2791- عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد النعلين، فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس»
(الحج) بفتح الحاء هو المصدر.
وبالفتح والكسر جميعا، هو الاسم منه.
وأصله القصد.
ويطلق على العمل أيضا وعلى الإتيان مرة بعد أخرى.
(لا تلبسوا القمص .
الخ) قال العلماء: هذا من بديع الكلام وجزله.
فإنه صلى الله عليه وسلم سئل عما يلبسه المحرم فقال "لا يلبس كذا وكذا" فحصل بالجواب أنه لا يلبس المذكورات ويلبس ما سوى ذلك.
وكان التصريح بما لا يلبس أولى لأنه منحصر.
وأما الملبوس الجائز للمحرم فغير منحصر.
فضبط الجميع بقوله صلى الله عليه وسلم "لا يلبس كذا وكذا" يعني ويلبس ما سواه.
(القمص) جمع قميص.
كسبيل وسبل.
(السراويلات) جمع سراويل وهو لباس يستر النصف الأسفل من الجسم.
(البرانس) جمع برنس.
وهو كل ثوب رأسه منه ملتزق به، من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره.
قال الجواهري: هو قلنسوة طويلة كان النساء يلبسونها في صدر الإسلام.
وهو من البرس، وهو القطن.
(الخفاف) جمع الخف الملبوس.
أما خف البعير فجمعه أخفاف.
(إلا أحد) كذا بالرفع على البدلية من واو الضمير.
وفي نسخة: إلا أحدا.
بالنصب.
(الكعبين) قال الأزهري: هما العظمان الناتئان في منتهى الساق مع القدم.
وهما ناتئان عن يمنة القدم ويسرتها.
(الورس) هو نبت أصفر طيب الريح يصبغ به.
وفي معناه العصفر.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سُئِلَ مَا يَلْبَس الْمُحْرِم : ( لَا تَلْبَسُوا الْقُمُص وَلَا الْعَمَائِم وَلَا السَّرَاوِيلَات وَلَا الْبَرَانِس وَلَا الْخِفَاف إِلَّا أَحَد لَا يَجِد النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَل مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَاب شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَان وَلَا الْوَرْس ) قَالَ الْعُلَمَاء : هَذَا مِنْ بَدِيع الْكَلَام وَجَزِله ; فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَمَّا يَلْبَسهُ الْمُحْرِم فَقَالَ : لَا يَلْبَس كَذَا وَكَذَا , فَحَصَلَ فِي الْجَوَاب أَنَّهُ لَا يَلْبَس الْمَذْكُورَات , وَيَلْبَس مَا سِوَى ذَلِكَ , وَكَانَ التَّصْرِيح بِمَا لَا يَلْبَس أَوْلَى ; لِأَنَّهُ مُنْحَصِر , وَأَمَّا الْمَلْبُوس الْجَائِز لِلْمُحْرِمِ فَغَيْر مُنْحَصِر فَضُبِطَ الْجَمِيع بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَلْبَس كَذَا وَكَذَا ) يَعْنِي : وَيَلْبَس مَا سِوَاهُ , وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز لِلْمُحْرِمِ لُبْس شَيْء مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَات , وَأَنَّهُ نَبَّهَ بِالْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيل عَلَى جَمِيع مَا فِي مَعْنَاهُمَا , وَهُوَ مَا كَانَ مُحِيطًا أَوْ مَخِيطًا مَعْمُولًا عَلَى قَدْر الْبَدَن أَوْ قَدْر عُضْو مِنْهُ , كَالْجَوْشَنِ وَالتُّبَّان وَالْقُفَّاز وَغَيْرهَا , وَنَبَّهَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَمَائِمِ وَالْبَرَانِس عَلَى كُلّ سَاتِر لِلرَّأْسِ مَخِيطًا كَانَ أَوْ غَيْره , حَتَّى الْعِصَابَة فَإِنَّهَا حَرَام , فَإِنْ اِحْتَاجَ إِلَيْهَا لِشَجَّةٍ أَوْ صُدَاع أَوْ غَيْرهمَا شَدَّهَا وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَة , وَنَبَّهَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخِفَافِ عَلَى كُلّ سَاتِر لِلرِّجْلِ مِنْ مَدَاس وَجُمْجُم وَجَوْرَب وَغَيْرهَا , وَهَذَا كُلّه حُكْم الرِّجَال , وَأَمَّا الْمَرْأَة