حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

إن لله ملائكة سياحين في الأرض فضلا عن كتاب الناس - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب الدعوات باب ما جاء إن لله ملائكة سياحين في الأرض (حديث رقم: 3600 )


3600- عن أبي هريرة، أو عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لله ملائكة سياحين في الأرض فضلا عن كتاب الناس، فإذا وجدوا أقواما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى بغيتكم، فيجيئون فيحفون بهم إلى سماء الدنيا، فيقول الله: أي شيء تركتم عبادي يصنعون، فيقولون: تركناهم يحمدونك ويمجدونك ويذكرونك، قال: فيقول: فهل رأوني، فيقولون: لا، قال: فيقول: فكيف لو رأوني؟ قال: فيقولون: لو رأوك لكانوا أشد تحميدا، وأشد تمجيدا، وأشد لك ذكرا، قال: فيقول: وأي شيء يطلبون؟ قال: فيقولون: يطلبون الجنة، قال: فيقول: وهل رأوها؟ قال: فيقولون: لا، فيقول: فكيف لو رأوها؟ قال: فيقولون: لو رأوها؟ لكانوا أشد لها طلبا، وأشد عليها حرصا، قال: فيقول: فمن أي شيء يتعوذون؟ قالوا: يتعوذون من النار، قال: فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا، فيقول: فكيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها لكانوا منها أشد هربا، وأشد منها خوفا، وأشد منها تعوذا، قال: فيقول: فإني أشهدكم أني قد غفرت لهم، فيقولون: إن فيهم فلانا الخطاء لم يردهم إنما جاءهم لحاجة، فيقول: هم القوم لا يشقى لهم جليس ": «هذا حديث حسن صحيح»، «وقد روي عن أبي هريرة من غير هذا الوجه»

