حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

اغسلنها وترا ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب الجنائز باب ما جاء في غسل الميت (حديث رقم: 990 )


990- عن أم عطية قالت: توفيت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «اغسلنها وترا ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك، إن رأيتن، واغسلنها بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورا، أو شيئا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني»، فلما فرغنا آذناه، فألقى إلينا حقوه، فقال: «أشعرنها به» قال هشيم: وفي حديث غير هؤلاء، ولا أدري ولعل هشاما منهم قالت: وضفرنا شعرها ثلاثة قرون.
قال هشيم: أظنه قال: «فألقيناه خلفها».
قال هشيم، فحدثنا خالد من بين القوم، عن حفصة، ومحمد، عن أم عطية قالت: وقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء».
وفي الباب عن أم سليم: «حديث أم عطية حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم» وقد روي عن إبراهيم النخعي أنه قال: «غسل الميت كالغسل من الجنابة»، وقال مالك بن أنس: «ليس لغسل الميت عندنا حد مؤقت، وليس لذلك صفة معلومة ولكن يطهر»، وقال الشافعي: إنما قال مالك قولا مجملا: يغسل وينقى وإذا أنقي الميت بماء قراح أو ماء غيره أجزأ ذلك من غسله، ولكن أحب إلي أن يغسل ثلاثا فصاعدا، لا يقصر عن ثلاث، لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اغسلنها ثلاثا أو خمسا»، وإن أنقوا في أقل من ثلاث مرات، أجزأ، ولا يرى أن قول النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو على معنى الإنقاء ثلاثا أو خمسا ولم يؤقت، وكذلك قال الفقهاء وهم أعلم بمعاني الحديث، وقال أحمد، وإسحاق: وتكون الغسلات بماء وسدر ويكون في الآخرة شيء من كافور

