4925- عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة، إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث، وإن لم يصيبوا غنيمة، تم لهم أجرهم»
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ غَازِيَة تَغْزُو فِي سَبِيل اللَّه فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَة إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرهمْ مِنْ الْآخِرَة , وَيَبْقَى لَهُمْ الثُّلُث , وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَة تَمَّ لَهُمْ أَجْرهمْ ) وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة : ( مَا مِنْ غَازِيَة أَوْ سَرِيَّة تَغْزُو فَتَغْنَم وَتَسْلَم إِلَّا كَانُوا قَدْ تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أُجُورهمْ وَمَا مِنْ غَازِيَة أَوْ سَرِيَّة تُخْفِق وَتُصَاب إِلَّا تَمَّ أُجُورهمْ ) قَالَ أَهْل اللُّغَة : الْإِخْفَاق : أَنْ يَغْزُوَا فَلَا يَغْنَمُوا شَيْئًا , وَكَذَلِكَ كُلّ طَالِب حَاجَة إِذَا لَمْ تَحْصُل فَقَدْ أَخْفَقَ , وَمِنْهُ : أَخْفَقَ الصَّائِد , إِذَا لَمْ يَقَع لَهُ صَيْد.
وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيث : فَالصَّوَاب الَّذِي لَا يَجُوز غَيْره , أَنَّ الْغُزَاة إِذَا سَلِمُوا أَوْ غَنِمُوا يَكُون أَجْرهمْ أَقَلّ مِنْ أَجْر مَنْ لَمْ يَسْلَم , أَوْ سَلِمَ وَلَمْ يَغْنَم , وَأَنَّ الْغَنِيمَة هِيَ فِي مُقَابَلَة جُزْء مِنْ أَجْر غَزْوهمْ , فَإِذَا حَصَلَتْ لَهُمْ فَقَدْ تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرهمْ الْمُتَرَتَّب عَلَى الْغَزْو , وَتَكُون هَذِهِ الْغَنِيمَة مِنْ جُمْلَة الْأَجْر , وَهَذَا مُوَافِق لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة الْمَشْهُورَة عَنْ الصَّحَابَة كَقَوْلِهِ : ( مِنَّا مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَأْكُل مِنْ أَجْره شَيْئًا وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَته فَهُوَ يَهْدُبُهَا ) أَيْ : يَجْتَنِيهَا , فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا هُوَ الصَّوَاب , وَهُوَ ظَاهِر الْحَدِيث , وَلَمْ يَأْتِ حَدِيث صَرِيح صَحِيح يُخَالِف هَذَا , فَتَعَيَّنَ حَمْله عَلَى مَا ذَكَرْنَا , وَقَدْ اِخْتَارَ الْقَاضِي عِيَاض مَعْنَى هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بَعْد حِكَايَته فِي تَفْسِيره أَقْوَالًا فَاسِدَة ; مِنْهَا : قَوْل : مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لَيْسَ بِصَحِيحٍ , وَلَا يَجُوز أَنْ يَنْقُص ثَوَابهمْ بِالْغَنِيمَةِ , كَمَا لَمْ يَنْقُص ثَوَاب أَهْل بَدْر وَهُمْ أَفْضَل الْمُجَاهِدِينَ , وَهِيَ أَفْضَل غَنِيمَة , قَالَ : وَزَعَمَ بَعْض هَؤُلَاءِ أَنَّ أَبَا هَانِئ حُمَيْدَ بْن هَانِئ رَاوِيه مَجْهُول , وَرَجَّحُوا الْحَدِيث السَّابِق , فِي أَنَّ الْمُجَاهِد يَرْجِع بِمَا نَالَ مِنْ أَجْر وَغَنِيمَة , فَرَجَّحُوهُ عَلَى هَذَا الْحَدِيث لِشُهْرَتِهِ وَشُهْرَة رِجَاله , وَلِأَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ , وَهَذَا فِي مُسْلِم خَاصَّة , وَهَذَا الْقَوْل بَاطِل مِنْ أَوْجُه , فَإِنَّهُ لَا تَعَارُض بَيْنه وَبَيْن هَذَا الْحَدِيث الْمَذْكُور , فَإِنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيث السَّابِق رُجُوعه بِمَا نَالَ مِنْ أَجْر وَغَنِيمَة , وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ الْغَنِيمَة تُنْقِص الْأَجْر أَمْ لَا وَلَا قَالَ : أَجْره كَأَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَم , فَهُوَ مُطْلَق , وَهَذَا مُقَيَّد , فَوَجَبَ حَمْله عَلَيْهِ.
