159-
عن عائشة، أنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر والشمس في حجرتها، ولم يظهر الفيء من حجرتها.
وفي الباب عن أنس، وأبي أروى، وجابر، ورافع بن خديج ويروى عن رافع أيضا، عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير العصر ولا يصح.
حديث عائشة حديث حسن صحيح وهو الذي اختاره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم: عمر، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، وأنس، وغير واحد من التابعين: تعجيل صلاة العصر وكرهوا تأخيرها، وبه يقول عبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَالْمُرَادُ بِالشَّمْسِ ضَوْءُهَا وَالْحُجْرَةُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ الْبَيْتُ أَيْ وَالشَّمْسُ بَاقِيَةٌ فِي دَاخِلِ بَيْتِ عَائِشَةَ ( لَمْ يَظْهَرْ الْفَيْءُ مِنْ حُجْرَتِهَا ) أَيْ لَمْ يَرْتَفِعْ الْفَيْءُ أَيْ ضَوْءُ الشَّمْسِ مِنْ دَاخِلِ بَيْتِهَا عَلَى الْجِدَارِ الشَّرْقِيِّ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى الظُّهُورِ هَاهُنَا الصُّعُودُ وَالْعُلُوُّ يُقَالُ ظَهَرْت عَلَى الشَّيْءِ إِذَا عَلَوْته , وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى { وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } اِنْتَهَى.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ التَّبْكِيرُ بِالْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَهُوَ حِينَ يَصِيرُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ , وَكَانَتْ الْحُجْرَةُ ضَيِّقَةَ الْعَرْصَةِ قَصِيرَةَ الْجِدَارِ بِحَيْثُ يَكُونُ طُولُ جِدَارِهَا أَقَلَّ مِنْ مِسَاحَةِ الْعَرْصَةِ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَإِذَا صَارَ ظِلُّ الْجِدَارِ مِثْلَهُ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَتَكُونُ الشَّمْسُ بَعْدُ فِي أَوَاخِرِ الْعَرْصَةِ لَمْ يَقَعْ الْفَيْءُ فِي الْجِدَارِ الشَّرْقِيِّ اِنْتَهَى , وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجِيلُ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَتْهُ عَائِشَةُ , وَكَذَا الرَّاوِي عَنْهَا عُرْوَةُ , وَاحْتُجَّ بِهِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعَصْرِ.
وَشَذَّ الطَّحَاوِيُّ فَقَالَ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى التَّعْجِيلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحُجْرَةَ كَانَتْ قَصِيرَةَ الْجِدَارِ فَلَمْ تَكُنْ الشَّمْسُ تَحْتَجِبُ عَنْهَا إِلَّا بِقُرْبِ غُرُوبِهَا فَيَدُلُّ عَلَى التَّأْخِيرِ لَا عَلَى التَّعْجِيلِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ الِاحْتِمَالِ إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ مَعَ اِتِّسَاعِ الْحُجْرَةِ وَقَدْ عُرِفَ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ أَنَّ حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ مُتَّسِعَةً وَلَا يَكُونُ ضَوْءُ الشَّمْسِ بَاقِيًا فِي قَعْرِ الْحُجْرَةِ الصَّغِيرَةِ إِلَّا وَالشَّمْسُ قَائِمَةٌ مُرْتَفِعَةٌ وَإِلَّا مَتَى مَالَتْ اِرْتَفَعَ ضَوْءُهَا عَنْ قَاعِ الْحُجْرَةِ وَلَوْ كَانَ الْجِدَارُ قَصِيرًا اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.
تَنْبِيهٌ : قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ نَاصِرًا لِلطَّحَاوِيِّ مَا لَفْظُهُ : وَنَقُولُ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَرَعَ فِي التَّهَجُّدِ وَهُوَ فِي حُجْرَةٍ وَاقْتَدَى أَصْحَابُهُ خَارِجَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْجُدْرَانِ قَصِيرَةً فَإِنَّ مَعْرِفَةَ اِنْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ اِنْتَهَى.
قُلْتُ : مِنْ اِنْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ الِانْتِقَالُ مِنْ الْجُلُوسِ إِلَى السَّجْدَةِ وَمِنْ السَّجْدَةِ إِلَى الْجُلُوسِ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ جُدْرَانُ الْحُجْرَةِ قَدْرَ الذِّرَاعِ فَإِنَّ مَعْرِفَةَ هَذَا الِانْتِقَالِ لَا يُعْرَفُ إِلَّا إِذَا كَانَ طُولُهَا بِنَحْوِهِ , وَهَذَا كَمَا نَرَى.
