حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

قضى بالدين قبل الوصية - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب الوصايا باب ما جاء يبدأ بالدين قبل الوصية (حديث رقم: 2122 )


2122- عن علي، «أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية»، وأنتم تقرءون الوصية قبل الدين: والعمل على هذا عند عامة أهل العلم أنه يبدأ بالدين قبل الوصية

أخرجه الترمذي


حسن

شرح حديث (قضى بالدين قبل الوصية)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَأَنْتُمْ تَقْرَءُونَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ ) ‏ ‏أَيْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ } وَقَوْلِهِ { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ } وَقَوْلِهِ { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ } وَقَوْلِهِ { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ } قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَوْلُهُ أَنْتُمْ تَقْرَءُونَ إِخْبَارٌ فِيهِ مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ , يَعْنِي أَنْتُمْ أَتَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ هَلْ تَدْرُونَ مَعْنَاهَا ؟ فَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ فِي الْقَضَاءِ اِنْتَهَى.
وَتَقَدَّمَ وَجْهُ تَقْدِيمِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ مَعَ كَوْنِهَا مُتَأَخِّرَةً عَنْهُ فِي الْقَضَاءِ فِي بَابِ مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَسَيَأْتِي مُفَصَّلًا.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ ) ‏ ‏قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ الدَّيْنَ يُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ إِلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا لَوْ أَوْصَى الشَّخْصُ بِأَلْفٍ مَثَلًا وَصَدَّقَهُ الْوَارِثُ وَحَكَمَ بِهِ ثُمَّ اِدَّعَى آخَرُ أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ دَيْنًا يَسْتَغْرِقُ مَوْجُودَهُ وَصَدَّقَهُ الْوَارِثُ فَفِي وَجْهٍ لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا تُقَدَّمُ الْوَصِيَّةُ عَلَى الدَّيْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْخَاصَّةِ , وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْوَصِيَّةِ عَلَى الدَّيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ } فَقَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ إِنَّ الْآيَةَ لَيْسَ فِيهَا صِيغَةُ تَرْتِيبٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَوَارِيثَ إِنَّمَا تَقَعُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ وَأُتِيَ بِأَوْ لِلْإِبَاحَةِ وَهِيَ كَقَوْلِك جَالِسْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا أَيْ لَك مُجَالَسَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اِجْتَمَعَا أَوْ اِفْتَرَقَا , وَإِنَّمَا قُدِّمْت لِمَعْنًى اِقْتَضَى الِاهْتِمَامَ بِتَقْدِيمِهَا , وَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ ذَلِكَ الْمَعْنَى.
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ التَّقْدِيمِ سِتَّةُ أُمُورٍ : ‏ ‏أَحَدُهَا الْخِفَّةُ وَالثِّقَلُ كَرَبِيعَةَ وَمُضَرَ فَمُضَرُ أَشْرَفُ مِنْ رَبِيعَةَ لَكِنْ لَفْظُ رَبِيعَةَ لَمَّا كَانَ أَخَفَّ قُدِّمَ فِي الذِّكْرِ وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى اللَّفْظِ.
‏ ‏ثَانِيهَا بِحَسَبِ الزَّمَانِ كَعَادٍ وَثَمُودَ.
‏ ‏ثَالِثُهَا بِحَسَبِ الطَّبْعِ كَثُلَاثَ وَرُبَاعَ.
‏ ‏رَابِعُهَا بِحَسَبِ الرُّتْبَةِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ حَقُّ الْبَدَنِ وَالزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ , فَالْبَدَنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَالِ.
‏ ‏خَامِسُهَا تَقْدِيمُ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { عَزِيزٌ حَكِيمٌ } وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ ; عَزَّ فَلَمَّا عَزَّ حَكَمَ.
‏ ‏سَادِسُهَا بِالشَّرَفِ وَالْفَضْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ }.
وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ تَقْدِيمَ الْوَصِيَّةِ فِي الذِّكْرِ عَلَى الدَّيْنِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تَقَعُ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَقَعُ غَالِبًا بَعْدَ الْمَيِّتِ بِنَوْعِ تَفْرِيطٍ , فَوَقَعَتْ الْبُدَاءَةُ بِالْوَصِيَّةِ لِكَوْنِهَا أَفْضَلَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ.
قُدِّمَتْ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا شَيْءٌ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَالدَّيْنُ يُؤْخَذُ بِعِوَضٍ , فَكَانَ إِخْرَاجُ الْوَصِيَّةِ أُشَقَّ عَلَى الْوَارِثِ مِنْ إِخْرَاجِ الدَّيْنِ , وَكَانَ أَدَاؤُهَا مَظِنَّةً لِلتَّفْرِيطِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ , فَإِنَّ الْوَارِثَ مُطْمَئِنٌّ بِإِخْرَاجِهِ فَقُدِّمَتْ الْوَصِيَّةُ لِذَلِكَ.
وَأَيْضًا فَهِيَ حَظُّ فَقِيرٍ وَمِسْكِينٍ غَالِبًا , وَالدَّيْنُ حَظُّ غَرِيمٍ يَطْلُبُ بِقُوَّةٍ وَلَهُ مَقَالٌ كَمَا صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " إِنَّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ مَقَالًا ".
وَأَيْضًا فَالْوَصِيَّةُ يُنْشِئُهَا الْمُوصِي مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَقُدِّمَتْ تَحْرِيضًا عَلَى الْعَمَلِ بِهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ اِنْتَهَى.
وَحَدِيثُ عَلِيٍّ الْمَذْكُورُ ضَعِيفٌ.
قَالَ فِي النَّيْلِ : قَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ سَلَامُ اللَّهِ وَرِضْوَانُهُ قَالَ : قَضَى مُحَمَّدٌ أَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَأَنْتُمْ تَقْرَءُونَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ , وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُهُ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ مُعْتَضِدٌ بِالِاتِّفَاقِ الَّذِي سَلَفَ اِنْتَهَى.


حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية وأنتم تقرءون الوصية قبل الدين

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ أَبِي عُمَرَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي إِسْحَقَ الْهَمْدَانِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْحَارِثِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَلِيٍّ ‏ ‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَأَنْتُمْ تُقِرُّونَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

مثل الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يهدي إذا شبع

عن أبي حبيبة الطائي قال: أوصى إلي أخي بطائفة من ماله، فلقيت أبا الدرداء فقلت: إن أخي أوصى إلي بطائفة من ماله، فأين ترى لي وضعه، في الفقراء، أو المساكي...

ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق

عن عروة، أن عائشة أخبرته، أن بريرة جاءت تستعين عائشة في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا، فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتا...

الولاء لمن أعطى الثمن أو لمن ولي النعمة

عن عائشة، أنها أرادت أن تشتري بريرة فاشترطوا الولاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الولاء لمن أعطى الثمن أو لمن ولي النعمة»: وفي الباب عن ابن عمر، و...

نهى عن بيع الولاء وعن هبته

حدثنا عبد الله بن دينار، سمع عبد الله بن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته»: هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث عبد...

المدينة حرم ما بين عير إلى ثور

عن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: خطبنا علي فقال: من زعم أن عندنا شيئا نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة - صحيفة فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات - فق...

يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود

عن أبي هريرة قال: جاء رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن امرأتي ولدت غلاما أسود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل...

ألم تري أن مجززا مر على زيد بن حارثة وأسامة بن زيد...

عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال: " ألم تري أن مجززا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال: هذه الأ...

تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر، ولا تحقرن جارة لجارتها ولو شق فرسن شاة»: هذا حديث غريب من هذا الوجه...

مثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كالكلب

عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كالكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم عاد فرجع في قيئه»: وفي الباب عن ابن...