أخرجه الترمذي


صحيح

شرح حديث (إن لله ملائكة سياحين في الأرض فضلا عن كتاب الناس)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ) ‏ ‏وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
‏ ‏قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ كَذَا قَالَ جَرِيرٌ وَتَابَعَهُ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عِنْدَ اِبْنِ حِبَّانَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ فَقَالَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ هَكَذَا بِالشَّكِّ لِلْأَكْثَرِ , وَفِي نُسْخَةٍ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ بِالشَّكِّ وَقَالَ شَكَّ الْأَعْمَشُ , وَكَذَا قَالَ اِبْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ إِسْحَاقَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَقَالَ شَكَّ سُلَيْمَانُ يَعْنِي الْأَعْمَشَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي كَمَا تَقَدَّمَ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ اِنْتَهَى.
‏ ‏قَوْلُهُ : " سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ" ‏ ‏بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشِدَّةِ التَّحْتِيَّةِ مِنْ سَاحَ فِي الْأَرْضِ إِذَا ذَهَبَ فِيهَا وَسَارَ , وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ سَيَّارَةً , وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ : إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ ‏ ‏" فُضُلًا" ‏ ‏صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ لِلْمَلَائِكَةِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ : ضُبِطُوا فُضُلًا عَلَى أَوْجُهٍ أَحَدُهَا وَأَرْجَحُهَا فُضُلًا بِضَمِّ الْفَاءِ وَالضَّادِ وَالثَّانِيَةُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الضَّادِ وَرَجَّحَهَا بَعْضُهُمْ وَادَّعَى أَنَّهَا أَكْثَرُ وَأَصْوَبُ وَالثَّالِثَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الضَّادِ وَالرَّابِعَةُ فُضُلٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالضَّادِ وَرَفْعِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْخَامِسَةُ فُضَلَاءَ بِالْمَدِّ جَمْعُ فَاضِلٍ.
قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ عَلَى جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ زَائِدُونَ عَلَى الْحَفَظَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُرَتَّبِينَ مَعَ الْخَلَائِقِ فَهَؤُلَاءِ السَّيَّارَةُ لَا وَظِيفَةَ لَهُمْ وَإِنَّمَا مَقْصُودُهُمْ حِلَقُ الذِّكْرِ ‏ ‏" عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ" ‏ ‏بِضَمِّ الْكَافِ وَشِدَّةِ الْفَوْقِيَّةِ جَمْعُ كَاتِبٍ وَالْمُرَادُ بِهِمْ الْكِرَامُ الْكَاتِبُونَ وَغَيْرُهُمْ الْمُرَتَّبُونَ مَعَ النَّاسِ , وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ يَبْتَغُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ ‏ ‏" تَنَادَوْا" ‏ ‏أَيْ نَادَى بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ بَعْضًا قَائِلِينَ ‏ ‏" هَلُمُّوا" ‏ ‏أَيْ تَعَالَوْا مُسْرِعِينَ ‏ ‏" إِلَى بُغْيَتِكُمْ" ‏ ‏بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ إِلَى مَطْلُوبِكُمْ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ إِلَى حَاجَتِكُمْ أَيْ مِنْ اِسْتِمَاعِ الذِّكْرِ وَزِيَادَةِ الذَّاكِرِ وَإِطَاعَةِ الْمَذْكُورِ.
وَاسْتَعْمَلَ هَلُمَّ هُنَا عَلَى لُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ أَنَّهَا تُثَنَّى وَتُجْمَعُ وَتُؤَنَّثُ وَلُغَةُ الْحِجَازِيِّينَ بِنَاءُ لَفْظِهَا عَلَى الْفَتْحِ وَبَقَاؤُهُ بِحَالِهِ مَعَ الْمُثَنَّى وَالْجَمْعِ وَالْمُؤَنَّثِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى { قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمْ } ‏ ‏" فَيَحُفُّونَ بِهِمْ" ‏ ‏أَيْ يُحْدِقُونَ بِهِمْ وَيَسْتَدِيرُونَ حَوْلَهُمْ يُقَالُ حَفَّ الْقَوْمُ الرَّجُلَ وَبِهِ وَحَوْلَهُ أَحْدَقُوا وَاسْتَدَارُوا بِهِ ‏ ‏" إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا" ‏ ‏أَيْ يَقِفُ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا , وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ : فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَخَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ‏ ‏" أَيَّ شَيْءٍ " ‏ ‏بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ يَصْنَعُونَ ‏ ‏" فَيَقُولُونَ" ‏ ‏أَيْ الْمَلَائِكَةُ ‏ ‏" تَرَكْنَاهُمْ" ‏ ‏أَيْ عِبَادَك ‏ ‏" يَحْمَدُونَك" ‏ ‏بِالتَّخْفِيفِ ‏ ‏" وَيُمَجِّدُونَك" ‏ ‏بِالتَّشْدِيدِ أَيْ يَذْكُرُونَك بِالْعَظَمَةِ أَوْ يَنْسُبُونَك إِلَى الْمَجْدِ وَهُوَ الْكَرْمُ ‏ ‏" وَيَذْكُرُونَك" ‏ ‏وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَإِذَا تَفَرَّقُوا أَيْ أَهْلُ الْمَجْلِسِ عَرَجُوا أَيْ الْمَلَائِكَةُ وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادِ لَك فِي الْأَرْضِ يُسَبِّحُونَك وَيُكَبِّرُونَك وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَك وَيَسْأَلُونَك.
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَيُعَظِّمُونَ آلَاءَك وَيَتْلُونَ كِتَابَك وَيُصَلُّونَ عَلَى نَبِيِّك وَيَسْأَلُونَك لِآخِرَتِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.
قَالَ الْحَافِظُ : وَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ الْمُرَادُ بِمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَأَنَّهَا الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ بِأَنْوَاعِ الذِّكْرِ الْوَارِدَةِ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَكْبِيرٍ وَغَيْرِهِمَا.
وَعَلَى تِلَاوَةِ كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَعَلَى الدُّعَاءِ بِخَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَفِي دُخُولِ قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ وَمُدَارَسَةِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَمُذَاكَرَتِهِ وَالِاجْتِمَاعِ عَلَى صَلَاةِ النَّافِلَةِ فِي هَذِهِ الْمَجَالِسِ نَظَرٌ.
وَالْأَشْبَهُ اِخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَجَالِس التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِمَا وَالتِّلَاوَةِ فَحَسْبُ.
وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَةُ الْحَدِيثِ وَمُدَارَسَةُ الْعِلْمِ وَالْمُنَاظَرَةُ فِيهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُسَمَّى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي الْعُمْدَةِ : قَوْلُهُ يَلْتَمِسُونَ أَهْلُ الذِّكْرِ يَتَنَاوَلُ الصَّلَاةَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَةَ الْحَدِيثِ وَتَدْرِيسَ الْعُلُومِ وَمُنَاظَرَةَ الْعُلَمَاءِ وَنَحْوَهَا اِنْتَهَى.
فَاخْتَلَفَ الْحَافِظُ وَالْعَيْنِيُّ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَأَهْلِ الذِّكْرِ الْخُصُوصُ أَوْ الْعُمُومُ فَاخْتَارَ الْحَافِظُ الْخُصُوصَ نَظَرًا إِلَى ظَاهِرِ أَلْفَاظِ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ , وَاخْتَارَ الْعَيْنِيُّ لِلْعُمُومِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ مَا فِي هَذِهِ الطُّرُقِ مِنْ أَلْفَاظِ الذِّكْرِ تَمْثِيلَاتٌ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْخُصُوصُ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ‏ ‏( قَالَ ) ‏ ‏أَيْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏" فَيَقُولُ" ‏ ‏أَيْ اللَّهُ ‏ ‏" فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي" ‏ ‏أَيْ لَوْ رَأَوْنِي مَا يَكُونُ حَالُهُمْ فِي الذِّكْرِ ‏ ‏" وَأَشَدُّ لَك تَمْجِيدًا" ‏ ‏أَيْ تَعْظِيمًا ‏ ‏" وَأَشَدُّ لَك ذِكْرًا" ‏ ‏فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ تَحَمُّلَ مَشَقَّةِ الْخِدْمَةِ عَلَى قَدْرِ الْمَعْرِفَةِ وَالْمَحَبَّةِ ‏ ‏" وَأَيَّ شَيْءٍ يَطْلُبُونَ" ‏ ‏مِنِّي ‏ ‏" فَهَلْ رَأَوْهَا" ‏ ‏أَيْ الْجَنَّةَ ‏ ‏" لَكَانُوا أَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا" ‏ ‏لِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْمُعَايَنَةِ ‏ ‏" أُشْهِدُكُمْ" ‏ ‏مِنْ الْإِشْهَادِ أَيْ أَجْعَلُكُمْ شَاهِدِينَ ‏ ‏" إِنَّ فِيهِمْ فُلَانًا" ‏ ‏كِنَايَةٌ عَنْ اِسْمِهِ وَنَسَبِهِ ‏ ‏" الْخَطَّاءَ" ‏ ‏بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لَفُلَانًا أَيْ كَثِيرَ الْخَطَايَا ‏ ‏" لَمْ يُرِدْهُمْ إِنَّمَا جَاءَهُمْ لِحَاجَةٍ" ‏ ‏أَيْ لَمْ يُرِدْ مَعِيَّتَهمْ فِي ذِكْرٍ بَلْ جَاءَهُمْ لِحَاجَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ لَهُ يُرِيدُ الْمَلَائِكَةُ بِهَذَا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَغْفِرَةَ , وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ : يَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ ‏ ‏" هُمْ الْقَوْمُ" ‏ ‏قَالَ الطِّيبِيُّ تَعْرِيفُ الْخَبَرِ يَدُلُّ عَلَى الْكَمَالِ أَيْ هُمْ الْقَوْمُ الْكَامِلُونَ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنْ السَّعَادَةِ ‏ ‏" لَا يَشْقَى" ‏ ‏أَيْ لَا يَصِيرُ شَقِيًّا ‏ ‏" لَهُمْ" ‏ ‏وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِهِمْ أَيْ بِسَبَبِهِمْ وَبِبَرَكَتِهِمْ ‏ ‏" جَلِيسٌ" ‏ ‏أَيْ مَجَالِسُهُمْ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ الْمُقْتَضِي لِكَوْنِهِمْ أَهْلَ الْكَمَالِ , وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ : وَلَهُ غَفَرْت هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ.
‏ ‏وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ وَالذَّاكِرِينَ وَفَضْلُ الِاجْتِمَاعِ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ جَلِيسَهُمْ يَنْدَرِجُ مَعَهُمْ فِي جَمِيعِ مَا يَتَفَضَّلُ تَعَالَى بِهِ عَلَيْهِمْ إِكْرَامًا لَهُمْ وَلَوْ لَمْ يُشَارِكْهُمْ فِي أَصْلِ الذِّكْرِ.
‏ ‏وَفِيهِ مَحَبَّةُ الْمَلَائِكَةِ لِبَنِي آدَمَ وَاعْتِنَاؤُهُمْ بِهِمْ , وَفِيهِ أَنَّ السُّؤَالَ قَدْ يَصْدُرُ مِنْ السَّائِلِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ مِنْ الْمَسْئُولِ لِإِظْهَارِ الْعِنَايَةِ بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ وَالتَّنْوِيهِ بِقَدْرِهِ وَالْإِعْلَانِ بِشَرَفِ مَنْزِلَتِهِ.
‏ ‏وَقِيلَ إِنَّ فِي خُصُوصِ سُؤَالِ اللَّهِ الْمَلَائِكَةَ عَنْ أَهْلِ الذِّكْرِ الْإِشَارَةَ إِلَى قَوْلِهِمْ { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِك وَنُقَدِّسُ لَك } فَكَأَنَّهُ قِيلَ اُنْظُرُوا إِلَى مَا حَصَلَ مِنْهُمْ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ مَعَ مَا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ مِنْ الشَّهَوَاتِ وَوَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ وَكَيْفَ عَالَجُوا ذَلِكَ وَضَاهَوْكُمْ فِي التَّقْدِيسِ وَالتَّسْبِيحِ كَذَا فِي الْفَتْحِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) ‏ ‏أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ.


