حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله - صحيح مسلم

صحيح مسلم | كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية (حديث رقم: 4771 )


4771- عن جنادة بن أبي أمية، قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، فقلنا: حدثنا أصلحك الله، بحديث ينفع الله به سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا: «أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله»، قال: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان»

أخرجه مسلم


(بايعنا) المراد بالمبايعة المعاهدة، وهي مأخوذة من البيع، لأن كل واحد من المتبايعين كان يمد يده إلى صاحبه، وكذا هذه البيعة تكون بأخذ الكف.
(إلا أن تروا كفرا بواحا) أي جهارا.
من باح بالشيء، يبوح، إذا أعلنه.
(عندكم من الله فيه برهان) أي حجة تعلمونها من دين الله تعالى.
قال النووي: معنى الحديث لا تنازعوا ولا ة الأمور في ولاي تهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام.
فإذا رأيتم ذلك فأنكروه عليهم وقولوا بالحق حيثما كنتم.
وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين.

شرح حديث ( أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله)

شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)

‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدكُمْ مِنْ اللَّه فِيهِ بُرْهَان ) ‏ ‏هَكَذَا هُوَ لِمُعْظَمِ الرُّوَاة وَفِي مُعْظَم النُّسَخ ( بَوَاحًا ) بِالْوَاوِ , وَفِي بَعْضهَا ( بَرَاحًا ) وَالْبَاء مَفْتُوحَة فِيهِمَا , وَمَعْنَاهُمَا : كُفْرًا ظَاهِرًا , وَالْمُرَاد بِالْكُفْرِ هُنَا الْمَعَاصِي , وَمَعْنَى عِنْدكُمْ مِنْ اللَّه فِيهِ بُرْهَان : أَيْ : تَعْلَمُونَهُ مِنْ دِين اللَّه تَعَالَى.
‏ ‏وَمَعْنَى الْحَدِيث : لَا تُنَازِعُوا وُلَاة الْأُمُور فِي وِلَايَتهمْ , وَلَا تَعْتَرِضُوا عَلَيْهِمْ إِلَّا أَنْ تَرَوْا مِنْهُمْ مُنْكَرًا مُحَقَّقًا تَعْلَمُونَهُ مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام , فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَأَنْكِرُوهُ عَلَيْهِمْ , وَقُولُوا بِالْحَقِّ حَيْثُ مَا كُنْتُمْ , وَأَمَّا الْخُرُوج عَلَيْهِمْ وَقِتَالهمْ فَحَرَام بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ , وَإِنْ كَانُوا فَسَقَة ظَالِمِينَ.
‏ ‏وَقَدْ تَظَاهَرَتْ الْأَحَادِيث بِمَعْنَى مَا ذَكَرْته , وَأَجْمَعَ أَهْل السُّنَّة أَنَّهُ لَا يَنْعَزِل السُّلْطَان بِالْفِسْقِ , وَأَمَّا الْوَجْه الْمَذْكُور فِي كُتُب الْفِقْه لِبَعْضِ أَصْحَابنَا أَنَّهُ يَنْعَزِل , وَحُكِيَ عَنْ الْمُعْتَزِلَة أَيْضًا , فَغَلَط مِنْ قَائِله , مُخَالِف لِلْإِجْمَاعِ.
‏ ‏قَالَ الْعُلَمَاء : وَسَبَب عَدَم اِنْعِزَاله وَتَحْرِيم الْخُرُوج عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْفِتَن , وَإِرَاقَة الدِّمَاء , وَفَسَاد ذَات الْبَيْن , فَتَكُون الْمَفْسَدَة فِي عَزْله أَكْثَر مِنْهَا فِي بَقَائِهِ.
‏ ‏قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الْإِمَامَة لَا تَنْعَقِد لِكَافِرٍ , وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْكُفْر اِنْعَزَلَ , قَالَ : وَكَذَا لَوْ تَرَكَ إِقَامَة الصَّلَوَات وَالدُّعَاء إِلَيْهَا , قَالَ : وَكَذَلِكَ عِنْد جُمْهُورهمْ الْبِدْعَة , قَالَ : وَقَالَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ : تَنْعَقِد لَهُ , وَتُسْتَدَام لَهُ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّل , قَالَ الْقَاضِي : فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ كُفْر وَتَغْيِير لِلشَّرْعِ أَوْ بِدْعَة خَرَجَ عَنْ حُكْم الْوِلَايَة , وَسَقَطَتْ طَاعَته , وَوَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْقِيَام عَلَيْهِ , وَخَلْعه وَنَصْب إِمَام عَادِل إِنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ , فَإِنْ لَمْ يَقَع ذَلِكَ إِلَّا لِطَائِفَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْقِيَام بِخَلْعِ الْكَافِر , وَلَا يَجِب فِي الْمُبْتَدِع إِلَّا إِذَا ظَنُّوا الْقُدْرَة عَلَيْهِ , فَإِنْ تَحَقَّقُوا الْعَجْز لَمْ يَجِب الْقِيَام , وَلْيُهَاجِرْ الْمُسْلِم عَنْ أَرْضه إِلَى غَيْرهَا , وَيَفِرّ بِدِينِهِ , قَالَ : وَلَا تَنْعَقِد لِفَاسِقٍ اِبْتِدَاء , فَلَوْ طَرَأَ عَلَى الْخَلِيفَة فِسْق قَالَ بَعْضهمْ : يَجِب خَلْعه إِلَّا أَنْ تَتَرَتَّب عَلَيْهِ فِتْنَة وَحَرْب , وَقَالَ جَمَاهِير أَهْل السُّنَّة مِنْ الْفُقَهَاء وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْمُتَكَلِّمِينَ : لَا يَنْعَزِل بِالْفِسْقِ وَالظُّلْم وَتَعْطِيل الْحُقُوق , وَلَا يُخْلَع وَلَا يَجُوز الْخُرُوج عَلَيْهِ بِذَلِكَ , بَلْ يَجِب وَعْظه وَتَخْوِيفه ; لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَة فِي ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ اِدَّعَى أَبُو بَكْر بْن مُجَاهِد فِي هَذَا الْإِجْمَاع , وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضهمْ هَذَا بِقِيَامِ الْحَسَن وَابْن الزُّبَيْر وَأَهْل الْمَدِينَة عَلَى بَنِي أُمَيَّة , وَبِقِيَامِ جَمَاعَة عَظْمِيَّة مِنْ التَّابِعِينَ وَالصَّدْر الْأَوَّل عَلَى الْحَجَّاج مَعَ اِبْن الْأَشْعَث , وَتَأَوَّلَ هَذَا الْقَائِل قَوْله : أَلَّا نُنَازِع الْأَمْر أَهْله فِي أَئِمَّة الْعَدْل , وَحُجَّة الْجُمْهُور أَنَّ قِيَامهمْ عَلَى الْحَجَّاج لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الْفِسْق , بَلْ لَمَّا غَيَّرَ مِنْ الشَّرْع وَظَاهَرَ مِنْ الْكُفْر , قَالَ الْقَاضِي : وَقِيلَ : إِنَّ هَذَا الْخِلَاف كَانَ أَوَّلًا ثُمَّ حَصَلَ الْإِجْمَاع عَلَى مَنْع الْخُرُوج عَلَيْهِمْ.
وَاَللَّه أَعْلَم.


حديث أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبِ بْنِ مُسْلِمٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَمِّي ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏بُكَيْرٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏دَخَلْنَا عَلَى ‏ ‏عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ‏ ‏وَهُوَ مَرِيضٌ فَقُلْنَا حَدِّثْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَبَايَعْنَاهُ ‏ ‏فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ ‏ ‏بَايَعَنَا ‏ ‏عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا ‏ ‏وَأَثَرَةٍ ‏ ‏عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ قَالَ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا ‏ ‏بَوَاحًا ‏ ‏عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ ‏ ‏بُرْهَانٌ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح مسلم

إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بت...

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إنما الإمام جنة، يقاتل من ورائه، ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل، كان له بذلك أجر، وإن يأمر...

حديث وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء، الأول فالأول

عن أبي حازم، قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإ...

تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم

عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها»، قالوا: يا رسول الله، كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: «تؤدون...

إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته ع...

عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، قال: دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة، والناس مجتمعون عليه، فأتيتهم فجلست إليه، فقال: كنا...

إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض

عن أسيد بن حضير، أن رجلا من الأنصار خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ألا تستعملني كما استعملت فلانا؟ فقال: «إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى...

اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حمل...

عن علقمة بن وائل الحضرمي، عن أبيه، قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقه...

وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن

عن حذيفة بن اليمان، يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في ج...

يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وس...

عن أبي سلام، قال: قال حذيفة بن اليمان: قلت: يا رسول الله، إنا كنا بشر، فجاء الله بخير، فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر؟ قال: «نعم»، قلت: هل وراء ذل...

من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهل...

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة، أو يدعو...