أخرجه الترمذي


صحيح

شرح حديث (اغسلنها وترا ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنَا خَالِدٌ ) ‏ ‏هُوَ الْحَذَّاءُ ‏ ‏( وَمَنْصُورٌ ) ‏ ‏هُوَ اِبْنُ زَاذَانَ ‏ ‏( وَهِشَامٌ ) ‏ ‏هُوَ اِبْنُ حَسَّانَ ‏ ‏( فَأَمَّا خَالِدٌ وَهِشَامٌ فَقَالَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَحَفْصَةَ ) ‏ ‏مُحَمَّدٌ هَذَا هُوَ اِبْنُ سِيرِينَ وَحَفْصَةُ هَذِهِ هِيَ بِنْتُ سِيرِينَ ‏ ‏( وَقَالَ مَنْصُورٌ عَنْ مُحَمَّدٍ ) ‏ ‏أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْ حَفْصَةَ ‏ ‏( عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ ) ‏ ‏فَرَوَى خَالِدٌ وَهِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَحَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ , وَرَوَى مَنْصُورٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : مَدَارُ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَحَفْصَةَ اِبْنَيْ سِيرِينَ.
قَالَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ : لَيْسَ فِي أَحَادِيثِ الْغُسْلِ لِلْمَيِّتِ أَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ وَعَلَيْهِ عَوَّلَ الْأَئِمَّةُ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ‏ ‏هِيَ زَيْنَبُ زَوْجُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ , وَقِيلَ إِنَّهَا أُمُّ كُلْثُومٍ زَوْجُ عُثْمَانَ كَمَا فِي اِبْنِ مَاجَهْ وَلَفْظُهُ : دَخَلَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُغَسِّلُ اِبْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ وَكَذَا وَقَعَ لِابْنِ بُشْكُوالَ فِي الْمُبْهَمَاتِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ وَالدُّولَابِيِّ فِي الذُّرِّيَّةِ الطَّاهِرَةِ.
قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ : فَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ أَنَّهَا أُمُّ كُلْثُومٍ بِمَجِيئِهِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ , وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ تَكُونَ أُمُّ عَطِيَّةَ حَضَرَتْهُمَا جَمِيعًا , فَقَدْ جَزَمَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي تَرْجَمَتِهَا بِأَنَّهَا كَانَتْ غَاسِلَةَ الْمَيِّتَاتِ ‏ ‏( مِنْ ذَلِكِ ) ‏ ‏بِكَسْرِ الْكَافِ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمُؤَنَّثِ ‏ ‏( إِنْ رَأَيْتُنَّ ) ‏ ‏أَيْ إِنْ اِحْتَجْتُنَّ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ خَمْسٍ لِلْإِنْقَاءِ لَا لِلتَّشَهِّي فَافْعَلْنَهُ قَالَهُ الطِّيبِيُّ ‏ ‏( وَاغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ) ‏ ‏قَالَ الْقَاضِي هَذَا لَا يَقْتَضِي اِسْتِعْمَالَ السِّدْرِ فِي جَمِيعِ الْغَسَلَاتِ وَالْمُسْتَحَبُّ اِسْتِعْمَالُهُ فِي الْكَرَّةِ الْأُولَى لِيُزِيلَ الْأَقْذَارَ وَيَمْنَعَ عَنْهُ تَسَارُعَ الْفَسَادِ وَيَدْفَعَ الْهَوَامَّ.
قَالَ اِبْن الْهُمَامِ : الْحَدِيثُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّنْظِيفِ لَا أَصْلُ التَّطْهِيرِ وَإِلَّا فَالْمَاءُ كَافٍ فِيهِ , وَلَا شَكَّ أَنَّ تَسْخِينَ الْمَاءِ كَذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُ فِي تَحْقِيقِ الْمَطْلُوبِ فَكَانَ مَطْلُوبًا شَرْعِيًّا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَغْلِي قِيلَ يَبْدَأ بِالْقَرَاحِ أَوَّلًا لِيَبْتَلَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّرَنِ أَوَّلًا فَيَتِمَّ قَلْعُهُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ ثُمَّ يَحْصُلُ تَطْيِيبُ الْبَدَنِ بَعْدَ النَّظَافَةِ بِمَاءِ الْكَافُورِ , وَالْأَوْلَى أَنْ يَغْسِلَ الْأُولَيَانِ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كِتَابِ الْهِدَايَةِ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ اِبْن سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْغُسْلَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ يَغْسِلُ بِالسِّدْرِ مَرَّتَيْنِ وَالثَّالِثَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ.
‏ ‏قُلْت : قَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ هَذَا نَقْلًا عَنْ النَّوَوِيِّ : إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ اِنْتَهَى.
وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ.
‏ ‏تَنْبِيهٌ : ‏ ‏وَقَعَ فِي الْمِرْقَاةِ الْمَطْبُوعَةِ : قَالَ الْقَاضِي : هَذَا لَا يَقْتَضِي اِسْتِعْمَالَ السِّدْرِ فِي جَمِيعِ الْغَسَلَاتِ إِلَخْ.
قُلْت : الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ هَذَا يَقْتَضِي اِسْتِعْمَالَ السِّدْرِ فِي جَمِيعِ الْغَسَلَاتِ بِحَذْفِ كَلِمَةِ لَا كَمَا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ : ظَاهِرُهُ أَنَّ السِّدْرَ يُخْلَطُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ مَرَّاتِ الْغُسْلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ اِغْسِلْنَهَا اِنْتَهَى ‏ ‏( كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ ) ‏ ‏شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي أَيْ اللَّفْظَيْنِ قَالَ : وَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فَيَصْدُقُ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ ‏ ‏( فَآذِنَّنِي ) ‏ ‏بِالْمَدِّ وَكَسْرِ الذَّالِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْأُولَى أَمْرٌ لِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ مِنْ الْإِيذَانِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ وَالنُّونُ الْأُولَى أَصْلِيَّةٌ سَاكِنَةٌ وَالثَّانِيَةُ ضَمِيرُ فَاعِلٍ وَهِيَ مَفْتُوحَةٌ وَالثَّالِثَةُ لِلْوِقَايَةِ ‏ ‏( فَأَلْقَى إِلَيْنَا حَقْوَهُ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا بَعْدَهَا قَافٌ سَاكِنَةٌ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْإِزَارُ كَمَا وَقَعَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ.
وَالْحَقْوُ فِي الْأَصْلِ مَعْقِدُ الْإِزَارِ وَأُطْلِقَ عَلَى الْإِزَارِ مَجَازًا قَالَهُ الْحَافِظُ ‏ ‏( أَشْعِرْنَهَا بِهِ ) ‏ ‏أَيْ بِالْحَقْوِ فِي النِّهَايَةِ أَيْ اِجْعَلْنَهُ شِعَارَهَا , وَالشِّعَارُ الثَّوْبُ الَّذِي يَلِي الْجَسَدَ لِأَنَّهُ يَلِي شَعْرَهُ , قَالَ الطِّيبِيُّ : أَيْ اِجْعَلْنَ هَذَا الْحَقْوَ تَحْتَ الْأَكْفَانِ بِحَيْثُ يُلَاصِقُ بَشَرَتَهَا وَالْمُرَادُ إِيصَالُ الْبَرَكَةِ إِلَيْهَا.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَفِي حَدِيثِ غَيْرِ هَؤُلَاءِ ) ‏ ‏أَيْ خَالِدٍ وَمَنْصُورٍ وَهِشَامٍ ‏ ‏( وَضَفَرْنَا شَعْرَهَا ) ‏ ‏الضَّفْرُ فَتْلُ الشَّعْرِ قَالَ الطِّيبِيُّ : مِنْ الضَّفِيرَةِ وَهِيَ النَّسْجُ وَمِنْهُ ضَفْرُ الشَّعْرِ وَإِدْخَالُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ ‏ ‏( ثَلَاثَةَ قُرُونٍ ) ‏ ‏أَيْ ثَلَاثَ ضَفَائِرَ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا أَيْ جَانِبَيْ رَأْسِهَا وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلْبُخَارِيِّ : أَنَّهُنَّ جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ نَقَضْنَهُ ثُمَّ غَسَلْنَهُ ثُمَّ جَعَلْنَهُ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ ‏ ‏( فَأَلْقَيْنَاهُ خَلْفَهَا ) ‏ ‏أَيْ فَأَلْقَيْنَا الشَّعْرَ خَلْفَ ظَهْرِهَا.
قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي : وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى ضَفْرِ شَعْرِ الْمَيِّتِ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ , فَقَالَ اِبْنُ الْقَاسِمِ لَا أَعْرِفُ الضَّفْرَ بَلْ يُكَفُّ , وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَنَفِيَّةِ يُرْسِلُ شَعْرَ الْمَيِّتِ خَلْفَهَا وَعَلَى وَجْهِهَا مُفَرَّقًا.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : وَكَأَنَّ سَبَبَ الْخِلَافِ أَنَّ الَّذِي فَعَلَتْهُ أُمُّ عَطِيَّةَ هَلْ اِسْتَنَدَتْ فِيهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَمْ فَعَلَتْهُ اِسْتِحْسَانًا كِلَا الْأَمْرَيْنِ مُحْتَمَلٌ , لَكِنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يُفْعَلَ بِالْمَيِّتِ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِ الْقُرَبِ إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْ الشَّرْعِ مُحَقَّقٍ وَلَمْ يَرِدْ ذَلِكَ مَرْفُوعًا كَذَا قَالَ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ : الظَّاهِرُ اِطِّلَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقْرِيرُهُ قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ حَجَرٍ : وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِلَفْظِ الْأَمْرِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اِغْسِلْنَهَا وِتْرًا وَاجْعَلْهُنَّ شَعْرَهَا ضَفَائِرَ ".
وَأَخْرَجَ اِبْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ " اِغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا وَاجْعَلْنَ لَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ " اِنْتَهَى.
‏ ‏( وَفِي الْبَابِ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ ) ‏ ‏لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) ‏ ‏وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( قَدْ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ غُسْلُ الْمَيِّتِ كَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ ) ‏ ‏يَعْنِي يُرَاعَى فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ مَا يُرَاعَى فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ : لَيْسَ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ عِنْدَنَا حَدٌّ مُؤَقَّتٌ وَلَيْسَ لِذَلِكَ صِفَةٌ مَعْلُومَةٌ ) ‏ ‏قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ : وَلَيْسَ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ عِنْدَنَا حَدٌّ مَوْصُوفٌ وَلَيْسَ لِذَلِكَ صِفَةٌ مَعْلُومَةٌ وَلَكِنْ يُغْسَلُ فَيُطَهَّرُ اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : بَلْ لَهُ حَدٌّ مَوْصُوفٌ وَصِفَةٌ مَعْلُومَةٌ , فَيُغْسَلُ الْمَيِّتُ وِتْرًا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَى الْغَاسِلُ , وَيَبْدَأُ بِمَيَامِنِهِ وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهُ , وَيُغْسَلُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ , وَيُجْعَلُ فِي الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ الْكَافُورُ.
وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ اِمْرَأَةً فَيُضَفَّرُ شَعْرُ رَأْسِهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَيُجْعَلُ خَلْفَهَا.
وَهَذِهِ الصِّفَاتُ كُلُّهَا قَدْ جَاءَتْ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ الصَّحِيحِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْقَوْلِ الْمُجْمَلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ حَدٌّ مَوْصُوفٌ وَلَيْسَ لِذَلِكَ صِفَةٌ مَعْلُومَةٌ ( قَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ قَوْلًا مُجْمَلًا يُغَسَّلُ وَيُنَقَّى ) وَلَمْ يُفَصِّلْ وَلَمْ يُبَيِّنْ ‏ ‏( وَإِذَا أَنُقِيَ ) ‏ ‏بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنْ الْإِنْقَاءِ ‏ ‏( بِمَاءِ الْقَرَاحِ ) ‏ ‏قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْقَرَاحُ كَسَحَابٍ الْمَاءُ لَا يُخَالِطُهُ ثُفْلٌ مِنْ سَوِيقٍ وَغَيْرِهِ وَالْخَالِصُ كَالْقَرِيحِ ‏ ‏( وَلَا يَرَى ) ‏ ‏وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوَ لَا يَرَى بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ ‏ ‏( وَلَمْ يُوَقِّتْ ) ‏ ‏مِنْ التَّوْقِيتِ أَيْ لَمْ يُحَدِّدْ , وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ قَوْلِهِ اِغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا هُوَ الْإِنْقَاءُ لَا التَّحْدِيدُ , فَإِنْ حَصَلَ النَّقَاءُ وَالطَّهَارَةُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَجْزَأَ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَكَذَلِكَ قَالَ الْفُقَهَاءُ وَهُمْ أَعْلَمُ بِمَعَانِي الْحَدِيثِ ) ‏ ‏الْمُرَادُ بِالْفُقَهَاءِ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ كَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْإِمَامِ مَالِكٍ وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَغَيْرِهِمْ , وَقَدْ صَرَّحَ التِّرْمِذِيُّ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَتَكُونُ الْغَسَلَاتُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ) ‏ ‏أَيْ قَالَا بِكَوْنِ جَمِيعِ الْغَسَلَاتِ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَاغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ " , وَظَاهِرُهُ أَنَّ السِّدْرَ يُخْلَطُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ مَرَّاتٍ الْغُسْلِ ‏ ‏( وَيَكُونُ فِي الْآخِرَةِ ) ‏ ‏أَيْ فِي الْغَسْلَةِ الْآخِرَةِ ‏ ‏( شَيْءٌ مِنْ كَافُورٍ ) ‏ ‏قَالَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ : وَقَدْ قَالُوا الْأُولَى بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ وَالثَّانِيَةُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وَالثَّالِثَةُ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ.
وَقَدْ قَالَ النَّخَعِيُّ : لَا يُجْعَلُ الْكَافُورُ فِي الْمَاءِ وَلَيْسَ هَذَا فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَقْتَضِهِ بِلَفْظِ الْحَدِيثِ مِنْ خَلْطِ الْمَاءِ بِالسِّدْرِ وَالْكَافُورِ اِنْتَهَى.


حديث اغسلنها وترا ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن واغسلنها بماء وسدر واجعلن

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏هُشَيْمٌ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏خَالِدٌ ‏ ‏وَمَنْصُورٌ ‏ ‏وَهِشَامٌ ‏ ‏فَأَمَّا ‏ ‏خَالِدٌ ‏ ‏وَهِشَامٌ ‏ ‏فَقَالَا ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُحَمَّدٍ ‏ ‏وَحَفْصَةَ ‏ ‏وَقَالَ ‏ ‏مَنْصُورٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُحَمَّدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أُمِّ عَطِيَّةَ ‏ ‏قَالَتْ ‏ ‏تُوُفِّيَتْ ‏ ‏إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏اغْسِلْنَهَا وِتْرًا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ وَاغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ ‏ ‏وَسِدْرٍ ‏ ‏وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ ‏ ‏كَافُورًا ‏ ‏أَوْ شَيْئًا مِنْ ‏ ‏كَافُورٍ ‏ ‏فَإِذَا فَرَغْتُنَّ ‏ ‏فَآذِنَّنِي ‏ ‏فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَلْقَى إِلَيْنَا ‏ ‏حِقْوَهُ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏أَشْعِرْنَهَا ‏ ‏بِهِ قَالَ ‏ ‏هُشَيْمٌ ‏ ‏وَفِي حَدِيثِ غَيْرِ هَؤُلَاءِ وَلَا أَدْرِي وَلَعَلَّ ‏ ‏هِشَامًا ‏ ‏مِنْهُمْ قَالَتْ ‏ ‏وَضَفَّرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏هُشَيْمٌ ‏ ‏أَظُنُّهُ قَالَ ‏ ‏فَأَلْقَيْنَاهُ خَلْفَهَا ‏ ‏قَالَ ‏ ‏هُشَيْمٌ ‏ ‏فَحَدَّثَنَا ‏ ‏خَالِدٌ ‏ ‏مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏حَفْصَةَ ‏ ‏وَمُحَمَّدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أُمِّ عَطِيَّةَ ‏ ‏قَالَتْ وَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ ‏ ‏وَفِي ‏ ‏الْبَاب ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أُمِّ سُلَيْمٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏حَدِيثُ ‏ ‏أُمِّ عَطِيَّةَ ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏ ‏وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ‏ ‏وَقَدْ رُوِيَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ ‏ ‏غُسْلُ الْمَيِّتِ كَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ‏ ‏لَيْسَ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ عِنْدَنَا حَدٌّ مُؤَقَّتٌ وَلَيْسَ لِذَلِكَ صِفَةٌ مَعْلُومَةٌ وَلَكِنْ يُطَهَّرُ ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏الشَّافِعِيُّ ‏ ‏إِنَّمَا قَالَ ‏ ‏مَالِكٌ ‏ ‏قَوْلًا مُجْمَلًا يُغَسَّلُ ‏ ‏وَيُنْقَى ‏ ‏وَإِذَا ‏ ‏أُنْقِيَ ‏ ‏الْمَيِّتُ بِمَاءٍ ‏ ‏قَرَاحٍ ‏ ‏أَوْ مَاءٍ غَيْرِهِ أَجْزَأَ ذَلِكَ مِنْ غُسْلِهِ وَلَكِنْ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُغْسَلَ ثَلَاثًا فَصَاعِدًا لَا يُقْصَرُ عَنْ ثَلَاثٍ لِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا وَإِنْ ‏ ‏أَنْقَوْا ‏ ‏فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَجْزَأَ وَلَا نَرَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَعْنَى ‏ ‏الْإِنْقَاءِ ‏ ‏ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا وَلَمْ ‏ ‏يُؤَقِّتْ وَكَذَلِكَ قَالَ الْفُقَهَاءُ وَهُمْ أَعْلَمُ بِمَعَانِي الْحَدِيثِ ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏أَحْمَدُ ‏ ‏وَإِسْحَقُ ‏ ‏وَتَكُونُ الْغَسَلَاتُ بِمَاءٍ ‏ ‏وَسِدْرٍ ‏ ‏وَيَكُونُ فِي الْآخِرَةِ شَيْءٌ مِنْ ‏ ‏كَافُورٍ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

أطيب الطيب المسك

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أطيب الطيب المسك»: «هذا حديث حسن صحيح»

سئل عن المسك فقال هو أطيب طيبكم

عن أبي سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسك؟ فقال: «هو أطيب طيبكم»: «هذا حديث حسن صحيح»، «والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد، وإ...

من غسله الغسل ومن حمله الوضوء

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من غسله الغسل، ومن حمله الوضوء» يعني: الميت وفي الباب عن علي، وعائشة.<br>: «حديث أبي هريرة حديث حسن»،...

البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم» وفي الباب عن سمرة، وابن عمر، وعا...

إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه

عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ولي أحدكم أخاه، فليحسن كفنه» وفيه عن جابر.<br>: «هذا حديث حسن غريب»، وقال ابن المبارك: قال سل...

كفن النبي ﷺ في ثلاثة أثواب بيض يمانية

عن عائشة قالت: «كفن النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض يمانية، ليس فيها قميص، ولا عمامة»، قال: فذكروا لعائشة قولهم: في ثوبين وبرد حبرة، فقالت...

رسول الله ﷺ كفن حمزة بن عبد المطلب في نمرة في ثوب...

عن جابر بن عبد الله، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن حمزة بن عبد المطلب في نمرة في ثوب واحد» وفي الباب عن علي، وابن عباس، وعبد الله بن مغفل، وابن...

اصنعوا لأهل جعفر طعاما فإنه قد جاءهم ما يشغلهم

عن عبد الله بن جعفر قال: لما جاء نعي جعفر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لأهل جعفر طعاما، فإنه قد جاءهم ما يشغلهم»: «هذا حديث حسن»، «وقد كان ب...

ليس منا من شق الجيوب وضرب الخدود

عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس منا من شق الجيوب، وضرب الخدود، ودعا بدعوة الجاهلية»: «هذا حديث حسن صحيح»