5131- عن أنس بن مالك، قال: كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة، وما شرابهم إلا الفضيخ: البسر والتمر، فإذا مناد ينادي، فقال: اخرج فانظر، فخرجت، فإذا مناد ينادي: «ألا إن الخمر قد حرمت»، قال: فجرت في سكك المدينة، فقال لي أبو طلحة: اخرج فاهرقها، فهرقتها، فقالوا - أو قال بعضهم: - قتل فلان، قتل فلان، وهي في بطونهم، - قال: فلا أدري هو من حديث أنس -، فأنزل الله عز وجل: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات} [المائدة: 93]
(الفضيح البسر والتمر) قال إبراهيم الحربي: الفضيح أن يفضح البسر ويصب عليه الماء ويتركه حتى يغلي.
وقال أبو عبيد: هو ما فضح من البسر من غير أن تمسه نار.
فإن كان معه تمر فهو خليط.
أما البسر فقد قال ابن فارس: البسر من كل شيء الغض.
ونبات بسر أي طري، وفضحه شدخه.
(طعموا) أي شربوا.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( وَمَا شَرَابهمْ إِلَّا الْفَضِيخ الْبُسْر وَالتَّمْر ) قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ : الْفَضِيخ أَنْ يَفْضَخ الْبُسْر وَيَصُبّ عَلَيْهِ الْمَاء وَيَتْرُكهُ حَتَّى يَغْلِي , وَقَالَ أَبُو عُبَيْد هُوَ مَا فُضِخَ مِنْ الْبُسْر مِنْ غَيْر أَنْ تَمَسّهُ نَار , فَإِنْ كَانَ مَعَهُ تَمْر فَهُوَ خَلِيط.
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِم تَصْرِيح بِتَحْرِيمِ جَمِيع الْأَنْبِذَة الْمُسْكِرَة , وَأَنَّهَا كُلّهَا تُسَمَّى خَمْرًا , وَسَوَاء فِي ذَلِكَ الْفَضِيخ وَنَبِيذ التَّمْر وَالرُّطَب وَالْبُسْر وَالزَّبِيب وَالشَّعِير وَالذُّرَة وَالْعَسَل وَغَيْرهَا , وَكُلّهَا مُحَرَّمَة , وَتُسَمَّى خَمْرًا , هَذَا مَذْهَبنَا وَبِهِ قَالَ مَالِك وَأَحْمَد وَالْجَمَاهِير مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف , وَقَالَ قَوْم مِنْ أَهْل الْبَصْرَة : إِنَّمَا يَحْرُم عَصِير الْعِنَب , وَنَقِيع الزَّبِيب النِّيء , فَأَمَّا الْمَطْبُوخ مِنْهُمَا , وَالنِّيء وَالْمَطْبُوخ مِمَّا سِوَاهُمَا فَحَلَال مَا لَمْ يُشْرَب وَيُسْكِر , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : إِنَّمَا يَحْرُم عَصِير ثَمَرَات النَّخْل وَالْعِنَب , قَالَ : فَسُلَافَة الْعِنَب يَحْرُم قَلِيلهَا وَكَثِيرهَا إِلَّا أَنْ يُطْبَخ حَتَّى يَنْقُص ثُلُثَاهَا , وَأَمَّا نَقِيع التَّمْر وَالزَّبِيب فَقَالَ : تَحِلّ مَطْبُوخهمَا وَإِنْ مَسَّتْهُ النَّار شَيْئًا قَلِيلًا مِنْ غَيْر اِعْتِبَار لِحَدٍّ كَمَا اُعْتُبِرَ فِي سُلَافَة الْعِنَب , قَالَ : وَالنِّيء مِنْهُ حَرَام , قَالَ : وَلَكِنَّهُ لَا يُحَدُّ شَارِبه , هَذَا كُلّه مَا لَمْ يُشْرَب وَيُسْكِر , فَإِنْ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَام بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ , وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّة , أَمَّا الْقُرْآن فَهُوَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى نَبَّهَ عَلَى أَنَّ عِلَّة تَحْرِيم الْخَمْر كَوْنهَا تَصُدّ عَنْ ذِكْر اللَّه وَعَنْ الصَّلَاة , وَهَذِهِ الْعِلَّة مَوْجُودَة فِي جَمِيع الْمُسْكِرَات , فَوَجَبَ طَرْد الْحُكْم فِي الْجَمِيع , فَإِنْ قِيلَ : إِنَّمَا يَحْصُل هَذَا الْمَعْنَى فِي الْإِسْكَار , وَذَلِكَ مُجْمَع عَلَى تَحْرِيمه , قُلْنَا : قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيم عَصِير الْعِنَب وَإِنْ لَمْ يُسْكِر , وَقَدْ عَلَّلَ اللَّه سُبْحَانه تَحْرِيمه كَمَا سَبَقَ , فَإِذَا كَانَ مَا سِوَاهُ فِي مَعْنَاهُ وَجَبَ طَرْد الْحُكْم فِي الْجَمِيع , وَيَكُون التَّحْرِيم لِلْجِنْسِ الْمُسْكِر , وَعُلِّلَ بِمَا يَحْصُل مِنْ الْجِنْس فِي الْعَادَة , قَالَ الْمَازِنِيّ : هَذَا الِاسْتِدْلَال آكَد مِنْ كُلّ مَا يُسْتَدَلّ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة , قَالَ : وَلَنَا فِي الِاسْتِدْلَال طَرِيق آخَر , وَهُوَ أَنْ يَقُول : إِذَا شَرِبَ سُلَافَة الْعِنَب عِنْد اِعْتِصَارهَا وَهِيَ حُلْوَة لَمْ تُسْكِر فَهِيَ حَلَال بِالْإِجْمَاعِ , وَإِنْ اِشْتَدَّتْ وَأَسْكَرَتْ حَرُمَتْ بِالْإِجْمَاعِ , فَإِنْ تَخَلَّلَتْ مِنْ غَيْر تَخْلِيل آدَمِيّ حَلَّتْ , فَنَظَرْنَا إِلَى مُسْتَبْدَل هَذِهِ الْأَحْكَام وَتَجَدُّدهَا عِنْد تَجَدُّد الصِّفَات وَتَبَدُّلهَا , فَأَشْعَرَنَا ذَلِكَ بِارْتِبَاطِ هَذِهِ الْأَحْكَام بِهَذِهِ الصِّفَة , وَقَامَ مَقَام ذَلِكَ مِنْ التَّصْرِيح بِذَلِكَ بِالنُّطْقِ , فَوَجَبَ جَعْل الْجَمِيع سَوَاء فِي الْحُكْم , وَأَنَّ الْإِسْكَار هُوَ عِلَّة التَّحْرِيم , هَذِهِ إِحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ فِي الِاسْتِدْلَال لِمَذْهَبِ الْجُمْهُور.