فَيُبَاح لَهَا سَتْر جَمِيع بَدَنهَا بِكُلِّ سَاتِر مِنْ مَخِيط وَغَيْره , إِلَّا سَتْر وَجْههَا فَإِنَّهُ حَرَام بِكُلِّ سَاتِر , وَفِي سَتْر يَدَيْهَا بِالْقُفَّازَيْنِ خِلَاف لِلْعُلَمَاءِ , وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ : أَصَحّهمَا : تَحْرِيمه , وَنَبَّهَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَان عَلَى مَا فِي مَعْنَاهُمَا , وَهُوَ الطِّيب , فَيَحْرُم عَلَى الرَّجُل وَالْمَرْأَة جَمِيعًا فِي الْإِحْرَام جَمِيع أَنْوَاع الطِّيب , وَالْمُرَاد مَا يُقْصَد بِهِ الطِّيب , وَأَمَّا الْفَوَاكِه كَالْأُتْرُجِّ وَالتُّفَّاح وَأَزْهَار الْبَرَارِي كَالشِّيحِ وَالْقَيْصُوم وَنَحْوهمَا , فَلَيْسَ بِحَرَامٍ ; لِأَنَّهُ لَا يُقْصَد لِلطِّيبِ , قَالَ الْعُلَمَاء : وَالْحِكْمَة فِي تَحْرِيم اللِّبَاس الْمَذْكُور عَلَى الْمُحْرِم وَلِبَاسه الْإِزَار وَالرِّدَاء أَنْ يَبْعُد عَنْ التَّرَفُّه وَيَتَّصِف بِصِفَةِ الْخَاشِع الذَّلِيل ; وَلْيَتَذَكَّرْ أَنَّهُ مُحْرِم فِي كُلّ وَقْت , فَيَكُون أَقْرَب إِلَى كَثْرَة أَذْكَاره , وَأَبْلَغ فِي مُرَاقَبَته وَصِيَانَته لِعِبَادَتِهِ , وَامْتِنَاعه مِنْ اِرْتِكَاب الْمَحْظُورَات ; وَلِيَتَذَكَّرَ بِهِ الْمَوْت وَلِبَاس الْأَكْفَان , وَيَتَذَكَّر الْبَعْث يَوْم الْقِيَامَة , وَالنَّاس حُفَاة عُرَاة مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي , وَالْحِكْمَة فِي تَحْرِيم الطِّيب وَالنِّسَاء : أَنْ يَبْعُد عَنْ التَّرَفُّه وَزِينَة الدُّنْيَا وَمَلَاذّهَا , وَيَجْتَمِع هَمّه لِمَقَاصِد الْآخِرَة , وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِلَّا أَحَد لَا يَجِد النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَل مِنْ الْكَعْبَيْنِ , وَذَكَرَ مُسْلِم بَعْد هَذَا مِنْ رِوَايَة اِبْن عَبَّاس وَجَابِر : ( مَنْ لَمْ يَجِد نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ ) وَلَمْ يَذْكُر قَطْعهمَا.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَقَالَ أَحْمَد : يَجُوز لُبْس الْخُفَّيْنِ بِحَالِهِمَا , وَلَا يَجِب قَطْعهمَا ; لِحَدِيثِ اِبْن عَبَّاس وَجَابِر , وَكَانَ أَصْحَابه يَزْعُمُونَ نَسْخ حَدِيث اِبْن عُمَر الْمُصَرِّح بِقَطْعِهِمَا , وَزَعَمُوا أَنَّ قَطْعهمَا إِضَاعَة مَال , وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء : لَا يَجُوز لُبْسهمَا إِلَّا بَعْد قَطْعهمَا أَسْفَل مِنْ الْكَعْبَيْنِ ; لِحَدِيثِ اِبْن عُمَر , قَالُوا : وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس وَجَابِر مُطْلَقَانِ , فَيَجِب حَمْلهمَا عَلَى الْمَقْطُوعَيْنِ , لِحَدِيثِ اِبْن عُمَر , فَإِنَّ الْمُطْلَق يُحْمَل عَلَى الْمُقَيَّد , وَالزِّيَادَة مِنْ الثِّقَة مَقْبُولَة , وَقَوْلهمْ : إِنَّهُ إِضَاعَة مَال لَيْسَ بِصَحِيحٍ ; لِأَنَّ الْإِضَاعَة إِنَّمَا تَكُون فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ , وَأَمَّا مَا وَرَدَ الشَّرْع بِهِ فَلَيْسَ بِإِضَاعَةٍ , بَلْ حَقّ يَجِب الْإِذْعَان لَهُ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