فَإِنْ قَالَ يُعْرَفُ هَذَا الِانْتِقَالُ بِتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالِ قِيلَ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ كَوْنُ الْجُدُرِ قَصِيرَةً فَإِنَّ اِنْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ تُعْرَفُ بِتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ ثُمَّ لَا يَثْبُتُ مِنْ مُجَرَّدِ كَوْنِ جُدْرَانِ الْحُجْرَةِ قَصِيرَةً تَأْخِيرُ الْعَصْرِ.
ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ مَا لَفْظُهُ : قَالَ الْحَافِظُ هَاهُنَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ إِنَّ التَّغْلِيسَ بِالْفَجْرِ كَانَ بِسَبَبِ جُدْرَانِ الْحُجْرَةِ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ الْإِسْفَارُ , وَأَقُولُ إِنَّ الطَّحَاوِيَّ لَمْ يَقُلْ بِمَا نَقَلَ الْحَافِظُ فَإِنَّ كَلَامَهُ فِي الْجُدْرَانِ فِي الْعَصْرِ لَا الْفَجْرِ اِنْتَهَى.
قُلْتُ : لَعَلَّ هَذَا لَمْ يَرَ كَلَامَ الْحَافِظِ وَوَهِمَ وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ قَوْلُ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْحَافِظَ لَمْ يَنْقُلْ عَنْ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ التَّغْلِيسَ بِالْفَجْرِ كَانَ بِسَبَبِ الْجُدْرَانِ فَيَا لَلَّهِ الْعَجَبَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَعَ غَفْلَتِهِ الشَّدِيدَةِ وَوَهْمِهِ الْفَاحِشِ كَيْفَ اِجْتَرَأَ عَلَى نِسْبَةِ الْوَهْمِ إِلَى الْحَافِظِ.
قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي أَرْوَى وَجَابِرٍ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ) أَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ , وَبُعْدُ الْعَوَالِي مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ وَنَحْوِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَرْوَى فَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ بِلَفْظِ : قَالَ كُنْت أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ آتِي ذَا الْحُلَيْفَةِ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ وَهِيَ عَلَى قَدْرِ فَرْسَخَيْنِ , وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بِاخْتِصَارٍ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو وَاقِدٍ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالدّارَقُطْنيُّ وَجَمَاعَةٌ كَذَا فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَفِيهِ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِلَفْظِ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تُنْحَرُ الْجَزُورُ فَتُقْسَمُ عَشْرَ قِسَمٍ ثُمَّ تَطْبُخُ فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ.
قَوْلُهُ : ( وَيُرْوَى عَنْ رَافِعٍ أَيْضًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْخِيرِ الْعَصْرِ وَلَا يَصِحُّ ) أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ دَخَلْت مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بِالْعَصْرِ وَشَيْخٌ جَالِسٌ فَلَامَهُ وَقَالَ إِنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ فَسَأَلْت عَنْهُ فَقَالُوا هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ وَقَالَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ وَالصَّحِيحُ عَنْ رَافِعٍ ضِدُّ هَذَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ رَافِعٍ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَالَ اِبْنُ حِبَّانَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ نَافِعٍ يَرْوِي عَنْ أَهْلِ الْحِجَازِ الْمَقْلُوبَاتِ وَعَنْ أَهْلِ الشَّامِ الْمَوْضُوعَاتِ لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكِتَابِ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَدَحِ فِيهِ اِنْتَهَى , وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍ بِهِ وَقَالَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَافِعٍ وَالصَّحِيحُ عَنْ رَافِعٍ غَيْرُهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ رَافِعٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ ثُمَّ تُنْحَرُ الْجَزُورُ الْحَدِيثَ كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ.
قَوْلُهُ : ( وَبِهِ يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ) وَبِهِ يَقُولُ اللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَغَيْرُهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ تَعْجِيلَ الْعَصْرِ أَفْضَلُ وَهُوَ الْحَقُّ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ الْبَابِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْمُوَطَّأِ تَأْخِيرُ الْعَصْرِ أَفْضَلُ عِنْدَنَا مِنْ تَعْجِيلِهَا إِذَا صَلَّيْتهَا وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ لَمْ تَدْخُلْهَا صُفْرَةٌ وَبِذَلِكَ جَاءَ عَامَّةُ الْآثَارِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ اِنْتَهَى.
وَعَلَّلَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ فِي تَأْخِيرِهَا تَكْثِيرَ النَّوَافِلِ وَقَدْ رَدَّهُ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ وَهُوَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ فِي مُقَابَلَةِ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ التَّعْجِيلِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ مَرْوِيَّةٌ فِي الصِّحَاحِ السِّتَّةِ وَغَيْرِهَا اِنْتَهَى.
وَقَدْ اِسْتَدَلَّ الْعَيْنِيُّ فِي الْبِنَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ التَّأْخِيرِ بِأَحَادِيثَ : الْأَوَّلُ : مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ فَكَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ مَا دَامَتْ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً.
وَالثَّانِي : حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ.
وَالثَّالِثُ : حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ تَعْجِيلًا لِلظُّهْرِ مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ أَشَدُّ تَعْجِيلًا لِلْعَصْرِ مِنْهُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ الْآتِي.
وَالرَّابِعُ : حَدِيثُ أَنَسٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ.
وَأَجَابَ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ فَقَالَ : وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمَاهِرِ مَا فِي الِاسْتِنَادِ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ.
أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَلَا يَدُلُّ إِلَّا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ مَا دَامَ كَوْنُ الشَّمْسِ بَيْضَاءَ وَهَذَا أَمْرٌ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِعَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ وَالْكَلَامُ إِنَّمَا هُوَ فِي فَضِيلَةِ التَّأْخِيرِ وَهُوَ لَيْسَ بِثَابِتٍ مِنْهُ.
لَا يُقَالُ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّأْخِيرَ كَانَ عَادَتَهُ يَشْهَدُ بِهِ لَفْظُ كَانَ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ لَعَارَضَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْقَوِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ عَادَتَهُ كَانَتْ التَّعْجِيلَ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُحْمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى الدَّوَامِ دَفْعًا لِلْمُعَارَضَةِ.
وَاعْتِبَارًا لِتَقْدِيمِ الْأَحَادِيثِ الْقَوِيَّةِ اِنْتَهَى.
قُلْتُ : حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ ضَعِيفٌ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ وَهُوَ مَجْهُولٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّقْرِيبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمِيزَانِ فَهَذَا الْحَدِيثُ الضَّعِيفُ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ قَالَ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍ فَذَكَرَ بِمِثْلِ مَا ذَكَرْنَا عَنْ نَصْبِ الرَّايَةِ قَالَ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّالِثُ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ التَّعْجِيلِ فِي الظُّهْرِ أَشَدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ فِي الْعَصْرِ لَا عَلَى اِسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ قَالَ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الرَّابِعُ فَلَا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى اِسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ : قُلْتُ بَلْ هُوَ يَدُلُّ عَلَى اِسْتِحْبَابِ التَّعْجِيلِ فَإِنَّ الطَّحَاوِيَّ رَوَاهُ هَكَذَا عَنْ أَنَسٍ مُخْتَصَرًا وَرَوَاهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ عَنْهُ بِلَفْظِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ وَبَعْضُ الْعَوَالِي مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِهِ.
فَالْعَجَبُ مِنْ الْعَيْنِيِّ أَنَّهُ كَيْفَ اِسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي الْأَوَّلُ وَالثَّانِي مِنْهَا ضَعِيفَانِ لَا يَصْلُحَانِ لِلِاسْتِدْلَالِ.
وَالثَّالِثُ لَا يَدُلُّ عَلَى اِسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ وَالرَّابِعُ يَدُلُّ عَلَى اِسْتِحْبَابِ التَّعْجِيلِ.
وَقَدْ اِسْتَدَلَّ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ التَّأْخِيرِ بِحَدِيثِ الْقِيرَاطِ وَسَتَعْرِفُ فِي الْبَابِ الْآتِي أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ أَيْضًا لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَمْ أَرَ حَدِيثًا صَحِيحًا صَرِيحًا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ.
تَنْبِيهٌ : اِسْتَدَلَّ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ عَلَى تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَا لَفْظُهُ : وَأَدِلَّتُنَا كَثِيرَةٌ لَا أَسْتَوْعِبُهَا.
وَمِنْهَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ وَقْتَ الْإِشْرَاقِ مِنْ جَانِبِ الطُّلُوعِ مِثْلُ بَقَاءِ الشَّمْسِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ وَقْتَ الْإِشْرَاقِ يَكُونُ بَعْدَ ذَهَابِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ اِنْتَهَى.
قُلْتُ : حَدِيثُ عَلِيٍّ هَذَا بِهَذَا اللَّفْظِ لَيْسَ فِي أَبِي دَاوُدَ أَلْبَتَّةَ وَلَا فِي كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ أَوَّلًا كَوْنَهُ فِي أَبِي دَاوُدَ أَوْ فِي كِتَابٍ آخَرَ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَسْتَدِلُّ بِهِ وَدُونَهُ خَرْطُ الْقَتَادِ.
وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ بِهَذَا اللَّفْظِ مَوْجُودٌ فِي كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ فَلَا يَثْبُتُ مِنْهُ تَأْخِيرُ الْعَصْرِ وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْإِشْرَافِ فِي الِامْتِدَادِ وَالطُّولِ كَوَقْتِ الْعَصْرِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ اِبْتِدَاءَ وَقْتِ الْعَصْرِ إِذَا صَارَ ظِلُّ الشَّيْءِ كَطُولِهِ وَامْتِدَادُهُ إِلَى الْغُرُوبِ , كَمَا أَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ اِبْتِدَاءَ الْإِشْرَاقِ يَكُونُ بَعْدَ ذَهَابِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِتَأْخِيرِ الْعَصْرِ وَلَا بِتَعْجِيلِهِ فَتَفَكَّرْ.
وَلَا تَعْجَبُوا مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُقَلِّدِينَ أَنَّهُمْ كَيْفَ يَتْرُكُونَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ فِي تَعْجِيلِ الْعَصْرِ وَيَتَشَبَّثُونَ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ هَذَا مِنْ شَأْنِ التَّقْلِيدِ.
ثُمَّ قَالَ مَا لَفْظُهُ : وَلَنَا حَدِيثٌ آخَرُ حَسَنٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : إِنَّ السَّاعَةَ الْمَحْمُودَةَ مِنْ الْجُمْعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي السَّاعَةِ الْأَخِيرَةِ وَالْيَوْمُ اِثْنَا عَشَرَ سَاعَةً , وَفِي فَتْحِ الْبَارِي فِي مَوْضِعٍ أَنَّ مَا بَعْدَ الْعَصْرِ رُبُعُ النَّهَارِ اِنْتَهَى.
قُلْتُ : هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا لَيْسَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِهَذَا اللَّفْظِ ثُمَّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِتَأْخِيرِ الْعَصْرِ وَلَا تَعْجِيلِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْحَافِظِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّأْخِيرِ.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا وَلَمْ يَظْهَرْ الْفَيْءُ مِنْ حُجْرَتِهَا قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي أَرْوَى وَجَابِرٍ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ وَيُرْوَى عَنْ رَافِعٍ أَيْضًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْخِيرِ الْعَصْرِ وَلَا يَصِحُّ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةُ وَأَنَسٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ التَّابِعِينَ تَعْجِيلَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَكَرِهُوا تَأْخِيرَهَا وَبِهِ يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ
عن العلاء بن عبد الرحمن، أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر، وداره بجنب المسجد، فقال: قوموا فصلوا العصر، قال: فقمنا فصلينا، فل...
عن أم سلمة، أنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تعجيلا للظهر منكم، وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه»: وقد روي هذا الحديث عن ابن جريج، عن ابن أب...
عن سلمة بن الأكوع، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب».<br> وفي الباب عن جابر، وزيد بن خالد، وأنس، ورافع...
عن النعمان بن بشير، قال: «أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة» 166- عن النعمان بن بشير، «ولم يذ...
عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه».<br> وفي الباب عن جابر بن سمرة،...
عن أبي برزة، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها»، وفي الباب عن عائشة، وعبد الله بن مسعود، وأنس، «حديث أبي برزة حد...
عن عمر بن الخطاب، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر مع أبي بكر في الأمر من أمر المسلمين وأنا معهما»، وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وأوس بن...
عن القاسم بن غنام، عن عمته أم فروة - وكانت ممن بايعت النبي صلى الله عليه وسلم - قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة لأول...
عن علي بن أبي طالب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " يا علي، ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفئا "