حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

قال رسول الله ﷺ أن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم - صحيح مسلم

صحيح مسلم | كتاب البر والصلة والآداب باب صلة الرحم، وتحريم قطيعتها (حديث رقم: 6518 )


6518- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك لك " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم، أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} [محمد: 23]

أخرجه مسلم


(الرحم) قال القاضي عياض: الرحم التي توصل وتقطع وتبر إنما هي معنى من المعاني ليست بجسم.
وإنما هي قرابة ونسب تجمعه رحم والدة ويتصل بعضه ببعض، فسمي ذلك الاتصال رحما.
والمعنى لا يأتي منه القيام ولا الكلام.
فيكون ذكر قيامها هنا وتعلقها ضرب مثل وحسن استعارة، على عادة العرب في استعمال ذلك.
والمراد تعظيم شأنها وفضيلة واصليها وعظيم إثم قاطعيها بعقوقهم ولهذا سمي العقوق قطعا.
والعق الشق.
كأنه قطع ذلك السبب المتصل.
(العائذ) المستعيذ.
وهو المعتصم بالشيء الملتجئ إليه، المستجير به.
(أن أصل من وصلك) قال العلماء: حقيقة الصلة العطف والرحمة.
فصلة الله سبحانه وتعالى عبارة عن لطفه بهم ورحمته إياهم وعطفه بإحسانه ونعمه.
أوصلتهم بأهل ملكوته الأعلى وشرح صدورهم لمعرفته وطاعته.

شرح حديث (قال رسول الله ﷺ أن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم )

شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)

‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَامَتْ الرَّحِم , فَقَالَتْ : هَذَا مَقَام الْعَائِذ مِنْ الْقَطِيعَة , قَالَ : نَعَمْ , أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِل مَنْ وَصَلَك , وَأَقْطَع مَنْ قَطَعَك ؟ قَالَتْ : بَلَى.
قَالَ : فَذَلِكَ لَك ) ‏ ‏وَفِي رِوَايَة أُخْرَى : ( الرَّحِم مُعَلَّقَة بِالْعَرْشِ تَقُول : مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّه , وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّه ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : الرَّحِم الَّتِي تُوصَل وَتُقْطَع وَتُبَرّ إِنَّمَا هِيَ مَعْنَى مِنْ الْمَعَانِي , لَيْسَتْ بِجِسْمٍ , وَإِنَّمَا هِيَ قَرَابَة وَنَسَب تَجْمَعهُ رَحِم وَالِدَة , وَيَتَّصِل بَعْضه بِبَعْضٍ , فَسُمِّيَ ذَلِكَ الِاتِّصَال رَحِمًا.
وَالْمَعْنَى لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْقِيَام وَلَا الْكَلَام , فَيَكُون ذِكْر قِيَامهَا هُنَا وَتَعَلُّقهَا ضَرْب مَثَل , وَحُسْن اِسْتِعَارَة عَلَى عَادَة الْعَرَب فِي اِسْتِعْمَال ذَلِكَ , وَالْمُرَاد تَعْظِيم شَأْنهَا , وَفَضِيلَة وَاصِلِيهَا , وَعَظِيم إِثْم قَاطِعِيهَا بِعُقُوقِهِمْ , لِهَذَا سُمِّيَ الْعُقُوق قَطْعًا , وَالْعَقّ الشَّقّ كَأَنَّهُ قَطَعَ ذَلِكَ السَّبَب الْمُتَّصِل.
قَالَ : وَيَجُوز أَنْ يَكُون الْمُرَاد قَامَ مَلَك مِنْ الْمَلَائِكَة وَتَعَلَّقَ بِالْعَرْشِ وَتَكَلَّمَ عَلَى لِسَانهَا بِهَذَا بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى.
هَذَا كَلَام الْقَاضِي.
وَالْعَائِذ الْمُسْتَعِيذ , وَهُوَ الْمُعْتَصِم بِالشَّيْءِ الْمُلْتَجِئ إِلَيْهِ الْمُسْتَجِير بِهِ.
قَالَ الْعُلَمَاء : وَحَقِيقَة الصِّلَة الْعَطْف وَالرَّحْمَة , فَصِلَة اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى عِبَارَة عَنْ لُطْفه بِهِمْ , وَرَحْمَته إِيَّاهُمْ , وَعَطْفه بِإِحْسَانِهِ وَنِعَمه , أَوْ صِلَتهمْ بِأَهْلِ مَلَكُوته الْأَعْلَى , وَشَرْح صُدُورهمْ لِمَعْرِفَتِهِ وَطَاعَته.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : وَلَا خِلَاف أَنَّ صِلَة الرَّحِم وَاجِبَة فِي الْجُمْلَة , وَقَطِيعَتهَا مَعْصِيَة كَبِيرَة.
قَالَ : وَالْأَحَادِيث فِي الْبَاب تَشْهَد لِهَذَا , وَلَكِنَّ الصِّلَة دَرَجَات بَعْضهَا أَرْفَع مِنْ بَعْض , وَأَدْنَاهَا تَرْك الْمُهَاجَرَة , وَصِلَتهَا بِالْكَلَامِ وَلَوْ بِالسَّلَامِ , وَيَخْتَلِف ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْقُدْرَة وَالْحَاجَة , فَمِنْهَا وَاجِب , وَمِنْهَا مُسْتَحَبّ , وَلَوْ وَصَلَ بَعْض الصِّلَة لَمْ يَصِل غَايَتهَا لَا يُسَمَّى قَاطِعًا , وَلَوْ قَصَّرَ عَمَّا يَقْدِر عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي لَهُ لَا يُسَمَّى وَاصِلًا.
قَالَ : وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الرَّحِم الَّتِي تَجِب صِلَتهَا , فَقِيلَ : هُوَ كُلّ رَحِم مَحْرَم بِحَيْثُ لَوْ كَانَ أَحَدهمَا ذَكَرًا وَالْآخَر أُنْثَى حَرُمَتْ مُنَاكَحَتهمَا.
فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُل أَوْلَاد الْأَعْمَام وَلَا أَوْلَاد الْأَخْوَال , وَاحْتَجَّ هَذَا الْقَائِل بِتَحْرِيمِ الْجَمْع بَيْن الْمَرْأَة وَعَمَّتهَا أَوْ خَالَتهَا فِي النِّكَاح وَنَحْوه , وَجَوَاز ذَلِكَ فِي بَنَات الْأَعْمَام وَالْأَخْوَال.
وَقِيلَ : هُوَ عَامّ فِي كُلّ رَحِم مِنْ ذَوِي الْأَرْحَام فِي الْمِيرَاث , يَسْتَوِي الْمَحْرَم وَغَيْره , وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثُمَّ أَدْنَاك أَدْنَاك " هَذَا كَلَام الْقَاضِي.
وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي هُوَ الصَّوَاب , وَمِمَّا يَدُلّ عَلَيْهِ الْحَدِيث السَّابِق فِي أَهْل مِصْر : " فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّة وَرَحِمًا " وَحَدِيث " إِنَّ أَبَرّ الْبِرّ أَنْ يَصِل أَهْل وُدّ أَبِيهِ " مَعَ أَنَّهُ لَا مَحْرَمِيَّة.
وَاَللَّه أَعْلَم.


