184-
عن ابن عباس، قال: «إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر، لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر ثم لم يعد لهما».
وفي الباب عن عائشة، وأم سلمة، وميمونة، وأبي موسى، «حديث ابن عباس حديث حسن» وقد روى غير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بعد العصر ركعتين، وهذا خلاف ما روي عنه أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس " وحديث ابن عباس أصح، حيث قال: لم يعد لهما «وقد روي عن زيد بن ثابت نحو حديث ابن عباس.
وقد روي عن عائشة في هذا الباب روايات، روي عنها» أن النبي صلى الله عليه وسلم ما دخل عليها بعد العصر إلا صلى ركعتين " وروي عنها، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: «نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس» والذي اجتمع عليه أكثر أهل العلم على كراهية الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، إلا ما استثني من ذلك، مثل الصلاة بمكة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس بعد الطواف «فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في ذلك، وقد قال به قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم، وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق» وقد كره قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم الصلاة بمكة أيضا بعد العصر، وبعد الصبح، وبه يقول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وبعض أهل الكوفة "
ضعيف الإسناد وقوله ثم لم يعد لهما منكر
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( نا جَرِيرٌ ) هُوَ اِبْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ قُرْطٍ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ ثُمَّ الرَّازِيُّ ثِقَةٌ صَحِيحُ الْكِتَابِ قِيلَ كَانَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ يَهِمُ مِنْ حِفْظِهِ ( عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ) الثَّقَفِيِّ الْكُوفِيِّ صَدُوقٌ اِخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ قَالَ اِبْنُ مَهْدِيٍّ يَخْتِمُ كُلَّ لَيْلَةٍ.
قَوْلُهُ : ( إِنَّمَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّهُ أَتَاهُ مَالٌ إِلَخْ ) وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ شَغَلَنِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ ( ثُمَّ لَمْ يَعُدْ لَهُمَا ) مِنْ عَادَ يَعُودُ.
وَهَذَا مُعَارَضٌ بِرِوَايَاتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : مِنْهَا قَوْلُهَا مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِي قَطُّ.
وَمِنْهَا قَوْلُهَا مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ.
وَمِنْهَا قَوْلُهَا وَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينِي فِي يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَخْرَجَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
فَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّهُ يُحْمَلُ النَّفْيُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِ الرَّاوِي فَإِنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ , وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي وَكَذَا مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي بَيْتِهَا بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً الْحَدِيثَ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْهَا لَمْ أَرَهُ يُصَلِّيهِمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثِينَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّيهِمَا إِلَّا فِي بَيْتِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَرَهُ اِبْنُ عَبَّاسٍ وَلَا أُمُّ سَلَمَةَ , وَيُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَكَانَ لَا يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ تَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِهِ قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ مَسْلَمَةَ وَمَيْمُونَةَ وَأَبِي مُوسَى ) أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فَمَرَّ تَخْرِيجُهُمَا آنِفًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ مَيْمُونَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ قَالَ فِي النَّيْلِ فِي إِسْنَادِهِ حَنْظَلَةُ السَّدُوسِيُّ , وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ص 416 ج 4 بِلَفْظِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ.
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ اِبْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ ) وَأَخْرَجَهُ اِبْنُ حِبَّانَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : هُوَ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ اِخْتِلَاطِهِ وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ شَاهِدٌ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ اِنْتَهَى.
قُلْتُ أَرَادَ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ حَدِيثَهَا الَّذِي أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ بِزِيَادَةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنَقْضِيهِمَا إِذَا فَاتَتَا قَالَ لَا وَيَأْتِي عَنْ قَرِيبٍ.
قَوْلُهُ : ( وَقَدْ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ نَحْوُ حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ ) رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ يَقُولُ إِنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْ آلَ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عِنْدَهَا رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَكَانُوا يُصَلُّونَهَا.
قَالَ قَبِيصَةُ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَغْفِرُ اللَّهُ لِعَائِشَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَائِشَةَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْأَعْرَابِ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَجِيرٍ فَقَعَدُوا يَسْأَلُونَهُ وَيُفْتِيهِمْ حَتَّى صَلَّى الظُّهْرَ وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَعَدَ يُفْتِيهِمْ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ فَانْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ بَعْدَ الظُّهْرِ شَيْئًا فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ يَغْفِرُ اللَّهُ لِعَائِشَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَائِشَةَ.
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْعَصْرِ.
قَوْلُهُ : ( وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ رِوَايَاتٌ ) أَيْ مُخْتَلِفَةٌ بَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ ( رُوِيَ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَخَلَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ ( وَرَوَى عَنْهَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ.
وَقَدْ قِيلَ لِرَفْعِ الِاخْتِلَافِ إِنَّ رِوَايَةَ عَائِشَةَ الْأُولَى مَحْمُولَةٌ عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي لَهَا سَبَبٌ وَرِوَايَتَهَا الثَّانِيَةَ عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا.
قُلْتُ : يُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُك تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ وَأَرَاك تُصَلِّيهِمَا قَالَ يَا اِبْنَةَ أَبِي أُمِّيَّةَ سَأَلْت عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَأَنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ , وَقِيلَ إِنَّ صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ : يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَزَادَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنَقْضِيهِمَا إِذَا فَاتَتَا قَالَ لَا , لَكِنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ ضَعِيفَةٌ لَا تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ , وَقَالَ فِيهِ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ مُعَارَضَةٌ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ رِوَايَةُ الْإِثْبَاتِ لَهَا سَبَبٌ فَأُلْحِقَ بِهَا مَا لَهُ سَبَبٌ وَبَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ.
وَالنَّهْيُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا سَبَبَ لَهُ.
وَأَمَّا مَنْ يَرَى عُمُومَ النَّهْيِ وَلَا يَخُصُّهُ بِمَا لَهُ سَبَبٌ فَيَحْمِلُ الْفِعْلَ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ وَلَا يَخْفَى رُجْحَانُ الْأَوَّلِ اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ فَتَفَكَّرْ وَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ : ( وَاَلَّذِي اِجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ إِلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُخْصَةٌ فِي ذَلِكَ ) أَشَارَ إِلَى حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ ( وَقَدْ قَالَ بِهِ ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ إِلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ ( قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ) اِحْتَجُّوا بِأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَبِمَا رُوِيَ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ قَالُوا بِهِمَا ( وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَبَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ ) وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ النَّهْيِ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ : قَدْ اِخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ وَادَّعَى النَّوَوِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ.
وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ بِأَنَّهُ قَدْ حُكِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا وَأَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ مَنْسُوخَةٌ.
قَالَ : وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ اِبْنُ حَزْمٍ.
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْكَرَاهَةِ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ مَا لَهُ سَبَبٌ , اِسْتَدَلَّ بِصَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةَ الظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ مَنْ أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ وَبِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ وَيَنْهَى عَنْهُمَا وَيُوَاصِلُ وَيَنْهَى عَنْ الْوِصَالِ وَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَقْضِيهِمَا إِذَا فَاتَتَا ؟ فَقَالَ : لَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَهِيَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ , وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهَا الطَّحَاوِيُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ الَّذِي اُخْتُصَّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى ذَلِكَ لَا أَصْلُ الْقَضَاءِ اِنْتَهَى.
وَفِي سَنَدِ حَدِيثِ عَائِشَةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو اِبْنِ عَطَاءٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بِالْعَنْعَنَةِ قَالَ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى كَرَاهَةِ التَّطَوُّعَاتِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ مُطْلَقًا.
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالْإِبَاحَةِ مُطْلَقًا بِأَدِلَّةٍ ثُمَّ ذَكَرَ تِلْكَ الْأَدِلَّةَ وَتَكَلَّمَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا خَالِيًا عَنْ الْكَلَامِ ثُمَّ قَالَ : وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْقَاضِيَةَ بِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ عَامَّةٌ فَمَا كَانَ أَخَصَّ مِنْهَا مُطْلَقًا كَحَدِيثِ يَزِيدَ اِبْنِ الْأَسْوَدِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ وَقَضَاءِ سُنَّةِ الظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَسُنَّةِ الْفَجْرِ بَعْدَهُ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لِهَذَا الْعُمُومِ , وَمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ كَأَحَادِيثِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَأَحَادِيثِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا عَلِيُّ ثُلَّاتٌ لَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ إِذَا أَتَتْ وَالْجِنَازَةُ إِذَا حَضَرَتْ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ عَقِبَ التَّطَهُّرِ وَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ , فَلَا شَكَّ أَنَّهَا أَعَمُّ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ وَأَخَصُّ مِنْهَا مِنْ وَجْهٍ وَلَيْسَ أَحَدُ الْعُمُومَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ بِجَعْلِهِ خَاصًّا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحَكُّمِ وَالْوَقْفُ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ حَتَّى يَقَعَ التَّرْجِيحُ بِأَمْرٍ خَارِجٍ اِنْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ بِتَلْخِيصٍ وَاخْتِصَارٍ.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّمَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّهُ أَتَاهُ مَالٌ فَشَغَلَهُ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ لَهُمَا وَفِي الْبَاب عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةَ وَأَبِي مُوسَى قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَدْ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا خِلَافُ مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ حَيْثُ قَالَ لَمْ يَعُدْ لَهُمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ نَحْوُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ رِوَايَاتٌ رُوِيَ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَخَلَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَرُوِيَ عَنْهَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَالَّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَاةِ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ بَعْدَ الطَّوَافِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُخْصَةٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ بِهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَبَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ
عن عبد الله بن مغفل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بين كل أذانين صلاة لمن شاء» وفي الباب عن عبد الله بن الزبير: «حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن صح...
عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أ...
عن ابن عباس، قال: «جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر»، قال: فقيل لابن عباس: ما أراد ب...
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر»: «وحنش هذا هو أبو علي الرحبي، وهو حسين بن...
عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبيه، قال: لما أصبحنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالرؤيا، فقال: «إن هذه لرؤيا حق، فقم مع بلال فإنه أندى...
عن ابن عمر، قال: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس...
عن أبي محذورة، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعده، وألقى عليه الأذان حرفا حرفا» قال إبراهيم: «مثل أذاننا»، قال بشر: فقلت له: أعد علي، فوصف الأذان...
عن أبي محذورة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة»، «هذا حديث حسن صحيح» وأبو محذورة اسمه سمرة بن معير «،»...
عن أنس بن مالك، قال: «أمر بلال أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة»، وفي الباب عن ابن عمر، «حديث أنس حديث حسن صحيح» وهو قول بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى...