739-
عن عائشة قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فخرجت، فإذا هو بالبقيع، فقال: «أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله»، قلت: يا رسول الله، إني ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: «إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب» وفي الباب عن أبي بكر الصديق.
: «حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج»، وسمعت محمدا يضعف هذا الحديث، وقال: يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة، والحجاج بن أرطاة لم يسمع من يحيى بن أبي كثير "
ضعيف
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( فَقَدْت ) أَيْ لَمْ أَجِدْهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ : فَقَدْت الشَّيْءَ أَفْقِدُهُ إِذَا غَابَ عَنْك ( لَيْلَةً ) مِنْ لَيَالِي تَعْنِي اللَّيْلَةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا عِنْدِي ( فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ ) أَيْ وَاقِفٌ فِيهِ , وَالْمُرَادُ بِالْبَقِيعِ بَقِيعُ الْغَرْقَدِ وَهُوَ مَوْضِعٌ بِظَاهِرِ الْمَدِينَةِ فِيهِ قُبُورُ أَهْلِهَا كَانَ بِهِ شَجَرُ الْغَرْقَدِ فَذَهَبَ وَبَقِيَ اِسْمُهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( أَنْ يَحِيفَ ) أَيْ يَجُورَ وَيَظْلِمَ ( اللَّهُ عَلَيْك وَرَسُولُهُ ) ذَكَرَ اللَّهَ تَنْوِيهًا لِعِظَمِ شَأْنِهِ عِنْدَ رَبِّهِ عَلَى حَدِّ ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَك إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ) قَالَ الطِّيبِيُّ : أَوْ تَزْيِينًا لِلْكَلَامِ وَتَحْسِينًا , أَوْ حِكَايَةً لِمَا وَقَعَ فِي الْآيَةِ ( أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ) وَإِشَارَةً إِلَى التَّلَازُمِ بَيْنَهُمَا كَالْإِطَاعَةِ وَالْمَحَبَّةِ , قَالَ : يَعْنِي ظَنَنْت أَنِّي ظَلَمْتُك بِأَنْ جَعَلَتْ مِنْ نَوْبَتِك لِغَيْرِك , وَذَلِكَ مُنَافٍ لِمَنْ تَصَدَّى بِمَنْصِبِ الرِّسَالَةِ.
( قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ ظَنَنْت أَنَّك أَتَيْت بَعْضَ نِسَائِك ) أَيْ زَوْجَاتِك لِبَعْضِ مُهِمَّاتِك فَأَرَدْت تَحْقِيقَهَا وَحَمَلَنِي عَلَى هَذَا الْغَيْرَةُ الْحَاصِلَةُ لِلنِّسَاءِ الَّتِي تُخْرِجُهُنَّ عَنْ دَائِرَةِ الْعَقْلِ وَحَائِزَةِ التَّدَبُّرِ لِلْعَاقِبَةِ مِنْ الْمُعَاتَبَةِ أَوْ الْمُعَاقَبَةِ , وَالْحَاصِلُ أَنِّي مَا ظَنَنْت أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَلَيَّ أَوْ عَلَى غَيْرِي بَلْ ظَنَنْت أَنَّك بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ أَوْ بِاجْتِهَادٍ مِنْك خَرَجْت مِنْ عِنْدِي لِبَعْضِ نِسَائِك لِأَنَّ عَادَتَك أَنْ تُصَلِّيَ النَّوَافِلَ فِي بَيْتِك كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ) وَفِي رِوَايَةِ اِبْنِ مَاجَهْ : إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ( فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ ) أَيْ قَبِيلَةِ بَنِي كَلْبٍ , وَخَصَّهُمْ لِأَنَّهُمْ أَكْثَرُ غَنَمًا مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ.
نَقَلَ الْأَبْهَرِيُّ عَنْ الْأَزْهَارِ أَنَّ الْمُرَادَ بِغُفْرَانِ أَكْثَرِ عَدَدِ الذُّنُوبِ الْمَغْفُورَةِ لَا عَدَدِ أَصْحَابِهَا وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ اِنْتَهَى ذَكَرَهُ الْقَارِي وَفِي الْمِشْكَاةِ زَادَ رَزِينٌ : مِمَّنْ اِسْتَحَقَّ النَّارَ.
قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ) أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ لِلْمُنْذِرِيِّ فِي بَابِ التَّرْهِيبِ مِنْ التَّهَاجُرِ.
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ عَائِشَةَ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ) وَأَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ ( وَقَالَ يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ لَمْ يُسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ إِلَخْ ) فَالْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا بَيْنَ الْحَجَّاجِ وَيَحْيَى وَالْآخَرُ مَا بَيْنَ يَحْيَى وَعُرْوَةَ.
اِعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي فَضِيلَةِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ مَجْمُوعُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهَا أَصْلًا , فَمِنْهَا حَدِيثُ الْبَابِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ , وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى فَأَطَالَ السُّجُودَ حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ قَدْ قُبِضَ , فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ قُمْت حَتَّى حَرَّكْت إِبْهَامَهُ فَتَحَرَّكَ فَرَجَعَ , فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَفَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ : " يَا عَائِشَةُ أَوْ يَا حُمَيْرَاءُ أَظَنَنْت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَاسَ بِك ؟ " قُلْت : لَا وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي ظَنَنْت أَنْ قُبِضْت طُولَ سُجُودِك , قَالَ " أَتَدْرِي أَيَّ لَيْلَةٍ هَذِهِ ؟ " قُلْت : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , قَالَ : " هَذِهِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَطَّلِعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ وَيَرْحَمُ الْمُسْتَرْحِمِينَ وَيُؤَخِّرُ أَهْلَ الْحِقْدِ كَمَا هُمْ " , رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَقَالَ هَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْعَلَاءُ أَخَذَهُ مِنْ مَكْحُولٍ.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ : يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا غَدَرَ بِصَاحِبِهِ فَلَمْ يُؤْتِهِ حَقَّهُ قَدْ خاس بِهِ , كَذَا فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ لِلْحَافِظِ الْمُنْذِرِيِّ.
وَمِنْهَا حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَطَّلِعُ اللَّهُ إِلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ " , قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِهِ : رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ , وَرَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَالْبَزَّارِ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِنَحْوِهِ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ.
اِنْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ.
قُلْت : فِي سَنَدِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عِنْدَ اِبْنِ مَاجَهْ عَنْ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَمِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَطَّلِعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِعِبَادِهِ إِلَّا اِثْنَيْنِ مُشَاحِنٍ وَقَاتِلِ نَفْسٍ " , قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ لَيِّنٍ اِنْتَهَى.
وَمِنْهَا حَدِيثُ مَكْحُولٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ : " يَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِأَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا مُشْرِكٌ أَوْ مُشَاحِنٌ " , قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ هَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ قَالَ : وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَطَّلِعُ اللَّهُ إِلَى عِبَادِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُمْهِلُ الْكَافِرِينَ وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ " , قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَهُوَ أَيْضًا بَيْنَ مَكْحُولٍ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ مُرْسَلٌ جَيِّدٌ اِنْتَهَى.
وَمِنْهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ أَلَّا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ أَلَا كَذَا أَلَا كَذَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ " , رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ وَفِي سَنَدِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَبُرَةَ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ الْمَدَنِيُّ , قِيلَ اِسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ مُحَمَّدٌ وَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ رَمَوْهُ بِالْوَضْعِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ.
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ : ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ وَصَالِحُ اِبْنَا أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِمَا قَالَ : كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ , وَقَالَ النَّسَائِيُّ : مَتْرُوكٌ اِنْتَهَى.
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِمَجْمُوعِهَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي فَضِيلَةِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ شَيْءٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ : اِعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } عِنْدَ الْجُمْهُورِ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ , وَقِيلَ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ , وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ هُوَ الْحَقُّ , قَالَ الْحَافِظُ بْنُ كَثِيرٍ : مَنْ قَالَ إِنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقَدْ أَبْعَدَ , فَإِنَّ نَصَّ الْقُرْآنِ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ اِنْتَهَى.
وَفِي الْمِرْقَاةِ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ : إِنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ بَلْ صَرِيحُهُ يَرُدُّهُ لِإِفَادَتِهِ فِي آيَةٍ أَنَّهُ نَزَلَ فِي رَمَضَانَ وَفِي أُخْرَى أَنَّهُ نَزَلَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَلَا تَخَالُفَ بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنْ جُمْلَةِ رَمَضَانَ , وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا النُّزُولَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثَبَتَ أَنَّ اللَّيْلَةَ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فِي الْآيَةِ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ , وَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّ لَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ يَقَعُ فِيهَا فَرْقٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيثُ , وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهَا الْمُرَادَةُ مِنْ الْآيَةِ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُرَادَةً مِنْهَا , وَحِينَئِذٍ يُسْتَفَادُ مِنْ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ وُقُوعُ ذَلِكَ الْفَرْقِ فِي كُلٍّ مِنْ اللَّيْلَتَيْنِ إِعْلَامًا لِمَزِيدِ شَرَفِهَا , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ فِي أَحَدِهِمَا إِجْمَالًا وَفِي الْأُخْرَى تَفْصِيلًا أَوْ تُخَصُّ إِحْدَاهُمَا بِالْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَى بِالْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الْعَقْلِيَّةِ اِنْتَهَى.
تَنْبِيهٌ آخَرُ : قَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ : اِعْلَمْ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي اللَّآلِئِ أَنَّ مِائَةَ رَكْعَةٍ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ بِالْإِخْلَاصِ عَشْرَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَعَ طُولِ فَضْلِهِ لِلدَّيْلَمِيِّ وَغَيْرِهِ مَوْضُوعٌ , وَفِي بَعْضِ الرَّسَائِلِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : وَمِمَّا أُحْدِثَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ الصَّلَاةُ الْأَلْفِيَّةُ مِائَةُ رَكْعَةٍ بِالْإِخْلَاصِ عَشْرًا عَشْرًا بِالْجَمَاعَةِ , وَاهْتَمُّوا بِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ , لَمْ يَأْتِ بِهَا خَبَرٌ وَلَا أَثَرٌ إِلَّا ضَعِيفٌ أَوْ مَوْضُوعٌ وَلَا تَغْتَرَّ بِذِكْرِ صَاحِبِ الْقُوتِ وَالْإِحْيَاءِ وَغَيْرِهِمَا , وَكَانَ لِلْعَوَامِّ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ اِفْتِتَانٌ عَظِيمٌ حَتَّى اِلْتَزَمَ بِسَبَبِهَا كَثْرَةُ الْوَقِيدِ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ الْفُسُوقِ وَانْتِهَاكِ الْمَحَارِمِ مَا يُغْنَى عَنْ وَصْفِهِ حَتَّى خَشِيَ الْأَوْلِيَاءُ مِنْ الْخَسْفِ وَهَرَبُوا فِيهَا إِلَى الْبَرَارِي.
وَأَوَّلُ حُدُوثٍ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ , قَالَ : وَقَدْ جَعَلَهَا جَهَلَةُ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ مَعَ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَنَحْوِهِمَا شَبَكَةً لِجَمْعِ الْعَوَامِّ وَطَلَبًا لِرِيَاسَةِ التَّقَدُّمِ وَتَحْصِيلِ الْحُطَامِ , ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ اللَّهُ أَئِمَّةَ الْهُدَى فِي سَعْيِ إِبْطَالِهَا فَتَلَاشَى أَمْرُهَا وَتَكَامَلَ إِبْطَالُهَا فِي الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ فِي أَوَائِلِ سِنِي الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ.
قِيلَ أَوَّلَ حُدُوثِ الْوَقِيدِ مِنْ الْبَرَامِكَةِ وَكَانُوا عَبَدَةَ النَّارِ , فَلَمَّا أَسْلَمُوا أَدْخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ مَا يُمَوِّهُونَ أَنَّهُ مِنْ سُنَنِ الدِّينِ وَمَقْصُودُهُمْ عِبَادَةُ النِّيرَانِ حَيْثُ رَكَعُوا وَسَجَدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى تِلْكَ النِّيرَانِ وَلَمْ يَأْتِ فِي الشَّرْعِ اِسْتِحْبَابُ زِيَادَةِ الْوَقِيدِ عَلَى الْحَاجَةِ فِي مَوْضِعٍ , وَمَا يَفْعَلُهُ عَوَامُّ الْحُجَّاجِ مِنْ الْوَقِيدِ بِجَبَلِ عَرَفَاتٍ وَبِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَبِمِنًى فَهُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
وَقَدْ أَنْكَرَ الطَّرَسُوسِيُّ الِاجْتِمَاعَ لَيْلَةَ الْخَتْمِ فِي التَّرَاوِيحِ وَنَصْبَ الْمَنَابِرِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ.
قَالَ الْقَارِي رَحِمَهُ اللَّهُ : مَا أَفْطِنُهُ وَقَدْ اُبْتُلِيَ بِهِ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ حَتَّى فِي لَيَالِي الْخَتْمِ يَحْصُلُ اِجْتِمَاعٌ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّغَارِ وَالْعَبِيدِ مَا لَا يَحْصُلُ فِي الْجُمْعَةِ وَالْكُسُوفِ وَالْعِيدِ وَيَسْتَقْبِلُونَ النَّارَ وَيَسْتَدْبِرُونَ بَيْتَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ وَيَقِفُونَ عَلَى هَيْئَةِ عَبَدَةِ النِّيرَانِ فِي نَفْسِ الْمَطَافِ حَتَّى يُضَيَّقَ عَلَى الطَّائِفِينَ الْمَكَانُ وَيُشَوِّشُونَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الذَّاكِرِينَ وَالْمُصَلِّينَ وَقُرَّاءِ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ , فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْغُفْرَانَ وَالرِّضْوَانَ اِنْتَهَى كَلَامُ الْقَارِي مُخْتَصَرًا.
تَنْبِيهٌ آخَرُ : لَمْ أَجِدْ فِي صَوْمِ يَوْمِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا صَحِيحًا , وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ : إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا إِلَخْ فَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ ضَعِيفٌ جَدًّا , وَلِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ حَدِيثٌ آخَرُ وَفِيهِ : فَإِنْ أَصْبَحَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ صَائِمًا كَانَ صِيَامُ سِتِّينَ سَنَةٍ مَاضِيَةٍ وَسِتِّينَ سَنَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ , رَوَاهُ اِبْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَقَالَ : مَوْضُوعٌ وَإِسْنَادُهُ مُظْلِمٌ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَخَرَجْتُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ فَقَالَ أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي بَكرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ عَائِشَةَ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ و سَمِعْت مُحَمَّدًا يُضَعِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ و قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم»: «حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح»
عن علي، قال: سأله رجل، فقال: أي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان، قال له: ما سمعت أحدا يسأل عن هذا، إلا رجلا سمعته يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم،...
عن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «يصوم من غرة كل شهر ثلاثة أيام، وقلما كان يفطر يوم الجمعة» وفي الباب عن ابن عمر، وأبي هريرة.<br>: «ح...
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده» وفي الباب عن علي، وجابر، وجنادة الأزدي، و...
عن عبد الله بن بسر، عن أخته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عو...
عن عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صوم الاثنين والخميس» وفي الباب عن حفصة، وأبي قتادة، وأبي هريرة، وأسامة بن زيد.<br>: «حديث عائشة حدي...
عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت، والأحد، والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء، والأربعاء، والخميس»: «هذا حديث حسن»...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم»: «حديث أبي هريرة في هذا الباب حديث...
عن عبيد الله بن مسلم القرشي، عن أبيه قال: سألت، أو سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام الدهر؟ فقال: «إن لأهلك عليك حقا، صم رمضان، والذي يليه، وكل...