18206- عن المغيرة بن شعبة، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين "
هذا حديث ضعفه الأئمة، علته عندهم تفرد أبي قيس- وهو عبد الرحمن بن ثروان - به، فمع أنه وثقه ابن معين والدارقطني وابن نمير والنسائي والعجلي- وزاد: ثبت- قال الدارقطني في "العلل" ٧/١١٢ في هذا الحديث: لم يروه غير أبي قيس، وهو مما يغمز عليه به، لأن المحفوظ عن المغيرة المسح على الخفين.
وقال عبد الله بن أحمد- فيما نقله العقيلي-:=سألت أبي عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان، فقال: هو كذا وكذا- وحرك يده- وهو يخالف في أحاديث.
وقال أبو داود: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث، لأن المعروف عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين.
وقال النسائي: ما نعلم أحدا تابع أبا قبس على هذه الرواية، والصحيح عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين.
ونقل البيهقي عن علي ابن المديني قال: حديث المغيرة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل البصرة، ورواه هزيل بن شرحبيل عن المغيرة، إلا أنه قال: ومسح على الجوربين، وخالف الناس ونقل البيهقي أيضا عن مسلم بن الحجاج تضعيفه هذا الخبر، وأنه قال: أبو قيس الأودي، وهزيل بن شرحبيل لا يحتملان هذا مع مخالفتهما لأجلة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة،
فقالوا: مسح على الخفين.
ونقل عن عبد الرحمن بن مهدي قوله لسفيان الثوري: لو حدثتني بحديث أبي قيس عن هزيل، ما قبلته منك، فقال سفيان: الحديث ضعيف، أو واه، أو كلمة نحوها.
ونقل عن ابن معين قوله: الناس كلهم يروونه على الخفين، غير أبي قبس.
وقد ذهب إلى تصحيح الحديث الترمذي، فقال بإثر روايته للحديث: هذا حديث حسن صحيح، فتعقبه النووي في "المجموع" ١/٥٤١، فقال بعد أن ذكر من ضعفه: هؤلاء مقدمون عليه، بل كل واحد من هؤلاء لو أنفرد، قدم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة.
وقد تابع الترمذي في تصحيحه من القدماء
ابن حبان، ومن المتأخرين ابن التركماني، فقال في أبي قيس وهزيل: لم يخالفا الناس مخالفة معارضة، بل رويا أمرا زائدا على ما رووه بطريق مستقل غير معارض، فيحمل على أنهما حديثان، وهذا صحح الحديث- يعني الترمذي- كما مر.
قلنا: وتابع الثلاثة في تصحيحه من المعاصرين الشيخ أحمد شاكر، فقال في تعليقه على "سنن الترمذي" ١/١٦٨: وليس الأمر كما قال هؤلاء الأئمة، والصواب صنيع الترمذي في تصحيح هذا الحديث، وهو حديث آخر، غير حديث المسح على الخفين، وقد روى الناس عن المغيرة أحاديث=المسح في الوضوء، فمنهم من روى المسح على الخفين، ومنهم من روى المسح على العمامة، ومنهم من روى المسح على الجوربين، وليس شيء منها بمخالف للآخر، إذ هي أحاديث متعددة، وروايات على حوادث مختلفة، والمغيرة صحب النبي صلى الله عليه وسلم نحو خمس سنين، فمن المعقول أن يشهد من النبي صلى الله عليه وسلم وقائع متعددة في وضوئه ويحكيها، فيسمع بعض الرواة منه شيئا ويسمع غيره شيئا آخر، وهذا واضح بديهى.
قلنا: وباستعراض أقوال الفريقين نجد من الإنصاف القول: إن من صحح المسح على الجوربين بتصحيح هذا الحديث فحسب، قد وهم، لأن أكثر الأئمة على تضعيفه، كما سلف، لكن من ذهب إلى عدم جواز المسح على الجوربين مطلقا بسبب تضعيفه هذا الحديث، قد قصر، وفاته أن المسح على الجوربين إنما ثبت من أحاديث أخر، أصحها حديث ثوبان، كما سنذكر قريبا، ونذكر من أخذ بها من الصحابة والتابعين، والله الموفق.
وبقية رجال الإسناد ثقات، رجال الصحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١/١٨٨، وأبو داود (١٥٩) ، والترمذي (٩٩) ، وابن ماجه (٥٥٩) ، والنسائي في "الكبرى" (١٣٠) ، وابن خزيمة و (١٩٨) ، والطبراني في "الكبير" ٢٠/٩٩٦ من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد بن حميد (٣٩٨) من طريق الضحاك بن مخلد، وابن خزيمة (١٩٨) من طريق أبي عاصم ووكيع وزيد بن الحباب، وابن حبان (١٣٣٨) عن ابن خزيمة من طريق زيد بن الحباب، والعقيلي في "الضعفاء" ١/٣٢٧، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ١/٩٧، والطبراني في "الكبير"
٢٠/ (٩٩٥) ، وفي "الأوسط" (٢٦٦٦) ، والبيهقي في "السنن" ١/٢٨٣-٢٨٤ من طريق أبي عاصم، والطبراني في "الكبير" أيضا ٢٠/ (٩٩٦) من طريق عبد الحميد الحماني وابن المبارك وزيد بن الحباب، ستتهم عن سفيان، به.
قال ابن خزيمة: ليس في خبر أبي عاصم: "والنعلين"، إنما قال: مسح على الجوربين.
قلنا: قد ورد لفظ "النعلين" عند البيهقي، وهو من رواية أبي=عاصم، ووقع في رواية الطبراني في "الكبير"- من طريق أبي عاصم أيضا-: "الخفين" بدل: "الجوربين"!.
قال الطبراني في "الأوسط": لم يرو هذا الحديث عن أبي قيس إلا سفيان.
وللحديث بتمامه شاهد من حديث أبي موسى الأشعري عند ابن ماجه (٥٦٠) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ١/٩٧.
قال أبو داود: ليس بالمتصل ولا بالقوي.
قلنا: في إسناده أبو سنان، وهو عيسى بن سنان الحنفي القسملي الفلسطيني، لين الحديث.
وللمسح على الجوربين شاهد كذلك من حديث ثوبان أخرجه أحمد فيما سيرد ٥/٢٧٧- ومن طريقه أبو داود (١٤٦) - عن يحيى بن سعيد القطان، عن ثور بن يزيد الكلاعي، عن راشد بن سعد، عن ثوبان، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، فأصابهم البرد، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، شكوا إليه ما أصابهم من البرد، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين.
وإسناده صحيح، رجاله ثقات، وراشد بن سعد- وهو الحمصي المقرائي- سمع من ثوبان فيما جزم به البخاري في "التاريخ الكبير" ٣/٢٩٢، وقد عاصره قرابة ثمانية عشر عاما، وليس موصوفا بالتدليس.
والعصائب: هي العمائم، والتساخين: كل ما يسخن به القدم من خف وجورب ونحوهما، ولا واحد لها من لفظها.
وروى الدولابي في "الأسماء والكنى" ١/١٨١ من طريق أحمد بن شعيب، عن عمرو بن علي، أخبرني سهل بن زياد أبو زياد الطحان، حدثنا الأزرق بن قيس قال: رأيت أنس بن مالك أحدث، فغسل وجهه ويديه ومسح على جوربين من صوف، فقلت: أتمسح عليهما؟ فقال: إنهما خفان، ولكن من صوف.
ومن ذهب إلى أنه يلزم أن يكون الجوربان منعلين، لا أنه جورب منفرد، ونعل منفرد، أخذا مما رواه البيهقي في "السنن" ١/٢٨٥ عن أنس أنه دخل الخلاء وعليه جوربان، أسفلهما جلود، وأعلاهما خز، فمسح عليهما، رده ابن التركماني بقوله: وكون أنس مسح على جوربين منعلين، لا يلزم منه أن يكون=النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، فلا يدل فعل أنس على تأويل الحديث بما لا يحتمله لفظه.
قال ابن المنذر- فيما حكاه عنه ابن قدامة في "المغني" ١/٣٧٤-: ويروى إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي، وعمار، وابن مسعود، وأنس، وابن عمر، والبراء، وبلال، وابن أبي أوفى، وسهل بن سعد، وبه قال عطاء، والحسن، وسعيد بن المسيب، والنخعي، وسعيد بن جبير، والأعمش، والثوري، والحسن بن صالح، وابن المبارك، وإسحاق، ويعقوب، ومحمد.
حاشية السندي على مسند الإمام أحمد بن حنبل: أبي الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي
قوله: "على الجوربين والنعلين": قيل: الجورب: لفافة الرجل، وقيل: هو غشاء للقدم، يتخذ للبرد، وأما المسح على النعلين، فأولوه بأنه لبس النعلين فوق الجوربين، فمسح عليهما جميعا؛ قصدا لإيقاع المسح على الجوربين، والله تعالى أعلم.
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي قَيْسٍ عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ
عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الراكب خلف الجنازة، والماشي حيث شاء منها، والطفل يصلى عليه "
عن المغيرة بن شعبة، قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن سب الأموات "
عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء "
عن زياد بن علاقة، قال: سمعت رجلا، عند المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا الأموات، فتؤذوا الأحياء "
عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب، فهو أحد الكذابين "
عن المغيرة بن شعبة، قال: ضفت بالنبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فأمر بجنب، فشوي، قال: فأخذ الشفرة، فجعل يحز لي بها منه، قال: فجاءه بلال يؤذنه بالصلاة...
عن المسور بن مخرمة، قال: استشار عمر بن الخطاب الناس في ملاص المرأة، قال: فقال المغيرة بن شعبة: " شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قضى فيه بغرة: عبد...
عن عروة بن المغيرة الثقفي، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من باع الخمر، فليشقص الخنازير ، يعني يقصبها، "
عن المغيرة بن شعبة، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، أخذ بحجزة سفيان بن سهل الثقفي، فقال: " يا سفيان، لا تسبل إزارك، فإن الله لا يحب المسبلين "