حديث إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جَمِيلِ بْنِ طَرِيفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ ‏ ‏وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ‏ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏ ‏حَاتِمٌ وَهُوَ ابْنُ إِسْمَعِيلَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُعَاوِيَةَ وَهُوَ ابْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ ‏ ‏مَوْلَى ‏ ‏بَنِي هَاشِمٍ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏عَمِّي ‏ ‏أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتْ ‏ ‏الرَّحِمُ ‏ ‏فَقَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنْ الْقَطِيعَةِ قَالَ نَعَمْ ‏ ‏أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ ‏ ‏أَصِلَ ‏ ‏مَنْ ‏ ‏وَصَلَكِ ‏ ‏وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى قَالَ فَذَاكِ لَكِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ‏ { ‏فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ‏}

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح مسلم

الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطع...

عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله»

قال النبي ﷺ لا يدخل الجنة قاطع رحم

عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يدخل الجنة قاطع» قال ابن أبي عمر: قال سفيان: يعني قاطع رحم

أن رسول الله ﷺ قال لا يدخل الجنة قاطع رحم

عن الزهري، أن محمد بن جبير بن مطعم، أخبره أن أباه، أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يدخل الجنة قاطع رحم»عن معمر، عن الزهري، بهذا الإسن...

من سره أن يبسط عليه رزقه أو ينسأ في أثره فليصل رح...

عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «من سره أن يبسط عليه رزقه، أو ينسأ في أثره فليصل رحمه»

من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل ر...

عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه»

لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأ...

عن أبي هريرة، أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: «لئن كنت كما قلت، فكأنما ت...

لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا، عباد ال...

عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ث...

قال النبي ﷺ لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تقاطعوا وكو...

عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا»حدثنا وهب بن جرير، حدثنا شعبة، بهذا الإسناد م...

لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال

عن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ...