4600-
عن عائشة، أن سعدا، قال وتحجر كلمه للبرء، فقال: «اللهم، إنك تعلم أن ليس أحد أحب إلي أن أجاهد فيك من قوم كذبوا رسولك صلى الله عليه وسلم، وأخرجوه، اللهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء، فأبقني أجاهدهم فيك، اللهم، فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها، واجعل موتي فيها»، فانفجرت من لبته، فلم يرعهم وفي المسجد معه خيمة من بني غفار إلا والدم يسيل إليهم، فقالوا: يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم، فإذا سعد جرحه يغذ دما، فمات منها
عن هشام بهذا الإسناد نحوه، غير أنه قال: فانفجر من ليلته فما زال يسيل حتى مات، وزاد في الحديث، قال: فذاك حين يقول الشاعر
ألا يا سعد سعد بني معاذ .
فما فعلت قريظة والنضير
لعمرك إن سعد بني معاذ .
غداة تحملوا لهو الصبور
تركتم قدركم لا شيء فيها .
وقدر القوم حامية تفور
وقد قال الكريم أبو حباب .
أقيموا قينقاع ولا تسيروا
وقد كانوا ببلدتهم ثقالا .
كما ثقلت بميطان الصخور
(تحجر كلمه للبرء) أي يبس جرحه وكاد أن يبرأ.
(فافجرها) أي فشق الجراحة شقا واسعا، حتى أموت فيها وتتم لي الشهادة.
(لبته) هكذا هو في أكثر الأصول المعتمدة: لبته.
وهي النحر.
وفي بعض الأصول: من ليته.
والليت صفحة العنق.
وفي بعضها: من ليلته.
قال القاضي: وهو الصواب، كما اتفقوا عليه في الرواية التي بعد هذه.
قال ابن حجر: وكان موضع الجرح ورم حتى اتصل الورم إلى صدره، فانفجر من ثم.
(فلم يرعهم) أي لم يفجأهم ويأتهم بغتة.
(يغذ دما) هكذا هو في معظم الأصول المعتمدة: يغذ.
ونقله القاضي عن جمهور الرواة.
وفي بعضها: يغدو.
وكلاهما صحيح.
ومعناه يسيل.
يقال: غذ الجرح يغذ إذا دام سيلانه.
وغذا يغذو إذا سال.
كما قال في الرواية الأخرى: فما زال يسيل حتى مات.
(فما فعلت) هكذا هو في معظم النسخ.
وكذا حكاه القاضي عن المعظم.
وفي بعضها: لما فعلت، باللام بدل الفاء، وقال: وهو الصواب، والمعروف في السير.
(تركتم قدركم) هذا مثل لعدم الناصر.
وأراد بقوله: تركتم قدركم، الأوس.
لقلة حلفائهم.
فإن حلفاءهم قريظة وقد قتلوا.
وأراد بقوله: وقد القوم حامية تفور، الخزرج لشفاعتهم في حلفائهم بني قينقاع حتى من عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، وتركهم لعبد الله بن أبي ابن سلول، وهو أبو حباب المذكور في البيت الآخر.
(وقد كانوا ببلدتهم ثقالا) أي بنو قريظة، وثقالا أي راسخين من كثرة ما لهم من القوة والنجدة والمال، كما رسخت الصخور، وهي الحجارة الكبار، بتلك البلدة.
(كما ثقلت بميطان الصخور) هو اسم جبل من أرض الحجاز في ديار بني مزينة.
وهو بفتح الميم على المشهور.
وقال أبو عبيد البكري وجماعة: هو بكسرها.
وإنما قصد هذا الشاعر تحريض سعد على استبقاء بني قريظة حلفائه، ويلومه على حكمه فيهم، ويذكره بفعل عبد الله بن أبي، ويمدحه بشفاعته في حلفائهم بني قينقاع.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( إِنَّ سَعْدًا تَحَجَّرَ كَلْمه لِلْبُرْءِ ) الْكَلْم : بِفَتْحِ الْكَاف : الْجُرْح , وَتَحَجَّرَ أَيْ يَبِسَ قَوْله : ( فَإِنْ كُنْت وَضَعْت الْحَرْب بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَافْجُرْهَا وَاجْعَلْ مَوْتِي فِيهَا ) هَذَا لَيْسَ مِنْ تَمَنِّي الْمَوْت الْمَنْهِيّ عَنْهُ , لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ تَمَنَّاهُ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ , وَهَذَا إِنَّمَا تَمَنَّى اِنْفِجَارهَا لِيَكُونَ شَهِيدًا.
قَوْله : ( فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّته ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَر الْأُصُول الْمُعْتَمَدَة ( لَبَّته ) بِفَتْحِ اللَّام وَبَعْدهَا بَاء مُوَحَّدَة مُشَدَّدَة مَفْتُوحَة , وَهِيَ النَّحْر , وَفِي بَعْض الْأُصُول ( مِنْ لِيته ) بِكَسْرِ اللَّام وَبَعْدهَا يَاء مُثَنَّاة مِنْ تَحْت سَاكِنَة , ( اللِّيت ) صَفْحَة الْعُنُق , وَفِي بَعْضهَا مِنْ ( لَيْلَتِهِ ) قَالَ الْقَاضِي : قَالُوا : وَهُوَ الصَّوَاب كَمَا اِتَّفَقُوا عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَة الَّتِي بَعْد هَذِهِ.
قَوْله : ( فَلَمْ يَرُعْهُمْ ) أَيْ : لَمْ يَفْجَأهُمْ وَيَأْتِهِمْ بَغْتَة.
قَوْله : ( فَإِذَا سَعْد جُرْحه يَغِذّ دَمًا ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم الْأُصُول الْمُعْتَمَدَة ( يَغِذّ ) بِكَسْرِ الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْدِيد الذَّال الْمُعْجَمَة أَيْضًا , وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جُمْهُور الرُّوَاة , وَفِي بَعْضهَا ( يَغْذُ ) بِإِسْكَانِ الْغَيْن وَضَمّ الذَّال الْمُعْجَمَة , وَكِلَاهُمَا صَحِيح , وَمَعْنَاهُ : يَسِيل يُقَال : غَذَّ الْجُرْح يَغِذّ إِذَا دَامَ سَيَلَانه , وَغَذَا يَغْذُو سَالَ , كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( فَمَا زَالَ يَسِيل حَتَّى مَاتَ ) , قَوْله فِي الشِّعْر : أَلَا يَا سَعْد سَعْد بَنِي مُعَاذ فَمَا فَعَلَتْ قُرَيْظَة وَالنَّضِير هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم النُّسَخ , وَكَذَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ الْمُعْظَم , وَفِي بَعْضهَا : ( لِمَا فَعَلَتْ ) بِاللَّامِ بَدَل الْفَاء وَقَالَ : وَهُوَ الصَّوَاب وَالْمَعْرُوف فِي السِّيَر.
قَوْله : تَرَكْتُمْ قِدْركُمْ لَا شَيْء فِيهَا وَقِدْر الْقَوْم حَامِيَة تَفُور هَذَا : مَثَل لِعَدَمِ النَّاصِر , وَأَرَادَ بِقَوْله : ( تَرَكْتُمْ قِدْركُمْ ) الْأَوْس لِقِلَّةِ حُلَفَائِهِمْ , فَإِنَّ حُلَفَاءَهُمْ قُرَيْظَة وَقَدْ قُتِلُوا , وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ : ( وَقِدْر الْقَوْم حَامِيَة تَفُور ) الْخُرُوج لِشَفَاعَتِهِمْ فِي حُلَفَائِهِمْ بَنِي قَيْنُقَاع حَتَّى مَنَّ عَلَيْهِمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَهُمْ بِعَبْدِ اللَّه بْن أُبَيِّ بْن سَلُول , وَهُوَ أَبُو حُبَابٍ الْمَذْكُور فِي الْبَيْت الْآخَر.
قَوْله : ( كَمَا ثَقُلَتْ بِمَيْطَانَ الصُّخُور ) هُوَ اِسْم جَبَل مِنْ أَرْض أَجَازَ فِي دِيَار بَنِي مُزَيْنَةَ , وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيم عَلَى الْمَشْهُور , وَقَالَ أَبُو عُبَيْد الْبَكْرِيّ وَجَمَاعَة هُوَ بِكَسْرِهَا وَبَعْدهَا يَاء مُثَنَّاة مِنْ تَحْت وَآخِره نُون , هَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور , وَوَقَعَ فِي بَعْض نُسَخ مُسْلِم ( بِمَيْطَارٍ ) بِالرَّاءِ قَالَ الْقَاضِي : وَفِي رِوَايَة اِبْن مَاهَانَ ( بِحَيْطَانَ ) بِالْحَاءِ مَكَان الْمِيم , وَالصَّوَاب الْأَوَّل , قَالَ : وَإِنَّمَا قَصَدَ هَذَا الشَّاعِر تَحْرِيض سَعْد عَلَى اِسْتِبْقَاء بَنِي قُرَيْظَة حُلَفَاءَهُ , وَيَلُومهُ عَلَى حُكْمه فِيهِمْ , وَيُذَكِّرهُ بِفِعْلِ عَبْد اللَّه بْن أُبَيٍّ , وَيَمْدَحهُ بِشَفَاعَتِهِ فِي حُلَفَائِهِمْ بَنِي قَيْنُقَاع.
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَعْدًا قَالَ وَتَحَجَّرَ كَلْمُهُ لِلْبُرْءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجُوهُ اللَّهُمَّ فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْءٌ فَأَبْقِنِي أُجَاهِدْهُمْ فِيكَ اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَافْجُرْهَا وَاجْعَلْ مَوْتِي فِيهَا فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ فَلَمْ يَرُعْهُمْ وَفِي الْمَسْجِدِ مَعَهُ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ إِلَّا وَالدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ فَإِذَا سَعْدٌ جُرْحُهُ يَغِذُّ دَمًا فَمَاتَ مِنْهَا و حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَانْفَجَرَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَمَا زَالَ يَسِيلُ حَتَّى مَاتَ وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ فَذَاكَ حِينَ يَقُولُ الشَّاعِرُ أَلَا يَا سَعْدُ سَعْدَ بَنِي مُعَاذٍ فَمَا فَعَلَتْ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ لَعَمْرُكَ إِنَّ سَعْدَ بَنِي مُعَاذٍ غَدَاةَ تَحَمَّلُوا لَهُوَ الصَّبُورُ تَرَكْتُمْ قِدْرَكُمْ لَا شَيْءَ فِيهَا وَقِدْرُ الْقَوْمِ حَامِيَةٌ تَفُورُ وَقَدْ قَالَ الْكَرِيمُ أَبُو حُبَابٍ أَقِيمُوا قَيْنُقَاعُ وَلَا تَسِيرُوا وَقَدْ كَانُوا بِبَلْدَتِهِمْ ثِقَالًا كَمَا ثَقُلَتْ بِمَيْطَانَ الصُّخُورُ
عن عبد الله، قال: نادى فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم انصرف عن الأحزاب «أن لا يصلين أحد الظهر إلا في بني قريظة»، فتخوف ناس فوت الوقت، فصلوا دون...
عن أنس بن مالك، قال: لما قدم المهاجرون، من مكة، المدينة قدموا وليس بأيديهم شيء، وكان الأنصار أهل الأرض والعقار، فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم أنصاف ثم...
عن أنس، أن رجلا، - وقال حامد، وابن عبد الأعلى أن الرجل - كان يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم النخلات من أرضه حتى فتحت عليه قريظة والنضير، فجعل بعد ذلك ي...
عن عبد الله بن مغفل، قال: أصبت جرابا من شحم، يوم خيبر، قال: فالتزمته، فقلت: لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا، قال: «فالتفت، فإذا رسول الله صلى الله عليه...
حدثني حميد بن هلال، قال: سمعت عبد الله بن مغفل، يقول: " رمي إلينا جراب فيه طعام، وشحم يوم خيبر، فوثبت لآخذه، قال: فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه...
عن ابن عباس، أن أبا سفيان، أخبره من فيه إلى فيه، قال: انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبينا أنا بالشام إذ جيء ب...
عن أنس: «أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى، وإلى قيصر، وإلى النجاشي، وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله تعالى»، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي...
حدثني كثير بن عباس بن عبد المطلب، قال: قال عباس: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله...
عن أبي إسحاق، قال: قال رجل للبراء: يا أبا عمارة، أفررتم يوم حنين؟ قال: لا والله، ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه خرج شبان أصحابه، وأخفاؤهم...