حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

حديث من فضائل أبي ذر رضي الله عنه - صحيح مسلم

صحيح مسلم | كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم باب من فضائل أبي ذر، رضي الله عنه (حديث رقم: 6359 )


6359- عن عبد الله بن الصامت، قال: قال أبو ذر: خرجنا من قومنا غفار، وكانوا يحلون الشهر الحرام، فخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا، فنزلنا على خال لنا، فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا، فحسدنا قومه فقالوا: إنك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس، فجاء خالنا فنثا علينا الذي قيل له، فقلت: أما ما مضى من معروفك فقد كدرته، ولا جماع لك فيما بعد، فقربنا صرمتنا، فاحتملنا عليها، وتغطى خالنا ثوبه فجعل يبكي، فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة، فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها، فأتيا الكاهن، فخير أنيسا، فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها .
قال: وقد صليت، يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين، قلت: لمن؟ قال: لله، قلت: فأين توجه؟ قال: أتوجه حيث يوجهني ربي، أصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء، حتى تعلوني الشمس.
فقال أنيس: إن لي حاجة بمكة فاكفني، فانطلق أنيس حتى أتى مكة، فراث علي، ثم جاء فقلت: ما صنعت؟ قال: لقيت رجلا بمكة على دينك، يزعم أن الله أرسله، قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر، كاهن، ساحر، وكان أنيس أحد الشعراء.
قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة، فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر، فما يلتئم على لسان أحد بعدي، أنه شعر، والله إنه لصادق، وإنهم لكاذبون.
قال: قلت: فاكفني حتى أذهب فأنظر، قال فأتيت مكة فتضعفت رجلا منهم، فقلت: أين هذا الذي تدعونه الصابئ؟ فأشار إلي، فقال: الصابئ، فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم، حتى خررت مغشيا علي، قال: فارتفعت حين ارتفعت، كأني نصب أحمر، قال: فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء: وشربت من مائها، ولقد لبثت، يا ابن أخي ثلاثين، بين ليلة ويوم، ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما وجدت على كبدي سخفة جوع .
قال فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان، إذ ضرب على أسمختهم، فما يطوف بالبيت أحد.
وامرأتان منهم تدعوان إسافا، ونائلة، قال: فأتتا علي في طوافهما فقلت: أنكحا أحدهما الأخرى، قال: فما تناهتا عن قولهما قال: فأتتا علي فقلت: هن مثل الخشبة، غير أني لا أكني فانطلقتا تولولان، وتقولان: لو كان هاهنا أحد من أنفارنا قال فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وهما هابطان، قال: «ما لكما؟» قالتا: الصابئ بين الكعبة وأستارها، قال: «ما قال لكما؟» قالتا: إنه قال لنا كلمة تملأ الفم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استلم الحجر، وطاف بالبيت هو وصاحبه، ثم صلى فلما قضى صلاته - قال أبو ذر - فكنت أنا أول من حياه بتحية الإسلام، قال فقلت: السلام عليك يا رسول الله فقال: «وعليك ورحمة الله» ثم قال «من أنت؟» قال قلت: من غفار، قال: فأهوى بيده فوضع أصابعه على جبهته، فقلت في نفسي: كره أن انتميت إلى غفار، فذهبت آخذ بيده، فقدعني صاحبه، وكان أعلم به مني، ثم رفع رأسه، ثم قال: «متى كنت هاهنا؟» قال قلت : قد كنت هاهنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم، قال: «فمن كان يطعمك؟» قال قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما أجد على كبدي سخفة جوع، قال: «إنها مباركة، إنها طعام طعم» فقال أبو بكر: يا رسول الله ائذن لي في طعامه الليلة، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وانطلقت معهما، ففتح أبو بكر بابا، فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف وكان ذلك أول طعام أكلته بها، ثم غبرت ما غبرت، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «إنه قد وجهت لي أرض ذات نخل، لا أراها إلا يثرب، فهل أنت مبلغ عني قومك؟ عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم» فأتيت أنيسا فقال: ما صنعت؟ قلت: صنعت أني قد أسلمت وصدقت، قال: ما بي رغبة عن دينك، فإني قد أسلمت وصدقت، فأتينا أمنا، فقالت: ما بي رغبة عن دينكما، فإني قد أسلمت وصدقت، فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفارا، فأسلم نصفهم وكان يؤمهم أيماء بن رحضة الغفاري وكان سيدهم.
وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أسلمنا، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأسلم نصفهم الباقي وجاءت أسلم، فقالوا: يا رسول الله إخوتنا، نسلم على الذي أسلموا عليه، فأسلموا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله»حدثنا حميد بن هلال، بهذا الإسناد، وزاد بعد قوله - قلت فاكفني حتى أذهب فأنظر - قال: نعم، وكن على حذر من أهل مكة، فإنهم قد شنفوا له وتجهموا.
عن عبد الله بن الصامت، قال: قال أبو ذر: يا ابن أخي صليت سنتين قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قلت: فأين كنت توجه؟ قال: حيث وجهني الله، واقتص الحديث بنحو حديث سليمان بن المغيرة، وقال في الحديث: فتنافرا إلى رجل من الكهان، قال: فلم يزل أخي، أنيس يمدحه حتى غلبه، قال: فأخذنا صرمته فضممناها إلى صرمتنا، وقال أيضا في حديثه: قال فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام، قال فأتيته، فإني لأول الناس حياه بتحية الإسلام، قال قلت: السلام عليك يا رسول الله قال «وعليك السلام.
من أنت» وفي حديثه أيضا: فقال: «منذ كم أنت هاهنا؟» قال قلت: منذ خمس عشرة، وفيه: فقال أبو بكر: أتحفني بضيافته الليلة

أخرجه مسلم


(فنثا) أي أشاعه وأفشاه.
(صرمتنا) الصرمة هي القطعة من الإبل.
وتطلق أيضا على القطعة من الغنم.
(فنافر) قال أبو عبيد وغيره في شرح هذا: المنافرة المفاخرة والمحاكمة.
فيفخر كل واحد من الرجلين على الآخر، ثم يتحاكمان إلى رجل ليحكم أيهما خير وأعز نفرا.
وكانت هذه المفاخرة في الشعر أيهما أشعر.
(عن صرمتنا وعن مثلها) معناه تراهن هو وآخر أيهما أفضل.
وكان الرهن صرمة ذا وصرمة ذاك.
فأيهما كان أفضل أخذ الصرمتين.
فتحاكما إلى الكاهن.
فحكم بأن أنيسا أفضل.
وهو معنى قوله فخير أنيسا.
أي جعله الخيار والأفضل.
(خفاء) هو الكساء.
وجمعه أخفية.
ككساء وأكسية.
(فراث علي) أي أبطأ.
(أقراء الشعر) أي طرقه وأنواعه.
(فتضعفت) يعني نظرت إلى أضعفهم فسألته.
لأن الضعيف مأمون الغائلة دائما.
(الصابئ) منصوب على الإغراء.
أي انظروا وخذوا هذا الصابئ.
(نصب أحمر) يعني من كثرة الدماء التي سالت مني بضربهم.
والنصب والنصب الصنم والحجر كانت الجاهلية تنصبه وتذبح عنده، فيحمر بالدم.
وجمعه أنصاب.
ومنه قوله تعالى: وما (توجه) وفي بعض النسخ: توجه.
وكلاهما صحيح.
(فتنافرا) أي تحاكما.
(أتحفني) أي خصني بها وأكرمني بذلك.
قال أهل اللغة: التحفة، بإسكان الحاء وفتحها، هو ما يكرم به الإنسان.
والفعل منه أتحفه.
ذبح على النصب.
(عكن بطني) جمع عكنة، وهو الطي في البطن من السمن.
معنى تكسرت أي انثنت وانطوت طاقات لحم بطنه.
(سخفة الجوع) بفتح السين وضمها.
هي رقة الجوع وضعفه وهزاله.
(قمراء) أي مقمرة.
(إضحيان) أي مضيئة، منورة.
يقال: ليلة إضحيان وإضحيانة.
وضحياء ويوم أضحيان.
(أسمختهم) هكذا هو في جميع النسخ.
وهو جمع سماخ، وهو الخرق الذي في الأذن يفضي إلى الرأس.
يقال: صماخ وسماخ.
والصاد أفصح وأشهر.
والمراد بأسمختهم، هنا، آذانهم.
أي ناموا: قال الله تعالى: فضربنا على آذانهم، أي أنمناهم.
(وامرأتين) هكذا هو في معظم النسخ بالياء.
وفي بعضها: وامرأتان، بالألف.
والأول منصوب بفعل محذوف.
أي ورأيت امرأتين.
(فما تناهتا) أي ما انتهتا.
(هن مثل الخشبة) الهن والهنة، بتخفيف نونهما، هو كناية عن كل شئ.
وأكثر ما يستعمل كناية عن الفرج والذكر.
فقال لهما أو مثل الخشبة في الفرج.
وأراد بذلك سب إساف ونائلة وغيظ الكفار بذلك.
(تولولان) الولولة الدعاء بالويل.
(أنفارنا) الأنفار جمع نفر أو نفير، وهو الذي ينفر عند الاستغاثة.
(تملأ الفم) أي عظيمة لا شيء أقبح منها، كالشيء الذي يملأ الشيء ولا يسع غيره.
وقيل معناه لا يمكن ذكرها وحكايتها.
كأنها تسد فم حاكيها وتملؤه لاستعظامها.
(فقد عني) أي كفني.
يقال: قدعه وأقدعه، إذا كفه ومنعه.
(طعام طعم) أي تشبع شاربها كما يشبعه الطعام.
(غبرت ما غبرت) أي بقيت ما بقيت.
(وجهت لي أرض) أي أريت جهتها.
(أراها) ضبطوه أراها بضم الهمزة وفتحها.
(يثرب) هذا كان قبل تسمية المدينة طابة وطيبة.
وقد جاء بعد ذلك حديث في النهي عن تسميتها يثرب.
(ما بي رغبة عن دينكما) أي لا أكرهه، بل أدخل فيه.
(فاحتملنا) يعني حملنا أنفسنا ومتاعنا على إبلنا، وسرنا.
(إيماء) الهمزة في أوله مكسورة، على المشهور.
وحكى القاضي فتحها أيضا، وأشار إلى ترجيحه، وليس براجح.
(شنفوا له) أي أبغضوه.
يقال: رجل شنف، أي حذر.
أي شانئ مبغض.
(تجهموا) أي قابلوه بوجوه غليظة كريهة.

