3016- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بذي الحليفة، ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن، وسلت الدم، وقلدها نعلين، ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج»عن قتادة، في هذا الإسناد بمعنى حديث شعبة غير أنه قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم لما أتى ذا الحليفة، ولم يقل صلى بها الظهر
(فأشعرها) الإشعار هو أن يجرحها في صفحة سنامها اليمنى بحربة أو سكين أو حديدة أو نحوها ثم يسلت الدم عنها.
وأصل الإشعار والشعور الإعلام والعلامة.
وإشعار الهدي لكونه علامة له، ليعلم أنه هدي.
فإن ضل رده واحده.
وإن اختلط بغيره تميز.
(في صفحة سنامها الأيمن) صفحة السنام هي جانبها.
والصفحة مؤنثة، فقوله: الأيمن، بلفظ المذكر، يتأول على أنه وصف لمعنى الصفحة، لا للفظها.
ويكون المراد بالصفحة الجانب.
فكأنه قال: جانب سنامها الأيمن.
(وسلت الدم) أي أماطه.
(وقلدها بنعلين) أي علقهما بعنقها.
(فلما استوت به على البيداء) أي لما رفعته راحلته مستويا على ظهرها، مستعليا على موضع مسمى بالبيداء، لبى.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْر بِذِي الْحُلَيْفَة , ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَة سَنَامهَا الْأَيْمَن , وَسَلَتَ الدَّم , وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَته فَلَمَّا اِسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاء أَهَلَّ بِالْحَجِّ ) أَمَّا الْإِشْعَار فَهُوَ أَنْ يَجْرَحهَا فِي صَفْحَة سَنَامهَا الْيُمْنَى بِحَرْبَةٍ أَوْ سِكِّين أَوْ حَدِيدَة أَوْ نَحْوهَا , ثُمَّ يَسْلُت الدَّم عَنْهَا.
وَأَصْل الْإِشْعَار وَالشُّعُور الْإِعْلَام وَالْعَلَامَة , وَإِشْعَار الْهَدْي لِكَوْنِهِ عَلَامَة لَهُ , وَهُوَ مُسْتَحَبّ لِيُعْلَم أَنَّهُ هَدْي , فَإِنْ ضَلَّ رَدَّهُ وَاجِده , وَإِنْ اِخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ تَمَيَّزَ , وَلِأَنَّ فِيهِ إِظْهَار شِعَار , وَفِيهِ تَنْبِيه غَيْر صَاحِبه عَلَى فِعْل مِثْل فِعْله.
وَأَمَّا صَفْحَة السَّنَام فَهِيَ جَانِبه , وَالصَّفْحَة مُؤَنَّثَة , فَقَوْله : ( الْأَيْمَن ) بِلَفْظِ التَّذْكِير يَتَأَوَّل عَلَى أَنَّهُ وَصْف لِمَعْنَى الصَّفْحَة لَا لِلَفْظِهَا , وَيَكُون الْمُرَاد بِالصَّفْحَةِ الْجَانِب , فَكَأَنَّهُ قَالَ : جَانِب سَنَامهَا الْأَيْمَن.
فَفِي هَذَا الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب الْإِشْعَار وَالتَّقْلِيد فِي الْهَدَايَا مِنْ الْإِبِل , وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : الْإِشْعَار بِدْعَة لِأَنَّهُ مُثْلَة , وَهَذَا يُخَالِف الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْمَشْهُورَة فِي الْإِشْعَار.
وَأَمَّا قَوْله : إِنَّهُ مُثْلَة فَلَيْسَ كَذَلِكَ , بَلْ هَذَا كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَة وَالْخِتَان وَالْكَيّ وَالْوَسْم.
وَأَمَّا مَحَلّ الْإِشْعَار فَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف أَنَّهُ يُسْتَحَبّ الْإِشْعَار فِي صَفْحَة السَّنَام الْيُمْنَى.
وَقَالَ مَالِك : فِي الْيُسْرَى , وَهَذَا الْحَدِيث يَرُدّ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا تَقْلِيد الْغَنَم فَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ لَا يَقُول بِتَقْلِيدِهَا.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغهُ الْحَدِيث الثَّابِت فِي ذَلِكَ.
قُلْت : قَدْ جَاءَتْ أَحَادِيث كَثِيرَة صَحِيحَة بِالتَّقْلِيدِ فَهِيَ حُجَّة صَرِيحَة فِي الرَّدّ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْغَنَم لَا تُشْعَر لِضَعْفِهَا عَنْ الْجَرْح , وَلِأَنَّهُ يَسْتَتِر بِالصُّوفِ.
وَأَمَّا الْبَقَرَة فَيُسْتَحَبّ عِنْد الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ الْجَمْع فِيهَا بَيْن الْإِشْعَار وَالتَّقْلِيد كَالْإِبِلِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب تَقْلِيد الْإِبِل بِنَعْلَيْنِ , وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة , فَإِنْ قَلَّدَهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جُلُود أَوْ خُيُوط مَفْتُولَة وَنَحْوهَا فَلَا بَأْس.
وَأَمَّا قَوْله : ( ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَته ) فَهِيَ رَاحِلَة غَيْر الَّتِي أَشْعَرَهَا.
وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب الرُّكُوب فِي الْحَجّ , وَأَنَّهُ أَفْضَل مِنْ الْمَشْي , وَقَدْ سَبَقَ بَيَانه مَرَّات.
وَأَمَّا قَوْله : ( فَلَمَّا اِسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاء أَهَلَّ بِالْحَجِّ ) فِيهِ اِسْتِحْبَاب الْإِحْرَام عِنْد اِسْتِوَاء الرَّاحِلَة لَا قَبْله وَلَا بَعْده , وَقَدْ سَبَقَ بَيَانه وَاضِحًا.
وَأَمَّا إِحْرَامه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ فَهُوَ الْمُخْتَار , وَقَدْ سَبَقَ بَيَان الْخِلَاف فِي ذَلِكَ وَاضِحًا وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ وَسَلَتَ الدَّمَ وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمَعْنَى حَدِيثِ شُعْبَةَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلَمْ يَقُلْ صَلَّى بِهَا الظُّهْرَ
عن قتادة، قال: سمعت أبا حسان الأعرج، قال: قال رجل من بني الهجيم لابن عباس: ما هذا الفتيا التي قد تشغفت أو تشغبت بالناس، «أن من طاف بالبيت فقد حل»؟ فقا...
عن أبي حسان، قال: قيل لابن عباس إن هذا الأمر قد تفشغ بالناس، «من طاف بالبيت فقد حل الطواف عمرة» فقال: «سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، وإن رغمتم»
عن عطاء، قال: كان ابن عباس يقول: لا يطوف بالبيت حاج ولا غير حاج إلا حل، قلت لعطاء: من أين يقول ذلك؟ قال: من قول الله تعالى: {ثم محلها إلى البيت العتيق...
عن طاوس، قال: قال ابن عباس قال لي معاوية: «أعلمت أني قصرت من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة بمشقص؟» فقلت له: لا أعلم هذا إلا حجة عليك
عن ابن عباس، أن معاوية بن أبي سفيان، أخبره قال: «قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص، وهو على المروة، أو رأيته يقصر عنه بمشقص، وهو على المروة»...
عن أبي سعيد، قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرخ بالحج صراخا، فلما قدمنا مكة أمرنا أن نجعلها عمرة إلا من ساق الهدي، فلما كان يوم التروية،...
عن جابر، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما، قالا: «قدمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن نصرخ بالحج صراخا»
عن أبي نضرة، قال: كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال: إن ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين، فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه و...
عن أنس رضي الله عنه، أن عليا، قدم من اليمن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «بم أهللت؟» فقال: أهللت بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لولا أن مع...