حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب الصلاة باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها (حديث رقم: 238 )


238- عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، ولا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد، وسورة في فريضة أو غيرها»، وفي الباب عن علي، وعائشة «وحديث علي بن أبي طالب أجود إسنادا وأصح من حديث أبي سعيد، وقد كتبناه في أول كتاب الوضوء» والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: إن تحريم الصلاة التكبير، ولا يكون الرجل داخلا في الصلاة إلا بالتكبير " سمعت أبا بكر محمد بن أبان، يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول: «لو افتتح الرجل الصلاة بسبعين اسما من أسماء الله تعالى ولم يكبر لم يجزه، وإن أحدث قبل أن يسلم أمرته أن يتوضأ، ثم يرجع إلى مكانه ويسلم، إنما الأمر على وجهه» وأبو نضرة اسمه المنذر بن مالك بن قطعة "

أخرجه الترمذي


صحيح

شرح حديث (مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَرِيفٍ السَّعْدِيِّ ) ‏ ‏هُوَ طَرِيفُ بْنُ شِهَابٍ أَوْ اِبْنُ سَعْدٍ الْبَصْرِيُّ الْأَشَلُّ وَيُقَالُ لَهُ الْأَعْصَمُ ضَعِيفٌ مِنْ السَّادِسَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ ضَعَّفَهُ اِبْنُ مَعِينٍ , وَقَالَ أَحْمَدُ : لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ : لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ وَقَالَ النَّسَائِيُّ مَتْرُوكٌ ‏ ‏( عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ) ‏ ‏بِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ وَمُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ اِسْمُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ قُطَعَةَ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ الْعَبْدِيُّ الْعَوْفِيُّ الْبَصْرِيُّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ ثِقَةٌ مِنْ الثَّالِثَةِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ ) ‏ ‏تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ شَرْحِهِ فِي أَبْوَابِ الطَّهَارَةِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ هُنَاكَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَرَوَاهُ هَاهُنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ‏ ‏( وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ فِي فَرِيضَةٍ وَغَيْرِهَا ) ‏ ‏فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ سُورَةٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَاجِبَةٌ لَكِنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ وَيُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ مِنْ غَيْرِهَا وَلَيْسَ غَيْرُهَا مِنْهَا بِعِوَضٍ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَشْهَبَ عَنْ اِبْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ مَرْفُوعًا : أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ مِنْ غَيْرِهَا وَلَيْسَ غَيْرُهَا عِوَضًا مِنْهَا , وَلَهُ شَوَاهِدُ فَسَاقَهَا اِنْتَهَى , وَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقُولُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ يَقْرَأُ فَمَا أَسْمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَعْنَاكُمْ وَمَا أَخْفَى عَنَّا أَخْفَيْنَا عَنْكُمْ , وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَتْ , وَإِنْ زِدْت فَهُوَ خَيْرٌ , قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ عَنْ اِبْنِ جُرَيْجٍ كَرِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ لَكِنْ زَادَ فِي آخِرِهِ وَسَمِعْته يَقُولُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّ ضَمِيرَ سَمِعْته لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ مَرْفُوعًا بِخِلَافِ رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ.
نَعَمْ قَوْلُهُ مَا أَسْمَعَنَا وَمَا أَخْفَى عَنَّا يُشْعِرُ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ مُتَلَقًّى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ لِلْجَمِيعِ حُكْمُ الرَّفْعِ اِنْتَهَى , وَمَا رَوَاهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَقْرَأْ فِيهِمَا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ ) ‏ ‏أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَتَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الطَّهَارَةِ , وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَحَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَجْوَدُ وَأَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ) ‏ ‏لِأَنَّ فِي سَنَدِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ طَرِيفَ السَّعْدِيَّ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا عَرَفْت ‏ ‏( وَقَدْ كَتَبْنَاهُ ) ‏ ‏أَيْ حَدِيثَ عَلِيٍّ ‏ ‏( أَوَّلُ ) ‏ ‏الْبِنَاءُ عَلَى الضَّمِّ أَيْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ ‏ ‏( فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ ) ‏ ‏أَيْ فِي بَابِ مَا جَاءَ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ ‏ ‏( وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ , وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ : إِنَّ تَحْرِيمَ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ ) ‏ ‏وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَوَافَقَهُمْ أَبُو يُوسُفَ , وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ رِفَاعَةَ فِي قِصَّةِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِلَفْظِ لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ فَيَضَعَ الْوُضُوءَ مَوَاضِعَهُ ثُمَّ يُكَبِّرَ , وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ ثُمَّ يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَحَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اِعْتَدَلَ قَائِمًا وَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ.
أَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَهَذَا فِيهِ بَيَانُ الْمُرَادِ بِالتَّكْبِيرِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّهُ أَكْبَرُ , وَرَوَى الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَلِيٍّ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي ‏ ‏( قَالَ أَبُو عِيسَى سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبَانَ ) ‏ ‏اِبْنَ الْوَزِيرِ الْبَلْخِيَّ يُلَقَّبُ بِحَمْدَوَيْهِ وَكَانَ مُسْتَمْلِي وَكِيعٍ ثِقَةٌ حَافِظٌ مِنْ الْعَاشِرَةِ , قَالَ اِبْنُ حِبَّانَ كَانَ مِمَّنْ جَمَعَ وَصَنَّفَ رَوَى عَنْ اِبْنِ عُيَيْنَةَ وَغُنْدُرٍ وَطَبَقَتِهِمَا وَعَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَالْأَرْبَعَةُ وَخَلْقٌ ‏ ‏( يَقُولُ سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ ) ‏ ‏الْبَصْرِيَّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ حَافِظٌ عَارِفٌ بِالرِّجَالِ وَالْحَدِيثِ قَالَ اِبْنُ الْمَدِينِيِّ مَا رَأَيْت أَعْلَمَ مِنْهُ يَقُولُ : لَوْ اِفْتَتَحَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ بِتِسْعِينَ اِسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَلَمْ يُكَبِّرْ لَمْ يُجْزِهِ يَعْنِي لَفْظَ اللَّهُ أَكْبَرُ مُتَعَيِّنٌ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ الِافْتِتَاحُ إِلَّا بِهِ فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ اللَّهُ أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ أَوْ قَالَ الرَّحْمَنُ أَكْبَرُ مَثَلًا لَمْ يُجْزِهِ وَلَمْ يَصِحَّ الِافْتِتَاحُ بِهِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ , وَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ الْمَنْصُورُ هُوَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ ( ‏ ‏وَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ أَمَرْته أَنْ يَتَوَضَّأَ ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى مَكَانِهِ وَيُسَلِّمَ ) ‏ ‏لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ , فَكَمَا أَنَّ التَّكْبِيرَ مُتَعَيَّنٌ لِلتَّحْرِيمِ وَلِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ التَّسْلِيمُ مُتَعَيَّنٌ لِلتَّحْلِيلِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الصَّلَاةِ ‏ ‏( إِنَّمَا الْأَمْرُ عَلَى وَجْهِهِ ) ‏ ‏قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ فِي شَرْحِهِ يَعْنِي قَوْلَهُ تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ لَا يُؤَوَّلُ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ السَّلَامَ فَرْضٌ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِهِ فَمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الصَّلَاةِ إِلَّا بِهِ يَكُونُ فَرْضًا كَمَا أَنَّ مَا يَدْخُلُ بِهِ فِيهَا يَكُونُ فَرْضًا , وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ , وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا يَعْنِي الْحَنَفِيَّةُ : إِنَّهُ وَاجِبٌ دُونَ فَرْضٍ اِنْتَهَى كَلَامُ السِّنْدِيِّ.
‏ ‏وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدًا رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَالَا بِجَوَازِ اِفْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَى التَّعْظِيمِ الْخَالِصِ غَيْرِ الْمَشُوبِ بِالدُّعَاءِ ; لِأَنَّ التَّكْبِيرَ هُوَ التَّعْظِيمُ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } أَيْ عَظِّمْ وَقَالَ تَعَالَى { وَذَكَرَ اِسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } وَذِكْرُ اِسْمِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ بِاسْمِ الرَّحْمَنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ , غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ الْمَنْقُولُ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً لَا أَنَّهُ الشَّرْطُ دُونَ غَيْرِهِ كَذَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ , وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ فَلَيْسَ مَعْنَى الْحَدِيثِ تَحْرِيمُهَا لَفْظُ التَّكْبِيرِ بَلْ مَعْنَاهُ تَحْرِيمُهَا مَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ.
قُلْت : الْحَقُّ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ تَحْرِيمَ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ كَمَا عَرَفْت , وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى ( وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ) فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّكْبِيرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَكْبِيرُ الِافْتِتَاحِ فَإِنَّهَا مَكِّيَّةٌ نَزَلَتْ قَبْلَ قِصَّةِ الْإِسْرَاءِ الَّتِي فُرِضَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا فَكَيْفَ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالتَّكْبِيرِ فِيهَا تَكْبِيرَ الِافْتِتَاحِ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَبَّدُ وَيُصَلِّي تَطَوُّعًا فِي جَبَلِ حِرَاءَ وَغَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُرَادَ بِالتَّكْبِيرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَكْبِيرُ الِافْتِتَاحِ , فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْضًا أَنْ يُرَادَ بِالتَّكْبِيرِ تَكْبِيرُ الِافْتِتَاحِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ , وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ الْمُتَعَيَّنُ فَالْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ لَفْظِ التَّكْبِيرِ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِفْتِتَاحُ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ لَفْظِ التَّكْبِيرِ الْبَتَّةَ , وَلَا عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى { وَذَكَرَ اِسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } فَلَا نُسَلِّمُ فِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ بِذِكْرِ اِسْمِ رَبِّهِ تَكْبِيرُ الِافْتِتَاحِ , لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالذِّكْرِ تَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ وَبِالصَّلَاةِ صَلَاةَ الْعِيدِ , وَبِقَوْلِهِ تَزَكَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمَا , وَعَلَى هَذَا فَلَا تَكُونُ الْآيَةُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ.
‏ ‏وَأَمَّا جَوَابُهُمْ عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ ; بِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ , فَفِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَذْكَارِ وَالْأَدْعِيَةِ لَا سِيَّمَا أَذْكَارُ الصَّلَاةِ وَأَدْعِيَتُهَا هُوَ التَّوْقِيفُ.
‏ ‏فَالْحَاصِلُ : أَنَّ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ هُوَ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ , وَأَمَّا قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ قَالَ الْحَافِظُ بْنُ الْقَيِّمِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ ص 264 ج 1 الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ مِنْ تَعْيِينِ التَّكْبِيرِ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَكَبِّرْ وَقَوْلُهُ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَقَوْلُهُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَضَعَ الْوَضُوءَ مَوَاضِعَهُ ثُمَّ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَيَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ , وَهِيَ نُصُوصٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ فَرُدَّتْ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ { وَذَكَرَ اِسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } اِنْتَهَى.