حديث هذا حديث حسن صحيح وقد روي عن أبي هريرة من غير هذا الوجه

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو كُرَيْبٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو مُعَاوِيَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْأَعْمَشِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي صَالِحٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏أَوْ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً ‏ ‏سَيَّاحِينَ ‏ ‏فِي الْأَرْضِ ‏ ‏فُضُلًا ‏ ‏عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ فَإِذَا وَجَدُوا أَقْوَامًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا ‏ ‏هَلُمُّوا ‏ ‏إِلَى ‏ ‏بُغْيَتِكُمْ ‏ ‏فَيَجِيئُونَ ‏ ‏فَيَحُفُّونَ ‏ ‏بِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ اللَّهُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تَرَكْتُمْ عِبَادِي يَصْنَعُونَ فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ وَيَذْكُرُونَكَ قَالَ فَيَقُولُ فَهَلْ رَأَوْنِي فَيَقُولُونَ لَا قَالَ فَيَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي قَالَ فَيَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ لَكَانُوا أَشَدَّ تَحْمِيدًا وَأَشَدَّ تَمْجِيدًا وَأَشَدَّ لَكَ ذِكْرًا قَالَ فَيَقُولُ وَأَيُّ شَيْءٍ يَطْلُبُونَ قَالَ فَيَقُولُونَ يَطْلُبُونَ الْجَنَّةَ قَالَ فَيَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ فَيَقُولُونَ لَا قَالَ فَيَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا قَالَ فَيَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا لَكَانُوا أَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا قَالَ فَيَقُولُ فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَتَعَوَّذُونَ قَالُوا يَتَعَوَّذُونَ مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَقُولُ هَلْ رَأَوْهَا فَيَقُولُونَ لَا فَيَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا فَيَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا لَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا هَرَبًا وَأَشَدَّ مِنْهَا خَوْفًا وَأَشَدَّ مِنْهَا تَعَوُّذًا قَالَ فَيَقُولُ فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَيَقُولُونَ إِنَّ فِيهِمْ فُلَانًا الْخَطَّاءَ لَمْ يُرِدْهُمْ إِنَّمَا جَاءَهُمْ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُ هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى لَهُمْ جَلِيسٌ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏ ‏وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنز...

عن أبي هريرة، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها من كنز الجنة " قال مكحول، فمن قال لا حول ولا قوة...

لكل نبي دعوة مستجابة وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي دعوة مستجابة، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي، وهي نائلة إن شاء الله من مات منهم لا يشرك ب...

أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن...

استعيذوا بالله من عذاب جهنم واستعيذوا بالله من عذا...

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استعيذوا بالله من عذاب جهنم، واستعيذوا بالله من عذاب القبر.<br> استعيذوا بالله من فتنة المسيح ال...

أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يمسي ثلاث مرات: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره حمة تلك الليلة " قال سهيل:...

اللهم اجعلني أعظم شكرك وأكثر ذكرك

عن أبي سعيد الحمصي، أن أبا هريرة، قال: دعاء حفظته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أدعه: «اللهم اجعلني أعظم شكرك، وأكثر ذكرك، وأتبع نصيحتك، وأحفظ وص...

ما من رجل يدعو الله بدعاء إلا استجيب له

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من رجل يدعو الله بدعاء إلا استجيب له، فإما أن يعجل في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما...

ما من عبد يرفع يديه حتى يبدو إبطه يسأل الله مسألة...

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يرفع يديه حتى يبدو إبطه يسأل الله مسألة، إلا آتاها إياه ما لم يعجل»، قالوا: يا رسول ال...

إن حسن الظن بالله من حسن عبادة الله

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن حسن الظن بالله من حسن عبادة الله»: «هذا حديث غريب من هذا الوجه»