1645- عن أنس بن مالك، أنه سمعه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فأطعمته، وجلست تفلي رأسه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر ملوك على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة»، قلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله» - نحو ما قال في الأول - قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: «أنت من الأولين»، قال: فركبت أم حرام البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت: هذا حديث حسن صحيح وأم حرام بنت ملحان هي أخت أم سليم وهي خالة أنس بن مالك
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ : وَهِيَ خَالَةُ أَنَسٍ صَحَابِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ مَاتَتْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ , وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي الِاسْتِئْذَانِ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبَاءَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ ( وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ) هَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ زَوْجَ عُبَادَةَ , وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ غَزْوِ الْمَرْأَةِ فِي الْبَحْرِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ : فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ , وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ , فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بَعْدُ.
وَظَاهِرُ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ , وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ : وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْإِخْبَارُ عَمَّا آلَ إِلَيْهِ الْحَالُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي اِعْتَمَدَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِعِيَاضٍ : ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ , وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا هُنَاكَ فَمَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجِعْهُ ( وَجَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ تُفَتِّشُ مَا فِيهِ مِنْ الْقَمْلِ ( فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ : أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عِنْدَنَا ( ثُمَّ اِسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ ) أَيْ فَرَحًا وَسُرُورًا لِكَوْنِ أُمَّتِهِ تَبْقَى بَعْدَهُ مُتَظَاهِرَةً أُمُورَ الْإِسْلَامِ , قَائِمَةً بِالْجِهَادِ حَتَّى فِي الْبَحْرِ ( قَالَ : نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً ) جَمْعُ غَازٍ كَقُضَاةٍ جَمْعُ قَاضٍ بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِيَّةِ , وَقَوْلُهُ : عُرِضُوا بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ , وَعَلَيَّ بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ ( يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ ) , قَالَ الْحَافِظُ : الثَّبَجُ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ جِيمٌ ظَهْرُ الشَّيْءِ , هَكَذَا فَسَّرَهُ جَمَاعَةٌ , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَتْنُ الْبَحْرِ وَظَهْرُهُ , وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ : ثَبَجُ كُلِّ شَيْءٍ وَسَطُهُ قَالَ : وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا ظَهْرُهُ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ ( مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلُ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ ) بِالشَّكِّ مِنْ إِسْحَاقَ الرَّاوِي عَنْ أَنَسٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ : وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ " كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ " مِنْ غَيْرِ شَكٍّ , وَفِي رِوَايَةٍ : " مِثْلُ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ " بِغَيْرِ شَكٍّ أَيْضًا , وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ : " مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ " , ذَكَرَ الْحَافِظُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فِي الْفَتْحِ.
قَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : أَرَادَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ رَأَى الْغُزَاةَ فِي الْبَحْرِ مِنْ أُمَّتِهِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَرُؤْيَاهُ وَحْيٌ , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ { عَلَى سُرَرٍ مُتَقَابِلِينَ } وَقَالَ { عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ } وَالْأَرَائِكُ السُّرَرُ فِي الْحِجَالِ.
وَقَالَ عِيَاضٌ : هَذَا مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ حَالِهِمْ فِي الْغَرْوِ مِنْ سَعَةِ أَحْوَالِهِمْ وَقِوَامِ أَمْرِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَجَوْدَةِ عَدَدِهِمْ فَكَأَنَّهُمْ الْمُلُوكُ عَلَى الْأَسِرَّةِ.