حديث مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ولا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد وسورة في

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سُفْيَانَ طَرِيفٍ السَّعْدِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي نَضْرَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ ‏ ‏بِالْحَمْدُ ‏ ‏وَسُورَةٍ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ ‏ ‏وَفِي ‏ ‏الْبَاب ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَلِيٍّ ‏ ‏وَعَائِشَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏وَحَدِيثُ ‏ ‏عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ‏ ‏فِي هَذَا ‏ ‏أَجْوَدُ إِسْنَادًا وَأَصَحُّ ‏ ‏مِنْ حَدِيثِ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ ‏ ‏وَقَدْ كَتَبْنَاهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ ‏ ‏وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ ‏ ‏أَصْحَابِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَمَنْ بَعْدَهُمْ ‏ ‏وَبِهِ يَقُولُ ‏ ‏سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ‏ ‏وَابْنُ الْمُبَارَكِ ‏ ‏وَالشَّافِعِيُّ ‏ ‏وَأَحْمَدُ ‏ ‏وَإِسْحَقُ ‏ ‏إِنَّ تَحْرِيمَ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏و سَمِعْت ‏ ‏أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبَانَ ‏ ‏مُسْتَمْلِيَ ‏ ‏وَكِيعٍ ‏ ‏يَقُولُ سَمِعْتُ ‏ ‏عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏لَوْ افْتَتَحَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ بِسَبْعِينَ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَلَمْ يُكَبِّرْ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ أَمَرْتُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى مَكَانِهِ فَيُسَلِّمَ إِنَّمَا الْأَمْرُ عَلَى وَجْهِهِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏وَأَبُو نَضْرَةَ ‏ ‏اسْمُهُ ‏ ‏الْمُنْذِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ قُطَعَةَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه مدا

عن أبي هريرة، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة نشر أصابعه» وقد روى غير واحد هذا الحديث، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن سمعان، عن أبي...

كان رسول الله ﷺ إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدا

عن سعيد بن سمعان، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدا»، قال عبد الله: «وهذا أصح من حديث يحيى...

من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأو...

عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة م...

سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله...

حدثنا محمد بن موسى البصري حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ...

سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك

عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك»،: «هذا حديث لا نعرفه إ...

لم أسمع أحدا منهم يقولها فلا تقلها

عن ابن عبد الله بن مغفل، قال: سمعني أبي وأنا في الصلاة، أقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال لي: أي بني محدث إياك والحدث، قال: ولم أر أحدا من أصحاب رسول...

كان النبي ﷺ يفتتح صلاته ب بسم الله الرحمن الرحيم

عن ابن عباس، قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته ب {بسم الله الرحمن الرحيم} [الفاتحة: ١] "، وليس إسناده بذاك، وقد قال بهذا عدة من أهل العل...

يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين

عن أنس، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين».<br> هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا...

لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».<br> وفي الباب عن أبي هريرة، وعائشة، وأنس، وأبي قتادة، وعبد ا...