3167- حدثنا إياس بن سلمة، عن أبيه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فأصابنا جهد حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا، فأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم فجمعنا مزاودنا، فبسطنا له نطعا، فاجتمع زاد القوم على النطع، قال: فتطاولت لأحزره كم هو؟ فحزرته كربضة العنز، ونحن أربع عشرة مائة، قال: فأكلنا حتى شبعنا جميعا، ثم حشونا جربنا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «فهل من وضوء؟» قال: فجاء رجل بإداوة له فيها نطفة، فأفرغها في قدح، فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة أربع عشرة مائة، قال: ثم جاء بعد ذلك ثمانية، فقالوا: هل من طهور؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فرغ الوضوء»
(جهد) بفتح الجيم، وهو المشقة.
(مزاودنا) هكذا هو في بعض النسخ أو أكثرها.
وفي بعضها: أزوادنا.
وفي بعضها: تزاودنا، بفتح التاء وكسرها.
والمزاود جمع مزود، كمنبر، وهو الوعاء الذي يحمل فيه الزاد.
وهو ما تزوده المسافر لسفره من الطعام.
والتزاود معناه ما تزودناه.
(فبسطنا له) أي للمجموع مما في مزاودنا.
(نطعا) أي سفرة من أديم، أو بساطا.
(فتطاولت لأحرزه) أي أظهرت طولي لأحرزه، أي لأقدره وأخمنه.
(كربضة العنز) أي كمبركها، أو كقدرها وهي رابضة.
والعنز الأنثى من المعز إذا أتى عليها حول.
(جربنا) الجرب جمع جراب.
ككتاب وكتب.
وهو الوعاء من الجلد يجعل فيه الزاد.
(بإداوة) هي المطهرة.
(فيها نطفة) أي قليل من الماء.
(ندغفقه دغفقة) أي نصبه صبا شديدا.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَة فَأَصَابَنَا جَهْد حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَر بَعْض ظَهْرنَا , فَأَمَرَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعْنَا مَزَاوِدنَا فَبَسَطْنَا لَهُ نِطَعًا فَاجْتَمَعَ زَادَ الْقَوْم عَلَى النِّطَع , قَالَ : فَتَطَاوَلَتْ لِأَحْزُرَهُ كَمْ هُوَ ؟ فَحَزَرْته كَرَبْضَة الْعَنْز , وَنَحْنُ أَرْبَع عَشْرَة مِائَة , قَالَ : فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا جَمِيعًا ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبنَا , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ مِنْ وَضُوء ؟ فَجَاءَ رَجُل بِإِدَاوَةٍ فِيهَا نُطْفَة , فَأَفْرَغَهَا فِي قَدَح فَتَوَضَّأْنَا كُلّنَا نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَة أَرْبَع عَشْرَة مِائَة , قَالَ : ثُمَّ جَاءَ بَعْد ثَمَانِيَة فَقَالُوا : هَلْ مِنْ طَهُور ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَرَغَ الْوَضُوء ) أَمَّا قَوْله : ( جَهْد ) فَبِفَتْحِ الْجِيم , وَهُوَ : الْمَشَقَّة , وَقَوْله : ( مَزَاوِدنَا ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْض النُّسَخ أَوْ أَكْثَرهَا وَفِي بَعْضهَا : ( أَزْوَادنَا ) وَفِي بَعْضهَا ( تَزَاوِدَنَا ) بِفَتْحِ التَّاء وَكَسْرهَا , وَفِي النِّطَع لُغَات سَبَقَتْ أَفْصَحهنَّ كَسْر النُّون وَفَتْح الطَّاء.
وَقَوْله : ( كَرَبْضَة الْعَنْز ) أَيْ : كَمَبْرَكِهَا أَوْ كَقَدْرِهَا وَهِيَ رَابِضَة , قَالَ الْقَاضِي : الرَّاوِيَة فِيهِ بِفَتْحِ الرَّاء , وَحَكَاهُ اِبْن دُرَيْدٍ بِكَسْرِهَا.
قَوْله : ( حَشَوْنَا جُرُبنَا ) هُوَ بِضَمِّ الرَّاء وَإِسْكَانهَا , جَمْع جِرَاب بِكَسْرِ الْجِيم عَلَى الْمَشْهُور , وَيُقَال بِفَتْحِهَا.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلْ مِنْ وَضُوء ) أَيْ مَا يُتَوَضَّأ بِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاو عَلَى الْمَشْهُور , وَحُكِيَ ضَمّهَا , وَسَبَقَ بَيَانه فِي كِتَاب الطَّهَارَة.
قَوْله : ( فِيهَا نُطْفَة ) هُوَ بِضَمِّ النُّون , أَيْ : قَلِيل مِنْ الْمَاء.