قَالَ الْحَافِظُ : وَفِي هَذَا الِاحْتِمَالِ بُعْدٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ , لَكِنَّ الْإِتْيَانَ بِالتَّمْثِيلِ فِي مُعْظَمِ طُرُقِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَأَى مَا يَئُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُمْ لَا أَنَّهُمْ نَالُوا ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ مَوْقِعُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُمْ فِيمَا هُمْ مِنْ النَّعِيمِ الَّذِي أُثِيبُوا بِهِ عَلَى جِهَادِهِمْ مِثْلُ مُلُوكِ الدُّنْيَا عَلَى أَسِرَّتِهِمْ , فَالتَّشْبِيهُ بِالْمَحْسُوسَاتِ أَبْلَغُ فِي نَفْسِ السَّامِعِ ( فَدَعَا لَهَا ) وَفِي رِوَايَةٍ : اللَّهُمَّ اِجْعَلْهَا مِنْهُمْ , وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ : فَإِنَّك مِنْهُمْ , وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ دَعَا لَهَا فَأُجِيبَ فَأَخْبَرَهَا جَازِمًا بِذَلِكَ ( نَحْوُ مَا قَالَ فِي الْأَوَّلِ ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ أَيْضًا.
قَالَ الْحَافِظُ : وَلَكِنَّ رِوَايَةَ عُمَيْرِ اِبْنِ الْأَسْوَدِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَةَ إِنَّمَا غَزَتْ فِي الْبَرِّ لِقَوْلِهِ : يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ , وَقَدْ حَكَى اِبْنُ التِّينِ أَنَّ الثَّانِيَةَ وَرَدَتْ فِي غُزَاةِ الْبَرِّ وَأَقَرَّهُ , وَعَلَى هَذَا يُحْتَاجُ إِلَى حَمْلِ الْمِثْلِيَّةِ فِي الْخَبَرِ عَلَى مُعْظَمٍ اِشْتَرَكَتْ فِيهِ الطَّائِفَتَانِ لَا خُصُوصِ رُكُوبِ الْبَحْرِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْعَسْكَرِ الَّذِينَ غَزَوْا مَدِينَةَ قَصِيرَ رَكِبُوا الْبَحْرَ إِلَيْهَا وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا حَكَى اِبْنُ التِّينِ فَتَكُونُ الْأَوَّلِيَّةُ مَعَ كَوْنِهَا فِي الْبَرِّ مُقَيَّدَةً بِقَصْدِ مَدِينَةِ قَيْصَرَ وَإِلَّا فَقَدْ غَزَوْا قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْبَرِّ مِرَارًا.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ : الْأُولَى فِي أَوَّلِ مَنْ غَزَا الْبَحْرِ مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ مِنْ التَّابِعِينَ.
وَقَالَ الْحَافِظُ : بَلْ كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ لَكِنَّ مُعْظَمَ الْأُولَى مِنْ الصَّحَابَةِ وَالثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ.
وَقَالَ عِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ : فِي السِّيَاقِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رُؤْيَاهُ الثَّانِيَةَ غَيْرُ رُؤْيَاهُ الْأُولَى , وَأَنَّ فِي كُلِّ نَوْمِهِ عُرِضَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْغُزَاةِ , وَأَمَّا قَوْلُ أُمِّ حَرَامٍ : اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فِي الثَّانِيَةِ فَلِظَنِّهَا أَنَّ الثَّانِيَةَ تُسَاوِي الْأُولَى فِي الْمَرْتَبَةِ فَسَأَلَتْ ثَانِيًا لِيَتَضَاعَفَ لَهَا الْأَجْرُ , لَا أَنَّهَا شَكَّتْ فِي إِجَابَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَفِي جَزْمِهِ بِذَلِكَ.
قَالَ الْحَافِظُ : لَا تَنَافِي بَيْنَ إِجَابَةِ دُعَائِهِ وَجَزْمِهِ بِأَنَّهَا مِنْ الْأَوَّلِينَ وَبَيْنَ سُؤَالِهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ الْآخَرِينَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ التَّصْرِيحُ لَهَا أَنَّهَا تَمُوتُ قَبْلَ زَمَانِ الْغَزْوَةِ الثَّانِيَةِ فَجَوَّزَتْ أَنَّهَا تُدْرِكُهَا فَتَغْزُوَ مَعَهُمْ وَيَحْصُلَ لَهَا أَجْرُ الْفَرِيقَيْنِ , فَأَعْلَمَهَا أَنَّهَا لَا تُدْرِكُ زَمَانَ الْغَزْوَةِ الثَّانِيَةِ , فَكَانَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْتَهَى ( أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ ) قَالَ النَّوَوِيُّ : هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رُؤْيَاهُ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى وَأَنَّهُ عُرِضَ فِيهِ غَيْرِ الْأَوَّلِينَ ( فَرَكِبَتْ أُمُّ حَرَامٍ الْبَحْرَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ) ظَاهِرُهُ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ , وَقَدْ اِغْتَرَّ بِظَاهِرِهِ بَعْضُ النَّاسِ فَوَهِمَ , فَإِنَّ الْقِصَّةَ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي حَقِّ أَوَّلِ مَنْ يَغْزُو فِي الْبَحْرِ , وَكَانَ عُمَرُ يَنْهَى عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ , فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ اِسْتَأْذَنَهُ مُعَاوِيَةُ فِي الْغَزْوِ فِي الْبَحْرِ فَأَذِنَ لَهُ , وَنَقَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ.
وَيَكْفِي فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ التَّصْرِيحُ فِي الصَّحِيحِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَوَّلَ مَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْبَحْرِ.
وَنُقِلَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ : أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ مُعَاوِيَةُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَكَانَ اِسْتَأْذَنَ عُمَرَ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَلَمْ يَزَلْ بِعُثْمَانَ حَتَّى أَذِنَ لَهُ وَقَالَ : لَا تَنْتَخِبْ أَحَدًا بَلْ مَنْ اِخْتَارَ الْغَزْوَ فِيهِ طَائِعًا فَأَعِنْهُ فَفَعَلَ , كَذَا فِي الْفَتْحِ ( فَصُرِعَتْ ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ ) وَفِي رِوَايَةٍ : فَلَمَّا اِنْصَرَفُوا مِنْ غَزْوِهِمْ قَافِلِينَ إِلَى الشَّامِ قُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصُرِعَتْ فَمَاتَتْ.
وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ : فَوَقَصَتْهَا بَغْلَةٌ لَهَا شَهْبَاءُ فَوَقَعَتْ فَمَاتَتْ.
وَفِي رِوَايَةٍ : فَوَقَعَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَغْلَةَ الشَّهْبَاءَ قُرِّبَتْ إِلَيْهَا لِتَرْكَبَهَا فَشَرَعَتْ لِتَرْكَبَ فَسَقَطَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا فَمَاتَتْ.
تَنْبِيهٌ : قَدْ أَشْكَلَ عَلَى جَمَاعَةٍ نَوْمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أُمِّ حَرَامٍ وَتَفْلِيَتُهَا رَأْسَهُ , فَقَالَ النَّوَوِيُّ : اِتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ , فَقَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ : كَانَتْ إِحْدَى خَالَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَتْ خَالَةً لِأَبِيهِ أَوْ لِجَدِّهِ ; لِأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ اِنْتَهَى.
قُلْت : فِي اِدِّعَائِهِ الِاتِّفَاقَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ , عَلَى أَنَّ فِي كَوْنِهَا مَحْرَمًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَمُّلًا , فَقَدْ بَالَغَ الدِّمْيَاطِيُّ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ اِدَّعَى الْمَحْرَمِيَّةَ فَقَالَ : ذَهَلَ كُلُّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أُمَّ حَرَامٍ إِحْدَى خَالَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ مِنْ النَّسَبِ وَكُلُّ مَنْ أَثْبَتَ لَهَا خُؤُولَةً تَقْتَضِي مَحْرَمِيَّةً ; لِأَنَّ أُمَّهَاتِهِ مِنْ النَّسَبِ وَاَللَّاتِي أَرْضَعْنَهُ مَعْلُومَاتٌ لَيْسَ فِيهِنَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْصَارِ الْبَتَّةَ سِوَى أُمِّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهِيَ سَلْمَى بِنْتُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ لِبِيدِ بْنِ خِرَاشِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غُنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ , وَأُمُّ حَرَامٍ هِيَ بِنْتُ مِلْحَانَ بْنِ خَالِدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرٍ الْمَذْكُورِ فَلَا تَجْتَمِعُ أُمُّ حَرَامٍ وَسَلْمَى إِلَّا فِي عَامِرِ بْنِ غُنْمٍ جَدِّهِمَا الْأَعْلَى , وَهَذِهِ خُؤُولَةٌ لَا تَثْبُتُ بِهَا مَحْرَمِيَّةٌ لِأَنَّهَا خُؤُولَةٌ مَجَازِيَّةٌ , وَهِيَ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ : هَذَإِ خَالِي لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَهُمْ أَقَارِبُ أُمِّهِ آمِنَةَ , وَلَيْسَ سَعْدٌ أَخًا لِآمِنَةَ لَا مِنْ النَّسَبِ وَلَا مِنْ الرَّضَاعَةِ اِنْتَهَى.
وَذَكَرَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْصُومًا يَمْلِكُ إِرْبَهُ عَنْ زَوْجَتِهِ , فَكَيْفَ عَنْ غَيْرِهَا مِمَّا هُوَ الْمُنَزَّهُ عَنْهُ وَهُوَ الْمُبَرَّأُ عَنْ كُلِّ فِعْلٍ قَبِيحٍ وَقَوْلَةُ رَفَثٍ.
وَرَدَّهُ عِيَاضٌ بِأَنَّ الْخَصَائِصَ لَا تَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَثُبُوتُ الْعِصْمَةِ مُسَلَّمٌ لَكِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ وَجَوَازُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي أَفْعَالِهِ حَتَّى يَقُومَ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ دَلِيلٌ.
قِيلَ : يُحْمَلُ دُخُولُهُ عَلَيْهَا أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْحِجَابِ.
قَالَ الْحَافِظُ : وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الْحِجَابِ جَزْمًا , وَقَدْ قَدَّمْت فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ عَلَى شَرْحِهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
وَقَالَ الدِّمْيَاطِيُّ : لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْخَلْوَةِ بِهَا , فَلَعَلَّ كَانَ ذَاكَ مَعَ وَلَدٍ أَوْ خَادِمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ تَابِعٍ.
قَالَ الْحَافِظُ : وَهُوَ اِحْتِمَالٌ قَوِيٌّ لَكِنَّهُ لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ لِبَقَاءِ الْمُلَامَسَةِ فِي تَفْلِيَةِ الرَّأْسِ وَكَذَا النَّوْمُ فِي الْحِجْرِ , ثُمَّ قَالَ : وَأَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ دَعْوَى الْخُصُوصِيَّةِ , وَلَا يَرُدُّهَا كَوْنُهَا لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ ; لِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى ذَلِكَ وَاضِحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اِنْتَهَى.
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا مَعْنٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ وَجَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكٌ عَلَى الْأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَدَعَا لَهَا ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ نَحْوَ مَا قَالَ فِي الْأَوَّلِ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ قَالَ فَرَكِبَتْ أُمُّ حَرَامٍ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ هِيَ أُخْتُ أُمِّ سُلَيْمٍ وَهِيَ خَالَةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
عن أبي موسى قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله؟ قال: «من قاتل لتكون كلمة الله...
عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله، فهجرته إلى الله...
عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غدوة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها»: وف...
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «غدوة في سبيل الله، أو روحة خير من الدنيا وما فيها»: هذا حديث حسن غريب وأبو حازم الذي روى عن سهل بن سعد...
عن أبي هريرة، قال: مر رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعب فيه عيينة من ماء عذبة فأعجبته لطيبها، فقال: لو اعتزلت الناس، فأقمت في هذا الشعب،...
عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لغدوة في سبيل الله، أو روحة، خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم، أو موضع يده في الجنة، خير من الدني...
عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بخير الناس؟ رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله.<br> ألا أخبركم بالذي يتلوه؟ رجل معتزل في غنيمة...
حدثنا عبد الرحمن بن شريح، أنه سمع سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، يحدث، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سأل الله الشهادة من قلب...
عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سأل الله القتل في سبيله صادقا من قلبه أعطاه الله أجر الشهادة»: هذا حديث حسن صحيح