شرح حديث (حديث من فضائل أبي ذر رضي الله عنه)

شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)

‏ ‏قَوْله : ( فَنَثَا عَلَيْنَا الَّذِي قِيلَ لَهُ ) ‏ ‏هُوَ بِنُونٍ ثُمَّ مُثَلَّثَة أَيْ أَشَاعَهُ وَأَفْشَاهُ.
‏ ‏قَوْله : ( فَقَرَّبْنَا صِرْمَتنَا ) ‏ ‏هِيَ بِكَسْرِ الصَّاد , وَهِيَ الْقِطْعَة مِنْ الْإِبِل , وَتُطْلَق أَيْضًا عَلَى الْقِطْعَة مِنْ الْغَنَم.
‏ ‏قَوْله : ( فَنَافَرَ أُنَيْس عَنْ صِرْمَتنَا وَعَنْ مِثْلهَا , فَأَتَيَا الْكَاهِن فَخَيْر أَنِيسًا , فَأَتَانَا أُنَيْس بِصِرْمَتِنَا , وَمِثْلهَا مَعَهَا ) ‏ ‏قَالَ أَبُو عُبَيْد وَغَيْره فِي شَرْح هَذَا : الْمُنَافَرَة الْمُفَاخَرَة وَالْمُحَاكَمَة , فَيَفْخَرُ كُلُّ وَاحِد مِنْ الرَّجُلَيْنِ عَلَى الْآخَر , ثُمَّ يَتَحَاكَمَانِ إِلَى رَجُل لِيَحْكُم أَيُّهُمَا خَيْر وَأَعَزّ نَفَرًا , وَكَانَتْ هَذِهِ الْمُفَاخَرَة فِي الشِّعْر أَيُّهُمَا أَشْعَرُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى.
‏ ‏وَقَوْله : ( نَافَرَ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلهَا ) مَعْنَاهُ تَرَاهَنَ هُوَ وَآخَرُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ , وَكَانَ الرَّهْنُ صِرْمَة ذَا , وَصِرْمَة ذَاكَ , فَأَيُّهُمَا كَانَ أَفْضَل أَخْذ الصِّرْمَتَيْنِ , فَتَحَاكَمَا إِلَى الْكَاهِن , فَحَكَمَ بِأَنَّ أُنَيْسًا أَفْضَل , وَهُوَ مَعْنَى قَوْله : فَخَيَّرَ أُنَيْسًا أَيْ جَعَلَهُ الْخِيَار وَالْأَفْضَل.
‏ ‏قَوْله : ( حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِر اللَّيْل أَلْقَيْت كَأَنَّ خِفَاء ) ‏ ‏هُوَ بِكَسْرِ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء وَبِالْمَدِّ , وَهُوَ الْكِسَاء , وَجَمْعه أَخْفِيَة , كَكِسَاءٍ وَأَكْسِيَةٍ قَالَ الْقَاضِي : وَرَوَاهُ بَعْضهمْ عَنْ اِبْن مَاهَان ( جُفَاء ) بِجِيمِ مَضْمُومَة , وَهُوَ غُثَاءُ السَّيْل , وَالصَّوَاب الْمَعْرُوف هُوَ الْأَوَّل.
‏ ‏قَوْله : ( فَرَاثَ عَلَيَّ ) ‏ ‏أَيْ أَبْطَأَ.
‏ ‏قَوْله : ( أَقْرَاء الشِّعْر ) ‏ ‏أَيْ طُرُقه وَأَنْوَاعه , وَهِيَ بِالْقَافِ وَالرَّاء وَبِالْمَدِّ.
‏ ‏قَوْله : ( أَتَيْت مَكَّة فَتَضَعَّفْت رَجُلًا مِنْهُمْ ) ‏ ‏يَعْنِي نَظَرْت إِلَى أَضْعَفِهِمْ فَسَأَلْته , لِأَنَّ الضَّعِيفَ مَأْمُون الْغَائِلَة غَالِبًا.
وَفِي رِوَايَة اِبْن مَاهَان ( فَتَضَيَّفْت ) بِالْيَاءِ , وَأَنْكَرَهَا الْقَاضِي وَغَيْره.
قَالُوا : لَا وَجْه لَهُ هُنَا.
‏ ‏قَوْله : ( كَأَنِّي نُصُب أَحْمَر ) ‏ ‏يَعْنِي مِنْ كَثْرَة الدِّمَاء الَّتِي سَالَتْ فِي بَصَرِهِمْ وَالنُّصُب الصَّنَم.
وَالْحَجَر كَانَتْ الْجَاهِلِيَّة تَنْصِبُهُ وَتَذْبَحُ عِنْده , فَيَحْمَرُّ بِالدَّمِ , وَهُوَ بِضَمِّ الصَّاد وَإِسْكَانهَا , وَجَمْعُهُ أَنْصَاب , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : { وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُب }.
‏ ‏قَوْله : ( حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَن بَطْنِي ) ‏ ‏يَعْنِي اِنْثَنَتْ لِكَثْرَةِ السِّمَن وَانْطَوَتْ.