وَالثَّانِيَة : الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْكَثِيرَة الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِم وَغَيْره , كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلّ مُسْكِر حَرَام " وَقَوْله : " نَهَى عَنْ كُلّ مُسْكِر " وَحَدِيث " كُلّ مُسْكِر خَمْر " وَحَدِيث اِبْن عُمَر - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا - الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِم هُنَا فِي آخِر كِتَاب الْأَشْرِبَة : ( أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كُلّ مُسْكِر خَمْر وَكُلّ مُسْكِر حَرَام ) , وَفِي رِوَايَة لَهُ : " كُلّ مُسْكِر خَمْر وَكُلّ خَمْر حَرَام " وَحَدِيث النَّهْي عَنْ كُلّ مُسْكِر أَسْكَرَ عَنْ الصَّلَاة.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله : ( فَجَرَتْ فِي سِكَك الْمَدِينَة ) أَيْ طَرَفهَا.
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث أَنَّهَا لَا تَطْهُر بِالتَّخْلِيلِ , وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور , وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَة , وَفِيهِ : أَنَّهُ لَا يَجُوز إِمْسَاكهَا , وَقَدْ اِتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجُمْهُور.
حَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ يَوْمَ حُرِّمَتْ الْخَمْرُ فِي بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ وَمَا شَرَابُهُمْ إِلَّا الْفَضِيخُ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي فَقَالَ اخْرُجْ فَانْظُرْ فَخَرَجْتُ فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ قَالَ فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ فَاهْرِقْهَا فَهَرَقْتُهَا فَقَالُوا أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ قُتِلَ فُلَانٌ قُتِلَ فُلَانٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ قَالَ فَلَا أَدْرِي هُوَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }
أخبرنا عبد العزيز بن صهيب، قال: سألوا أنس بن مالك عن الفضيخ، فقال: ما كانت لنا خمر غير فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ، إني لقائم أسقيها أبا طلحة، وأبا...
حدثنا أنس بن مالك، قال: إني لقائم على الحي على عمومتي أسقيهم من فضيخ لهم وأنا أصغرهم سنا، فجاء رجل، فقال: «إنها قد حرمت الخمر»، فقالوا: اكفئها يا أنس،...
عن أنس بن مالك، قال: كنت أسقي أبا طلحة، وأبا دجانة، ومعاذ بن جبل في رهط من الأنصار، فدخل علينا داخل، فقال: «حدث خبر نزل تحريم الخمر»، فأكفأناها يومئذ...
عن أنس بن مالك، يقول: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يخلط التمر والزهو، ثم يشرب، وإن ذلك كان عامة خمورهم يوم حرمت الخمر»
عن أنس بن مالك، أنه، قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح، وأبا طلحة، وأبي بن كعب شرابا من فضيخ وتمر، فأتاهم آت، فقال: «إن الخمر قد حرمت»، فقال أبو طلحة:...
حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثني أبي، أنه سمع أنس بن مالك، يقول: «لقد أنزل الله الآية التي حرم الله فيها الخمر، وما بالمدينة شراب يشرب إلا من تمر»
عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخمر تتخذ خلا، فقال: «لا»
عن علقمة بن وائل، عن أبيه وائل الحضرمي، أن طارق بن سويد الجعفي، سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر، فنهاه - أو كره - أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها ل...
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة "