4518- حدثنا إياس بن سلمة، عن أبيه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فأصابنا جهد حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا، فأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم فجمعنا مزاودنا، فبسطنا له نطعا، فاجتمع زاد القوم على النطع، قال: فتطاولت لأحزره كم هو؟ فحزرته كربضة العنز، ونحن أربع عشرة مائة، قال: فأكلنا حتى شبعنا جميعا، ثم حشونا جربنا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «فهل من وضوء؟» قال: فجاء رجل بإداوة له فيها نطفة، فأفرغها في قدح، فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة أربع عشرة مائة، قال: ثم جاء بعد ذلك ثمانية، فقالوا: هل من طهور؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فرغ الوضوء»
(جهد) بفتح الجيم، وهو المشقة.
(مزاودنا) هكذا هو في بعض النسخ أو أكثرها.
وفي بعضها: أزوادنا.
وفي بعضها: تزاودنا، بفتح التاء وكسرها.
والمزاود جمع مزود، كمنبر، وهو الوعاء الذي يحمل فيه الزاد.
وهو ما تزوده المسافر لسفره من الطعام.
والتزاود معناه ما تزودناه.
(فبسطنا له) أي للمجموع مما في مزاودنا.
(نطعا) أي سفرة من أديم، أو بساطا.
(فتطاولت لأحرزه) أي أظهرت طولي لأحرزه، أي لأقدره وأخمنه.
(كربضة العنز) أي كمبركها، أو كقدرها وهي رابضة.
والعنز الأنثى من المعز إذا أتى عليها حول.
(جربنا) الجرب جمع جراب.
ككتاب وكتب.
وهو الوعاء من الجلد يجعل فيه الزاد.
(بإداوة) هي المطهرة.
(فيها نطفة) أي قليل من الماء.
(ندغفقه دغفقة) أي نصبه صبا شديدا.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَة فَأَصَابَنَا جَهْد حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَر بَعْض ظَهْرنَا , فَأَمَرَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعْنَا مَزَاوِدنَا فَبَسَطْنَا لَهُ نِطَعًا فَاجْتَمَعَ زَادَ الْقَوْم عَلَى النِّطَع , قَالَ : فَتَطَاوَلَتْ لِأَحْزُرَهُ كَمْ هُوَ ؟ فَحَزَرْته كَرَبْضَة الْعَنْز , وَنَحْنُ أَرْبَع عَشْرَة مِائَة , قَالَ : فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا جَمِيعًا ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبنَا , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ مِنْ وَضُوء ؟ فَجَاءَ رَجُل بِإِدَاوَةٍ فِيهَا نُطْفَة , فَأَفْرَغَهَا فِي قَدَح فَتَوَضَّأْنَا كُلّنَا نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَة أَرْبَع عَشْرَة مِائَة , قَالَ : ثُمَّ جَاءَ بَعْد ثَمَانِيَة فَقَالُوا : هَلْ مِنْ طَهُور ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَرَغَ الْوَضُوء ) أَمَّا قَوْله : ( جَهْد ) فَبِفَتْحِ الْجِيم , وَهُوَ : الْمَشَقَّة , وَقَوْله : ( مَزَاوِدنَا ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْض النُّسَخ أَوْ أَكْثَرهَا وَفِي بَعْضهَا : ( أَزْوَادنَا ) وَفِي بَعْضهَا ( تَزَاوِدَنَا ) بِفَتْحِ التَّاء وَكَسْرهَا , وَفِي النِّطَع لُغَات سَبَقَتْ أَفْصَحهنَّ كَسْر النُّون وَفَتْح الطَّاء.
وَقَوْله : ( كَرَبْضَة الْعَنْز ) أَيْ : كَمَبْرَكِهَا أَوْ كَقَدْرِهَا وَهِيَ رَابِضَة , قَالَ الْقَاضِي : الرَّاوِيَة فِيهِ بِفَتْحِ الرَّاء , وَحَكَاهُ اِبْن دُرَيْدٍ بِكَسْرِهَا.
قَوْله : ( حَشَوْنَا جُرُبنَا ) هُوَ بِضَمِّ الرَّاء وَإِسْكَانهَا , جَمْع جِرَاب بِكَسْرِ الْجِيم عَلَى الْمَشْهُور , وَيُقَال بِفَتْحِهَا.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلْ مِنْ وَضُوء ) أَيْ مَا يُتَوَضَّأ بِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاو عَلَى الْمَشْهُور , وَحُكِيَ ضَمّهَا , وَسَبَقَ بَيَانه فِي كِتَاب الطَّهَارَة.
قَوْله : ( فِيهَا نُطْفَة ) هُوَ بِضَمِّ النُّون , أَيْ : قَلِيل مِنْ الْمَاء.