‏ ‏قَوْله : ( وَمَا وَجَدْت عَلَى كَبِدِي سُخْفَة جُوع ) ‏ ‏هِيَ بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة وَضَمّهَا وَإِسْكَان الْخَاء الْمُعْجَمَة , وَهِيَ رِقَّةُ الْجُوعِ وَضَعْفه وَهُزَاله.
‏ ‏قَوْله : ( فَبَيْنَمَا أَهْل مَكَّة فِي لَيْلَة قَمْرَاء إِضْحِيَان إِذْ ضُرِبَ عَلَى أَسْمِخَتِهُمْ , فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَد , وَامْرَأَتَيْنِ مِنْهُمْ تَدْعُوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَة ) أَمَّا ‏ ‏قَوْله : ( قَمْرَاء ) ‏ ‏فَمَعْنَاهُ مُقْمِرَةٌ طَالِعٌ قَمَرُهَا , ‏ ‏وَالْإِضْحِيَان ‏ ‏بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَالْحَاء وَإِسْكَان الضَّاد الْمُعْجَمَة بَيْنهمَا وَهِيَ الْمُضِيئَة , وَيُقَال : لَيْلَة إِضْحِيَان وَإِضْحِيَانَة وَضَحْيَاء وَيَوْم ضَحْيَان.
‏ ‏وَقَوْله : ( عَلَى أَسْمِخَتِهُمْ ) ‏ ‏هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ , وَهُوَ جَمْع سِمَاخ , وَهُوَ الْخَرْقُ الَّذِي فِي الْأُذُن يُفْضِي إِلَى الرَّأْس , يُقَالُ : صِمَاخ بِالصَّادِ , وَسِمَاخ بِالسِّينِ , الصَّاد أَفْصَح وَأَشْهَر , وَالْمُرَاد بِأَصْمِخَتِهِمْ هُنَا آذَانهمْ أَيْ نَامُوا , قَالَ اللَّه تَعَالَى : { فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ } أَيْ أَنَمْنَاهُمْ.
‏ ‏قَوْله : ( وَامْرَأَتَيْنِ ) ‏ ‏هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم النُّسَخ بِالْيَاءِ , وَفِي بَعْضهَا : ( وَامْرَأَتَانِ ) بِالْأَلْفِ , وَالْأَوَّل مَنْصُوب بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَرَأَيْت اِمْرَأَتَيْنِ.
‏ ‏قَوْله : ( فَمَا تَنَاهَتَا عَنْ قَوْلهمَا ) ‏ ‏أَيْ مَا اِنْتَهَيْنَا عَنْ قَوْلهمَا , بَلْ دَامَتَا عَلَيْهِ.
وَوَقَعَ فِي أَكْثَر النُّسَخ ( فَمَا تَنَاهَتَا عَلَى قَوْلهمَا ) وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا , وَتَقْدِيره مَا تَنَاهَتَا مِنْ الدَّوَام عَلَى قَوْلهمَا.
‏ ‏قَوْله : ( فَقُلْت : هُنَّ مِثْل الْخَشَبَة غَيْر أَنِّي لَا أُكَنِّي ) ‏ ‏الْهَنَ وَالْهَنَة بِتَخْفِيفِ نُونهمَا هُوَ كِنَايَة عَنْ كُلّ شَيْء , وَأَكْثَر مَا يُسْتَعْمَلُ كِنَايَة عَنْ الْفَرْج وَالذَّكَر.
فَقَالَ لَهُمَا : وَمَثَّلَ الْخَشَبَة بِالْفَرْجِ , وَأَرَادَ بِذَلِكَ سَبَّ إِسَاف وَنَائِلَة وَغَيْظ الْكُفَّار بِذَلِكَ.
‏ ‏قَوْله : ( فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلَانِ , وَتَقُولَانِ : لَوْ كَانَ هَاهُنَا أَحَد مِنْ أَنْفَارنَا ) ‏ ‏الْوَلْوَلَة الدُّعَاء بِالْوَيْلِ.
وَالْأَنْفَار جَمْع نَفَر أَوْ نَفِير , وَهُوَ الَّذِي يَنْفِرُ عِنْد الِاسْتِغَاثَة.
وَرَوَاهُ بَعْضهمْ : أَنْصَارنَا , وَهُوَ بِمَعْنَاهُ , وَتَقْدِيره لَوْ كَانَ هُنَا أَحَد مِنْ أَنْصَارنَا لَانْتَصَرَ لَنَا.
‏ ‏قَوْله : ( كَلِمَة تَمْلَأ الْفَم ) ‏ ‏أَيْ عَظِيمَة لَا شَيْء أَقْبَح مِنْهَا كَالشَّيْءِ الَّذِي يَمْلَأ الشَّيْء وَلَا يَسَعُ غَيْرُهُ.
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ لَا يُمْكِنُ ذِكْرُهَا وَحِكَايَتهَا , كَأَنَّهَا تَسُدُّ فَمَ حَاكِيهَا وَتَمْلَؤُهُ لِاسْتِعْظَامِهَا.
‏ ‏قَوْله : ( فَكُنْت أَوَّل مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَام , فَقَالَ : وَعَلَيْك وَرَحْمَة اللَّه ) ‏ ‏هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ ( وَعَلَيْك ) مِنْ غَيْر ذِكْر السَّلَام , وَفِيهِ : دَلَالَةٌ لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا أَنَّهُ إِذَا قَالَ فِي رَدِّ السَّلَام : وَعَلَيْك يُجْزِئُهُ ; لِأَنَّ الْعَطْف يَقْتَضِي كَوْنه جَوَابًا , وَالْمَشْهُور مِنْ أَحْوَاله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْوَال السَّلَف رَدّ السَّلَام بِكَمَالِهِ , فَيَقُول : وَعَلَيْكُمْ السَّلَام وَرَحْمَة اللَّه أَوْ رَحْمَته وَبَرَكَاته , وَسَبَقَ إِيضَاحه فِي بَابه.
‏ ‏قَوْله : ( فَقَدَعَنِي صَاحِبه ) ‏ ‏أَيْ كَفَّنِي.
يُقَالُ : قَدَعَهُ وَأَقْدَعَهُ إِذَا كَفَّهُ وَمَنَعَهُ , وَهُوَ بِدَالٍ مُهْمَلَة.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَمْزَم : ( إِنَّهَا طَعَام طُعْم ) ‏ ‏هُوَ بِضَمِّ الطَّاء وَإِسْكَان الْعَيْن أَيْ تُشْبِعُ شَارِبهَا كَمَا يُشْبِعُهُ الطَّعَام.
‏ ‏قَوْله : ( غَبَرَتْ مَا غَبَرَتْ ) ‏ ‏أَيْ بَقِيَتْ مَا بَقِيَتْ.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُ قَدْ وُجِّهَتْ لِي أَرْض ) ‏ ‏أَيْ رَأَيْت جِهَتهَا.
‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا أُرَاهَا إِلَّا يَثْرِب ) ‏ ‏ضَبَطُوهُ ( أُرَاهَا ) بِضَمِّ الْهَمْزَة وَفَتْحهَا , وَهَذَا كَانَ قَبْل تَسْمِيَة الْمَدِينَة ( طَابَة وَطَيْبَة ) , وَقَدْ جَاءَ بَعْد ذَلِكَ حَدِيث فِي النَّهْي عَنْ تَسْمِيَتهَا ( يَثْرِب ) , أَوْ أَنَّهُ سَمَّاهَا بِاسْمِهَا الْمَعْرُوف عِنْد النَّاس حِينَئِذٍ.
‏ ‏قَوْله : ( مَا بِي رَغْبَة عَنْ دِينِكُمَا ) ‏ ‏أَيْ لَا أَكْرَههُ بَلْ أَدْخُلُ فِيهِ.
‏ ‏قَوْله : ( فَاحْتَمَلْنَا ) ‏ ‏يَعْنِي حَمَلْنَا أَنْفُسنَا وَمَتَاعنَا عَلَى إِبِلنَا وَسِرْنَا.
‏ ‏قَوْله : ( أَيْمَاء بْن رَحَضَة الْغِفَارِيُّ ) ‏ ‏قَوْله : ( أَيْمَاء ) مَمْدُود , وَالْهَمْزَة فِي أَوَّله مَكْسُورَة عَلَى الْمَشْهُور وَحَكَى الْقَاضِي فَتْحهَا أَيْضًا , وَأَشَارَ إِلَى تَرْجِيحه , وَلَيْسَ بِرَاجِحٍ.
وَ ( رَحَضَة ) بِرَاءٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَة وَضَاد مُعْجَمَة مَفْتُوحَات.
‏ ‏قَوْله : ( شَنِفُوا لَهُ وَتَجَهَّمُوا ) ‏ ‏هُوَ بِشِينٍ مُعْجَمَة مَفْتُوحَة ثُمَّ نُون مَكْسُورَة ثُمَّ فَاء أَيْ أَبْغَضُوهُ , وَيُقَالُ : رَجُل شَنِف مِثَال حَذِر أَيْ شَانِئ مُبْغِض.
وَقَوْله : ( تَجَهَّمُوا ) أَيْ قَابَلُوهُ بِوُجُوهٍ غَلِيظَة كَرِيهَة.
‏ ‏قَوْله : ( فَأَيْنَ كُنْت تَوَجَّهَ ) ‏ ‏هُوَ بِفَتْحِ التَّاء وَالْجِيم , وَفِي بَعْض النُّسَخ ( تُوَجِّه ) بِضَمِّ التَّاء وَكَسْر الْجِيم , وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
‏ ‏قَوْله : ( فَتَنَافَرَا إِلَى رَجُل مِنْ الْكُهَّان ) ‏ ‏أَيْ تَحَاكَمَا إِلَيْهِ.
‏ ‏قَوْله : ( أَتْحِفْنِي بِضِيَافَتِهِ ) ‏ ‏أَيْ خُصَّنِي بِهَا , وَأَكْرِمْنِي بِذَلِكَ.
قَالَ أَهْل اللُّغَة : التُّحْفَة بِإِسْكَانِ الْحَاء وَفَتْحهَا هُوَ مَا يُكْرَمُ بِهِ الْإِنْسَان , وَالْفِعْلُ مِنْهُ أَتْحَفَهُ.


