْكُمْ مِنْ الْأَعْمَال مَا تُطِيقُونَ ) ‏ ‏أَيْ تُطِيقُونَ الدَّوَام عَلَيْهِ بِلَا ضَرَر.
وَفِيهِ : دَلِيل عَلَى الْحَثّ عَلَى الِاقْتِصَاد فِي الْعِبَادَة وَاجْتِنَاب التَّعَمُّق , وَلَيْسَ الْحَدِيث مُخْتَصًّا بِالصَّلَاةِ , بَلْ هُوَ عَامّ فِي جَمِيع أَعْمَال الْبِرّ.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِنَّ اللَّه لَا يَمَلّ حَتَّى تَمَلُّوا ) ‏ ‏هُوَ بِفَتْحِ الْمِيم فِيهِمَا , وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( لَا يَسْأَم حَتَّى تَسْأَمُوا ) وَهُمَا بِمَعْنًى قَالَ الْعُلَمَاء : الْمَلَل وَالسَّآمَة بِالْمَعْنَى الْمُتَعَارَف فِي حَقّنَا مُحَال فِي حَقِّ اللَّه تَعَالَى , فَيَجِب تَأْوِيل الْحَدِيث.
قَالَ الْمُحَقِّقُونَ : مَعْنَاهُ لَا يُعَامِلكُمْ مُعَامَلَة الْمَالِّ فَيَقْطَع عَنْكُمْ ثَوَابه وَجَزَاءَهُ , وَبَسَطَ فَضْله وَرَحْمَته حَتَّى تَقْطَعُوا عَمَلكُمْ , وَقِيلَ : مَعْنَاهُ لَا يَمَلّ إِذَا مَلَلْتُمْ , وَقَالَهُ اِبْن قُتَيْبَة وَغَيْره , وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره , وَأَنْشَدُوا فِيهِ شِعْرًا.
قَالُوا : وَمِثَاله قَوْلهمْ فِي الْبَلِيغ : فُلَان لَا يَنْقَطِع حَتَّى يَقْطَع خُصُومه.
مَعْنَاهُ : لَا يَنْقَطِع إِذَا اِنْقَطَعَ خُصُومه , وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ يَنْقَطِع إِذَا اِنْقَطَعَ خُصُومه لَمْ يَكُنْ لَهُ فَضْل عَلَى غَيْره , وَفِي هَذَا الْحَدِيث كَمَال شَفَقَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأْفَته بِأُمَّتِهِ ; لِأَنَّهُ أَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا يُصْلِحهُمْ وَهُوَ مَا يُمْكِنهُمْ الدَّوَام عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّة وَلَا ضَرَر فَتَكُون النَّفْس أَنْشَطَ وَالْقَلْب مُنْشَرِحًا فَتَتِمّ الْعِبَادَة , بِخِلَافِ مَنْ تَعَاطَى مِنْ الْأَعْمَال مَا يَشُقّ فَإِنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يَتْرُكهُ أَوْ بَعْضه أَوْ يَفْعَلهُ بِكُلْفَةٍ وَبِغَيْرِ اِنْشِرَاح الْقَلْب , فَيَفُوتهُ خَيْر عَظِيم , وَقَدْ ذَمَّ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى مَنْ اِعْتَادَ عِبَادَة ثُمَّ أَفْرَطَ فَقَالَ تَعَالَى : { وَرَهْبَانِيَّة اِبْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا اِبْتِغَاء رِضْوَان اللَّه فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتهَا } وَقَدْ نَدِمَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ عَلَى تَرْكه قَبُول رُخْصَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَخْفِيف الْعِبَادَة وَمُجَانَبَة التَّشْدِيد.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَال إِلَى اللَّه مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ ) ‏ ‏هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ ( دُووِمَ عَلَيْهِ ) , وَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم النُّسَخ ( دُووِمَ ) بِوَاوَيْنِ وَوَقَعَ فِي بَعْضهَا ( دُوِمَ ) بِوَاوٍ وَاحِدَة , وَالصَّوَاب الْأَوَّل.
وَفِيهِ : الْحَثّ عَلَى الْمُدَاوَمَة عَلَى الْعَمَل وَأَنَّ قَلِيله الدَّائِم خَيْر مِنْ كَثِير يَنْقَطِع , وَإِنَّمَا كَانَ الْقَلِيل الدَّائِم خَيْرًا مِنْ الْكَثِير الْمُنْقَطِع ; لِأَنَّ بِدَوَامِ الْقَلِيل تَدُوم الطَّاعَة وَالذِّكْر وَالْمُرَاقَبَة وَالنِّيَّة وَالْإِخْلَاص وَالْإِقْبَال عَلَى الْخَالِق سُبْحَانه تَعَالَى , وَيُثْمِر الْقَلِيل الدَّائِم بِحَيْثُ يَزِيد عَلَى الْكَثِير الْمُنْقَطِع أَضْعَافًا كَثِيرَة.
‏ ‏قَوْله : ( وَكَانَ آلُ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلُوا عَمَلًا أَثْبَتُوهُ ) ‏ ‏أَيْ لَازَمُوهُ وَدَاوَمُوا عَلَيْهِ وَالظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد بِالْآلِ هُنَا أَهْل بَيْته وَخَوَاصّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَزْوَاجه وَقَرَابَته وَنَحْوهمْ.


حديث يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عُبَيْدُ اللَّهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَلَمَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏أَنَّهَا قَالَتْ ‏ ‏كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏حَصِيرٌ وَكَانَ ‏ ‏يُحَجِّرُهُ ‏ ‏مِنْ اللَّيْلِ فَيُصَلِّي فِيهِ فَجَعَلَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ ‏ ‏فَثَابُوا ‏ ‏ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ‏ ‏عَلَيْكُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ ‏ ‏لَا يَمَلُّ ‏ ‏حَتَّى ‏ ‏تَمَلُّوا ‏ ‏وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ وَكَانَ آلُ ‏ ‏مُحَمَّدٍ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِذَا عَمِلُوا عَمَلًا ‏ ‏أَثْبَتُوهُ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح مسلم

أي العمل أحب إلى الله قال أدومه وإن قل

عن سعد بن إبراهيم، أنه سمع أبا سلمة، يحدث عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «أدومه وإن قل»

كيف كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم

عن علقمة، قال: سألت أم المؤمنين عائشة، قال: قلت: يا أم المؤمنين كيف كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل كان يخص شيئا من الأيام؟ قالت: «لا، كان ع...

أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها

عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها، وإن قل»، قال: وكانت عائشة إذا عملت العمل لزمته

حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا كسل أو فتر قعد

عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، وحبل ممدود بين ساريتين، فقال: «ما هذا؟» قالوا: لزينب تصلي، فإذا كسلت، أو...

لا تنام الليل خذوا من العمل ما تطيقون فوالله لا يس...

عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرته أن الحولاء بنت تويت بن حبيب بن أسد بن عبد العزى مرت بها وعندها...

عليكم من العمل ما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تم...

حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام، قال: أخبرني أبي، عن عائشة، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندي امرأة، فقال: «من هذه؟» فقلت: امرأة لا تنام ت...

إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم

عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر، فيسب نفس...

إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه

حدثنا أبو هريرة، عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم من الليل، فاستعجم القرآن عل...

يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أسقطتها من...

عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ من الليل، فقال: «يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية، كنت أسقطتها من سورة كذا وكذا»