536-
عن كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة» وفي الباب عن عائشة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو.
حديث جد كثير حديث حسن، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم، واسمه عمرو بن عوف المزني، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم، وهكذا روي عن أبي هريرة أنه صلى بالمدينة نحو هذه الصلاة، وهو قول أهل المدينة وبه يقول مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وروي عن ابن مسعود، أنه قال في التكبير في العيدين: " تسع تكبيرات في الركعة الأولى: خمسا قبل القراءة، وفي الركعة الثانية يبدأ بالقراءة ثم يكبر أربعا مع تكبيرة الركوع " وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، وهو قول أهل الكوفة، وبه يقول سفيان الثوري
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو وَأَبُو عُمَرَ الْحَذَّاءُ الْمَدِينِيُّ ) صَدُوقٌ ( أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ اِبْنُ نَافِعٍ ) الصَّائِغُ مَوْلَى اِبْنِ مَخْزُومٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ وَثَّقَهُ اِبْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ : ثِقَةٌ صَحِيحُ الْكِتَابِ وَفِي حِفْظِهِ لِينٌ ( عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ) بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ الْمَدَنِيُّ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ : ضَعِيفٌ , مِنْهُمْ مَنْ نَسَبَهُ إِلَى الْكَذِبِ اِنْتَهَى.
قُلْت : قَالَ الشَّافِعِيُّ , وَأَبُو دَاوُدَ : رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْكَذِبِ.
وَقَالَ اِبْنُ حِبَّانَ لَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نُسْخَةٌ مَوْضُوعَةٌ كَذَا فِي الْمِيزَانِ ( عَنْ أَبِيهِ ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ , قَالَ الْحَافِظُ : مَقْبُولٌ وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : وَثَّقَهُ اِبْنُ حِبَّانَ ( عَنْ جَدِّهِ ) أَيْ عَنْ جَدِّ كَثِيرٍ وَهُوَ عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ صَحَابِيٌّ شَهِدَ بَدْرًا.
قَوْلُهُ : ( كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ) أَيْ كَبَّرَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ سَنَذْكُرُهَا , وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ.
قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ) أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْهَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى فِي الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ سِوَى تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ وَفِي إِسْنَادِهِ اِبْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ اِبْنِ عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَزَّارُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ : " التَّكْبِيرُ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَبْعُ تَكْبِيرَاتٍ وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ " , وَفِي إِسْنَادِهِ فَرَجُ بْنُ فُضَالَةَ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ , وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ فِي عِيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الْآخِرَةِ , وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا.
وَقَالَ أَحْمَدُ : أَنَا أَذْهَبُ إِلَى هَذَا , وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " التَّكْبِيرُ فِي الْفِطْرِ سَبْعٌ فِي الْأُولَى وَخَمْسٌ فِي الْآخِرَةِ وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلْتَيْهِمَا ".
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ : إِسْنَادُهُ صَالِحٌ , وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمُفْرَدَةِ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ كَذَا فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ.
وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ صَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَعَلِيٌّ وَالْبُخَارِيُّ فِيمَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ اِنْتَهَى.
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ سَعْدٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ أَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَهْ.
قَالَ الْعِرَاقِيُّ : فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ.
قُلْت : وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى مِنْ وَجْهٍ أُخْرَى.
قَالَ الْعَلَامَةُ عَلَاءُ الدِّينِ فِي الْجَوْهَرِ النَّقِيِّ : فِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ وَهُوَ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُخْرَجُ لَهُ الْعَنَزَةُ فِي الْعِيدَيْنِ حَتَّى يُصَلِّيَ إِلَيْهَا فَكَانَ يُكَبِّرُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ.
وَفِي إِسْنَادِهِ الْحَسَنُ الْبَجَلِيُّ وَهُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ.
وَقَدْ صَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِرْسَالَ هَذَا الْحَدِيثِ.
وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا , وَفِي إِسْنَادِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ : مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ يُكَبِّرَ لِلصَّلَاةِ فِي الْعِيدَيْنِ سَبْعًا وَخَمْسًا , أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَعَنْ عُمَارَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا وَكَانَ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى.
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ جَدِّ كَثِيرٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَهُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ تَحْسِينَهُ عَلَى التِّرْمِذِيِّ اِنْتَهَى وَجْهُ الْإِنْكَارِ هُوَ أَنَّ فِي سَنَدِهِ كَثِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ عَرَفْت حَالَهُ.
وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ التِّرْمِذِيِّ عَنْ تَحْسِينِهِ فَقَالَ : لَعَلَّهُ اِعْتَضَدَ بِشَوَاهِدَ غَيْرِهَا اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ نَقْلًا عَنْ مَيْرك لَعَلَّهُ اِعْتَضَدَ عِنْدَ مَنْ صَحَّحَهُ بِشَاهِدٍ وَأُمُورٍ قَدْ خَفِيَتْ اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ إِنَّمَا : تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْبُخَارِيَّ فَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ الْمُفْرَدَةِ : سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ أَصَحُّ مِنْهُ وَبِهِ أَقُولُ اِنْتَهَى.
قُلْت : الظَّاهِرُ أَنَّ تَحْسِينَ التِّرْمِذِيِّ حَدِيثَ جَدِّ كَثِيرٍ لِكَثْرَةِ شَوَاهِدِهِ , وَالتِّرْمِذِيُّ قَدْ يُحَسِّنُ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ لِشَوَاهِدِهِ , أَلَّا تَرَى أَنَّ حَدِيثَ مُعَاذٍ : أَنَّ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً , ضَعِيفٌ وَقَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ , قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي : إِنَّمَا حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ لِشَوَاهِدِهِ اِنْتَهَى.
وَأَمَّا قَوْلُ الْإِمَامِ الْبُخَارِيِّ : لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ أَصَحُّ مِنْهُ فَفِيهِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ : ( وَاسْمُهُ ) أَيْ اِسْمُ جَدِّ كَثِيرٍ ( وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَخْ ) أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : شَهِدْت الْأَضْحَى وَالْفِطْرَ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَكَبَّرَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْأُخْرَى خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
قُلْت : وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَبَّرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً.
أَخْرَجَ اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ أَنَّ اِبْنَ عَبَّاسٍ كَبَّرَ فِي عِيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الْآخِرَةِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
قَوْلُهُ : ( وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِهِ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ) إِلَّا أَنَّ مَالِكًا عَدَّ فِي الْأُولَى تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ , وَقَالَ الشَّافِعِيُّ سِوَاهَا , وَالْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْخَمْسَ فِي الثَّانِيَةِ غَيْرُ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ قَالَهُ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : شَهِدْت الْأَضْحَى وَالْفِطْرَ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَكَبَّرَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا اِنْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ سَلَامُ اللَّهِ فِي الْمُحَلَّى : وَهُوَ حُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ اِنْتَهَى.
قُلْت : وَقَدْ عَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ الْحَافِظُ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ : الْوَجْهُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ قَدْ عَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ دُونَ الثَّانِي , فَيَكُونُ آكَدَ وَلِذَلِكَ قَدَّمَ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ سَبْعًا وَخَمْسًا عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَرْبَعًا كَأَرْبَعِ الْجَنَائِزِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ عَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَيَكُونُ إِلَى الصِّحَّةِ أَقْرَبَ , وَالْأَخْذُ بِهِ أَصْوَبُ , اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَازِمِيِّ.
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ : قَالَ الْعِرَاقِيُّ : وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ , قَالَ : وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي أَيُّوبَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَائِشَةَ , وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ , وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو طَالِبٍ وَأَبُو الْعَبَّاسِ : إِنَّ السَّبْعَ فِي الْأُولَى بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْمُزَنِيُّ إِنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ مَعْدُودَةٌ مِنْ السَّبْعِ فِي الْأُولَى , قَالَ : وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدِ الدَّارَقُطْنِيِّ سِوَى تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ , وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ سِوَى تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ , وَهُوَ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ إِنَّ السَّبْعَ لَا تُعَدُّ فِيهَا تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ , وَالْخَمْسُ لَا تُعَدُّ فِيهَا تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ.
وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي يَعْنِي مَنْ قَالَ بِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ مَعْدُودَةٌ مِنْ السَّبْعِ فِي الْأُولَى بِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ اِنْتَهَى مَا فِي النَّيْلِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ مُلَخَّصًا.
فَإِنْ قُلْت.
مَا رَوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ هُوَ حَدِيثٌ مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَعْنِي هُوَ فِعْلُهُ وَلَيْسَ بِحَدِيثٍ مَرْفُوعٍ , فَكَيْفَ يَصِحُّ اِسْتِدْلَالُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ ؟ قُلْت : نَعَمْ هُوَ مَوْقُوفٌ لَكِنَّهُ مَرْفُوعٌ حُكْمًا فَإِنَّهُ لَا مَسَاغَ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ فَلَا يَكُونُ رَأْيًا إِلَّا تَوْقِيفًا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ , عَلَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِيهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ حَقِيقَةً , وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ , قَالَ الْعِرَاقِيُّ : إِسْنَادُهُ صَالِحٌ , وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمُفْرَدَةِ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ , وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : صَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَعَلِيٌّ وَالْبُخَارِيُّ فِيمَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ اِنْتَهَى.
وَقَدْ عَرَفْت هَذَا فِيمَا سَبَقَ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ حَقِيقَةً , وَهِيَ إِنْ كَانَتْ ضِعَافًا وَلَكِنْ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا.
تَنْبِيهٌ : قَالَ النِّيمَوِيُّ فِي آثَارِ السُّنَنِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو : إِسْنَادُهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ , وَقَالَ فِي تَعْلِيقِهِ : عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِيهِ كَلَامٌ.
قُلْت : قَوْل النِّيمَوِيِّ لَيْسَ مِمَّا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ , وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ قَابِلٌ لِلِاحْتِجَاجِ إِذَا كَانَ السَّنَدُ إِلَيْهِ صَحِيحًا وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ , وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي : وَتَرْجَمَةُ عَمْرٍو قَوِيَّةٌ عَلَى الْمُخْتَارِ حَيْثُ لَا تَعَارُضَ اِنْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ النِّيمَوِيُّ : وَمَعَ ذَلِكَ مَدَارُهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ , قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ : ذَكَرَهُ اِبْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ , وَقَالَ اِبْنُ مَعِينٍ : صُوَيْلِحٌ , وَقَالَ مَرَّةً ضَعِيفٌ , وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ : لَيْسَ بِالْقَوِيِّ كَذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ اِنْتَهَى.
قُلْت : وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ بَعْدَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مَا لَفْظُهُ : وَقَالَ اِبْنُ عَدِيٍّ : أَمَّا سَائِرُ حَدِيثِهِ فَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَهِيَ مُسْتَقِيمَةٌ اِنْتَهَى وَهُوَ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ : لَهُ فِي مُسْلِمٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ كَادَ أُمَيَّةُ أَنْ يُسْلِمَ اِنْتَهَى , وَفِيهِ وَقَالَ الْعِجْلِيُّ ثِقَةٌ , وَحَكَى اِبْنُ خَلْفُونٍ أَنَّ اِبْنَ الْمَدِينِيِّ وَثَّقَهُ , فَإِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى عَمْرٍو حَسَنٌ صَالِحٌ , وَتَرْجَمَةُ عَمْرٍو قَوِيَّةٌ عَلَى الْمُخْتَارِ , فَالْحَدِيثُ حَسَنٌ قَابِلٌ لِلِاحْتِجَاجِ , كَيْفَ وَقَدْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ إِسْنَادُهُ صَالِحٌ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيُّ.
ثُمَّ قَالَ النِّيمَوِيُّ : أَمَّا تَصْحِيحُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَيُعَارِضُهُ مَا قَالَ اِبْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ , وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : لَيْسَ فِي تَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ اِنْتَهَى.
قُلْت : قَدْ عَرَفْت أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَالَ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ وَذَهَبَ إِلَيْهِ فَقَوْلُهُ بِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَصْحِيحَهُ مُتَأَخِّرٌ مِنْ تَضْعِيفِهِ.
ثُمَّ قَالَ النِّيمَوِيُّ : وَأَمَّا تَصْحِيحُ الْبُخَارِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّائِفِيِّ إِلَخْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ.
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ بَعْدَمَا أَخْرَجَ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الْمُزَنِيَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَهُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ اِنْتَهَى.
وَقَالَ فِي عِلَلِهِ الْكُبْرَى : سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَيْسَ شَيْءٌ فِي هَذَا الْبَابِ أَصَحُّ مِنْهُ وَبِهِ أَقُولُ , وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ أَيْضًا صَحِيحٌ , وَالطَّائِفِيُّ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ اِنْتَهَى.
قَالَ اِبْنُ القطان فِي كِتَابِهِ هَذَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي التَّصْحِيحِ فَقَوْلُهُ : هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ يَعْنِي مَا فِي الْبَابِ وَأَقَلُّ ضَعْفًا , وَقَوْلُهُ : بِهِ أَقُولُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ أَيْ وَأَنَا أَقُولُ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَشْبَهُ مَا فِي الْبَابِ وَكَذَا قَوْلُهُ : وَحَدِيثُ الطَّائِفِيِّ أَيْضًا صَحِيحٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ اِنْتَهَى.
قُلْت : هَذَا الِاحْتِمَالُ بَعِيدٌ جِدًّا , بَلْ الظَّاهِرُ الْمُتَعَيِّنُ هُوَ مَا فَهِمَهُ الْحَافِظُ اِبْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ : وَبِهِ أَقُولُ مِنْ كَلَامِ الْبُخَارِيِّ وَالْمَعْنَى أَنَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَقُولُ وَإِلَيْهِ أَذْهَبُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ يَنْقُلُ عَنْ شَيْخِهِ الْإِمَامِ الْبُخَارِيِّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ كَثِيرًا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَبَيَانِ عِلَلِ الْحَدِيثِ وَلَا يَقُولُ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِهِ وَبِهِ أَقُولُ أَلْبَتَّةَ , وَإِنْ كُنْت فِي شَكٍّ مِنْهُ فَفَتِّشْ وَتَتَبَّعْ الْمَقَامَاتِ الَّتِي نَقَلَ التِّرْمِذِيُّ فِيهَا عَنْ الْبُخَارِيِّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ تَجِدْ مَا قُلْت لَك حَقًّا صَحِيحًا.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حَسَنٌ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ وَيُؤَيِّدُهُ الْأَحَادِيثُ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا التِّرْمِذِيُّ وَاَلَّتِي ذَكَرْنَاهَا.
قَوْلُهُ : ( وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ فِي التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ تِسْعُ تَكْبِيرَاتٍ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَخَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ) أَحَدُهَا تَكْبِيرَةُ التَّحْرِيمَةِ وَالثَّلَاثُ زَوَائِدُ وَخَامِسُهَا تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّ تَكْبِيرَ الرُّكُوعِ لَيْسَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ( وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يَبْدَأُ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا مَعَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ ) فَصَارَتْ سِتَّ تَكْبِيرَاتٍ زَوَائِدَ ثَلَاثًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَثَلَاثًا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ.
وَأَثَرُ اِبْنِ مَسْعُودٍ هَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ.
قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ قَالَا : كَانَ اِبْنُ مَسْعُودٍ جَالِسًا وَعِنْدَهُ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَسَأَلَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَنْ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ سَلْ الْأَشْعَرِيَّ , فَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ سَلْ عَبْدَ اللَّهِ فَإِنَّهُ أَقْدَمُنَا وَأَعْلَمُنَا فَسَأَلَهُ فَقَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ : يُكَبِّرُ أَرْبَعًا ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ فَيَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ.
قَالَ النِّيمَوِيُّ فِي آثَارِ السُّنَنِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
قُلْت : فِي إِسْنَادِهِ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهُ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ بِالْعَنْعَنَةِ فَكَيْفَ يَكُونُ إِسْنَادُهُ صَحِيحًا.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ أَنَّ اِبْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ تِسْعًا أَرْبَعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ وَفِي الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ فَإِذَا فَرَغَ كَبَّرَ أَرْبَعًا ثُمَّ رَكَعَ.
قَالَ النِّيمَوِيُّ : إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
قُلْت : فِي إِسْنَادِهِ أَيْضًا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ الْمَذْكُورُ , وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ بِالْعَنْعَنَةِ ( وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُ هَذَا ) فَمِنْهُمْ اِبْنُ عَبَّاسٍ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ , رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : شَهِدْت اِبْنَ عَبَّاسٍ كَبَّرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ بِالْبَصْرَةِ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَوَالَى بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ.
قَالَ : وَشَهِدْت الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ اِنْتَهَى.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ كُرْدُوسٍ قَالَ : أَرْسَلَ الْوَلِيدُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَبِي مَسْعُودٍ بَعْدَ الْعَتَمَةِ فَقَالَ إِنَّ هَذَا عِيدٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَكَيْفَ الصَّلَاةُ ؟ فَقَالُوا : سَلْ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , فَسَأَلَهُ فَقَالَ يَقُومُ فَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا ثُمَّ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا يَرْكَعُ فِي آخِرِهِنَّ فَتِلْكَ تِسْعٌ فِي الْعِيدَيْنِ فَمَا أَنْكَرَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ ( وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْكُوفَةَ , وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ) وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَاسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا وَبِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي عَائِشَةَ جَلِيسٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ سَأَلَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى : كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا تَكْبِيرَهُ عَلَى الْجَنَائِزِ , فَقَالَ حُذَيْفَةُ : صَدَقَ , فَقَالَ أَبُو مُوسَى : كَذَلِكَ كُنْت أُكَبِّرُ فِي الْبَصْرَةِ حَيْثُ كُنْت عَلَيْهِمْ.
قَالَ أَبُو عَائِشَةَ : وَأَنَا حَاضِرٌ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ.
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ.