حديث ما لكما قالتا الصابئ بين الكعبة وأستارها قال ما قال لكما قالتا إنه قال لنا

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْدِيُّ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ ‏ ‏قَالَ قَالَ ‏ ‏أَبُو ذَرٍّ ‏ ‏خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا ‏ ‏غِفَارٍ ‏ ‏وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي ‏ ‏أُنَيْسٌ ‏ ‏وَأُمُّنَا فَنَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ فَقَالُوا إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ عَنْ أَهْلِكَ ‏ ‏خَالَفَ ‏ ‏إِلَيْهِمْ ‏ ‏أُنَيْسٌ ‏ ‏فَجَاءَ خَالُنَا ‏ ‏فَنَثَا ‏ ‏عَلَيْنَا الَّذِي قِيلَ لَهُ فَقُلْتُ أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ فَقَدْ ‏ ‏كَدَّرْتَهُ ‏ ‏وَلَا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ فَقَرَّبْنَا ‏ ‏صِرْمَتَنَا ‏ ‏فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا وَتَغَطَّى خَالُنَا ثَوْبَهُ فَجَعَلَ يَبْكِي فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏فَنَافَرَ ‏ ‏أُنَيْسٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏صِرْمَتِنَا ‏ ‏وَعَنْ مِثْلِهَا فَأَتَيَا ‏ ‏الْكَاهِنَ ‏ ‏فَخَيَّرَ ‏ ‏أُنَيْسًا ‏ ‏فَأَتَانَا ‏ ‏أُنَيْسٌ ‏ ‏بِصِرْمَتِنَا ‏ ‏وَمِثْلِهَا مَعَهَا قَالَ وَقَدْ صَلَّيْتُ يَا ابْنَ أَخِي قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِثَلَاثِ سِنِينَ قُلْتُ لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ قُلْتُ فَأَيْنَ تَوَجَّهُ قَالَ أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِي رَبِّي أُصَلِّي عِشَاءً حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أُلْقِيتُ كَأَنِّي ‏ ‏خِفَاءٌ ‏ ‏حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ فَقَالَ ‏ ‏أُنَيْسٌ ‏ ‏إِنَّ لِي حَاجَةً ‏ ‏بِمَكَّةَ ‏ ‏فَاكْفِنِي فَانْطَلَقَ ‏ ‏أُنَيْسٌ ‏ ‏حَتَّى أَتَى ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏فَرَاثَ ‏ ‏عَلَيَّ ثُمَّ جَاءَ فَقُلْتُ مَا صَنَعْتَ قَالَ لَقِيتُ رَجُلًا ‏ ‏بِمَكَّةَ ‏ ‏عَلَى دِينِكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ قُلْتُ فَمَا يَقُولُ النَّاسُ قَالَ يَقُولُونَ شَاعِرٌ ‏ ‏كَاهِنٌ ‏ ‏سَاحِرٌ وَكَانَ ‏ ‏أُنَيْسٌ ‏ ‏أَحَدَ الشُّعَرَاءِ قَالَ ‏ ‏أُنَيْسٌ ‏ ‏لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ ‏ ‏الْكَهَنَةِ ‏ ‏فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى ‏ ‏أَقْرَاءِ ‏ ‏الشِّعْرِ فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعْدِي أَنَّهُ شِعْرٌ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ قَالَ قُلْتُ فَاكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ قَالَ فَأَتَيْتُ ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏فَتَضَعَّفْتُ ‏ ‏رَجُلًا مِنْهُمْ فَقُلْتُ أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ ‏ ‏الصَّابِئَ ‏ ‏فَأَشَارَ إِلَيَّ فَقَالَ ‏ ‏الصَّابِئَ ‏ ‏فَمَالَ ‏ ‏عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلٍّ ‏ ‏مَدَرَةٍ ‏ ‏وَعَظْمٍ حَتَّى ‏ ‏خَرَرْتُ ‏ ‏مَغْشِيًّا عَلَيَّ قَالَ فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّي ‏ ‏نُصُبٌ أَحْمَرُ ‏ ‏قَالَ فَأَتَيْتُ ‏ ‏زَمْزَمَ ‏ ‏فَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ وَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا وَلَقَدْ لَبِثْتُ يَا ابْنَ أَخِي ثَلَاثِينَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ ‏ ‏زَمْزَمَ ‏ ‏فَسَمِنْتُ حَتَّى ‏ ‏تَكَسَّرَتْ ‏ ‏عُكَنُ ‏ ‏بَطْنِي وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي ‏ ‏سُخْفَةَ ‏ ‏جُوعٍ قَالَ فَبَيْنَا أَهْلِ ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ ‏ ‏إِضْحِيَانَ ‏ ‏إِذْ ضُرِبَ عَلَى ‏ ‏أَسْمِخَتِهِمْ ‏ ‏فَمَا يَطُوفُ ‏ ‏بِالْبَيْتِ ‏ ‏أَحَدٌ وَامْرَأَتَيْنِ مِنْهُمْ تَدْعُوَانِ ‏ ‏إِسَافًا ‏ ‏وَنَائِلَةَ ‏ ‏قَالَ فَأَتَتَا عَلَيَّ فِي طَوَافِهِمَا فَقُلْتُ أَنْكِحَا أَحَدَهُمَا الْأُخْرَى قَالَ فَمَا تَنَاهَتَا عَنْ قَوْلِهِمَا قَالَ فَأَتَتَا عَلَيَّ فَقُلْتُ ‏ ‏هَنٌ مِثْلُ الْخَشَبَةِ غَيْرَ أَنِّي لَا ‏ ‏أَكْنِي ‏ ‏فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلَانِ وَتَقُولَانِ لَوْ كَانَ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ ‏ ‏أَنْفَارِنَا ‏ ‏قَالَ فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَأَبُو بَكْرٍ ‏ ‏وَهُمَا هَابِطَانِ قَالَ ‏ ‏مَا لَكُمَا قَالَتَا ‏ ‏الصَّابِئُ ‏ ‏بَيْنَ ‏ ‏الْكَعْبَةِ ‏ ‏وَأَسْتَارِهَا قَالَ مَا قَالَ لَكُمَا قَالَتَا إِنَّهُ قَالَ لَنَا كَلِمَةً ‏ ‏تَمْلَأُ الْفَمَ ‏ ‏وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏حَتَّى ‏ ‏اسْتَلَمَ ‏ ‏الْحَجَرَ ‏ ‏وَطَافَ ‏ ‏بِالْبَيْتِ ‏ ‏هُوَ وَصَاحِبُهُ ثُمَّ صَلَّى فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ ‏ ‏أَبُو ذَرٍّ ‏ ‏فَكُنْتُ أَنَا أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ قَالَ فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ قُلْتُ مِنْ ‏ ‏غِفَارٍ ‏ ‏قَالَ فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي كَرِهَ أَنْ انْتَمَيْتُ إِلَى ‏ ‏غِفَارٍ ‏ ‏فَذَهَبْتُ آخُذُ بِيَدِهِ ‏ ‏فَقَدَعَنِي ‏ ‏صَاحِبُهُ وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا قَالَ قُلْتُ قَدْ كُنْتُ هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ قَالَ فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ قَالَ قُلْتُ مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ ‏ ‏زَمْزَمَ ‏ ‏فَسَمِنْتُ حَتَّى ‏ ‏تَكَسَّرَتْ ‏ ‏عُكَنُ ‏ ‏بَطْنِي وَمَا أَجِدُ عَلَى كَبِدِي ‏ ‏سُخْفَةَ ‏ ‏جُوعٍ قَالَ إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ فَقَالَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِي طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَأَبُو بَكْرٍ ‏ ‏وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَفَتَحَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏بَابًا فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ ‏ ‏الطَّائِفِ ‏ ‏وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا ثُمَّ ‏ ‏غَبَرْتُ ‏ ‏مَا ‏ ‏غَبَرْتُ ‏ ‏ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ وُجِّهَتْ لِي أَرْضٌ ذَاتُ نَخْلٍ لَا أُرَاهَا إِلَّا ‏ ‏يَثْرِبَ ‏ ‏فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ فَأَتَيْتُ ‏ ‏أُنَيْسًا ‏ ‏فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قُلْتُ صَنَعْتُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ قَالَ مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ فَأَتَيْنَا أُمَّنَا فَقَالَتْ مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ‏ ‏فَاحْتَمَلْنَا ‏ ‏حَتَّى أَتَيْنَا قَوْمَنَا ‏ ‏غِفَارًا ‏ ‏فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ ‏ ‏أَيْمَاءُ بْنُ رَحَضَةَ الْغِفَارِيُّ ‏ ‏وَكَانَ سَيِّدَهُمْ وَقَالَ نِصْفُهُمْ إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الْمَدِينَةَ ‏ ‏أَسْلَمْنَا فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الْمَدِينَةَ ‏ ‏فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ الْبَاقِي وَجَاءَتْ ‏ ‏أَسْلَمُ ‏ ‏فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِخْوَتُنَا نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمُوا عَلَيْهِ فَأَسْلَمُوا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏غِفَارُ ‏ ‏غَفَرَ اللَّهُ لَهَا ‏ ‏وَأسْلَمُ ‏ ‏سَالَمَهَا اللَّهُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ ‏ ‏بِهَذَا الْإِسْنَادِ ‏ ‏وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ قُلْتُ فَاكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ قَالَ نَعَمْ وَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْ أَهْلِ ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏فَإِنَّهُمْ قَدْ ‏ ‏شَنِفُوا لَهُ ‏ ‏وَتَجَهَّمُوا ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ‏ ‏قَالَ أَنْبَأَنَا ‏ ‏ابْنُ عَوْنٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ ‏ ‏قَالَ قَالَ ‏ ‏أَبُو ذَرٍّ ‏ ‏يَا ابْنَ أَخِي صَلَّيْتُ سَنَتَيْنِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ قُلْتُ فَأَيْنَ كُنْتَ تَوَجَّهُ قَالَ حَيْثُ ‏ ‏وَجَّهَنِيَ اللَّهُ وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ ‏ ‏بِنَحْوِ حَدِيثِ ‏ ‏سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ‏ ‏وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ ‏ ‏فَتَنَافَرَا ‏ ‏إِلَى رَجُلٍ مِنْ ‏ ‏الْكُهَّانِ ‏ ‏قَالَ فَلَمْ يَزَلْ أَخِي ‏ ‏أُنَيْسٌ ‏ ‏يَمْدَحُهُ حَتَّى غَلَبَهُ قَالَ فَأَخَذْنَا ‏ ‏صِرْمَتَهُ ‏ ‏فَضَمَمْنَاهَا إِلَى ‏ ‏صِرْمَتِنَا ‏ ‏وَقَالَ أَيْضًا فِي حَدِيثِهِ قَالَ فَجَاءَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَطَافَ ‏ ‏بِالْبَيْتِ ‏ ‏وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَإِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ قَالَ قُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ مَنْ أَنْتَ وَفِي حَدِيثِهِ أَيْضًا فَقَالَ مُنْذُ كَمْ أَنْتَ هَاهُنَا قَالَ قُلْتُ مُنْذُ خَمْسَ عَشَرَةَ وَفِيهِ فَقَالَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏أَتْحِفْنِي ‏ ‏بِضِيَافَتِهِ اللَّيْلَةَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح مسلم