وَأَمَّا قَوْلهمْ : أَبُو هَانِئ مَجْهُول ; فَغَلَط فَاحِش , بَلْ هُوَ ثِقَة مَشْهُور , رَوَى عَنْهُ اللَّيْث بْن سَعْد وَحَيْوَة وَابْن وَهْب وَخَلَائِق مِنْ الْأَئِمَّة , وَيَكْفِي فِي تَوْثِيقه اِحْتِجَاج مُسْلِم بِهِ فِي صَحِيحه.
وَأَمَّا قَوْلهمْ : إِنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ , فَلَيْسَ لَازِمًا فِي صِحَّة الْحَدِيث كَوْنه فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَا فِي أَحَدهمَا.
وَأَمَّا قَوْلهمْ : فِي غَنِيمَة بَدْر , فَلَيْسَ فِي غَنِيمَة بَدْر نَصّ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَغْنَمُوا لَكَانَ أَجْرهمْ عَلَى قَدْر أَجْرهمْ , وَقَدْ غَنِمُوا فَقَطْ , وَكَوْنهمْ مَغْفُورًا لَهُمْ , مَرَضِيًّا عَنْهُمْ , وَمِنْ أَهْل الْجَنَّة , لَا يَلْزَم أَلَّا تَكُون وَرَاء هَذَا مَرْتَبَة أُخْرَى هِيَ أَفْضَل مِنْهُ , مَعَ أَنَّهُ شَدِيد الْفَضْل عَظِيم الْقَدْر.
وَمِنْ الْأَقْوَال الْبَاطِلَة مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ قَالَ : لَعَلَّ الَّذِي تَعَجَّلَ ثُلُثَيْ أَجْره إِنَّمَا هُوَ فِي غَنِيمَة أُخِذَتْ عَلَى غَيْر وَجْههَا , وَهَذَا غَلَط فَاحِش , إِذْ لَوْ كَانَتْ عَلَى خِلَاف وَجْههَا لَمْ يَكُنْ ثُلُث الْأَجْر , وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ الْمُرَاد أَنَّ الَّتِي أَخْفَقَتْ يَكُون لَهَا أَجْر بِالْأَسَفِ عَلَى مَا فَاتَهَا مِنْ الْغَنِيمَة , فَيُضَاعَف ثَوَابهَا كَمَا يُضَاعَف لِمَنْ أُصِيب فِي مَاله وَأَهْله , وَهَذَا الْقَوْل فَاسِد مُبَايِن لِصَرِيحِ الْحَدِيث , وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ الْحَدِيث مَحْمُول عَلَى مَنْ خَرَجَ بِنِيَّةِ الْغَزْو وَالْغَنِيمَة مَعًا فَنَقَصَ ثَوَابه , وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيف.
وَالصَّوَاب مَا قَدَّمْنَاهُ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنْ الْآخِرَةِ وَيَبْقَى لَهُمْ الثُّلُثُ وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ
عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من غازية، أو سرية، تغزو فتغنم وتسلم، إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم، وما من غازية، أو...
عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورس...
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من طلب الشهادة صادقا، أعطيها، ولو لم تصبه»
حدثني أبو شريح، أن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، حدثه، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل...
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من نفاق»، قال ابن سهم: قال عبد الله بن المبارك: ف...
عن جابر، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة، فقال: «إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا، إلا كانوا معكم، حبسهم المرض»، عن الأع...
عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الل...
عن أم حرام، وهي خالة أنس، قالت: أتانا النبي صلى الله عليه وسلم يوما، فقال عندنا، فاستيقظ وهو يضحك، فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ بأبي أنت وأمي، قال: «أ...
عن سلمان، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه،...