قَوْله : ( نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَة ) أَيْ : نَصُبّهُ صَبَّا شَدِيدًا.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث : مُعْجِزَتَانِ ظَاهِرَتَانِ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُمَا تَكْثِير الطَّعَام وَتَكْثِير الْمَاء , هَذِهِ الْكَثْرَة الظَّاهِرَة , قَالَ الْمَازِرِيّ : فِي تَحْقِيق الْمُعْجِزَة فِي هَذَا أَنَّهُ كُلَّمَا أَكَلَ مِنْهُ جُزْء أَوْ شَرِبَ جُزْء خَلَقَ اللَّه تَعَالَى جُزْءًا آخَر يَخْلُفهُ , قَالَ : وَمُعْجِزَات النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرْبَانِ أَحَدهمَا , الْقُرْآن , وَهُوَ مَنْقُول تَوَاتُرًا.
وَالثَّانِي : مِثْل تَكْثِير الطَّعَام وَالشَّرَاب , وَنَحْو ذَلِكَ , وَلَك فِيهِ طَرِيقَانِ أَحَدهمَا : أَنْ تَقُول تَوَاتَرَتْ عَلَى الْمَعْنَى كَتَوَاتُرِ جُود حَاتِم طَيِّئ وَحِلْمِ الْأَحْنَفِ بْن قَيْس , فَإِنَّهُ لَا يُنْقَل فِي ذَلِكَ قِصَّة بِعَيْنِهَا مُتَوَاتِرَة , وَلَكِنْ تَكَاثَرَتْ أَفْرَادهَا بِالْآحَادِ , حَتَّى أَفَادَ مَجْمُوعهَا تَوَاتُر الْكَرَم وَالْحِلْم , وَكَذَلِكَ تَوَاتُر اِنْخِرَاق الْعَادَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ الْقُرْآن.
وَالطَّرِيق الثَّانِي : أَنْ تَقُول : إِذَا رَوَى الصَّحَابِيّ مِثْل هَذَا الْأَمْر الْعَجِيب , وَأَحَالَ عَلَى حُضُوره فِيهِ مَعَ سَائِر الصَّحَابَة , وَهُمْ يَسْمَعُونَ رِوَايَته وَدَعْوَاهُ , أَوْ بَلَغَهُمْ ذَلِكَ وَلَا يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ , كَانَ ذَلِكَ تَصْدِيقًا لَهُ يُوجِب الْعِلْم بِصِحَّةِ مَا قَالَ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث : ( اِسْتِحْبَاب الْمُوَاسَاة فِي الزَّاد وَجَمْعه عِنْد قِلَّته , وَجَوَاز أَكْل بَعْضهمْ مَعَ بَعْض فِي هَذِهِ الْحَالَة , وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الرِّبَا فِي شَيْء , وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ نَحْو الْإِبَاحَة , وَكُلّ وَاحِد مُبِيح لِرُفْقَتِهِ الْأَكْل مِنْ طَعَامه , وَسَوَاء تَحَقَّقَ الْإِنْسَان أَنَّهُ أَكَلَ أَكْثَر مِنْ حِصَّته أَوْ دُونهَا أَوْ مِثْلهَا فَلَا بَأْس بِهَذَا , لَكِنْ يُسْتَحَبّ لَهُ الْإِيثَار وَالتَّقَلُّل , لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فِي الطَّعَام قِلَّة.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيَّ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَأَصَابَنَا جَهْدٌ حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظَهْرِنَا فَأَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعْنَا مَزَاوِدَنَا فَبَسَطْنَا لَهُ نِطَعًا فَاجْتَمَعَ زَادُ الْقَوْمِ عَلَى النِّطَعِ قَالَ فَتَطَاوَلْتُ لِأَحْزِرَهُ كَمْ هُوَ فَحَزَرْتُهُ كَرَبْضَةِ الْعَنْزِ وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً قَالَ فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا جَمِيعًا ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبَنَا فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلْ مِنْ وَضُوءٍ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ بِإِدَاوَةٍ لَهُ فِيهَا نُطْفَةٌ فَأَفْرَغَهَا فِي قَدَحٍ فَتَوَضَّأْنَا كُلُّنَا نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَةً أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً قَالَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ فَقَالُوا هَلْ مِنْ طَهُورٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَرِغَ الْوَضُوءُ
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء...
عن ثابت، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصبر عند الصدمة الأولى»
عن ابن عمر، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجل به السير جمع بين المغرب والعشاء»
عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن، فقال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا»،...
عن أنس بن مالك، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتم فضة في يمينه، فيه فص حبشي كان يجعل فصه مما يلي كفه»، عن يونس بن يزيد، بهذا الإسناد مثل حديث...
عن جابر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «يبعث كل عبد على ما مات عليه»، عن الأعمش، بهذا الإسناد مثله، وقال: عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم...
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلم تأته، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح»
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم، أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: ا...
عن الأسود بن قيس، أنه سمع جندبا، يقول: " أبطأ جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد ودع محمد، فأنزل الله عز وجل: {والضحى والليل إذ...