6170- عن أبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جلس على المنبر فقال: «عبد خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده» فبكى أبو بكر وبكى، فقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا به، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أمن الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام، لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر» عن أبي سعيد الخدري، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوما، بمثل حديث مالك
(زهرة الدنيا) المراد بزهرة الدنيا نعيمها وأعراضها وجدودها.
وشبهها بزهر الروض.
(فبكى أبو بكر وبكى) هكذا هو في جميع النسخ: فبكى أبو بكر و بكى.
معناه بكى كثيرا ثم بكى.
(إن أمن الناس علي) معناه أكثرهم جودا وسماحة لنا بنفسه وماله.
وليس هو من المن الذي هو الاعتداد بالصنيعة.
لأنه أذى مبطل للثواب.
ولأن المنة لله ولرسوله في قبول ذلك وفي غيره.
(لا تبقين في المسجد خوخة) الخوخة هي الباب الصغير بين البيتين أو الدارين، ونحوه.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللَّه بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَة الدُّنْيَا , وَبَيْن مَا عِنْده , فَاخْتَارَ مَا عِنْده " فَبَكَى أَبُو بَكْر وَبَكَى , وَقَالَ : فَدَيْنَاك بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتنَا ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ : ( فَبَكَى أَبُو بَكْر وَبَكَى ) مَعْنَاهُ بَكَى كَثِيرًا , ثُمَّ بَكَى.
وَالْمُرَاد بِزَهْرَةِ الدُّنْيَا نَعِيمهَا وَأَعْرَاضهَا وَحُدُودهَا , وَشَبَّهَهَا بِزَهْرَةِ الرَّوْض.
وَقَوْله : ( فَدَيْنَاك ) دَلِيل لِجَوَازِ التَّفْدِيَة , وَقَدْ سَبَقَ بَيَانه مَرَّات.
وَكَانَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَلِمَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْعَبْد الْمُخَيَّر , فَبَكَى حُزْنًا عَلَى فِرَاقه , وَانْقِطَاع الْوَحْي , وَغَيْره مِنْ الْخَيْر دَائِمًا.
وَإِنَّمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ عَبْدًا ) وَأَبْهَمَهُ , لِيَنْظُر فَهْم أَهْل الْمَعْرِفَة , وَنَبَاهَة أَصْحَاب الْحِذْق.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَمَنَّ النَّاس عَلَيَّ فِي مَاله وَصُحْبَته أَبُو بَكْر ) قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ أَكْثَرُهُمْ جُودًا وَسَمَاحَة لَنَا بِنَفْسِهِ وَمَاله , وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْمَنِّ الَّذِي هُوَ الِاعْتِدَاد بِالصَّنِيعَةِ ; لِأَنَّهُ أَذَى مُبْطِل لِلثَّوَابِ , وَلِأَنَّ الْمِنَّةَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَبُول ذَلِكَ , وَفِي غَيْره.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَوْ كُنْت مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاِتَّخَذْت أَبَا بَكْر خَلِيلًا , وَلَكِنَّ أُخُوَّةَ الْإِسْلَام ) وَفِي رِوَايَة : ( لَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي , وَقَدْ اِتَّخَذَ اللَّه صَاحِبكُمْ خَلِيلًا ) قَالَ الْقَاضِي : قِيلَ : أَصْلُ الْخُلَّة الِافْتِقَار وَالِانْقِطَاع , فَخَلِيلُ اللَّه الْمُنْقَطِع إِلَيْهِ.
وَقِيلَ : لِقَصْرِهِ حَاجَته عَلَى اللَّه تَعَالَى , وَقِيلَ : الْخُلَّة الِاخْتِصَاص , وَقِيلَ : الِاصْطِفَاء , وَسُمِّيَ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا لِأَنَّهُ وَالَى فِي اللَّه تَعَالَى , وَعَادَى فِيهِ.
وَقِيلَ : سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ تَخَلَّقَ بِخِلَالٍ حَسَنَةٍ , وَأَخْلَاق كَرِيمَة , وَخُلَّة اللَّه تَعَالَى لَهُ نَصْره وَجَعْله إِمَامًا لِمَنْ بَعْده.
وَقَالَ اِبْن فَوْرَكٍ : الْخُلَّة صَفَاء الْمَوَدَّة بِتَخَلُّلِ الْأَسْرَار.