قُلْت : فِي سَنَدِ هَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنُ ثَوْبَانَ الْعَنْسِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الزَّاهِدُ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ فَوَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ وَمَعَ هَذَا فَقَدْ تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمَرِهِ.
قَالَ الْحَافِظُ : صَدُوقٌ يُخْطِئُ وَتَغَيَّرَ بِآخِرِهِ اِنْتَهَى.
وَأَعَلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى بِأَنَّهُ خُولِفَ رَاوِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي رَفْعِهِ وَفِي جَوَابِ أَبِي يُوسُفَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ أَسْنَدُوهُ إِلَى اِبْنِ مَسْعُودٍ , فَأَفْتَاهُمْ بِذَلِكَ وَلَمْ يُسْنِدْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْتَهَى.
فَلَا يَصْلُحُ هَذَا الْحَدِيثُ لِلِاسْتِدْلَالِ , وَلَيْسَ فِي هَذَا حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ فِي عِلْمِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَأَمَّا آثَارُ الصَّحَابَةِ فَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ كَمَا عَرَفْت.
فَالْأَوْلَى : لِلْعَمَلِ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ لِوَجْهَيْنِ : الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِيهِ أَحَادِيثُ مَرْفُوعَةٌ عَدِيدَةٌ وَبَعْضُهَا صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ وَالْبَاقِيَةُ مُؤَيِّدَةٌ لَهَا , وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ فَلَمْ يَرِدْ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ غَيْرُ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ عَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ الْحَازِمِيِّ أَنَّ أَحَدَ الْحَدِيثَيْنِ إِذَا كَانَ عَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ دُونَ الثَّانِي فَيَكُونُ آكَدَ وَأَقْرَبَ إِلَى الصِّحَّةِ وَأَصْوَبَ بِالْأَخْذِ.
هَذَا مَا عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ : قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُوَطَّإِهِ بَعْدَ ذِكْرِ أَثَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ مُوَطَّإِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا لَفْظُهُ : قَالَ مُحَمَّدٌ : قَدْ اِخْتَلَفَ النَّاسُ فِي التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ فَمَا أَخَذْت بِهِ فَهُوَ حَسَنٌ وَأَفْضَلُ ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا رُوِيَ عَنْ اِبْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ عِيدٍ تِسْعًا : خَمْسًا وَأَرْبَعًا فِيهِنَّ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَتَا الرُّكُوعِ وَيُوَالِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَيُؤَخِّرُهَا فِي الْأُولَى وَيُقَدِّمُهَا فِي الثَّانِيَةِ.
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ اِنْتَهَى كَلَامُهُ.
قُلْت : بَلْ أَفْضَلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لِلْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا آنِفًا وَلَا وَجْهَ لِأَفْضَلِيَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ اِبْنِ مَسْعُودٍ.
هَذَا مَا عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَمْرٍو الْحَذَّاءُ الْمَدِينِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ جَدِّ كَثِيرٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَهُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ نَحْوَ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِهِ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ وَرُوِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ فِي التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يَبْدَأُ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا مَعَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُ هَذَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ
عن عدي بن ثابت، قال: سمعت سعيد بن جبير، يحدث عن ابن عباس، «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين، ثم لم يصل قبلها ولا بعدها» وفي الباب...
عن ابن عمر، أنه «خرج يوم عيد فلم يصل قبلها ولا بعدها»، وذكر «أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله»: هذا حديث حسن صحيح
عن أم عطية، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج الأبكار، والعواتق، وذوات الخدور، والحيض في العيدين»، فأما الحيض فيعتزلن المصلى، ويشهدن دعوة المس...
عن أبي هريرة، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج يوم العيد في طريق رجع في غيره» وفي الباب عن عبد الله بن عمر، وأبي رافع: «حديث أبي هريرة حديث...
عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي» وفي الباب عن علي، وأنس: «ح...
عن أنس بن مالك، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر على تمرات يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى»: «هذا حديث حسن غريب صحيح»
عن ابن عمر، قال: «سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعثمان فكانوا يصلون الظهر والعصر ركعتين ركعتين، لا يصلون قبلها ولا بعدها»، وقال عب...
عن أبي نضرة، قال: سئل عمران بن حصين عن صلاة المسافر، فقال: «حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى ركعتين، وحججت مع أبي بكر، فصلى ركعتين، ومع عمر،...
عن محمد بن المنكدر، وإبراهيم بن ميسرة، سمعا أنس بن مالك، قال: «صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة، أربعا وبذي الحليفة العصر ركعتين»: «هذ...