4043- عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بالمدينة، قال: «يا أيها الناس، إن الله تعالى يعرض بالخمر، ولعل الله سينزل فيها أمرا، فمن كان عنده منها شيء فليبعه ولينتفع به»، قال: فما لبثنا إلا يسيرا حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى حرم الخمر، فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء فلا يشرب، ولا يبع»، قال: فاستقبل الناس بما كان عنده منها في طريق المدينة فسفكوها
(فسفكوها) أي أراقوها.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّه يَعْرِض بِالْخَمْرِ وَلَعَلَّ اللَّه سَيُنْزِلُ فِيهَا أَمْرًا فَمَنْ كَانَ عِنْده مِنْهَا شَيْء فَلْيَبِعْهُ وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ ) قَالَ : فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّه حَرَّمَ الْخَمْر , فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَة وَعِنْده مِنْهَا شَيْء فَلَا يَشْرَب وَلَا يَبِعْ , قَالَ : فَاسْتَقْبَلَ النَّاس بِمَا كَانَ عِنْدهمْ مِنْهَا فِي طَرِيق الْمَدِينَة فَسَفَكُوهَا ) وَيَعْنِي رَاقُوهَا.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ الْأَشْيَاء قَبْل وُرُود الشَّرْع لَا تَكْلِيف فِيهَا بِتَحْرِيمٍ وَلَا غَيْره , وَفِي الْمَسْأَلَة خِلَاف مَشْهُور لِلْأُصُولِيِّينَ , الْأَصَحّ أَنَّهُ لَا حُكْم وَلَا تَكْلِيف قَبْل وُرُود الشَّرْع ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَث رَسُولًا }.
وَالثَّانِي : أَنَّ أَصْلهَا عَلَى التَّحْرِيم حَتَّى يَرِد الشَّرْع بِغَيْرِ ذَلِكَ.
وَالثَّالِث : عَلَى الْإِبَاحَة.
وَالرَّابِع عَلَى الْوَقْف , وَهَذَا الْخِلَاف فِي غَيْر التَّنَفُّس وَنَحْوه مِنْ الضَّرُورِيَّات الَّتِي لَا يُمْكِن الِاسْتِغْنَاء عَنْهَا ; فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُحَرَّمَة بِلَا خِلَاف إِلَّا عَلَى قَوْل مَنْ يَجُوز تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث أَيْضًا بَذْل النَّصِيحَة لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِينهمْ وَدُنْيَاهُمْ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَحَهُمْ فِي تَعْجِيل الِانْتِفَاع بِهَا مَا دَامَتْ حَلَالًا.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلَا يَشْرَب وَلَا يَبِعْ ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبهَا حَرَّمَ بَيْعهَا ) فِيهِ تَحْرِيم بَيْع الْخَمْر , وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ , وَالْعِلَّة فِيهَا عِنْد الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ كَوْنهَا نَجِسَة أَوْ لَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَة مُبَاحَة مَقْصُودَة , فَيَلْحَق بِهَا جَمِيع النَّجَاسَات كَالسِّرْجِينِ وَذَرْق الْحَمَام وَغَيْره وَكَذَلِكَ يَلْحَق بِهَا مَا لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَة كَالسِّبَاعِ الَّتِي لَا تَصْلُح لِلِاصْطِيَادِ وَالْحَشَرَات وَالْحَبَّة الْوَاحِدَة مِنْ الْحِنْطَة , وَنَحْو ذَلِكَ , فَلَا يَجُوز بَيْع شَيْء مِنْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْحَدِيث الْمَشْهُور فِي كِتَاب السُّنَن عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّه إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْم أَكْل شَيْء حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنه " فَمَحْمُول عَلَى مَا الْمَقْصُود مِنْهُ الْأَكْل , بِخِلَافِ مَا الْمَقْصُود مِنْهُ غَيْر ذَلِكَ , كَالْعَبْدِ وَالْبَغْل وَالْحِمَار الْأَهْلِيّ , فَإِنَّ أَكْلهَا حَرَام , وَبَيْعهَا جَائِز بِالْإِجْمَاعِ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَة ) أَيْ أَدْرَكَتْهُ حَيًّا وَبَلَغَتْهُ , وَالْمُرَاد بِالْآيَةِ قَوْله تَعَالَى : ( إِنَّمَا الْخَمْر وَالْمَيْسِر.
الْآيَة ).
قَوْله : ( فَاسْتَقْبَلَ النَّاس بِمَا كَانَ عِنْدهمْ مِنْهَا فِي طَرِيق الْمَدِينَة فَسَفَكُوهَا ) هَذَا دَلِيل عَلَى تَحْرِيم تَخْلِيلهَا , وَوُجُوب الْمُبَادَرَة بِإِرَاقَتِهَا , وَتَحْرِيم إِمْسَاكهَا , وَلَوْ جَازَ التَّخْلِيل لَبَيَّنَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ , وَنَهَاهُمْ عَنْ إِضَاعَتهَا , كَمَا نَصَحَهُمْ وَحَثَّهُمْ عَلَى الِانْتِفَاع بِهَا قَبْل تَحْرِيمهَا حِين تَوَقَّعَ نُزُول تَحْرِيمهَا , وَكَمَا نَبَّهَ أَهْل الشَّاة الْمَيْتَة عَلَى دِبَاغ جِلْدهَا وَالِانْتِفَاع بِهِ , وَمِمَّنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ تَخْلِيلهَا وَأَنَّهَا لَا تَطْهُر بِذَلِكَ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَالثَّوْرِيّ وَمَالِك فِي أَصَحّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ , وَجَوَّزَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْث وَأَبُو حَنِيفَة وَمَالِك فِي رِوَايَة عَنْهُ.
وَأَمَّا إِذَا اِنْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا خَلًّا فَيَطْهُر عِنْد جَمِيعهمْ , إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ سَحْنُون الْمَالِكِي أَنَّهُ قَالَ : لَا يَطْهُر.
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى أَبُو هَمَّامٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعَرِّضُ بِالْخَمْرِ وَلَعَلَّ اللَّهَ سَيُنْزِلُ فِيهَا أَمْرًا فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلْيَبِعْهُ وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ قَالَ فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْخَمْرَ فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا يَشْرَبْ وَلَا يَبِعْ قَالَ فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَسَفَكُوهَا
عن عبد الرحمن بن وعلة السبإي، من أهل مصر، أنه سأل عبد الله بن عباس، عما يعصر من العنب، فقال ابن عباس: إن رجلا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية...
عن عائشة، قالت: «لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقترأهن على الناس، ثم نهى عن التجارة في الخمر»
عن عائشة، قالت: «لما أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا»، قالت: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فحرم التجارة في الخمر»
عن جابر بن عبد الله، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: «إن الله ورسوله حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام»، فقيل:...
عن ابن عباس، قال: بلغ عمر أن سمرة باع خمرا، فقال: قاتل الله سمرة، ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، ف...
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قاتل الله اليهود، حرم الله عليهم الشحوم، فباعوها وأكلوا أثمانها»
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قاتل الله اليهود، حرم عليهم الشحم، فباعوه وأكلوا ثمنه»
عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب، إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق، إل...
عن نافع، أن ابن عمر، قال له رجل من بني ليث: إن أبا سعيد الخدري، يأثر هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية قتيبة، فذهب عبد الله، ونافع معه، وف...