قال النبي ﷺ ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري

عن ابن عباس، قال: لما بلغ أبا ذر مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر م...

ما حجبني رسول الله ﷺ منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك

عن قيس بن أبي حازم، يقول: قال جرير بن عبد الله «ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك»

اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا

عن جرير، قال: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي.<br> زاد ابن نمير، في حديثه عن ابن إدريس: ولقد شكوت إليه أني...

هل أنت مريحي من ذي الخلصة والكعبة اليمانية والشامي...

عن جرير، قال: كان في الجاهلية بيت يقال له ذو الخلصة، وكان يقال له الكعبة اليمانية، والكعبة الشامية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل أنت مريحي من...

قال رسول الله ﷺ يا جرير ألا تريحني من ذي الخلصة

عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا جرير ألا تريحني من ذي الخلصة» بيت لخثعم كان يدعى كعبة اليمانية، قال: فنفرت ف...

قول رسول الله ﷺ اللهم فقه ابن عباس

عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم، أتى الخلاء فوضعت له وضوءا، فلما خرج قال: «من وضع هذا؟» - في رواية زهير قالوا: وفي رواية أبي بكر - قلت: ابن...

قال النبي ﷺ أرى عبد الله رجلا صالحا

عن ابن عمر، قال: رأيت في المنام كأن في يدي قطعة إستبرق، وليس مكان أريد من الجنة إلا طارت إليه، قال فقصصته على حفصة، فقصته حفصة على النبي صلى الله عليه...

قال النبي ﷺ نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من اللي...

عن ابن عمر، قال: كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا رأى رؤيا، قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على الن...

يا رسول الله ﷺ خادمك أنس ادع الله له فقال اللهم أ...

عن أم سليم، أنها قالت: يا رسول الله خادمك أنس، ادع الله له، فقال: «اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته» عن قتادة، سمعت أنسا يقول: قالت أم سليم...