قَوْله : ( نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَة ) أَيْ : نَصُبّهُ صَبَّا شَدِيدًا.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث : مُعْجِزَتَانِ ظَاهِرَتَانِ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُمَا تَكْثِير الطَّعَام وَتَكْثِير الْمَاء , هَذِهِ الْكَثْرَة الظَّاهِرَة , قَالَ الْمَازِرِيّ : فِي تَحْقِيق الْمُعْجِزَة فِي هَذَا أَنَّهُ كُلَّمَا أَكَلَ مِنْهُ جُزْء أَوْ شَرِبَ جُزْء خَلَقَ اللَّه تَعَالَى جُزْءًا آخَر يَخْلُفهُ , قَالَ : وَمُعْجِزَات النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرْبَانِ أَحَدهمَا , الْقُرْآن , وَهُوَ مَنْقُول تَوَاتُرًا.
وَالثَّانِي : مِثْل تَكْثِير الطَّعَام وَالشَّرَاب , وَنَحْو ذَلِكَ , وَلَك فِيهِ طَرِيقَانِ أَحَدهمَا : أَنْ تَقُول تَوَاتَرَتْ عَلَى الْمَعْنَى كَتَوَاتُرِ جُود حَاتِم طَيِّئ وَحِلْمِ الْأَحْنَفِ بْن قَيْس , فَإِنَّهُ لَا يُنْقَل فِي ذَلِكَ قِصَّة بِعَيْنِهَا مُتَوَاتِرَة , وَلَكِنْ تَكَاثَرَتْ أَفْرَادهَا بِالْآحَادِ , حَتَّى أَفَادَ مَجْمُوعهَا تَوَاتُر الْكَرَم وَالْحِلْم , وَكَذَلِكَ تَوَاتُر اِنْخِرَاق الْعَادَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ الْقُرْآن.
وَالطَّرِيق الثَّانِي : أَنْ تَقُول : إِذَا رَوَى الصَّحَابِيّ مِثْل هَذَا الْأَمْر الْعَجِيب , وَأَحَالَ عَلَى حُضُوره فِيهِ مَعَ سَائِر الصَّحَابَة , وَهُمْ يَسْمَعُونَ رِوَايَته وَدَعْوَاهُ , أَوْ بَلَغَهُمْ ذَلِكَ وَلَا يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ , كَانَ ذَلِكَ تَصْدِيقًا لَهُ يُوجِب الْعِلْم بِصِحَّةِ مَا قَالَ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث : ( اِسْتِحْبَاب الْمُوَاسَاة فِي الزَّاد وَجَمْعه عِنْد قِلَّته , وَجَوَاز أَكْل بَعْضهمْ مَعَ بَعْض فِي هَذِهِ الْحَالَة , وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الرِّبَا فِي شَيْء , وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ نَحْو الْإِبَاحَة , وَكُلّ وَاحِد مُبِيح لِرُفْقَتِهِ الْأَكْل مِنْ طَعَامه , وَسَوَاء تَحَقَّقَ الْإِنْسَان أَنَّهُ أَكَلَ أَكْثَر مِنْ حِصَّته أَوْ دُونهَا أَوْ مِثْلهَا فَلَا بَأْس بِهَذَا , لَكِنْ يُسْتَحَبّ لَهُ الْإِيثَار وَالتَّقَلُّل , لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فِي الطَّعَام قِلَّة.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيَّ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَأَصَابَنَا جَهْدٌ حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظَهْرِنَا فَأَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعْنَا مَزَاوِدَنَا فَبَسَطْنَا لَهُ نِطَعًا فَاجْتَمَعَ زَادُ الْقَوْمِ عَلَى النِّطَعِ قَالَ فَتَطَاوَلْتُ لِأَحْزِرَهُ كَمْ هُوَ فَحَزَرْتُهُ كَرَبْضَةِ الْعَنْزِ وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً قَالَ فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا جَمِيعًا ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبَنَا فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلْ مِنْ وَضُوءٍ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ بِإِدَاوَةٍ لَهُ فِيهَا نُطْفَةٌ فَأَفْرَغَهَا فِي قَدَحٍ فَتَوَضَّأْنَا كُلُّنَا نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَةً أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً قَالَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ فَقَالُوا هَلْ مِنْ طَهُورٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَرِغَ الْوَضُوءُ
عن ابن عون، قال: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال، قال: فكتب إلي: " إنما كان ذلك في أول الإسلام، قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني...
عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش، أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرا...
عن أبي موسى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره، قال: «بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا»
عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن، فقال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا»،...
عن أبي التياح، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا، وسكنوا ولا تنفروا»
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، يرفع لكل غادر لواء، فقيل: هذه غدرة فلان بن فلان "، عن...
عن عبد الله بن دينار، أنه سمع عبد الله بن عمر، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الغادر ينصب الله له لواء يوم القيامة، فيقال: ألا هذه غدرة...
عن حمزة، وسالم، ابني عبد الله، أن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لكل غادر لواء يوم القيامة»
عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان "، عن شعبة، في هذا الإسناد، وليس في حديث عبد الرحمن: "...