4313- عن المعرور بن سويد، قال: مررنا بأبي ذر بالربذة وعليه برد وعلى غلامه مثله، فقلنا: يا أبا ذر لو جمعت بينهما كانت حلة، فقال: إنه كان بيني وبين رجل من إخواني كلام، وكانت أمه أعجمية، فعيرته بأمه، فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا أبا ذر، إنك امرؤ فيك جاهلية»، قلت: يا رسول الله، من سب الرجال سبوا أباه وأمه، قال: «يا أبا ذر، إنك امرؤ فيك جاهلية، هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم»، عن الأعمش، بهذا الإسناد، وزاد في حديث زهير، وأبي معاوية بعد قوله: «إنك امرؤ فيك جاهلية»، قال: قلت: على حال ساعتي من الكبر؟ قال: «نعم»، وفي رواية أبي معاوية: «نعم على حال ساعتك من الكبر»، وفي حديث عيسى: «فإن كلفه ما يغلبه فليبعه»، وفي حديث زهير: «فليعنه عليه»، وليس في حديث أبي معاوية: «فليبعه»، ولا «فليعنه»، انتهى عند قوله: «ولا يكلفه ما يغلبه»
(بالربذة) هو موضع بالبادية، بينه وبين المدينة ثلاث مراحل.
وهو في شمال المدينة سكنه أبو ذر رضي الله عنه، وبه كانت وفاته فدفن فيه.
(لو جمعت بينهما كانت حلة) إنما قال ذلك لأن الحلة عند العرب ثوبان ولا تطلق على ثوب واحد.
(إنك امرؤ فيك جاهلية) أي هذا التعبير من أخلاق الجاهلية.
ففيك خلق من أخلاقهم.
(من سب الرجال سبوا أباه وأمه) معنى هذا الاعتذار عن سببه أم ذلك الإنسان.
يعني أنه سبني.
ومن سب إنسانا سب ذلك الإنسان أبا الساب وأمه.
فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: هذا من أخلاق الجاهلية.
وإنما يباح للمسبوب أن يسب الساب نفسه بقدر ما سبه، ولا يتعرض لأبيه ولا لأمه.
(فليبعه.
وفي رواية: فليعنه عليه) قال النووي: هذه الثانية هي الصواب، والموافقة لباقي الرواية الروايات.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( عَنْ الْمَعْرُور بْن سُوَيْدٍ ) هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة وَبِالرَّاءِ الْمُكَرَّرَة.
قَوْله : ( لَوْ جَمَعْت بَيْنهمَا كَانَتْ حُلَّة ) إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْحُلَّة عِنْد الْعَرَب ثَوْبَانِ , وَلَا تُطْلَق عَلَى ثَوْب وَاحِد.
قَوْله فِي حَدِيث أَبِي ذَرّ : ( كَانَ بَيْنِي وَبَيْن رَجُل مِنْ إِخْوَانِي كَلَام , وَكَانَتْ أُمّه أَعْجَمِيَّة , فَعَيَّرْته بِأُمِّهِ , فَلَقِيت النَّبِيّ ( صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَقَالَ : يَا أَبَا ذَرّ إِنَّك اِمْرُؤٌ فِيك جَاهِلِيَّة ) أَمَّا قَوْله : ( رَجُل مِنْ إِخْوَانِي ) فَمَعْنَاهُ رَجُل مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَالظَّاهِر أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا , وَإِنَّمَا قَالَ : ( مِنْ إِخْوَانِي ) ; لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : ( إِخْوَانكُمْ خَوَلُكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْت يَده ).
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فِيك جَاهِلِيَّة ) أَيْ هَذَا التَّعْيِير مِنْ أَخْلَاق الْجَاهِلِيَّة , فَفِيك خُلُق مِنْ أَخْلَاقهمْ , وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ لَا يَكُون فِيهِ شَيْء مِنْ أَخْلَاقهمْ , فَفِيهِ النَّهْي عَنْ التَّعْيِير وَتَنْقِيص الْآبَاء وَالْأُمَّهَات , وَأَنَّهُ مِنْ أَخْلَاق الْجَاهِلِيَّة.
قَوْله : ( قُلْت يَا رَسُول اللَّه , مَنْ سَبَّ الرِّجَال سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمّه , قَالَ : يَا أَبَا ذَرّ إِنَّك اِمْرُؤٌ فِيك جَاهِلِيَّة ) مَعْنَى كَلَام أَبِي ذَرّ : الِاعْتِذَار عَنْ سَبّه أُمّ ذَلِكَ الْإِنْسَان , يَعْنِي أَنَّهُ سَبَّنِي , وَمَنْ سَبَّ إِنْسَانًا سَبَّ ذَلِكَ الْإِنْسَان أَبَا السَّابّ وَأُمّه , فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : هَذَا مِنْ أَخْلَاق الْجَاهِلِيَّة , وَإِنَّمَا يُبَاح لِلْمَسْبُوبِ أَنْ يَسُبّ السَّابّ نَفْسه بِقَدْرِ مَا سَبَّهُ , وَلَا يَتَعَرَّض لِأَبِيهِ وَلَا لِأُمِّهِ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هُمْ إِخْوَانكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّه تَحْت أَيْدِيكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ , وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ , وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبهُمْ , فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ ) الضَّمِير فِي ( هُمْ إِخْوَانكُمْ ) يَعُود إِلَى الْمَمَالِيك , وَالْأَمْر بِإِطْعَامِهِمْ مِمَّا يَأْكُل السَّيِّد , وَإِلْبَاسهمْ مِمَّا يَلْبَس مَحْمُول عَلَى الِاسْتِحْبَاب لَا عَلَى الْإِيجَاب , وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ , وَأَمَّا فِعْل أَبِي ذَرّ فِي كِسْوَة غُلَامه مِثْل كِسْوَته فَعَمَلٌ بِالْمُسْتَحَبِّ , وَإِنَّمَا يَجِب عَلَى السَّيِّد نَفَقَة الْمَمْلُوك وَكِسْوَته بِالْمَعْرُوفِ بِحَسَبِ الْبُلْدَان وَالْأَشْخَاص , سَوَاء كَانَ مِنْ جِنْس نَفَقَة السَّيِّد وَلِبَاسه , أَوْ دُونه , أَوْ فَوْقه حَتَّى لَوْ قَتَّرَ السَّيِّد عَلَى نَفْسه تَقْتِيرًا خَارِجًا عَنْ عَادَة أَمْثَاله إِمَّا زُهْدًا , وَإِمَّا شُحًّا , لَا يَحِلّ لَهُ التَّقْتِير عَلَى الْمَمْلُوك , وَإِلْزَامه وَمُوَافَقَته إِلَّا بِرِضَاهُ , وَأَجْمَع الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز أَنْ يُكَلِّفهُ مِنْ الْعَمَل مَا لَا يُطِيقهُ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَزِمَهُ إِعَانَته بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ.
قَوْله : ( فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبهُ فَلْيَبِعْهُ ) وَفِي رِوَايَة : ( فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ ) وَهَذِهِ الثَّانِيَة هِيَ الصَّوَاب الْمُوَافِقَة لِبَاقِي الرِّوَايَات , وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ هَذَا الرَّجُل الْمَسْبُوب هُوَ بِلَال الْمُؤَذِّن.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ مَرَرْنَا بِأَبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ وَعَلَى غُلَامِهِ مِثْلُهُ فَقُلْنَا يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ حُلَّةً فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِي كَلَامٌ وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ سَبَّ الرِّجَالَ سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمَّهُ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ هُمْ إِخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ و حَدَّثَنَاه أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ح و حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ح و حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَزَادَ فِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ قَالَ قُلْتُ عَلَى حَالِ سَاعَتِي مِنْ الْكِبَرِ قَالَ نَعَمْ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ نَعَمْ عَلَى حَالِ سَاعَتِكَ مِنْ الْكِبَرِ وَفِي حَدِيثِ عِيسَى فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيَبِعْهُ وَفِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَلْيَبِعْهُ وَلَا فَلْيُعِنْهُ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يُكَلِّفْهُ مَا يَغْلِبُهُ
عن المعرور بن سويد، قال: رأيت أبا ذر وعليه حلة، وعلى غلامه مثلها، فسألته عن ذلك، قال: فذكر أنه ساب رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعيره بأ...
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق»
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه، ثم جاءه به، وقد ولي حره ودخانه، فليقعده معه، فليأكل، فإن كان الطعام...
عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا نصح لسيده، وأحسن عبادة الله، فله أجره مرتين»، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله ع...
عن ابن شهاب، قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للعبد المملوك المصلح أجران»، والذي نفس أبي هريرة بيده،...
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أدى العبد حق الله وحق مواليه، كان له أجران»، قال: فحدثتها كعبا، فقال كعب: «ليس عليه حساب ول...
حدثنا أبو هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعما للمملوك أن يتوفى يحسن عبادة الله، وص...
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعتق شركا له في عبد، فكان له مال يبلغ ثمن العبد، قوم عليه قيمة العدل، فأعطى شركاءه حصصهم، وعتق...
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعتق شركا له من مملوك، فعليه عتقه كله، إن كان له مال يبلغ ثمنه، فإن لم يكن له مال، عتق منه ما ع...