وَقِيلَ : أَصْلهَا الْمَحَبَّة , وَمَعْنَاهُ الْإِسْعَاف وَالْإِلْطَاف , وَقِيلَ : الْخَلِيل مَنْ لَا يَتَّسِعُ قَلْبه لِغَيْرِ خَلِيله.
وَمَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ حُبَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يُبْقِ فِي قَلْبه مَوْضِعًا لِغَيْرِهِ.
قَالَ الْقَاضِي : وَجَاءَ فِي أَحَادِيث أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَلَا وَأَنَا حَبِيبُ اللَّه " فَاخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ هَلْ الْمَحَبَّة أَرْفَعُ مِنْ الْخُلَّة , أَمْ الْخُلَّة أَرْفَع ؟ أَمْ هُمَا سَوَاء ؟ فَقَالَتْ طَائِفَة : هُمَا بِمَعْنًى , فَلَا يَكُونُ الْحَبِيبُ إِلَّا خَلِيلًا , وَلَا يَكُونُ الْخَلِيل إِلَّا حَبِيبًا , وَقِيلَ : الْحَبِيب أَرْفَع , لِأَنَّهَا صِفَة نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقِيلَ : الْخَلِيل أَرْفَعُ , وَقَدْ ثَبَتَتْ خُلَّة نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّهِ تَعَالَى بِهَذَا الْحَدِيث , وَنَفَى أَنْ يَكُون لَهُ خَلِيل غَيْره , وَأَثْبَتَ مَحَبَّته لِخَدِيجَةَ , وَعَائِشَةَ وَأَبِيهَا , وَأُسَامَة وَأَبِيهِ , وَفَاطِمَة وَابْنَيْهَا , وَغَيْرهمْ.
وَمَحَبَّة اللَّه تَعَالَى لِعَبْدِهِ تَمْكِينه مِنْ طَاعَته , وَعِصْمَته , وَتَوْفِيقه , وَتَيْسِير أَلْطَافه , وَهِدَايَته , وَإِفَاضَة رَحْمَته عَلَيْهِ.
هَذِهِ مَبَادِيهَا , وَأَمَّا غَايَتُهَا فَكَشْفُ الْحُجُب عَنْ قَلْبه حَتَّى يَرَاهُ بِبَصِيرَتِهِ , فَيَكُون كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح : " فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعه الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ , وَبَصَره " إِلَى آخِره.
هَذَا كَلَام الْقَاضِي.
وَأَمَّا قَوْل أَبِي هُرَيْرَة وَغَيْره مِنْ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ : سَمِعْت خَلِيلِي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلَا يُخَالِف هَذَا ; لِأَنَّ الصَّحَابِيّ يَحْسُنُ فِي حَقّه الِانْقِطَاع إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِد خَوْخَة إِلَّا خَوْخَة أَبِي بَكْر ) الْخَوْخَة بِفَتْحِ الْخَاء , وَهِيَ الْبَاب الصَّغِير بَيْن الْبَيْتَيْنِ.
أَوْ الدَّارَيْنِ , وَنَحْوه.
وَفِيهِ فَضِيلَة وَخِصِّيصَة ظَاهِرَة لِأَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
وَفِيهِ أَنَّ الْمَسَاجِد تُصَانُ عَنْ تَطَرُّق النَّاس إِلَيْهَا فِي خَوْخَات وَنَحْوهَا إِلَّا مِنْ أَبْوَابهَا إِلَّا لِحَاجَةٍ مُهِمَّةٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مَعْنٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَبَكَى فَقَالَ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ يَوْمًا بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ
عن عبد الله بن مسعود، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكنه أخي وصاحبي، وقد اتخذ الله عز وجل صاحب...
عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «لو كنت متخذا من أمتي أحدا خليلا، لاتخذت أبا بكر»
عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا، لاتخذت ابن أبي قحافة خليلا»
عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا، لاتخذت ابن أبي قحافة خليلا، ولكن صاحبكم خليل الله»
عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إني أبرأ إلى كل خل من خله، ولو كنت متخذا خليلا، لاتخذت أبا بكر خليلا، إن صاحبكم خليل الله»
عن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة» قلت: من الرجال؟ قال «أبوها»...
عن ابن أبي مليكة، سمعت عائشة، وسئلت: " من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفا لو استخلفه؟ قالت: أبو بكر، فقيل لها: ثم من؟ بعد أبي بكر قالت: عمر،...
عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ - ق...
عن عائشة، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: في مرضه " ادعي لي أبا بكر، أباك، وأخاك، حتى أكتب كتابا، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أ...