2818-
عن عبيد بن جريج، أنه قال: لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، يا أبا عبد الرحمن، رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها، قال: ما هن؟ يا ابن جريج، قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين، ورأيتك تلبس النعال السبتية، ورأيتك تصبغ بالصفرة، ورأيتك، إذا كنت بمكة، أهل الناس إذا رأوا الهلال، ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية.
فقال عبد الله بن عمر: «أما الأركان، فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس إلا اليمانيين، وأما النعال السبتية، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها، فأنا أحب أن ألبسها، وأما الصفرة، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها، فأنا أحب أن أصبغ بها، وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته»عن عبيد بن جريج، قال: حججت مع عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، بين حج وعمرة، ثنتي عشرة مرة، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، لقد رأيت منك أربع خصال، وساق الحديث، بهذا المعنى إلا في قصة الإهلال، فإنه خالف رواية المقبري.
فذكره بمعنى سوى ذكره إياه
(إلا اليمانيين) بتخفيف الياء.
هذه اللغة الفصيحة المشهورة.
وحكى سيبويه وغيره من الأئمة تشديدها في لغة قليلة.
والصحيح التخفيف.
قالوا: لأنه نسبة إلى اليمن.
فحقه أن يقال: اليمنى.
وهو جائز.
فلما قالوا: اليماني، أبدلوا من إحدى يائي النسب ألفا فلو قالوا: اليماني، بالتشديد، لزم منه الجمع بين البدل والمبدل منه.
والذين شددوها قالوا: هذه الألف زائدة، وقد تزاد في النسب كما قالوا في النسب إلى صنعاء: صنعاني.
فزادوا النون الثانية.
وإلى الري، رازي، فزادوا الزاي.
وإلى الرقبة رقباني، فزادوا النون.
والمراد بالركنين اليمانيين الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود.
ويقال له العراقي لكونه إلى جهة العراق.
وقيل للذي قبله اليماني لأنه إلى جهة اليمن.
ويقال لهما اليمانيان.
تغليبا لأحد الاسمين.
كما قال الأبوان للأب والأم.
والقمران للشمس والقمر، والعمران لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
ونظائره مشهورة.
قال العلماء: ويقال للركنين الآخرين اللذين يليان الحجر.
الشاميان.
لكونهما بجهة الشام.
قالوا: فاليمانيان باقيان على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم، بخلاف الشاميين.
فلهذا لم يستلما.
واستلم اليمانيان لبقائهما على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي: وقد اتفق أئمة الأمصار والفقهاء اليوم على أن الركنين الشاميين لا يستلمان.
وإنما كان الخلاف في ذلك العصر الأول من بعض الصحابة وبعض التابعين.
ثم ذهب.
(النعال السبتية) وقد أشار ابن عمر إلى تفسيرها بقوله التي ليس فيها شعر.
وهكذا قال جماهير أهل اللغة وأهل الغريب وأهل الحديث: إنها التي لا شعر فيها.
قال القاضي وكانت عادة العرب لباس النعال بشعرها غير مدبوغة وكانت المدبوغة تعمل بالطائف وغيره.
وإنما كان يلبسها أهل الرفاهية.
(ويتوضأ فيها) معناه يتوضأ ويلبسها، ولرجلاه رطبتان.
(يصبغ) الأظهر كون المراد في هذا الحديث صبغ الثياب.
(حتى تنبعث به راحلته) انبعاثها هو استوائها قائمة فهو بمعنى قوله في الحديث السابق إذا استوت به راحلته.
وفي حديث الذي بعده: إذا استوت به الناقة قائمة.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله عَنْ عُبَيْد بْن جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عُمَر : ( رَأَيْتُك تَصْنَع أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابك يَصْنَعهَا ) إِلَى آخِره , قَالَ الْمَازِرِيُّ : يَحْتَمِل أَنَّ مُرَاده لَا يَصْنَعهَا غَيْرك مُجْتَمِعَة , وَإِنْ كَانَ يَصْنَع بَعْضَهَا.
قَوْله : ( رَأَيْتُك لَا تَمَسّ مِنْ الْأَرْكَان إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ ) ثُمَّ ذَكَرَ اِبْن عُمَر فِي جَوَابه : أَنَّهُ لَمْ يَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسّ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ , هُمَا بِتَخْفِيفِ الْيَاء , هَذِهِ اللُّغَة الْفَصِيحَة الْمَشْهُورَة , وَحَكَى سِيبَوَيْهِ وَغَيْره مِنْ الْأَئِمَّة تَشْدِيدهَا فِي لُغَة قَلِيلَة , وَالصَّحِيح التَّخْفِيف , قَالُوا : لِأَنَّ نَسَبه إِلَى الْيَمَن , فَحَقّه أَنْ يُقَال الْيَمَنِيّ , وَهُوَ جَائِز , فَلَمَّا قَالُوا ( الْيَمَانِي ) أَبْدَلُوا مِنْ إِحْدَى يَاءَيْ النَّسَب أَلِفًا , فَلَوْ قَالُوا الْيَمَانِيّ بِالتَّشْدِيدِ لَزِمَ مِنْهُ الْجَمْع بَيْن الْبَدَل وَالْمُبْدَل , وَاَلَّذِينَ شَدَّدُوهَا قَالُوا : هَذِهِ الْأَلِف زَائِدَة , وَقَدْ تُزَاد فِي النَّسَب كَمَا قَالُوا فِي النَّسَب إِلَى صَنْعَاء : صَنْعَانِيّ , فَزَادُوا النُّون الثَّانِيَة وَإِلَى الرَّيّ : رَازِيّ , فَزَادُوا الزَّاي , إِلَى الرَّقَبَة : رَقَبَانِيّ , فَزَادُوا النُّون , وَالْمُرَاد بِالرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ : الرُّكْن الْيَمَانِي , وَالرُّكْن الَّذِي فِيهِ الْحَجَر الْأَسْوَد , وَيُقَال لَهُ : الْعِرَاقِيّ ; لِكَوْنِهِ إِلَى جِهَة الْعِرَاق ; وَقِيلَ لِلَّذِي قِبَله الْيَمَانِي ; لِأَنَّهُ إِلَى جِهَة الْيَمَن , وَيُقَال لَهُمَا : الْيَمَانِيَانِ تَغْلِيبًا لِأَحَدِ الِاسْمَيْنِ , كَمَا قَالُوا : الْأَبَوَانِ لِلْأَبِ وَالْأُمّ , وَالْقَمَرَانِ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَر , وَالْعُمَرَانِ لِأَبِي بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , وَنَظَائِره مَشْهُورَة , فَتَارَة يُغَلِّبُونَ بِالْفَضِيلَةِ كَالْأَبَوَيْنِ , وَتَارَة بِالْخِفَّةِ كَالْعُمَرَيْنِ , وَتَارَة بِغَيْرِ ذَلِكَ , وَقَدْ بَسَطْته فِي تَهْذِيب الْأَسْمَاء وَاللُّغَات.
قَالَ الْعُلَمَاء : وَيُقَال لِلرُّكْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْر بِكَسْرِ الْحَاء : الشَّامِيَّانِ ; لِكَوْنِهِمَا بِجِهَةِ الشَّام , قَالُوا : فَالْيَمَانِيَانِ بَاقِيَانِ عَلَى قَوَاعِد إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِخِلَافِ الشَّامِيَّيْنِ , فَلِهَذَا لَمْ يُسْتَلَمَا وَاسْتُلِمَ الْيَمَانِيَانِ لِبَقَائِهِمَا عَلَى قَوَاعِد إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ إِنَّ الْعِرَاقِيّ مِنْ الْيَمَانِيَيْنِ اُخْتُصَّ بِفَضِيلَةٍ أُخْرَى , وَهِيَ الْحَجَر الْأَسْوَد , فَاخْتُصَّ لِذَلِكَ مَعَ الِاسْتِلَام بِتَقْبِيلِهِ , وَوَضْع الْجَبْهَة عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْيَمَانِي.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ اِتَّفَقَ أَئِمَّة الْأَمْصَار وَالْفُقَهَاء الْيَوْم عَلَى أَنَّ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ لَا يُسْتَلَمَانِ , وَإِنَّمَا كَانَ الْخِلَاف فِي ذَلِكَ الْعَصْر الْأَوَّل مِنْ بَعْض الصَّحَابَة وَبَعْض التَّابِعِينَ , ثُمَّ ذَهَبَ.
وَقَوْله : ( وَرَأَيْتُك تَلْبَس النِّعَال السِّبْتِيَّة ) , وَقَالَ اِبْن عُمَر فِي جَوَابه : ( وَأَمَّا النِّعَال السِّبْتِيَّة فَإِنِّي رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَس النِّعَال الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعْر , وَيَتَوَضَّأ فِيهَا وَأَنَا أُحِبّ أَنْ أَلْبَسهَا ) فَقَوْله : ( أَلْبَس وَتَلْبَس ) كُلّه بِفَتْحِ الْبَاء , وَأَمَّا ( السِّبْتِيَّة ) فَبِكَسْرِ السِّين وَإِسْكَان الْبَاء الْمُوَحَّدَة , وَقَدْ أَشَارَ اِبْن عُمَر إِلَى تَفْسِيرهَا بِقَوْلِهِ : ( الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعْر ) , وَهَكَذَا قَالَ جَمَاهِير أَهْل اللُّغَة وَأَهْل الْغَرِيب وَأَهْل الْحَدِيث : إِنَّهَا الَّتِي لَا شَعْر فِيهَا , قَالُوا : وَهِيَ مُشْتَقَّة مِنْ ( السَّبْت ) بِفَتْحِ السِّين وَهُوَ الْحَلْق وَالْإِزَالَة , وَمِنْهُ قَوْلهمْ : سَبَتَ رَأْسه أَيْ حَلَقَهُ , قَالَ الْهَرَوِيُّ : وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ; لِأَنَّهَا اِنْسَبَتَتْ بِالدِّبَاغِ أَيْ لَانَتْ , يُقَال : رَطْبَة مُنْسَبِتَة أَيْ لَيِّنَة , قَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيُّ : السِّبْت : كُلّ جِلْد مَدْبُوغ , وَقَالَ أَبُو زَيْد : السِّبْت : جُلُود الْبَقَر مَدْبُوغَة كَانَتْ , أَوْ غَيْر مَدْبُوغَة , وَقِيلَ : هُوَ نَوْع مِنْ الدِّبَاغ يَقْلَع الشَّعْر , وَقَالَ اِبْن وَهْب : النِّعَال السِّبْتِيَّة كَانَتْ سُودًا لَا شَعْر فِيهَا.
قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا ظَاهِر كَلَام اِبْن عُمَر فِي قَوْله : ( النِّعَال الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعْر ) , وَقَالَ : هَذَا لَا يُخَالِف مَا سَبَقَ , فَقَدْ تَكُون سُودًا مَدْبُوغَة بِالْقَرَظِ لَا شَعْر فِيهَا ; لِأَنَّ بَعْض الْمَدْبُوغَات يَبْقَى شَعْرهَا , وَبَعْضهَا لَا يَبْقَى.
قَالَ : وَكَانَتْ عَادَة الْعَرَب لِبَاس النِّعَال بِشَعْرِهَا غَيْر مَدْبُوغَة , وَكَانَتْ الْمَدْبُوغَة تُعْمَل بِالطَّائِفِ وَغَيْره , وَإِنَّمَا كَانَ يَلْبَسهَا أَهْل الرَّفَاهِيَة , كَمَا قَالَ شَاعِرهمْ : تَحْذِي نِعَال السِّبْت لَيْسَ بِتَوْأَمٍ قَالَ الْقَاضِي : وَالسِّين فِي جَمِيع هَذَا مَكْسُورَة , قَالَ : وَالْأَصَحّ عِنْدِي أَنْ يَكُون اِشْتِقَاقهَا وَإِضَافَتهَا إِلَى السِّبْت الَّذِي هُوَ الْجِلْد الْمَدْبُوغ أَوْ إِلَى الدِّبَاغَة ; لِأَنَّ السِّين مَكْسُورَة فِي نِسْبَتهَا , وَلَوْ كَانَتْ مِنْ ( السَّبْت ) الَّذِي هُوَ الْحَلْق كَمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيّ وَغَيْره , لَكَانَتْ النِّسْبَة ( سَبْتِيَّة ) بِفَتْحِ السِّين , وَلَمْ يَرْوِهَا أَحَد فِي هَذَا الْحَدِيث وَلَا فِي غَيْره وَلَا فِي الشِّعْر فِيمَا عَلِمْت إِلَّا بِالْكَسْرِ , هَذَا كَلَام الْقَاضِي.
وَ قَوْله : ( وَيَتَوَضَّأ فِيهَا ) مَعْنَاهُ : يَتَوَضَّأ وَيَلْبَسهَا وَرِجْلَاهُ رَطْبَتَانِ.
قَوْله : ( وَرَأَيْتُك تَصْبُغ بِالصُّفْرَةِ ) وَقَالَ اِبْن عُمَر فِي جَوَابه : ( وَأَمَّا الصُّفْرَة فَإِنِّي رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغ بِهَا فَأَنَا أُحِبّ أَنْ أَصْبُغ بِهَا ) فَقَوْله : ( يَصْبُغ وَأَصْبُغ ) بِضَمِّ الْبَاء وَفَتْحهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيّ وَغَيْره , قَالَ الْإِمَام الْمَازِرِيُّ : قِيلَ : الْمُرَاد فِي هَذَا الْحَدِيث صَبْغ الشَّعْر , وَقِيلَ : صَبْغ الثَّوْب ; قَالَ : وَالْأَشْبَه أَنْ يَكُون صَبْغ الثِّيَاب ; لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبَغَ , وَلَمْ يُنْقَل عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَبَغَ شَعْره , قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : هَذَا أَظْهَر الْوَجْهَيْنِ , وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَتْ آثَار عَنْ اِبْن عُمَر بَيَّنَ فِيهَا تَصْفِير اِبْن عُمَر لِحْيَته , وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَفِّر لِحْيَته بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَان , رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَذَكَرَ أَيْضًا فِي حَدِيث آخَر اِحْتِجَاجه بِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصْبُغ بِهَا ثِيَابه حَتَّى عِمَامَته.
قَوْله : ( وَرَأَيْتُك إِذَا كُنْت بِمَكَّة أَهَلَّ النَّاس إِذَا رَأَوْا الْهِلَال وَلَمْ تُهِلّ أَنْتَ حَتَّى يَكُون يَوْم التَّرْوِيَة ) , وَقَالَ اِبْن عُمَر فِي جَوَابه : ( وَأَمَّا الْإِهْلَال فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلّ حَتَّى تَنْبَعِث بِهِ رَاحِلَته ) أَمَّا ( يَوْم التَّرْوِيَة ) فَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوْق , وَهُوَ الثَّامِن مِنْ ذِي الْحِجَّة , سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاس كَانُوا يَتَرَوَّوْنَ فِيهِ مِنْ الْمَاء أَيْ يَحْمِلُونَهُ مَعَهُمْ مِنْ مَكَّة إِلَى عَرَفَات لِيَسْتَعْمِلُوهُ فِي الشُّرْب وَغَيْره.
وَأَمَّا فِقْه الْمَسْأَلَة فَقَالَ الْمَازِرِيُّ : أَجَابَهُ اِبْن عُمَر بِضَرْبٍ مِنْ الْقِيَاس , حَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّن مِنْ الِاسْتِدْلَال بِنَفْسِ فِعْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَة بِعَيْنِهَا , فَاسْتَدَلَّ بِمَا فِي مَعْنَاهُ , وَوَجْه قِيَاسه أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَحْرَمَ عِنْد الشُّرُوع فِي أَفْعَال الْحَجّ وَالذَّهَاب إِلَيْهِ , فَأَخَّرَ اِبْن عُمَر الْإِحْرَام إِلَى حَال شُرُوعه فِي الْحَجّ وَتَوَجُّهه إِلَيْهِ , وَهُوَ يَوْم التَّرْوِيَة , فَإِنَّهُمْ حِينَئِذٍ يَخْرُجُونَ مِنْ مَكَّة إِلَى مِنًى , وَوَافَقَ اِبْن عُمَر عَلَى هَذَا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابه , وَبَعْض أَصْحَاب مَالِك وَغَيْرهمْ , وَقَالَ آخَرُونَ : الْأَفْضَل أَنْ يُحْرِم مِنْ أَوَّل ذِي الْحِجَّة , وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ أَكْثَر الصَّحَابَة وَالْعُلَمَاء , وَالْخِلَاف فِي الِاسْتِحْبَاب , وَكُلّ مِنْهُمَا جَائِز بِالْإِجْمَاعِ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله ( اِبْن قُسَيْط ) هُوَ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط , بِقَافٍ مَضْمُومَة وَسِين مُهْمَلَة مَفْتُوحَة وَإِسْكَان الْيَاء.
و حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا قَالَ مَا هُنَّ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنْ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا الْهِلَالَ وَلَمْ تُهْلِلْ أَنْتَ حَتَّى يَكُونَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَمَّا الْأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنْ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَجَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكَ أَرْبَعَ خِصَالٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَّا فِي قِصَّةِ الْإِهْلَالِ فَإِنَّهُ خَالَفَ رِوَايَةَ الْمَقْبُرِيِّ فَذَكَرَهُ بِمَعْنًى سِوَى ذِكْرِهِ إِيَّاهُ
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع رجله في الغرز، وانبعثت به راحلته قائمة، أهل من ذي الحليفة»
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان يخبر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل حين استوت به ناقته قائمة»
عن ابن شهاب، أن سالم بن عبد الله، أخبره أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب راحلته بذي الحليفة ثم يهل، حين...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: «بات رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة مبدأه، وصلى في مسجدها»
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت»
عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي لحرمه حين أحرم، ولحله حين أحل، قبل أن يطوف بالبيت»...
عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت»
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله ولحرمه»
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة، في حجة الوداع، للحل والإحرام»