ثُمَّ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي لَابِس الْخُفَّيْنِ لِعَدَمِ النَّعْلَيْنِ , هَلْ عَلَيْهِ فِدْيَة أَمْ لَا ؟ فَقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا : لَا شَيْء عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ فِدْيَة لَبَيَّنَهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه : عَلَيْهِ الْفِدْيَة كَمَا إِذَا اِحْتَاجَ إِلَى حَلْق الرَّأْس يَحْلِقهُ وَيَفْدِي.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَاب شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَان وَلَا الْوَرْس ) أَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى تَحْرِيم لِبَاسهمَا لِكَوْنِهِمَا طِيبًا , وَأَلْحَقُوا بِهِمَا جَمِيع أَنْوَاع مَا يُقْصَد بِهِ الطِّيب , وَسَبَب تَحْرِيم الطِّيب أَنَّهُ دَاعِيَة إِلَى الْجِمَاع ; وَلِأَنَّهُ يُنَافِي تَذَلُّل الْحَاجّ , فَإِنَّ الْحَاجّ أَشْعَث أَغْبَر , وَسَوَاء فِي تَحْرِيم الطِّيب الرَّجُل وَالْمَرْأَة , وَكَذَا جَمِيع مُحَرَّمَات الْإِحْرَام سِوَى اللِّبَاس كَمَا سَبَقَ بَيَانه.
وَمُحَرَّمَات الْإِحْرَام سَبْعَة : اللِّبَاس بِتَفْصِيلِهِ السَّابِق , وَالطِّيب , وَإِزَالَة الشَّعْر وَالظُّفْر , وَدَهْن الرَّأْس وَاللِّحْيَة , وَعَقْد النِّكَاح وَالْجِمَاع , وَسَائِر الِاسْتِمْتَاع حَتَّى الِاسْتِمْنَاء , وَالسَّابِع : إِتْلَاف الصَّيْد.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَإِذَا تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ مَا نُهِيَ عَنْهُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَة إِنْ كَانَ عَامِدًا بِالْإِجْمَاعِ , وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا فَلَا فِدْيَة عِنْد الثَّوْرِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق , وَأَوْجَبَهَا أَبُو حَنِيفَة وَمَالِك , وَلَا يَحْرُم الْمُعَصْفَر عِنْد مَالِك وَالشَّافِعِيّ , وَحَرَّمَهُ الثَّوْرِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَجَعَلَاهُ طِيبًا , وَأَوْجَبَا فِيهِ الْفِدْيَة , وَيُكْرَه لِلْمُحْرِمِ لُبْس الثَّوْب الْمَصْبُوغ بِغَيْرِ طِيب , وَلَا يَحْرُم.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ
عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: ما يلبس المحرم؟ قال: «لا يلبس المحرم القميص، ولا العمامة، ولا البرنس، ولا السراويل،...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بزعفران أو ورس» وقال: «§من لم يجد نعلين، فليلبس الخف...
عن ابن عباس رضي الله عنهما.<br> قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يقول: "السراويل، لمن لم يجد الإزار.<br> والخفان، لمن لم يجد النعلين"...
عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «§من لم يجد نعلين، فليلبس خفين ومن لم يجد إزارا، فليلبس سراويل»
عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة، عليه جبة وعليها خلوق - أو قال أثر صفرة - فقا...
عن صفوان بن يعلى، عن أبيه، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل وهو بالجعرانة، وأنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه مقطعات - يعني جبة - وهو متضمخ...
عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، أن صفوان بن يعلى بن أمية، أخبره أن يعلى كان يقول لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: ليتني أرى نبي الله صلى الله عليه وسلم حين...
عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه رضي الله عنه، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة، قد أهل بالعمرة، وهو مصفر لحيته ورأسه، وعليه جبة، ف...
حدثنا رباح بن أبي معروف، قال: سمعت عطاء، قال: أخبرني صفوان بن يعلى، عن أبيه رضي الله عنه، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل عليه جبة...