3061- عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر، أنه قال: «لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت، إلا الركنين اليمانيين»
(الركنين اليمانيين) هما الركن الأسود والركن اليماني.
وإنما قيل لهما اليمانيان للتغليب.
كما قيل، في الأب والأم، الأبوان.
وفي الشمس والقمر، القمران.
واليمانيين، بتخفيف الياء، هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( لَمْ أَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَح مِنْ الْبَيْت إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ( لَمْ يَكُنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِم مِنْ أَرْكَان الْبَيْت إِلَّا الرُّكْن الْأَسْوَد وَاَلَّذِي يَلِيه مِنْ نَحْو دُور الْجُمَحِيِّينَ ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( لَا يَسْتَلِم إِلَّا الْحَجَر وَالرُّكْن الْيَمَانِي ) هَذِهِ الرِّوَايَات مُتَّفِقَة , فَالرُّكْنَانِ الْيَمَانِيَانِ هُمَا الرُّكْن الْأَسْوَد وَالرُّكْن الْيَمَانِي , وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُمَا الْيَمَانِيَانِ لِلتَّغْلِيبِ , كَمَا قِيلَ : فِي الْأَب وَالْأُمّ : الْأَبَوَانِ , وَفِي الشَّمْس وَالْقَمَر : الْقَمَرَانِ , وَفِي أَبِي بَكْر وَعُمَر - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا - : الْعُمَرَانِ , وَفِي الْمَاء وَالتَّمْر : الْأَسْوَدَانِ , وَنَظَائِره مَشْهُورَة , ( وَالْيَمَانِيَانِ ) بِتَخْفِيفِ الْيَاء هَذِهِ اللُّغَة الْفَصِيحَة الْمَشْهُورَة , وَحَكَى سِيبَوَيْهِ وَالْجَوْهَرِيّ وَغَيْرهمَا فِيهَا لُغَة أُخْرَى بِالتَّشْدِيدِ , فَمَنْ خَفَّفَ قَالَ : هَذِهِ نِسْبَة إِلَى الْيَمَن , فَالْأَلِف عِوَض مِنْ إِحْدَى يَائَيْ النَّسَب , فَتَبْقَى الْيَاء الْأُخْرَى مُخَفَّفَة , وَلَوْ شَدَّدْنَاهَا لَكَانَ جَمْعًا بَيْن الْعِوَض وَالْمُعَوَّض , وَذَلِكَ مُمْتَنِع , وَمَنْ شَدَّدَ قَالَ : الْأَلِف فِي الْيَمَانِي زَائِدَة , وَأَصْله الْيَمَنِيّ فَتَبْقَى الْيَاء مُشَدَّدَة , وَتَكُون الْأَلِف زَائِدَة , كَمَا زِيدَتْ النُّون فِي صَنْعَانِيّ وَرَقَبَانِيّ , وَنَظَائِر ذَلِكَ , وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا قَوْله : ( يَمْسَح ) فَمُرَادَة يَسْتَلِم , وَسَبَقَ بَيَان الِاسْتِلَام.
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْبَيْتِ أَرْبَعَة أَرْكَان : الرُّكْن الْأَسْوَد.
وَالرُّكْن الْيَمَانِي , وَيُقَال لَهُمَا الْيَمَانِيَانِ كَمَا سَبَقَ , وَأَمَّا الرُّكْنَانِ الْآخَرَانِ فَيُقَال لَهُمَا : الشَّامِيَّانِ , فَالرُّكْن الْأَسْوَد فِيهِ : فَضِيلَتَانِ , إِحْدَاهُمَا : كَوْنه عَلَى قَوَاعِد إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالثَّانِيَة كَوْنه فِيهِ الْحَجَر الْأَسْوَد , وَأَمَّا الْيَمَانِي فَفِيهِ فَضِيلَة وَاحِدَة وَهِيَ كَوْنه عَلَى قَوَاعِد إِبْرَاهِيم , وَأَمَّا الرُّكْنَانِ الْآخَرَانِ فَلَيْسَ فِيهِمَا شَيْء مِنْ هَاتَيْنِ الْفَضِيلَتَيْنِ , فَلِهَذَا خُصَّ الْحَجَر الْأَسْوَد بِشَيْئَيْنِ : الِاسْتِلَام وَالتَّقْبِيل لِلْفَضِيلَتَيْنِ , وَأَمَّا الْيَمَانِي فَيَسْتَلِمهُ وَلَا يُقَبِّلهُ ; لِأَنَّ فِيهِ فَضِيلَة وَاحِدَة , وَأَمَّا الرُّكْنَانِ الْآخَرَانِ فَلَا يُقَبَّلَانِ وَلَا يُسْتَلَمَانِ , وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى اِسْتِحْبَاب اِسْتِلَام الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ , وَاتَّفَقَ الْجَمَاهِير عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْسَح الرُّكْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ , وَاسْتَحَبَّهُ بَعْض السَّلَف , وَمِمَّنْ كَانَ يَقُول بِاسْتِلَامِهِمَا الْحَسَن وَالْحُسَيْن اِبْنَا عَلِيّ وَابْن الزُّبَيْر وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَأَنَس بْن مَالِك وَعُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَأَبُو الشَّعْثَاء جَابِر بْن زَيْد - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ - , قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّب : أَجْمَعَتْ أَئِمَّة الْأَمْصَار وَالْفُقَهَاء عَلَى أَنَّهُمَا لَا يُسْتَلَمَانِ , قَالَ : وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ خِلَاف لِبَعْضِ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ , وَانْقَرَضَ الْخِلَاف , وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُمَا لَا يُسْتَلَمَانِ , وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ح و حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مِنْ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ
عن سالم، عن أبيه، قال: «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم من أركان البيت إلا الركن الأسود، والذي يليه، من نحو دور الجمحيين»
عن عبد الله، «ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني»
عن ابن عمر، قال: «ما تركت استلام هذين الركنين اليماني، والحجر، مذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما، في شدة ولا رخاء»
عن نافع، قال: " رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده، ثم قبل يده، وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله "
عن ابن عباس، قال: «لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستلم غير الركنين اليمانيين»
عن ابن شهاب، عن سالم، أن أباه، حدثه قال: قبل عمر بن الخطاب الحجر، ثم قال: «أم والله، لقد علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقب...
عن ابن عمر، أن عمر، قبل الحجر، وقال: «إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر، ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك»
عن عبد الله بن سرجس، قال: رأيت الأصلع يعني عمر بن الخطاب يقبل الحجر ويقول: «والله، إني لأقبلك، وإني أعلم أنك حجر، وأنك لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأي...
عن عابس بن ربيعة، قال: رأيت عمر يقبل الحجر، ويقول: «إني لأقبلك وأعلم أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك لم أقبلك»